الإمارات.. التزام راسخ بدعم الشعب السوداني
تاريخ النشر: 10th, April 2025 GMT
أحمد عاطف، شعبان بلال (أبوظبي)
تواصل دولة الإمارات التزامها التاريخي والراسخ بتقديم مختلف أشكال الدعم الإنساني والإغاثي للشعب السوداني الشقيق؛ للتخفيف من حدة تداعيات الأزمة التي يعانيها منذ أبريل 2023، مع التركيز على معالجة الوضع الإنساني الكارثي، وتبنّي نهج يضع احتياجات المدنيين في المقدمة.
وبلغت قيمة المساعدات الإنسانية الإماراتية المقدمة للشعب السوداني، منذ بدء الأزمة، 600.
وعلى مدى عامين من عمر الأزمة، شكلت المبادرات والمساعدات الإنسانية الإماراتية طوق النجاة لأعداد هائلة من المتضررين نتيجة النزاع الدائر في السودان، حيث بلغ عدد المستفيدين المباشرين من تلك المساعدات ما يزيد على مليوني شخص من الشعب السوداني الشقيق.
وأطلقت الإمارات جسراً جوياً لنقل المساعدات الإنسانية للشعب السوداني الشقيق، والذي أرسلت من خلاله 162 طائرة، حملت مختلف أنواع المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية.
وسيّرت الإمارات العديد من سفن المساعدات الإنسانية لدعم المتضررين من النزاع داخل السودان، إلى جانب اللاجئين السودانيين في تشاد وأوغندا، والتي حملت على متنها 13 ألفاً و168 طناً من المواد الغذائية والطبية والإغاثية، منها 6388 طناً من المساعدات الغذائية و280 طناً من المساعدات الطبية لدعم المتضررين من النزاع داخل السودان. كما تضمنت المساعدات الإنسانية التي حملتها السفن المرسلة من الإمارات 6000 طن من المساعدات الغذائية والإغاثية لدعم اللاجئين السودانيين في تشاد، و200 طن من المواد الغذائية والإغاثية لدعم اللاجئين السودانيين في أوغندا، و300 طن من الإمدادات الغذائية والإغاثية لتلبية الاحتياجات العاجلة للاجئين في جنوب السودان.
وأولت الإمارات أهمية كبرى للجانب الصحي في دعم الأشقاء السودانيين، حيث شيّدت مستشفييْن ميدانيّيْن في مدينتي أمدجراس وأبشي في تشاد لتوفير الخدمات الطبية للاجئين السودانيين في دول الجوار، واللذين استقبلا 90889 حالة، كما افتتحت مستشفى في منطقة مادول في ولاية بحر الغزال في جنوب السودان، فضلاً عن تقديم الدعم إلى 127 منشأة صحية في 14 ولاية.
وخصصت دولة الإمارات 70 مليون دولار لوكالات الأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية والإغاثية في السودان، والتي توزعت على الشكل الآتي: 25 مليون دولار لبرنامج الأغذية العالمي، و20 مليون دولار للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، و8 ملايين دولار لمنظمة الصحة العالمية، و5 ملايين دولار لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «الفاو»، و5 ملايين دولار لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، و7 ملايين دولار لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف».
وقدمت دولة الإمارات 30 مليون دولار دعماً للاجئين في الدول المجاورة للسودان، وأعلنت تقديم 10.25 مليون دولار للأمم المتحدة لدعم اللاجئات السودانيات المتضررات من الأزمة المستمرة في السودان.
وواصلت الإمارات دعمها لمسيرة التعليم بين اللاجئين السودانيين، إذ وقعت اتفاقية مع منظمة «اليونيسف» لتخصيص 4 ملايين دولار لدعم تعليم اللاجئين السودانيين في تشاد.
ويعد السودان أحد أبرز محطات العمل الإنساني في دولة الإمارات، وكانت بداية العطاء في سبعينيات القرن الماضي، حيث دعم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مشروع شق طريق هيا بورتسودان لربط المدن السودانية ببعضها، ما أسهم في النهضة التجارية والصناعية والزراعية للشعب السوداني.
وتوالت منذ ذلك الحين المشروعات التنموية والاقتصادية الإماراتية في السودان، والتي أسهمت في زيادة الاستثمار الأجنبي، وتوفير فرص عمل كبيرة لأبناء الشعب السوداني الشقيق، فضلاً عن المبادرات والمساعدات الإنسانية الإماراتية التي كانت حاضرة في كل الظروف والأزمات الطارئة التي تعرض لها السودان.
