محمد بن رامس الرواس
"إن سلطنة عُمان تُمثّل صوت الحكمة في الشرق الأوسط، وهي أحد الأماكن القليلة التي يمكن للسلام أن يبدأ منها دون ضوضاء" الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون.
***********
في زمن اشتعلت فيه فتائل الحروب أبقت مسقط على مكانتها الدولية كأرض للسلام ومكان مناسب للكلمة والحوار والإنصات لصوت العقل؛ فالعاصمة مسقط لا تصنع ضجيجًا دبلوماسيًا حول المفاوضات؛ بل تحترم هذا اللقاء غير المُباشر بين أي طرفين.
وفي ذلك تعمل عُمان على تهيئة المكان والبيئة المواتية لنجاح أي مفاوضات أو مباحثات بين خصمين، ولذلك استحقت العاصمة مسقط أن تكون صوت العقل والحكمة ومقر السلام والحوار، وهي اليوم تستعد لتفتح من جديد بابًا للحوار الذي يُستأنف في زمن التوترات الدولية وفي عالمٍ كثر به الهرج والمرج وازدادت فيه الأبواب إغلاقًا؛ فشرَّعت مسقط بوابتها من جديد لاستضافة حوار بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية حول الملف النووي الإيراني.
هذه ليست المرة الأولى لعُمان في صناعة سلام ينزع فتيل الحرب بالمنطقة، لكنها تأتي في لحظة فارقة؛ حيث تتقاطع التهديدات وتتزاحم الاحتمالات، وتصبح الكلمات أكثر أهمية من الصواريخ.
والعاصمة مسقط مدينة السلام اعتادت أن تكون ملاذًا دبلوماسيًا آمنًا؛ حيث إنها لا تصدر الأحكام ولا ترفع الرايات؛ بل تمنح الجميع الفرصة للحديث بين اروقة قاعات اجتماعاتها يجد فيها فرقاء السياسةُ متنفسًا، ويجد المتخاصمون مساحة للإنصات والتواصل والتفاهم فيما بينهم.
لقد كانت عُمان ولا تزال، تُتقِن فن الحياد دون غياب عن المشهد الإقليمي والعالمي، والتواجد والحضور الإيجابي؛ لما من شأنه أن يُحدث التوازن والحوار والتفاهم بين الأطراف؛ لذلك عندما قررت الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية الإيرانية العودة إلى طاولة الحوار حول الملف النووي الإيراني الشائك، اختارتا مسقط؛ لما تمثله من ثقة دولية وتاريخ لصناعتها للحوار الجاد والسلام.
والملف النووي الإيراني يُعد اليوم واحدًا من أكثر الملفات الشائكة بالعالم، وبداية حوار أمريكي إيراني سيكون بمثابة خطوة مهمة لإيجاد توازن يُجنِّب المنطقة اشتعال فتيل الحرب؛ فالحوار بلا شك سيفتح الباب نحو خطوات تكبح التصعيد الذي تقوده إسرائيل بالمنطقة، والتي تسعى لدفع الولايات المتحدة نحو توجيه ضربة للمفاعل النووي الإيراني، ما قد ينتُج عنه تداعيات لا تُحمد عقباها.
لكن اليوم يُفتح بابٌ جديد للحوار بين واشنطن وطهران في عالمٍ يتسابق فيه الرصاص مع العقل، ولا زالت مسقط تمضي وحدها بخطى ثابتة على رصيف الحكمة، لا ترفع شعارات، ولا تتباهى بدبلوماسيتها، لكنها تبني بصمتٍ ما تعجز عنه العواصم الكبرى، ومع كل خطوة نحو مسقط يعود العالم إلى رُشده قليلًا، يعود ليتذكر أن ما بين الحرب والسلام، يكفي أن يُصغي طرفان لبعضهما، والآن مسقط تقول إنِّه آن الأوان لكي يستمع كل طرف للآخر من أجل التوصل لحلٍ يُسهم في نشر السلام والاستقرار في هذه البقعة من العالم المضطرب.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
جي إس إم للدراسات: الولايات المتحدة كانت أحد الأسباب الرئيسية وراء اندلاع الحرب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الدكتور آصف ملحم مدير مركز جي إس إم للدراسات، أن المفاوضات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الأمريكي لم تشهد اختراقات كبيرة.
الولايات المتحدة كانت أحد الأسباب الرئيسية وراء اندلاع الحربوأضاف عبر مداخلة لقناة "القاهرة الإخبارية"، أن الولايات المتحدة كانت أحد الأسباب الرئيسية وراء اندلاع الحرب، وذلك من خلال توسع حلف الناتو في الشرق ونقل الصواريخ إلى أوروبا الشرقية.
روسيا تسعى حاليًا إلى تحقيق مكاسب اقتصاديةوأشار إلى أن روسيا تسعى حاليًا إلى تحقيق مكاسب اقتصادية، مثل استعادة الأموال الروسية المجمدة في البنوك الغربية وتخفيف العقوبات المفروضة عليها، ولكنها لا تهدف إلى تسوية شاملة للحرب، موضحًا أن روسيا لن تتراجع عن الأراضي التي ضمتها، بل ستسعى لتوسيع سيطرتها في مناطق أخرى مثل خاركوف وسومي ودينيبرو.
الحرب مستمرة بسبب المصالح الاقتصادية المعقدة في أوروباولفت أن هناك تيارًا في أوروبا يحاول التخفيف من الضغوط الاقتصادية الناجمة عن نقص الغاز الروسي، عبر التفاوض مع روسيا، ولكن هذا التيار لا يزال ضعيفًا مقارنةً بتأثيرات الولايات المتحدة، مؤكدًا أن الحرب مستمرة بسبب المصالح الاقتصادية المعقدة في أوروبا والولايات المتحدة.
العلاقة بين بوتين والرئيس الأمريكي ترامبوعلى صعيد العلاقة بين بوتين والرئيس الأمريكي ترامب، أكد دكتور أصف أن ترامب يحاول حل القضية كما لو كانت خلافًا بين عائلتين في قرية، ولكن المشكلة أعمق بكثير، حيث أن الحرب مستمرة بسبب الصراعات الاقتصادية والمصالح المتشابكة بين الأطراف.