تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

بين عالمين، الكتابة، والواقع يقف الراوي مستلهما من بيئته ومجتمعة، ما يجعل هذا الترابط ملموسا ومحسوسا ومرئيا، من خلال الإحالات النصية حينا، والنص الموازى حينًا آخر، في عنوانه، أو تمهيد، أو مدخل، وعلاقة ذلك كله بالنص، في إطاره الفني. ومن خلال العلاقة بخلفيات اجتماعية، وثقافية، وسياسية، أو بالعلاقة الضمنية، التي توجد بين النصوص.

ولقد تداخلت الأنواع الأدبية في عصرنا الراهن، نظرًا لمتغيرات التاريخ، ومستجدات الواقع، وتحولات الاستقبال، فلم تعد محافظة على تراتبها الموروث، هذه القراءة النصية، التي يتحول فيها السرد التتابعى، إلى سرد آنٍ، وهو ما يتيح قراءة هذا النسق الزمني لفضاء النص، بموازاة التاريخ، وما تنتجه البنية النصية، وما يتم بها من تفاعلات، على المستويين: الجمالي والدلالي، والغيطانى وصاف وراو في الوقت ذاته، وفى خطاب الدفاتر مستويات عدة سردية: مستوى السرد من الخارج، ومستوى السرد من الداخل، ثم مستوى الخطاب بصنفيه، ويمكن القول إنه من خلال قراءة زمكانية، يسهل الربط بين الدفاتر وما سبقها للكاتب من أعمال، من ناحية، وبالموروث، من ناحية أخرى. فمما أثرى تجربته الإبداعية أنة لم يقطع صلته بمواريثه الروحية والفكرية والفنية على السواء. 

من هنا تأتى أهمية كتاب "الخطاب  الروائي في دفتر التدوين لجمال الغيطانى" للباحثة عتاب عادل والصادر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. 

اضطلع جمال الغيطانى برواية دفاتره في صورة الراوي الظاهر، الذي لم يختف أبدا ولم يتخف، فكان دائما ما يعلن نفسه راويا: بانطلاقة الدائم من لحطة الكتابة – حاضر الكتابة – فكما تتمثل لنا " صورة شهرزاد وهى تتربع كل ليلة أمام سرير شهريار، لتسمعنا معه صوتها، كذلك يتربع الغيطانى على كرسيه، أمام مكتبة ليسمعنا صوته " انتبه الآن أثناء تدويني هذا إلى الأثر الصادر عنها". 

ويقول: "كم مضى على حضورها الأول لحظة تدويني هذا".. هكذا دائما يطالعنا الراوي، ليس من حاضر زمن القص، بل من حاضر زمن الكتابة، قابعا أمام مكتبة،كما تقبع شهر زاد أمام سرير شهريار، وليس جديدًا على الغيطانى أستلهامة للتراث، الصريح أو الضمني، كما في الدفاتر أو غيرها من أعماله. 

إن نص "دفاتر التدوين" الذي بين أيدينا يظهر راويا مختلفا من نوعه، متخطيا اعتبارات كثيرة، كاسرا كل الحوائط والحواجز بينة وبين نصه، فإن كان الذي يتحدث في القصة ليس هو الذي يكتب سطورها وليس هو الشخص الموجود خلف المكتب ممسكا بالقلم. فما بال هذا الراوي الذي يقول: أحيانا أضيق باستعاداتى بعضا مما جرى. فما البال بحالي عند الإقدام على تسطيره. أليس هو ذاك الشخص الذي يقبع خلف المكتب ممسكا بالقلم، يتذكر لحظة ويوارى أخرى، عبثا أحاول أن أحدق فيما لا أقدر على تعيينه، في المتبقي عندي، لا أعرف مستقرة أو مقامة، أو الشروط التي تدفع بعض التفاصيل إلى التواري أو الظهور، عبثًا أجتهد لاستحضار ملامح يفصلني عنها أكثر من أربعين عاما.  

وكم أشار إلى جلسته خلف المكتب المتمثلة في لحظة التدوين: "إحدى وثلاثون سنة تفصل بين تدوين هذا وتلك الأيام، وعبر الزمن ومحطاته المتعددة توارت لحظات، وبقيت أخرى، ثمة صورة ناصعة ماثلة، وأخرى لاستعادتها. وكم أدلى بمعلومات صريحة عن شخصه كاسم والده: "عند عبورنا فناء المحطة والوقت ليل، سرت الرعشة منه إلى أمي، اضطرت إلى التوقف والصيحة، الحقنى يا أحمد". وكذلك لقب والدته بين الجيران: "الحقينى يا جمال..." واسمه الذي جاء صريحا أكثر من مرة: "خارج دائرة الجمرك تنتظر سيدة ترتدي معطفا أسود تحته قميص أحمر، وحذا أبيض وترفع لافتة مستديرة مكتوب عليها أسمى هكذا Ghitany Gamal، ومولدة وسنة  تخرجه: بدأت سنة ثلاث وستين بعد تخرجي بحوالي عام وأنا دون الثامنة عشرة لتخرجي صغير السن: إذ حصلت على الدبلوم ولى من العمر ستة عشر عاما وشهور قليلة.   