معالجة الأزمة
منذ اندلاع النزاع المسلح بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية، خلال أبريل 2023، تتخذ دولة الإمارات موقفاً واضحاً وراسخاً تجاه الأزمة السودانية، يركز على الوصول إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار، وإنهاء الاقتتال الداخلي، ومعالجة الأزمة الإنسانية، من خلال تقديم الدعم الإنساني والإغاثي العاجل للشعب السوداني.
وفي الوقت الذي تسعى فيه دولة الإمارات جاهدة إلى التخفيف من تداعيات الأزمة الإنسانية الحادة التي يُعانيها الشعب السوداني، تواصل القوات المسلحة السودانية محاولاتها المستمرة إلى صرف الانتباه عن التواطؤ الواضح في الفظائع الواسعة النطاق، والتي لا تزال تدمر السودان وشعبه، مستغلة المنابر الدولية لنشر ادعاءات واهية لا أساس لها من الصحة، خاصة بعدما أكدت الأمم المتحدة حدوث انتهاكات واسعة وعمليات إعدام خارج القانون بعد سيطرة القوات المسلحة على الخرطوم.
ومن جهتهم، أكد خبراء ومحللون أن الإمارات تواصل أداء دورها الإنساني والدبلوماسي البنّاء في السودان، رغم الحملات المغرضة التي تحاول تشويه صورتها عبر اتهامات لا أساس لها من الصحة.
وأوضح الخبراء والمحللون، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن الدولة حافظت على موقفها الثابت منذ بداية الأزمة السودانية، بدعمها وقف إطلاق النار، وسعيها المستمر إلى حماية المدنيين، فضلاً عن تقديمها مساعدات إنسانية سخية، دون أي اعتبارات عرقية أو دينية أو سياسية.
وشددوا على أن دولة الإمارات تواصل دعمها للشعب السوداني من منطلق إنساني وأخلاقي، ويأتي وقف إطلاق النار، وتسوية الأزمة سلمياً، والتخفيف من المعاناة الإنسانية على رأس أولوياتها.
تسوية سلمية
أوضح المحلل السياسي الكويتي، خالد العجمي، أن الإمارات تتخذ موقفاً واضحاً ومعروفاً تجاه الأزمة السودانية، يركز على دعم التسوية السلمية، ووقف الاقتتال الداخلي، مؤكداً أنها تقف على مسافة واحدة من طرفي النزاع، وتواصل جهودها الدؤوبة لتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب السوداني الشقيق.
وقال العجمي، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن الإمارات، منذ اندلاع النزاع في السودان، ركزت على الجانب الإنساني، من خلال إرسال مساعدات طبية وإغاثية للنازحين والمتضررين من القتال، وذلك بالتعاون مع الهيئات الأممية المختصة، ما يعكس التزام الدولة الصادق تجاه الشعب السوداني دون أي أهداف خفية.
وعبّر عن رفضه القاطع للمزاعم التي أطلقتها القوات المسلحة السودانية بشأن تدخل دولة الإمارات في النزاع، ووصفها بادعاءات لا تستند إلى أي دليل، وتأتي ضمن حملة لتشويه دور إنساني نبيل، هدفه الوحيد هو التخفيف من معاناة الأبرياء في مناطق النزاع.
وأضاف العجمي أن الإمارات لا تعمل في الخفاء، بل تُعلن عن جميع تحركاتها الإغاثية والدبلوماسية، وتنسق بشكل شفاف مع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية، لافتاً إلى أن ما يزعج بعض الأطراف هو أن الإمارات تكسب ثقة الشعوب من خلال الأفعال لا الشعارات.
وأشار إلى أن الإمارات لا تكتفي بإرسال المساعدات، بل تسعى على مدار الساعة إلى فتح قنوات الحوار بين الأطراف المتنازعة، غير أن هذه المساعي تصطدم بمصالح أطراف لا تريد إنهاء الحرب، وتسعى لإطالة أمد الصراع لأسباب تتعلق بمراكز النفوذ والسيطرة. ولا شك في أن محاولات القوات المسلحة السودانية المستمرة تهدف إلى صرف الانتباه عن التواطؤ الواضح في الفظائع الواسعة النطاق، والتي لا تزال تدمر السودان وشعبه، وهذا أمر ترفضه القوى الدولية الداعمة للشعب السوداني.
وذكر المحلل السياسي الكويتي أن الإمارات تحمل في قلبها هموم الشعوب الشقيقة والصديقة، ولم تتردد يوماً في مد يد العون، سواء في السودان أو في غيره من الدول، ما يجعلها بلد العطاء والخير، حيث إن دورها الإنساني لا تحده الجغرافيا، ولا تقيّده الاعتبارات السياسية.
