يمانيون – متابعات
برغم الإعلان عن الترتيب لجولة مفاوضات جديدة لمعالجة المِلف الإنساني، لا زالت مؤشراتُ تعنُّتِ دول العدوان ورعاتها تتصاعد بشكل ثابت، خافضةً سقفَ الآمال بنجاح الجولة الجديدة، ففي الوقت الذي كانت فيه صنعاء تناقش مع الوفد العماني إتاحة فرصة أخيرة لإحياء الجهود التفاوضية، عمد النظام السعوديّ إلى شن حملات إعلامية مكثّـفة تهدف لإلقاء مسؤولية المرتبات على عاتق صنعاء وتبرئة دول العدوان من جريمة نهب الثروة الوطنية، وذلك بالتوازي مع استمرار محاولات ربط بقية الاستحقاقات بشروط وإملاءات سياسية؛ الأمر الذي يعكس إصرارًا واضحًا على مواصلة حرمان اليمنيين من حقوقهم.

حملاتٌ تضليلية سعوديّة للتنصُّل عن مسؤولية المرتبات:
توازيًا مع عودة جهود الوسطاء لإحياء المفاوضات، دفع النظام السعوديّ بوسائل إعلامه وبمرتزِقته لشن حملات دعائية تضليلية تحمّل صنعاء مسؤولية انقطاع مرتبات الموظفين وتزعم أن حكومة الإنقاذ الوطني تملك مواردَ كافيةً لصرف المرتبات، في محاولةٍ مكشوفةٍ وفجة للتغطية على حقيقة سيطرة دول العدوان ومرتزِقتها على الموارد الرئيسية للبلد والمتمثلة بمنابع الثروة النفطية والغازية والتي يعتمد عليها البلد بشكل رئيسي لتغطية موازنة المرتبات منذ ما قبل العدوان.

توقيت هذه الحملات التضليلية كشف بوضوح أن النظام السعوديّ يسعى لقطع الطريق أمام أية احتمالية لإلزامه بصرف المرتبات خلال الجولة التفاوضية الجديدة، خُصُوصاً وأن المفاوضات توقفت آخر مرة؛ بسَببِ رفض الرياض تخصيص إيرادات النفط والغاز للمرتبات، حَيثُ كان الرئيس المشاط قد كشف أن السعوديّة اشترطت أن يتم إرسال عائدات الثروة الوطنية إلى البنك الأهلي السعوديّ وأن تتحول المرتبات إلى مساعدات تقدمها المملكة لليمنيين.

تبني وسائل الإعلام السعوديّة لهذه الحملات، كشف أكثر من ذلك؛ إذ لم تقتصر صحيفة “الشرق الأوسط” السعوديّة مثلًا على ترويج أكذوبة مسؤولية صنعاء عن المرتبات، بل حاولت أن تصنع منها مدخلًا تحريضيًّا لإثارة الفوضى داخل مناطق سيطرة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني، حَيثُ زعمت الصحيفة أن هناك صداماتٍ بين الموظفين عدة قطاعات رسمية وبين حكومة الإنقاذ، على خلفية الرواتب.

صحيح أن هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها دول العدوان إلى شن حملات تضليلية للتنصل عن الالتزامات، لكن الحملات الأخيرة تحمل دلالات خَاصَّةً؛ كونها تتزامن مع الجهود التي يبذلها الوسطاء لإحياء العملية التفاوضية، فهذه الحملات تترجم إصرارًا سعوديًّا واضحًا على الالتزام بالتوجّـه الأمريكي الرافض لمعالجة ملف المرتبات ضمن أية تفاهمات تفاوضية ترعاها الوساطة العمانية، وقد أكّـدت الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من مرة أنها تعتبر مطلب صرف المرتبات “معقَّدًا وغير واقعي ويهدّد مستقبل اليمن” وأنها تشترط أن يتم التفاوض عليه بين صنعاء والمرتزِقة فقط.

