شددت صحيفة "الغارديان" البريطانية في تحليل نشرته لمراسلها في القدس، بيتر بومونت، على أن استشهاد 15 مسعفا وعامل دفاع مدني فلسطيني على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي يمثل "أحدث حلقة في سلسلة طويلة من تغيير إسرائيل لروايتها بشأن قتل المدنيين".

وأكد التحليل أن دولة الاحتلال بدأت "نمطا مألوفا من الإنكار" عقب الحادثة التي وقعت في 23 آذار /مارس الماضي، حيث قالت قواتها إن سيارات الإسعاف كانت "تتقدم بشكل مثير للريبة نحو قوات جيش الدفاع الإسرائيلي دون مصابيح أمامية أو إشارات طوارئ".



وأضافت الصحيفة أن هذا الإنكار سرعان ما تراجع بعد ظهور شهادات شهود عيان ومقطع فيديو التُقط بهاتف أحد المسعفين القتلى، أظهر أن "السيارات كانت تسير بأضواء مضاءة، والمسعفون كانوا يرتدون سترات عاكسة"، مما قوض الرواية الإسرائيلية.


وأشارت إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لجأ بعد ذلك إلى التلميح بأن "ستة من القتلى كانوا مرتبطين بطريقة ما بحماس"، رغم كونهم غير مسلحين، ثم استقر على رواية أكثر شيوعا في مثل هذه الحالات، مفادها أن "الجنود شعروا بأنهم تحت التهديد، وأن حماس استخدمت سيارات الإسعاف لنقل الرجال والأسلحة".

واعتبرت الصحيفة أن هذا النمط ليس جديدا، مستشهدة بحادثة مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة عام 2022، حيث أُطلقت في البداية مزاعم عن قتلها بنيران فلسطينية، ثم تراجعت إسرائيل تدريجيا عن تلك المزاعم بعد ضغط الأدلة، وصولا إلى اعتراف الجيش بأنها قُتلت برصاص جندي إسرائيلي "عن طريق الخطأ".

وأوضح بومونت أن إسرائيل غالبا ما تُرجع مسؤولية مثل هذه الحوادث إلى "أخطاء فردية" بدلا من مساءلة المؤسسة العسكرية، في محاولة لعزل الحادث عن "الأوامر العسكرية أو المشاكل النظامية".

وأشار التحليل إلى أن تطور الرواية الإسرائيلية يكون في العادة مدعوما بمحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، كما حدث في هذه الواقعة، حين نشر حساب مؤيد لإسرائيل مقطع فيديو ضبابي يُزعم أنه يُظهر أحد القتلى وهو يحمل سلاحا، لكن تحقيقا أجرته شبكة "DW" الألمانية أكد أن "كل ما كان مرئيا هو ظل ألقته الأضواء".

ولفتت الصحيفة إلى أن الأمر أثار تساؤلات حتى في الدول الحليفة لإسرائيل، حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية كريستيان فاغنر، إن "هناك تساؤلات جوهرية حول تصرفات الجيش الإسرائيلي الآن". وأضاف: "هناك حاجة ماسة إلى تحقيق ومحاسبة الجناة".


واعتبر المتحدث الألماني أن التحقيق الكامل في الحادث سيكون "مسألة تؤثر في نهاية المطاف على مصداقية الدولة الدستورية الإسرائيلية".

وفي السياق ذاته، قال المحلل العسكري الإسرائيلي عاموس هاريل في صحيفة "هآرتس" العبرية، إن "كل هذه المناورات التصويرية حول الحادثة قد تُخفي حقيقةً أكثر قسوة: أن جميع الفلسطينيين في غزة - بمن فيهم المدنيون - يُنظر إليهم على أنهم تهديدٌ يجب مواجهته بقوةٍ مميتة".

واختتم التحليل بالإشارة إلى تحقيق نشرته منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "يش دين"، أظهر أن "الآلية التي أنشأتها هيئة الأركان العامة لجيش الدفاع الإسرائيلي للتحقيق في جرائم الحرب المحتملة مصممة للتهرب من المسؤولية"، موضحًا أن 81.6 بالمئة من الشكاوى التي قُدمت خلال العقد الماضي أُغلقت دون فتح تحقيق جنائي، فيما لم تُفتح تحقيقات إلا في 6 بالمئة من الحالات.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية فلسطيني الاحتلال غزة فلسطين غزة الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

المفوضية الأممية: أوامر الإخلاء الإسرائيلية بغزة قرارات تهجير

اعتبرت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان رافينا شامدساني أن أوامر الإخلاء الإسرائيلية في قطاع غزة قرارات تهجير، وأشارت إلى أن عشرات الآلاف محاصرون في رفح بسبب أوامر الإخلاء بهدف إنشاء منطقة عازلة.