جهود إنسانية
من جانبه، قال مدير مركز بروكسل للدراسات، رمضان أبو جزر، إن الإمارات تُعد من أبرز الداعمين لإنهاء الأزمة السودانية سلمياً. وفي هذا الإطار، عملت جدياً، منذ اندلاع النزاع، على تقديم حلول سياسية تحفظ دماء السودانيين، وتحمي المدنيين من ويلات الاقتتال الداخلي.
وذكر أبوجزر لـ«الاتحاد» أن الإمارات قدمت خلال العام الماضي وحده مساعدات إنسانية ضخمة، شملت قوافل وحملات إغاثية عاجلة، إضافة إلى تخصيص مبالغ طائلة لبرامج الإغاثة والصحة، وذلك عبر قنوات الأمم المتحدة، ودون ربطها بأي أجندات سياسية.
وقال إن الإمارات لم تكتفِ بتقديم المساعدات الإنسانية، بل حرصت أيضاً على فتح منصات للحوار، وكان موقفها في الملف السوداني متوازناً ومتسقاً مع تطلعات الشعب الشقيق، ولم تدعم طرفاً على حساب آخر، ولا تزال تدفع في اتجاه الحوار الشامل.
وأضاف أن القيادة الإماراتية وضعت مصلحة الشعب السوداني على رأس الأولويات، إيماناً بأن الإغاثة هي المدخل الأول لأي حل مستدام، مؤكداً أن الإمارات تسعى دائماً إلى تحقيق استقرار حقيقي، وليس مجرد تهدئة مؤقتة.
وأوضح أبوجزر أن هناك مؤسسات إماراتية رائدة، أبرزها «الهلال الأحمر» الإماراتي، حاضرة في الميدان السوداني لتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية من دون أي شروط أو حسابات، ما يعكس التزاماً إنسانياً وأخلاقياً لا لبس فيه.
مسار السلام
وفيما تحاول القوات المسلحة السودانية عبثاً استغلال المنابر الدولية للترويج لبيانات مستهجنة وادعاءات زائفة ضد دولة الإمارات، في تعارض فجّ مع الواقع والحقائق على الأرض، تواصل دولة الإمارات مساعيها النبيلة الرامية إلى مساندة الشعب السوداني لتحقيق تطلعاته في التنمية والأمن والازدهار والتقدم.
ولا تكترث الإمارات بمثل هذه الادعاءات الباطلة، لاسيما مع إدراك أنها مجرد محاولات عبثية من قبل القوات المسلحة السودانية للتهرب من المسؤولية القانونية والأخلاقية عن الأزمة الإنسانية الكارثية نتيجة لتصرفاتهم وممارساتهم المدمرة في هذه الأزمة.
وأكد الباحث في الدراسات الاستراتيجية، الدكتور عماد الدين حسين بحر الدين عبد الله، أن الدور الذي تقوم به الإمارات تجاه الأزمة السودانية يُعد من أهم وأبرز الأدوار الداعمة للشعب السوداني إنسانياً ودبلوماسياً وسياسياً، ولا يمكن تجاهل ما قدّمته الإمارات لصالح ملايين السودانيين، سواء من حيث الدعم السياسي الواضح لمسار السلام، أو المساعدات الاقتصادية الضخمة، والتي كان أبرزها التبرع بملياري دولار لحكومة السلام السودانية.
وأوضح بحر الدين، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الإمارات تُعد من أكثر الدول حرصاً على استقرار السودان، وتسعى باستمرار إلى دفع العملية السياسية نحو الأمام.
وأضاف أن الإمارات لم تتوانَ عن دعم مؤسسات الدولة السودانية المدنية، وكانت ولا تزال شريكاً فاعلاً في محاولة وقف النزاع عبر أدوات دبلوماسية وسياسية، مؤكداً أن مواقف أبوظبي اتسمت بالثبات والوضوح، بعيداً عن الاصطفاف العسكري أو الاستغلال السياسي للأزمة.
وأشار إلى أن الشعب السوداني يدرك تماماً من وقف معه في المحنة، ويقدّر كل من أسهم في محاولة التخفيف من ويلات الحرب. من هنا، فإن الشكر والتقدير لدولة الإمارات، قيادةً وشعباً، هو أقل ما يمكن تقديمه.
دعم الاستقرار
شدد أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي، الدكتور هيثم عمران، على أن دولة الإمارات تتبنى منذ سنوات طويلة رؤية استراتيجية لسياستها الخارجية تقوم على دعم الاستقرار الإقليمي، ورفض التدخلات الخارجية السلبية في شؤون الدول، وتعزيز الحلول السلمية للنزاعات، وهو ما يتجسد بوضوح في موقفها الثابت والراسخ من الأزمة السودانية.
