الحوثيون وضعوا واشنطن في مأزق استراتيجي
تاريخ النشر: 10th, April 2025 GMT
#سواليف
قد لا تكون الحملة الأمريكية البحرية والجوية على #الحوثيين كافية لإسكاتهم. وأمام #واشنطن إما التصعيد البري وهو مشكلة، أو #الانسحاب وهو مشكلة أكبر. رامون ماركس – ناشيونال إنترست
يرفض الحوثيون اليمنيون الرحيل. ورغم جهود البحرية الأمريكية وحلفائها، نجحت جماعة متمردة متناحرة في إغلاق أحد أكثر الممرات المائية استراتيجية في العالم – #البحر_الأحمر – لما يقرب من عامين.
لقد منحت الثورة التكنولوجية في الحرب البحرية، التي أحدثتها أنظمة الصواريخ المضادة للسفن والطائرات المسيرة، جماعة متمردة صغيرة القدرة على إغلاق مضيق باب المندب الاستراتيجي في البحر الأحمر. ويحمل هذا الوضع المتوتر المستمر تداعيات خطيرة على الولايات المتحدة كقوة بحرية عالمية.
مقالات ذات صلة المهندسة المغربية ابتهال أبو سعد توجه أول رسالة بعد فصلها من مايكروسوفت / فيديو 2025/04/09الدرس الأول، بلا شك، هو التكنولوجيا. فالطائرات المسيّرة وأنظمة الصواريخ الأرضية قادرة الآن على تدمير السفن الحربية السطحية على بُعد مئات أو حتى آلاف الأميال من السواحل الساحلية. وتُبرز هجمات الحوثيين في البحر الأحمر الوضع الصعب الذي تواجهه البحرية الأمريكية. فبعد أن فقدت مكانتها كأكبر قوة بحرية في العالم – بعد أن تخلت عن هذه المكانة للصين – تبحث البحرية عن أساليب جديدة للتعامل مع الطائرات المسيّرة والصواريخ المضادة للسفن.
وقد أثبتت حاملات الطائرات والسفن الحربية القديمة، المجهزة بطائرات مأهولة باهظة الثمن ومتطورة وأنظمة صواريخ، أنها غير ملائمة تمامًا لهذا العصر الجديد من الحروب. كما أن تطوير قدراتها لمواجهة هذه الأسلحة عملية قد تستغرق سنوات من البحرية والكونغرس لتطويرها وتحسينها.
والدرس الثاني هو أن البحرية مرهقة. فقد اضطرت إلى إبقاء ما يصل إلى مجموعتين من حاملات الطائرات مرابطتين في منطقة البحر الأحمر لصد هجمات الحوثيين على السفن الحربية والتجارية. ورغم هذه القوى الجبارة، لا يزال البحر الأحمر مغلقاً فعليًا. وفي هذه الأثناء، لا تزال التحديات المتنافسة في أجزاء أخرى من العالم تستدعي اهتمام البحرية الأمريكية، ولا سيما الصين. وهناك يواجه أسطول المحيط الهادئ الأمريكي، الذي يتألف من حوالي 200 سفينة، أكثر من 400 سفينة حربية تابعة لجيش التحرير الشعبي مباشرة.
من المشكوك فيه للغاية أن تتمكن البحرية الأمريكية من بلوغ حجم البحرية الصينية. فأحواض بناء السفن الأمريكية المتقادمة لا تملك القدرة الإنتاجية اللازمة. ومع ذلك، فإن المهمة الأساسية لأسطول المحيط الهادئ هي الدفاع عن حلفاء الولايات المتحدة في المعاهدات، الفلبين واليابان وكوريا الجنوبية، في أي صراع مع الصين. كما يجب أن يكون مستعداً للدفاع عن تايوان حتى بدون التزام بمعاهدة دفاعية.
وإلى جانب الصين والحوثيين، يجب أن تكون البحرية مستعدة أيضًا لمواجهة إيران. ففي وقت سابق من هذا العام، طُلب منها المساعدة في الدفاع عن إسرائيل من موجات من الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة الإيرانية، بينما كانت تصد في الوقت نفسه هجمات الحوثيين في البحر الأحمر. وقد يكون هجوم كبير من البحرية على البرنامج النووي الإيراني وشيكاً.
