الحرب الجمركية.. هل تقود سياسات ترامب أمريكا إلى الازدهار أم إلى الانهيار؟
تاريخ النشر: 10th, April 2025 GMT
محمد عبد المؤمن الشامي
منذ أن وطأت قدماه البيت الأبيض مجددًا، لم يتردد دونالد ترامب في إشعال فتيل حرب تجارية شرسة، ضاربًا بعرض الحائط الالتزامات الأمريكية تجاه النظام التجاري العالمي. سياساته التصادمية، التي ألهبت المواجهات الاقتصادية خلال ولايته الأولى، تعود اليوم بزخم أعنف، مستهدفة القوى الكبرى بلا هوادة.
لم يمضِ وقت طويل حتى تهاوت أولى تداعيات قرارات ترامب، حيث هبّت العواصم العالمية بردود نارية. رئيس الوزراء الكندي مارك كارني صرّح بلهجة حاسمة: “لن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه العربدة الاقتصادية”، مشيرًا إلى إجراءات انتقامية تهدد المصالح الأمريكية في الصميم.
أما في أوروبا، فقد أطلقت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين تحذيرًا ناريًا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤكدة أن أوروبا لديها خطة جاهزة للرد في حال فرض رسوم جمركية واسعة النطاق. وفي جزء من خطابها، شددت قائلة: “لدينا كل ما نحتاجه لحماية شعبنا وازدهارنا. لدينا أكبر سوق موحدة في العالم. لدينا القوة للتفاوض، ولدينا القدرة على الرد. وليعلم شعب أوروبا أننا معًا سندافع دائمًا عن مصالحنا وقيمنا، وسندافع دائمًا عن أوروبا”.
وفي خطوة غير مسبوقة، أعلنت الصين واليابان وكوريا الجنوبية توحيد صفوفها في تحالف اقتصادي استراتيجي للرد على السياسات الحمائية الأمريكية، في تطور يرسم ملامح جبهة آسيوية قوية قادرة على قلب موازين القوى التجارية. فهل يدرك ترامب أنه يدفع أمريكا نحو عزلة اقتصادية خانقة؟
يراهن ترامب على أن هذه السياسات ستجبر الشركاء التجاريين على الخضوع لإرادة واشنطن، لكن السؤال الحاسم: هل يستطيع الاقتصاد الأمريكي تحمّل عواقب هذه المواجهة الضارية؟ مع ارتفاع الأسعار، تصاعد الغضب الشعبي، وانسحاب الاستثمارات، تبدو الولايات المتحدة على شفا أزمة غير مسبوقة قد تعيدها عقودًا إلى الوراء.
إعلان البيت الأبيض: صدمة تهز الأسواق
بلهجة حازمة، أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت أن فرض الرسوم الجمركية الجديدة “لحظة تاريخية”، مؤكدة أن أمريكا لن تسمح بعد الآن بأن تكون “ضحية للاستغلال الاقتصادي”. ترامب، كعادته، صعّد الموقف قائلًا: “لقد بدأ عصر التحرر الاقتصادي… إما أن تلتزموا بقواعدنا، أو تتحملوا العواقب!” لكن السؤال الحقيقي: هل يقود هذا التحرر أمريكا إلى الازدهار أم إلى الهاوية؟
بين رهان ترامب على تحقيق “التوازن التجاري” وواقع التصعيد المتسارع، تقف الولايات المتحدة على مفترق طرق خطير. هل تكون هذه الحرب الجمركية بوابة لنفوذ اقتصادي غير مسبوق، أم أنها ستُدخل أمريكا في نفق من الأزمات والانتكاسات؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف إن كان ترامب قد أحسن اللعب… أم أنه أشعل نارًا لن يستطيع إخمادها!
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
الانهيار يسبق التراجع.. كيف أجبرت الأزمات المالية ترامب على العدول عن سياسته الجمركية؟
تراجع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن خطته للرسوم الجمركية، بعد أسبوع واحد فقط من إعلانها، وذلك في مفاجأة سياسية وُصفت بكونها قد "كشفت عن هشاشة المواقف الصلبة، وعن حدود تحمّله للضغوط السياسية والاقتصادية".