وقال عمران، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن الإمارات حريصة على حفظ وحدة السودان وتماسكه الاجتماعي، وترفض تحويل الدولة الشقيقة إلى ساحة صراع إقليمي أو دولي بين قوى متصارعة على النفوذ، حفاظاً على سيادته ووحدته واستقلال قراره الوطني.
وأضاف أنه منذ بداية الأزمة في أبريل 2023، تؤكد الإمارات أن الحل العسكري سيؤدي إلى تعميق الانقسام، وتفاقم المأساة الإنسانية، وشددت في أكثر من مناسبة على أن أي حل يجب أن يكون سياسياً وسلمياً، ومبنياً على الحوار بين الأطراف السودانية دون إقصاء لأي مكون مدني أو عسكري.
انتهاكات وادعاءات
ذكرت تقارير حقوقية دولية أن القوات المسلحة السودانية ارتكبت انتهاكات جسيمة منذ سيطرتها على أجزاء من العاصمة الخرطوم، في حين وثقت الأمم المتحدة عمليات إعدام خارج نطاق القانون، إضافة إلى اعتقالات تعسفية بحق مئات المدنيين.
ويرى مراقبون أن القوات المسلحة السودانية تحاول صرف الأنظار عن هذه الانتهاكات من خلال اتهام أطراف خارجية، من دون تقديم أي دليل يُثبت صحة هذه الادعاءات، معتبرين أن محاولات القوات المسلحة السودانية لاستغلال بعض المنابر الدولية لترويج هذه المزاعم أمر مؤسف، ولا يخدم القضية السودانية، بل يزيد من تعقيد المشهد.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الشعب السوداني الإمارات السودان أزمة السودان الدعم الإنساني المساعدات الإنسانية المساعدات الإماراتية مساعدات الإمارات المساعدات الإغاثية القوات المسلحة السودانیة اللاجئین السودانیین فی المساعدات الإنسانیة الأزمة السودانیة السودانی الشقیق الشعب السودانی للشعب السودانی دولة الإمارات الأمم المتحدة أن الإمارات ت ملایین دولار إن الإمارات ملیون دولار لـ الاتحاد فی السودان لا تزال من خلال فی تشاد
إقرأ أيضاً:
قرقاش: ادعاءات الجيش السوداني ضد الإمارات تشويش ممنهج
سكاي نيوز عربية – أبوظبي/ أكد المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات أنور قرقاش أن الحملات المضلّلة والكاذبة والممنهجة للجيش السوداني ضد الإمارات، تهدف إلى صرف الأنظار عن إخفاقاته الداخلية والتهرب من مسؤولياته تجاه الأحداث التي قادت إلى هذه الحرب العبثية، التي جاءت بقرار من هذا الجيش والمليشيات الإخوانية المساندة له.
وأشار قرقاش، في مقال له، إلى أن الإمارات، كانت ومنذ بداية الأزمة تبذل جهوداً مخلصة للبحث عن حل سياسي كفيل بتجنيب السودان الشقيق المآسي والمعاناة الإنسانية، انطلاقاً من علاقاتها التاريخية مع السودان الشقيق.
وقال المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، إن الشكوى التي قدمها ممثل السودان لمحكمة العدل الدولية ضد الإمارات تفتقد للمنطق، وهي خطوة دعائية لا تعفي سلطة القوات المسلحة السودانية من مسؤوليتها عن الأزمة الكارثية، ومن المسؤوليات القانونية والأخلاقية الناجمة عن ممارساتها الإجرامية، التي وثّقتها تقارير متعددة صادرة عن الأمم المتحدة وهيئاتها، فضلاً عن تقارير الإدارة الأميركية.
وذكر قرقاش: "هنا أود أن أوضح أنني ما كنت لأعبّر عن هذا الرأي بهذه الصراحة والوضوح، ولا أن أتناول الشأن السوداني الداخلي، لولا الحملات المضللة والكاذبة التي تقودها القوات المسلحة السودانية وحلفاؤها من الإخوان ضد دولة الإمارات".
وأضاف: "العلاقة التي تربط الإمارات مع السودان تميزت عبر السنوات بالوئام والتعاون وبروابط تاريخية عميقة. وهنا، لا يسعني إلا أن أُشيد بدور الجالية السودانية المقيمة في دولة الإمارات، فقد احتضنت بلادي الأشقاء بكل محبة وتقدير وترحيب، فالعلاقات الشعبية كانت الأساس المتين الذي جمع البلدين، ولن تفرّقه الدعايات المغرضة".