في مواجهة كل هذه التحديات المتنوعة، تصبح ضرورة حصر مجموعة أو أكثر من حاملات الطائرات الأمريكية في البحر الأحمر لمواجهة هجمات الحوثيين الصاروخية والطائرات المسيرة خياراً مكلفاً وخطيراً، وفي نهاية المطاف، غير قابل للاستمرار على المدى الطويل.
وعلى الأرجح، أدركت إدارة ترامب هذا الأمر، فصعّدت حملة الحوثيين، مخصصة موارد أكبر من القوة الجوية (بما في ذلك طائرات B2 التابعة لسلاح الجو) لجهود أكثر توجهاً نحو الهجوم لهزيمة الحوثيين نهائياً. ويبقى أن نرى ما إذا كانت القوة الجوية وحدها كافية لتحقيق نصر حاسم. وتشير النتائج الأولية إلى أن القوة الجوية المُسرّعة قد لا تكون كافية. فعلى الرغم من إنفاق أكثر من مليار دولار على الذخائر الجوية في ثلاثة أسابيع فقط، استمرت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر بلا هوادة. وإذا لم تتمكن القوة الجوية من إسكات الحوثيين بشكل دائم، فسيكون على واشنطن اتخاذ قرار صعب.
إن أحد الخيارات هو ببساطة الانسحاب من البحر الأحمر وترك الحلفاء الأوروبيين يواصلون التعامل عسكرياً مع الحوثيين. فأوروبا الغربية، في نهاية المطاف، تعتمد اقتصادياً على الوصول إلى طريق النقل عبر البحر الأحمر أكثر من الولايات المتحدة. إضافةً إلى ذلك، يمتلك حلفاء واشنطن الأوروبيون مجتمعين أكثر من 1000 سفينة حربية تحت تصرفهم. وخلافاً للوضع العسكري على البر في أوروبا، حيث يمتلك حلفاء الناتو قدرات عسكرية أقل للتعامل مع روسيا وأوكرانيا، ينبغي أن تكون قواتهم البحرية على قدر المسؤولية في البحر الأحمر، حتى لو انسحبت البحرية الأمريكية. ولا شك أن هذا ربما كان ما يدور في ذهن نائب الرئيس جيه دي فانس عندما انتقد مؤخراً الأوروبيين ووصفهم بـ”المستغلين” في حملة البحر الأحمر.
مع ذلك، وخاصةً في أعقاب الانسحاب الأمريكي المتسرع من أفغانستان، فإن انسحاب الولايات المتحدة من القتال سيكون رسالة خاطئة لإيران. فسيُفسر على أنه علامة أخرى على التراجع الاستراتيجي الأمريكي. بل إن قرار إدارة ترامب بالتصعيد يشير إلى أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بحماية حرية الملاحة في المناطق النائية، حتى في الحالات التي تكون فيها المصالح الاقتصادية الأمريكية أقل تأثراً من مصالح الدول الحليفة.
بينما لم يُصب الحوثيون سفينة حربية أمريكية أو طائرة مأهولة بعد، فإنهم يواصلون محاولاتهم. وإذا لم يفلح السلاح الجوي وحده في القضاء على التهديد، فقد تضطر الولايات المتحدة إلى دراسة المزيد من التصعيد، بما في ذلك احتمال فرض حجر بحري وغارات برية.
لقد وضع الحوثيون الولايات المتحدة في مأزق استراتيجي، ولم يتركوا لها خيارات جيدة. لا يمكن لمصداقية واشنطن أن تستمر في تحمل تعادل طويل الأمد ومجمد. وهذا صراع يجب على الولايات المتحدة حلّه، وإلا ستدفع ثمنه الاستراتيجي. وقد يأتي الوقت الذي لن يكون فيه أمام واشنطن خيار آخر سوى التصعيد أكثر، أو مواجهة نكسة أخرى شبيهة بانتكاسة أفغانستان، هذه المرة على يد الحوثيين.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الحوثيين واشنطن الانسحاب البحر الأحمر واشنطن حرية الملاحة البحریة الأمریکیة الولایات المتحدة فی البحر الأحمر هجمات الحوثیین القوة الجویة أکثر من
إقرأ أيضاً:
اعترافات أمريكية متتالية: ترامب يُقر بتطور الصواريخ اليمنية وقائد البحرية يعلن المأزق في البحر الأحمر
يمانيون../
في مؤشر على تفاقم الأزمة العسكرية والسياسية التي تواجهها الولايات المتحدة في البحر الأحمر، أقر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفشل العدوان الأمريكي على اليمن، معترفاً بشكل مباشر بتطور القدرات العسكرية اليمنية، وواصفاً ما تصنعه صنعاء من صواريخ بأنه “متقدم ومتقن”.