وتحوّل الرئيس الذي أصّر قبل أيام قليلة على أن "سياساته لن تتغير أبداً" إلى رئيس يُعلن ببرود، إيقاف تلك الرسوم لمدة ثلاثة أشهر، في مشهد يلخص التناقض الصارخ بين الخطاب والواقع.
وجاء ذلك في الوقت الذي كان فيه ممثله التجاري يدلي بشهادته في مبنى الكابيتول هيل، حول فوائد الرسوم الجمركية، ما بدا وكأنه يجهل قرار الإيقاف.
وقال ترامب، الأربعاء، بخصوص الانتقادات المتزايدة التي انهالت على البيت الأبيض، خلال الأسبوع الماضي: "كانوا يصرخون، كانوا يصرخون قليلًا، ويشعرون بقليل من الخوف".
إلى ذلك، فإنّه عقب موجة بيع حادّة في أسواق سندات الحكومة الأمريكية، التي تعد ملاذا آمنا للمستثمرين، فإن التداعيات الاقتصادية لاستراتيجية ترامب قد تكون كارثية وأسوأ مما توقعه مستشاروه سابقًا، وذلك وفقا لعدد من التقارير الإعلامية، المتفرقة، بينها تقرير لـ"سي إن إن" الأمريكية.
وفي السياق نفسه، كان وزير الخزانة، سكوت بيسنت، قد أثار هذه المخاوف مباشرةً مع ترامب، الأربعاء، في اجتماع سبق وقت إعلان الإيقاف، مؤكدا المخاوف التي أعرب عنها المسؤولون الاقتصاديون في البيت الأبيض، ممّن أطلعوا ترامب على تسارع وتيرة البيع في سوق سندات الخزانة الأمريكية في وقت سابق من الأربعاء.
وبحسب مصادر لشبكة "سي إن إن" فإنّ الاتصالات الهاتفية مع كبار مستشاري البيت الأبيض، من حلفاء رئيسيين في مجتمع الأعمال، ركّزت بشكل متزايد على التطورات المقلقة في سوق السندات، حيث دافعوا عن تراجع ترامب.
وأفاد اثنان من المصادر، أنّ: "ترامب لم يتخذ قرارا بإيقاف معدلات الرسوم الجمركية الجديدة المثيرة للجدل، عندما كان ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي حول سوق الأسهم صباح الأربعاء".
وفي حديثه للصحفيين، وهو جالسا في المكتب البيضاوي، برفقة مستشارين لخطة الرسوم الجمركية: بيسنت ووزير التجارة هوارد لوتنيك. قال ترامب: "سوق السندات في حالة حرجة للغاية، كنت أراقبه. سوق السندات الآن رائع. لكن نعم، رأيت الليلة الماضية حيث بدأ الناس يشعرون ببعض القلق".
وأوضح ترامب: "لم يكن لدينا إمكانية الوصول إلى محامين، أو لقد كُتب الأمر ببساطة، لقد كتبناه من قلوبنا، أليس كذلك؟ لقد كُتب من القلب، وأعتقد أنه كان مكتوبًا جيدًا أيضًا، ولكنه كُتب من القلب".
جرّاء ذلك، علم العديد من مسؤولي البيت الأبيض بقرار ترامب في الوقت الذي علم فيه العالم، عبر منشور على منصته "تروث سوشال"، بإيقاف الرسوم الجمركية الجديدة مؤقتًا. حتى كبير مسؤولي التجارة في إدارته بدا وكأنه لم يكن على دراية بإمكانية التغيير.
وقال النائب الديمقراطي، ستيفن هورسفورد، لممثل التجارة الأمريكي، جيميسون غرير، خلال جلسة استماع كانت جارية في مبنى الكابيتول هيل، عندما أعلن ترامب قراره: "يبدو أن رئيسك سحب البساط من تحت قدميك وأوقف الرسوم الجمركية مؤقتًا".
إلى ذلك، أصرّ بيسنت ومسؤولون آخرون على أنّ: "قرار تعليق الرسوم الجمركية الجديدة على جميع الدول باستثناء الصين لم يكن تراجعًا؛ بل اعتبروا هذه الخطوة جزءًا لا يتجزأ من خطة ترامب الشاملة لجلب الدول إلى طاولة المفاوضات" بحسب تقرير لـ"سي إن إن".