إن الغيطانى في دفاتره لم يقدم على كتابة موضوع محدد، بل كتابة حياة كاملة، ممتدة، بحيث تبدأ من مرحلة الطفولة وحتى الشيخوخة، إنها حياته، وهى ليست حياة عادية، بل حياة كاتب رحالة، بدأ الرحلة طفلا حيث إقامة الأسرة بمحافظة القاهرة، والعودة في كل أول صيف إلى حيث الأهل والأقارب في مسقط رأسهم " جهينة " بمحافظة سوهاج، وما أن انتهى من دراسته بمدرسة الصنايع، قسم زخرفة،  حيث تخصص فى صناعة السجاد، وهذا ما جعله يبدأ الترحال إلى جميع المحافظات للأشراف على مراكز صناعة السجاد التابعة للمؤسسة التي يعمل بها، ثم اشتغل فيما بعد بالصحافة وبدا الترحال حول العالم، ولا تفوتنا مرحلة عملة كمراسل حربي، التي اطلعتة على جانب آخر من الحياة، وهو أجواء الحروب والمعسكرات وأيضا مراحل اعتقاله، كل هذه الجوانب مما زخرت بة حياة الكاتب، عندما يحاول أن يلم بها جميعا، فإنه من العسير أن يشملها خيط واحد، لذلك تنوعت الأشكال الضامة لهذه الأحداث والأشخاص والأزمنة والأمكنة، والسيرة الذاتية والرواية والرحلة وحتى الخواطر. 

وكان زمن ما قبل الكتابة أقل حدة على الغيطانى فى " دفاتر التدوين " مما سواه، وأقل حدة على كتاب السيرة الذاتية بشكل عام من سائر كتاباتهم، فزمن ما قبل كتابة السيرة الذاتية، ما هو الإ عملية اختيار وترتيب لأحداث موجودة بالفعل. إن ما يسمى " بالمخاض الإبداعي " يظهر في صورة ما يعتمل في ذاكرة الكاتب من مد وجزر، حتى يصل إلى مرحلة يمكنه فيها ترجمة هذه العواطف على وريقات، تكون بمثابة كتابات أولية يمكننا نحن القراء أن نطلع عليها، حتى تستوي على الصورة النهائية التي نراها، فزمن " المخاض الإبداعي " خاص بالكاتب ولا نعلم عنه شيئا، وهذا هو الجديد الذي خرج به علينا الغيطانى، إذ أشرك القارئ معه فى زمنه، وهو زمن ما قبل الكتابة إذ قام بتدوين هذه الوريقات وإلصاقها بصفحات الدفاتر، فرأينا ما يعتمل بذاكرته أثناء عملية المخاض الفكري، حيث قال: " أما التحنين – كما أفهم – فهو الحض على الشوق، والتشجيع على الميل. وكلاهما لا يكون إلا من أجل عزيز، غالٍ، بعيد، وهناك أعز على المرء من عمره ؟ هل ثمة أقسى من اللحظات المولية ؟ لا أظن. لذلك شرعت، غير أنني أبدأ بالتحنين، فالمسافات بعيدة والعلامات باهتة، بل إن بعضها محي تمامًا فعملية التحنين هذه ومحاولة استثارة كوامن النفس، حتى تحدث ما بها من ذكريات، هي عملية خاصة بالكاتب، وتكون فى زمن ما قبل الكتابة، ومما أستخدمه الغيطانى في ذلك ذكر المرأة، يقول أما الرفارف التي أحاطت بى ومستني وأجتنى، فمتعلق أمرها بالمرأة. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: شواطيء

إقرأ أيضاً:

فرح الزاهد: لما بكون عاوزة أجيب حقي بكلم أختي هنا

كشفت الفنانة فرح الزاهد، كواليس مشاركتها في مسلسل أهل الخطايا، مع الفنان جمال سليمان، خلال الموسم الدرامي الرمضاني 2025. 