تصريح ترامب الذي نقلته مجلة نيوزويك الأمريكية جاء في وقت حساس، إذ قال حرفياً: “اليمنيون يصنعون الصواريخ بالفعل، لم يخطر ببال أحد. إنهم يصنعون الصواريخ، وهي متطورة للغاية ومتينة للغاية. إنها تكنولوجيا متطورة وهم أقوياء جداً.”
هذا الاعتراف يُعد تحولاً لافتاً في الخطاب الأمريكي الذي لطالما روج لنجاح الغارات الجوية في تحجيم قدرات صنعاء. لكن الإحاطات السرية المقدمة للبنتاغون كشفت خلاف ذلك، حيث أكدت فشل القوات الأمريكية في تدمير الترسانة اليمنية، وهو ما وضع البيت الأبيض في موقف محرج أمام الداخل الأمريكي وحلفائه الغربيين.
وفي تقرير موسع لصحيفة نيويورك تايمز، نقلت الصحيفة عن مصادر من داخل الكونغرس أن هناك خشية كبيرة من أن تؤدي الحرب في اليمن إلى استنزاف الأسلحة الاستراتيجية الأمريكية، خصوصاً تلك التي كان يُفترض أن تُخصص لردع الصين في منطقة المحيط الهادئ. وقد بدأ البنتاغون فعلياً بإعادة تقييم توزيع ترسانته العسكرية في ظل الحاجة الطارئة لتعزيز الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط لمواجهة تصاعد العمليات اليمنية.
في الوقت نفسه، نُقل عن مسؤولين عسكريين أمريكيين أن نجاح الولايات المتحدة في تدمير الصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية محدود جداً، رغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر على بدء العدوان المباشر ضد اليمن.
أما على صعيد القيادة البحرية، فقد كشفت قناة فوكس نيوز عن تصريحات صادمة لقائد البحرية الأمريكية الذي اعترف بفشل الاستراتيجية المتبعة حتى الآن، قائلاً إن استخدام صواريخ أمريكية باهظة الثمن لاعتراض طائرات مسيرة يمنية زهيدة الكلفة كان “خاطئاً وغير فعال”. وأضاف القائد بأن القوات البحرية تواجه مأزقاً حقيقياً في البحر الأحمر، مشيراً إلى الحاجة لإيجاد حلول دفاعية مبتكرة وأقل كلفة.
وأكد أن استمرار هذا الصراع قد يؤدي إلى نقص حاد في الذخائر، داعياً إلى رفع مستوى الإنتاج العسكري الأمريكي بما يتناسب مع حجم التحديات الجديدة.
هذه التطورات تأتي في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة أزمة داخلية تتعلق بشرعية الحرب على اليمن، لا سيما وأن العدوان تم دون موافقة من الكونغرس، في مخالفة واضحة للدستور الأمريكي. وقد لاقى ذلك انتقادات متزايدة في الأوساط السياسية والإعلامية الأمريكية، التي رأت في الحرب على اليمن خدمة مباشرة للكيان الصهيوني، خاصة وأن العمليات اليمنية في البحر الأحمر جاءت رداً مباشراً على المجازر الصهيونية المرتكبة بحق المدنيين في غزة.