وتابع: "ما يُؤسف له أن هذه الحرب، وقبلها الانقلاب على السلطة المدنية، جاءت في أعقاب فترة من التفاؤل والأمل - بعد الإطاحة بنظام البشير في ثورة شعبية - بمسعى لإيجاد مسار سياسي وتنموي بعد عقود من ارتباط النظام في الخرطوم بمجموعة من الأزمات الداخلية الحادة والعزلة الدولية التي تسبب بها النظام السابق وممارساته".
وأردف قرقاش: "بعد أن أصبحت الحرب حقيقة ماثلة، كان موقف دولة الإمارات الإصرار على وقف فوري لإطلاق النار والبدء في مسار سياسي للعودة إلى الانتقال المدني، وضمن هذه المساعي كانت الدولة جزءاً حاضراً في كافة الجهود الخيّرة من جدة إلى المنامة إلى جنيف".
ولفت المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات إلى أن دعوى القوات المسلحة السودانية إلى محكمة العدل لا يعفيها من مسؤوليتها عن الأزمة الكارثية ومن المسؤوليات القانونية والأخلاقية الناجمة عن ممارساتها الإجرامية، حيث قامت سلطات دولية موثوقة، بما فيها الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان وأيضاً الوكالات الإخبارية المعروفة، بتوثيق جرائم الحرب المرتبطة بالقوات المسلحة السودانية والتي شملت القتل الجماعي للمدنيين والهجمات العشوائية على المناطق المكتظة والعنف الجنسي وغيرها.
وأوضح: "تتضح المحاولة الواهية لاستغلال المحكمة والتهرب من الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق السلام، فالادعاءات التي قدمها ممثل السودان للمحكمة تفتقر إلى أي أساس، وليست سوى محاولة - ضمن مخطّط بات مكشوفاً - لتشتيت الانتباه عن نتائج الحرب التي تدمي القلوب".
وذكر: "رغم أن دولة الإمارات على يقين بأن هذه الادعاءات بلا أي سند فإنها واحتراماً للمحكمة، باعتبارها الهيئة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة، تعاملت مع هذه الدعوى وفق الأصول المهنية القانونية، ولكن ما نراه من تكرار ممجوج للادعاءات ونقلها بين فترة وأخرى - من نيويورك إلى جنيف إلى لاهاي - يؤكد على أن التشويش ممنهج، فمن خلال هذا، تحاول سلطة القوات المسلحة السودانية صرف الانتباه عن دورها في ارتكاب الفظائع واسعة النطاق التي لا تزال تدمر السودان وشعبه عبر استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين، وفق ما نقله تقرير لشبكة (VOA) في 16 يناير الماضي عن تصريحات أدلى بها مسؤولون أميركيون لوسائل إعلام محلية ووفقاً لمقال للصحفيين ديكلان وولش وجوليان إي. بارنز في التاريخ نفسه".
وقال قرقاش إن "دولة الإمارات وفي سياق دعمها القانون الدولي تتمسك بضرورة المساءلة عن الفظائع التي ارتكبها الطرفان المتحاربان، وهي أيضاً في إطار التزامها الراسخ تؤازر الشعب السوداني الشقيق في الظروف الصعبة - وهو ما يشهد عليه التاريخ والسودانيون سواء على أرض السودان أو في دول الجوار".
واستطرد: "من هذا المنطلق الإنساني، فإن دولة الإمارات لن تنشغل بهذه الهجمات المضللة، وسيبقى تركيزها على هدفها الرئيس والمتمثل في التخفيف من الكارثة الإنسانية عن كاهل أشقائنا، رغم التجاهل الصارخ الذي تمارسه القوات المسلحة السودانية لمعاناة الشعب والإمعان في تخريب البلاد، التي باتت بسبب الفراغ الأمني الحاصل بيئة خصبة لخطر انتشار الإرهاب مع تغلغل فكر جماعة الإخوان المتطرف والإرهابي".
وشدد قرقاش على أن "دولة الإمارات ستواصل القيام بدور بنّاء للمساعدة في إنهاء هذه الحرب العبثية عبر دعم جهود السلام، والحث على حوار دبلوماسي وعملية سياسية سلمية تعكس إرادة الشعب السوداني وتحقق تطلعاته باستقرار يدعم جهود التنمية".
وختم: "ننصح قادة السودان بالتركيز على كيفية وقف الحرب وحماية المدنيين، بدلاً من تضييع الفرص والاستعراضات المصطنعة. فالشعب السوداني يستحق مستقبلاً يقوم على السلم والكرامة، ويستحق قيادة تضع مصالحه - لا مصالحها - وأولوياته في المقام الأول والأخير".