وقالت فرح الزاهد، في ندوة بموقع “صدى البلد” الإخباري: «أنا أول ما قريت سيناريو المسلسل كلمت أستاذ رؤوف عبد العزيز وسألته اختارني انا ليه خاصة إن في فنانات ملامحهم حادة يقدروا يلبعوا دور الشيطان زي ما كان بيتقدم، وانا عشان ألعب دور "هند" صح اشتغلت على اني اشوف شخصية الحاج نوح (جمال سليمان) عاوزة إيه وألعب على ده عشان أدخلها». 

وحول علاقتها بشقيقتها هنا، قالت فرح الزاهد، إن شخصيتها مختلفة عن شخصية شقيقتها، فقالت: «أنا وهي شخصيتنا وطريقتنا مختلفة .. وأنا لما بكون عاوزة اجيب حقي بكلمها لأنها أقوى مني». 

نجوم مسلسل أهل الخطايا 

حل صناع مسلسل أهل الخطايا، ضيوفًا على موقع صدى البلد الإخباري، في ندوة خاصة، لتكريمهم عن نجاح المسلسل الذي تم عرضه خلال الموسم الدرامي الرمضاني الجاري. 

وحضر الندوة، كلا من: (الفنان جمال سليمان، الفنان محمد ثروت، الفنانة فرح الزاهد، المخرج رؤوف عبد العزيز، المؤلف محمد عبد القوي، المؤلف أحمد أنور). 

وخلال الندوة تحدث الفنان جمال سليمان، عن كواليس مسلسل أهل الخطايا، والتحضير له، وتطرق لبدايته الفنية في سوريا، وتحديه لظروف واجهته في حياته الخاصة قبل الانطلاق للنجومية. 

كما تحدث الفنان محمد ثروت، عن كواليس عمله بمسلسل أهل الخطايا، وخروجه خارج إطار الكوميديا، ولعب دور البخيل لأول مرة. 

كما تحدثت الفنانة فرح الزاهد، عن كواليس دورها، وتقديم دور الشيطان المتجسد في هيئة فتاة جميلة، والصعوبات التي واجهتها في التصوير. 

كما تحدث المخرج رؤوف عبد العزيز، عن التحضير للمسلسل وتوظيف فنانين في إطار جديد عما قدموه في السابق، وكواليس مشاركة الطفلة لينا عبد القوي لأول مرة في التمثيل. 

كما تطرق المؤلفان، محمد عبد القوي وأحمد أنور، للحديث عن كواليس كتابة مسلسل أهل الخطايا وربطه بقضايا واقعية حدثت في السابق. 

وسوف يقوم صدى البلد، بنشر لقاءات ندوة مسلسل أهل الخطايا، عبر موقعنا الإلكتروني، والقناة الرسمية على موقع الفيديوهات يوتيوب، تباعا. 

أبطال مسلسل أهل الخطايا

يشار إلي أن مسلسل "أهل الخطايا"، يشارك في بطولته بجانب  جمال سليمان كلا من سوسن بدر، رانيا يوسف، محمد ثروت،أحمد فهيم، فرح الزاهد، إسلام جمال، مطرب المهرجانات اسلام كابونجا، ولاء الشريف، وئام مجدى،  سارة درزاوى،  دكتور أشرف زكى، هنادى عبدالخالق، عايده فهمى، عبير منير، شريف عمر، محمود السراج، هذا إلى جانب مجموعة  من أهم خريجى أكاديمية الفنون الحاصلين على عديد من الجوائز. 

العمل تأليف كلا من أحمد أنور، ومحمد عبد القوي، وإخراج رؤوف عبد العزيز. 

مقالات مشابهة

  • الرئيس عباس يمنح الروائي والأكاديمي البرازيلي ميلتون حاطوم وسام الثقافة
  • الشيخ محمد أبو بكر يُلقي أول خطبة جمعة له بمسجد الفتح برمسيس بعد تكليفه رسميًا ..فيديو
  • مخرج فيلم سيكو سيكو: التحضير استغرق عامين من الكتابة والتنفيذ
  • فرح الزاهد: لما بكون عاوزة أجيب حقي بكلم أختي هنا
  • العلامة فضل الله: لتعزيز لغة الحوار ونبذ الخطاب الإلغائي والإقصائي
  • خطاب السيد القائد يربك حسابات الأعداء ويعزز يقين الأمة بنصر محور المقاومة
  • موقف الإيمان والتحدي.. اليمن وقضية فلسطين في خطاب السيد القائد
  • تعليم الغربية: الكتابة المصرية القديمة ندوة لتعزيز الوعي الأثري للطلاب
  • التفكيكية والبعد الصوفي في النص الروائي لروايات الطيب صالح (2)
  • ترامب: أحبه ويُحبني وتُحب مصالحه تحالفي