وأكدت أن طبيعة أوامر الإخلاء التي تصدرها إسرائيل ونطاقُها تثير مخاوف جدية من أنها تعتزم إجلاء السكان المدنيين من هذه المناطق بشكل دائم بهدف إنشاء منطقة عازلة.

وأوضحت أن أوامر الإخلاء الإسرائيلية بغزة نقلت فلسطينيين قسرا إلى مساحات تزداد تقلصا، مشيرة إلى أن فرص وصول النازحين في غزة إلى الخدمات المنقذة للحياة تكاد تكون معدومة.

قلق بالغ

وأوضحت شامدساني -خلال مؤتمر صحفي بشأن غزة في جنيف- أنه "في ضوء الأثر التراكمي لسلوك القوات الإسرائيلية في غزة، تعرب المفوضية السامية عن قلقها البالغ من أن إسرائيل تفرض على ما يبدو على الفلسطينيين في غزة ظروف حياة تتعارض بشكل متزايد مع استمرار وجودهم كمجموعة في غزة".

وقالت إن تهجير السكان المدنيين بشكل دائم داخل الأرض المحتلة يرقى إلى مستوى الترحيل القسري، وهو انتهاك جسيم لاتفاقية جنيف الرابعة وجريمة ضد الإنسانية.

كما ذكرت أن عشرات آلاف الفلسطينيين محاصرون في رفح بلا وسيلة للخروج منها ولا يحصلون على أي مساعدات.

إسرائيل تواصل قصفها بلا هوادة على قطاع غزة (رويترز) قصف وإخلاء

وأفادت المفوضية الأممية لحقوق الإنسان بتواصل الغارات العسكرية الإسرائيلية، إذ شنّت المقاتلات الإسرائيلية منذ منتصف مارس/آذار الماضي حتى التاسع من أبريل/نيسان الجاري 224 غارة، وخلّفت عددا كبيرا من الضحايا، معظمهم من النساء والأطفال فقط.

إعلان

وقد أنذر الجيش الإسرائيلي اليوم الفلسطينيين في مناطق بأحياء الزيتون والشجاعية والتفاح، شرق مدينة غزة، بإخلاء منازلهم قبل مهاجمتها "بقوة".

وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي -عبر منصة إكس- إن "الجيش يوجه إنذارا عاجلا وتحذيرا خطيرا إلى جميع سكان قطاع غزة الموجودين بمنطقة الشجاعية وأحياء الجديدة، والتركمان، وتوسعة نفوذ، والزيتون الشرقي، والنور، والتفاح".

وأضاف المتحدث الإسرائيلي أن الجيش "يعمل بقوة شديدة في مناطقكم، وأنذر المواطنين بإخلاء هذه المناطق فورا، والانتقال إلى مراكز الإيواء المعروفة غرب مدينة غزة"، علما أن غزة لا يوجد فيها أماكن إيواء خلافا لما يدعيه جيش الاحتلال.

مقالات مشابهة

  • تحقيق جديد لواشنطن بوست ينسف الرواية الإسرائيلية عن مذبحة مسعفي رفح
  • الجارديان: قوات جولاني متورطة في قتل المسعفين الفلسطينيين
  • ذي غارديان: مجزرة المسعفين برفح نفذتها وحدة بغولاني تحت قيادة هذا الجنرال
  • تحليل لـCNN: هل ينجح ترامب في حشد حلفاء خلال حربه التجارية مع الصين؟
  • 26 شهيدًا جراء العدوان الإسرائيلي .. والصحة العالمية: إسرائيل تمنع 75 % من البعثات الأممية من دخول القطاع
  • “حقوق الإنسان الألمانية”: جريمة استهداف المسعفين في غزة يجب ألا تمر دون عقاب
  • الأمم المتحدة: إسرائيل تفرض ظروف حياة بغزة تتعارض مع استمرار وجود السكان
  • المفوضية الأممية: أوامر الإخلاء الإسرائيلية بغزة قرارات تهجير
  • الأمم المتحدة: ممارسة كيان الاحتلال الإسرائيلي التجويع والعقاب الجماعي على سكان غزة جريمة حرب
  • البث الإسرائيلية: من الممكن حدوث تقدم في المفاوضات بشأن صفقة التبادل