وحتى إن لم تعبر هذه الحملات عن التزام سعوديّ حرفي بالتوجيهات الأمريكية، فَــإنَّها تعبر على الأقل عن محاولة سعوديّة لإمساك العصا من المنتصف، وإخضاع ملف الرواتب إلى مساومة تسعى من خلالها إلى البقاء ضمن الهامش التي سمحت به الولايات المتحدة وخداع صنعاء في الوقت نفسه؛ وهو أمر لا يختلف كَثيراً في مضمونه عن الالتزام الحرفي بالتوجيهات الأمريكية.

ووفقاً لذلك، فَــإنَّ الحملات التي يشنها إعلام النظام السعوديّ ومرتزِقته؛ لإلقاء مسؤولية المرتبات على عاتق صنعاء، تنذر باستمرار التعنت والمراوغة خلال جولة المفاوضات الجديدة التي أكّـدت صنعاء أنها ستكون “حاسمة”؛ وهو ما يثبّت التحذيرات الأخيرة التي وجهتها القيادة الثورية والسياسية الوطنية على واجهة المشهد؛ لأَنَّ تلك التحذيرات أكّـدت بشكل صريح أن الوقت ليس مفتوحًا للمراوغة وأن استمرار محاولات الالتفاف على مطالب واستحقاقات الشعب اليمني ستدفع نحو إنهاء حالة خفض التصعيد.

إصرارٌ على تسييس الاستحقاقات الإنسانية:
إلى جانبِ محاولاتِ التنصُّلِ عن مسؤولية صرف المرتبات من إيرادات البلد، تؤكّـدُ صنعاءُ أن دولَ العدوان لا زالت مُصرة على ربط استحقاق رفع الحصار عن مطار صنعاء باشتراطات سياسية؛ وهو الأمر الذي يمثل مؤشرًا سلبيًّا آخرَ يضعُ الجولة التفاوضية الجديدة أمام عوائق تهدّد نجاحها من قبل أن تبدأ.

وفي هذا السياق يؤكّـد وزير النقل بحكومة الإنقاذ الوطني، عبد الوهَّـاب الدرة في حديث لـ “المسيرة” أن صنعاء قد “نسّقت مع هيئات الطيران الأردني والمصري وهم جاهزون لتوسعة رحلات عمان وفتح رحلات القاهرة ليس لليمنية فقط بل ولأية شركات الطيران، لكن تحالف العدوان ومرتزِقته يحاولون ربط الملف الحقوقي والإنساني بالمفاوضات السياسية”.

ويضيف الدرة أنه “كلما تم التوصل إلى تفاهمات فنية وتقنية مع دول أُخرى ترغب في تشغيل الرحلات من وإلى مطار صنعاء تبدأ عرقلة ما يسمى بغرفة الإجلاء التابعة لتحالف العدوان”.

هذه المعلومات تنسجم مع سلوك دول العدوان على الأرض، فبالرغم من أن رفع القيود عن مطار صنعاء وميناء الحديدة، يعتبر استحقاقا إنسانيًّا يجب أن يعالَجَ بمعزل عن أية مفاوضات سياسية، فَــإنَّ تحالُفَ العدوان لا يزالُ يستخدمُ كُـلَّ رحلة جوية وكل سفينة كورقة ضغط، ويقوم بتقطيرها وفقًا لجدول زمني خاضع بالكامل لمزاجه السياسي.

وبالرغم من حرص دول العدوان، وفي مقدمتها السعوديّة، على استمرار حالة خفض التصعيد، فَــإنَّها رفضت أن ترفع القيود الإجرامية المفروض عن المطار والميناء، بل رفضت حتى أن تضيفَ ولو وجهة سفر واحدة للمرضى، من باب “إثبات حُسن النوايا” بل لا زالت مُصرة على الاحتفاظ بكافة القيود لاستخدامها كأوراق تفاوضية؛ وهو ما يعني أن لديها أهدافًا ومطالبَ خَاصَّة تريد تحقيقها كمقابل لتلك الأوراق؛ الأمر الذي يمثل عائقًا رئيسيًّا أمام أية جهود تفاوضية؛ إذ لا يمكن بأي حال أن تقبل صنعاء بأن تكون استحقاقات الشعب اليمني مرتبطة بأية رغبات أَو إملاءات لدول العدوان.