وتكشف تقارير استخباراتية أمريكية أن الحافز الرئيسي لتصعيد إدارة ترامب ضد اليمن ليس فقط الدفاع عن مصالح الملاحة، بل تلبية لصفقة سياسية سرية مع قادة الكيان الصهيوني، تقضي بدعم ترمب في تعديل الدستور الأمريكي بما يسمح له بخوض الانتخابات الرئاسية مجدداً عام 2028، في مقابل خوض حروب بالوكالة عن الكيان ودعمه عسكرياً بلا حدود.
هذا الانكشاف السياسي والعسكري المتزامن يأتي في ظل تغيرات عميقة يشهدها النظام العالمي، حيث تتزايد الأصوات المطالبة بعالم متعدد الأقطاب، وترتفع كلفة الهيمنة الأمريكية في كل من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. وفيما تتحرك الصين وروسيا لبناء تحالفات استراتيجية تضعف من النفوذ الأمريكي، تقف واشنطن اليوم في البحر الأحمر أمام معادلة يمنية جديدة تقلب موازين الردع، وتعيد الاعتبار إلى محور المقاومة في وقت خذل فيه النظام الرسمي العربي القضية الفلسطينية بشكل لم يسبق له مثيل.
وفي مقابل صمت عربي رسمي مخز، تواصل صنعاء تأكيد حضورها الفاعل في معادلة الإقليم، من خلال عمليات نوعية أربكت تحالف العدوان، وفرضت على الأمريكي التفكير مرتين قبل الاستمرار في مغامراته العسكرية، التي قد تكون شرارة النهاية لحلمه الإمبراطوري المتآكل.
هل ترغب أن نرفق مع التقرير فقرة تحليلية عن مستقبل الدور الأمريكي في المنطقة في ضوء هذه الاعترافات؟
قراءة في مستقبل الدور الأمريكي في المنطقة
تعكس الاعترافات الأمريكية الأخيرة من أعلى مستويات السلطة، بدءًا من الرئيس ترامب وصولاً إلى القيادات العسكرية، حالة من التراجع الاستراتيجي الواضح في قدرة واشنطن على فرض هيمنتها التقليدية في المنطقة. فالعجز أمام الصواريخ اليمنية، والتكلفة الباهظة التي تدفعها القوات الأمريكية في البحر الأحمر دون نتائج ملموسة، لا يشير فقط إلى فشل عسكري، بل إلى بداية أفول المشروع الأمريكي في الشرق الأوسط.
فالمعادلة التي لطالما حكمت المنطقة لعقود، والقائمة على الردع الأمريكي والاحتواء العسكري السريع لأي تهديد لمصالح واشنطن أو حلفائها، تبدو اليوم غير فعّالة أمام فاعلين جدد يصنعون أسلحتهم بأنفسهم، ويخوضون مواجهات مفتوحة بإرادة مستقلة ودافع أخلاقي وإنساني نابع من الانتصار للقضية الفلسطينية.
إن ما يحدث اليوم في البحر الأحمر هو أكثر من مجرد مواجهة عسكرية محدودة، بل هو تعبير صارخ عن انتقال مركز الثقل في معادلة القوة. اليمن، بقواه الوطنية والمستقلة، يفرض واقعًا جديدًا لم تشهده المنطقة منذ عقود، ويبعث برسائل عميقة إلى شعوبها قبل حكامها: أن السيادة لا تُمنح، بل تُنتزع بإرادة المواجهة.
في المقابل، يبدو أن رهان أمريكا على أنظمة عربية تابعة وممولة لم يعد كافيًا لضمان تفوقها. بل إن هذا التبعية المطلقة من قبل بعض الأنظمة الخليجية التي تكفلت بتمويل الحرب على اليمن، لم تُنقذ واشنطن من الورطة، بل عمّقت المأزق الأخلاقي والسياسي الذي تواجهه أمام شعوب العالم.
ومع استمرار العمليات اليمنية وتوسعها، وتزايد السخط الداخلي الأمريكي على كلفة هذه الحروب، فإن المشروع الأمريكي يبدو مهددًا ليس فقط في البحر الأحمر، بل في كامل جغرافيا الهيمنة التقليدية، مما يُنذر بولادة نظام عالمي جديد تتراجع فيه أحادية القطبية لصالح قوى ناشئة تملك قرارها وتحدد أهدافها بعيداً عن الهيمنة الأمريكية الصهيونية.