وقد تطرقت العديد من التصريحات الرسمية للجانب الوطني إلى هذه النقطة بشكل واضح خلال الأيّام الماضية، حَيثُ أكّـد الرئيس المشاط خلال لقائه بالوفد العماني أنه “ليس من المقبول تحويل الاستحقاقات الإنسانية المتمثلة في صرف المرتبات وفتح مطار صنعاء وإزالة القيود على موانئ الحديدة إلى محل تفاوض”.

وبالتالي فَــإنَّ استمرارَ إصرارِ دول العدوان على ربط الاستحقاقات الإنسانية بالمفاوضات السياسية، يمثل مؤشرًا سلبيًّا ثابتًا يجعل هو الآخر تحذيراتِ القيادة الوطنية تتصدّر واجهة المشهد أكثرَ من احتمالات نجاح الجهود التفاوضية، بل إن المضيَّ في الجولة الجديدة بدون حدوث خطوات معتبَرة في الجانب الإنساني سيكون بمثابة تأكيد واضح على أن خيار “انتزاع الحقوق” هو الخيار الوحيد المناسب والضروري للتعامل مع تعنت دول العدوان.

صحيفة المسيرة

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الاستحقاقات الإنسانیة النظام السعودی هذه الحملات دول العدوان مطار صنعاء السعودی ة سعودی ة ف ــإن

إقرأ أيضاً:

مظاهرات حاشدة في سول تستبق صدور حكم بشأن عزل يون

سول"رويترز": تجمع متظاهرون بأعداد كبيرة في العاصمة الكورية الجنوبية سول اليوم السبت بين مؤيد ومعارض للرئيس الموقوف عن العمل يون سوك يول قبل أن تقرر محكمة ما إذا كان إعلانه الأحكام العرفية لفترة وجيزة يجعله غير مؤهل للعودة لمنصبه.ومن المتوقع أن تقرر المحكمة الدستورية في الأيام المقبلة ما إذا كانت ستعزل يون في القضية التي أشعلت أسوأ أزمة سياسية في كوريا الجنوبية منذ عقود وهزت الأسواق.

وفي وسط سول، امتلأت ساحة كبيرة بالمتظاهرين المناهضين ليون وهم يهتفون داعين لعزله على الفور، وانضم إليهم سياسيون من المعارضة.وعلى بعد بضعة مربعات سكنية، ملأ أنصار يون المحافظون شارعا بأكمله مطالبين بعودته ولوحوا بالأعلام الكورية الجنوبية والأمريكية.

وقال الحزب الديمقراطي، وهو حزب المعارضة الرئيسي، إن مليون شخص شاركوا في المظاهرة المناهضة ليون، في حين قدرت الشرطة عدد المشاركين في كل مظاهرة بنحو 43 ألف شخص، بحسب وكالة يونهاب للأنباء.

ومنذ اندلاع الأزمة، يخرج مئات الآلاف من المتظاهرين المؤيدين والمعارضين ليون إلى الشوارع كل أسبوع.

ويواجه يون أيضا محاكمة بتهمة العصيان، لكن تم إطلاق سراحه من الاحتجاز الأسبوع الماضي.

وفي استطلاع للرأي أجرته مؤسسة جالوب كوريا ونشرت نتائجه الجمعة، يؤيد 58 بالمئة من المشاركين عزل يون بينما يعارضه 37 بالمئة.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان على صنعاء
  • عدوان أمريكي بريطاني على العاصمة صنعاء
  • جرائم العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي في مثل هذا اليوم 15 مارس
  • رسميا: صنعاء تكشف عن الخسائر التي خلفتها الغارات الأمريكية اليوم
  • مظاهرات حاشدة في سول تستبق صدور حكم بشأن عزل يون
  • اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية تعلن اعتماد الجفالي رئيسًا للاتحاد السعودي للأولمبياد الخاص
  • جرائم العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي في مثل هذا اليوم 14 مارس
  • شبكة "حماية الصحفيين" تحمل الحوثيين مسؤولية اختفاء الصحفي أحمد عوضة
  • السعودية تتفوّق على مصر وإسرائيل.. الدول التي تمتلك أقوى «مقاتلات عسكرية»!
  • جرائم العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي في مثل هذا اليوم 13 مارس