السعودية تستبق جولة المفاوضات بمساعٍ للتنصل عن الاستحقاقات الإنسانية
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
يمانيون – متابعات
برغم الإعلان عن الترتيب لجولة مفاوضات جديدة لمعالجة المِلف الإنساني، لا زالت مؤشراتُ تعنُّتِ دول العدوان ورعاتها تتصاعد بشكل ثابت، خافضةً سقفَ الآمال بنجاح الجولة الجديدة، ففي الوقت الذي كانت فيه صنعاء تناقش مع الوفد العماني إتاحة فرصة أخيرة لإحياء الجهود التفاوضية، عمد النظام السعوديّ إلى شن حملات إعلامية مكثّـفة تهدف لإلقاء مسؤولية المرتبات على عاتق صنعاء وتبرئة دول العدوان من جريمة نهب الثروة الوطنية، وذلك بالتوازي مع استمرار محاولات ربط بقية الاستحقاقات بشروط وإملاءات سياسية؛ الأمر الذي يعكس إصرارًا واضحًا على مواصلة حرمان اليمنيين من حقوقهم.
حملاتٌ تضليلية سعوديّة للتنصُّل عن مسؤولية المرتبات:
توازيًا مع عودة جهود الوسطاء لإحياء المفاوضات، دفع النظام السعوديّ بوسائل إعلامه وبمرتزِقته لشن حملات دعائية تضليلية تحمّل صنعاء مسؤولية انقطاع مرتبات الموظفين وتزعم أن حكومة الإنقاذ الوطني تملك مواردَ كافيةً لصرف المرتبات، في محاولةٍ مكشوفةٍ وفجة للتغطية على حقيقة سيطرة دول العدوان ومرتزِقتها على الموارد الرئيسية للبلد والمتمثلة بمنابع الثروة النفطية والغازية والتي يعتمد عليها البلد بشكل رئيسي لتغطية موازنة المرتبات منذ ما قبل العدوان.
توقيت هذه الحملات التضليلية كشف بوضوح أن النظام السعوديّ يسعى لقطع الطريق أمام أية احتمالية لإلزامه بصرف المرتبات خلال الجولة التفاوضية الجديدة، خُصُوصاً وأن المفاوضات توقفت آخر مرة؛ بسَببِ رفض الرياض تخصيص إيرادات النفط والغاز للمرتبات، حَيثُ كان الرئيس المشاط قد كشف أن السعوديّة اشترطت أن يتم إرسال عائدات الثروة الوطنية إلى البنك الأهلي السعوديّ وأن تتحول المرتبات إلى مساعدات تقدمها المملكة لليمنيين.
تبني وسائل الإعلام السعوديّة لهذه الحملات، كشف أكثر من ذلك؛ إذ لم تقتصر صحيفة “الشرق الأوسط” السعوديّة مثلًا على ترويج أكذوبة مسؤولية صنعاء عن المرتبات، بل حاولت أن تصنع منها مدخلًا تحريضيًّا لإثارة الفوضى داخل مناطق سيطرة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني، حَيثُ زعمت الصحيفة أن هناك صداماتٍ بين الموظفين عدة قطاعات رسمية وبين حكومة الإنقاذ، على خلفية الرواتب.
صحيح أن هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها دول العدوان إلى شن حملات تضليلية للتنصل عن الالتزامات، لكن الحملات الأخيرة تحمل دلالات خَاصَّةً؛ كونها تتزامن مع الجهود التي يبذلها الوسطاء لإحياء العملية التفاوضية، فهذه الحملات تترجم إصرارًا سعوديًّا واضحًا على الالتزام بالتوجّـه الأمريكي الرافض لمعالجة ملف المرتبات ضمن أية تفاهمات تفاوضية ترعاها الوساطة العمانية، وقد أكّـدت الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من مرة أنها تعتبر مطلب صرف المرتبات “معقَّدًا وغير واقعي ويهدّد مستقبل اليمن” وأنها تشترط أن يتم التفاوض عليه بين صنعاء والمرتزِقة فقط.
وحتى إن لم تعبر هذه الحملات عن التزام سعوديّ حرفي بالتوجيهات الأمريكية، فَــإنَّها تعبر على الأقل عن محاولة سعوديّة لإمساك العصا من المنتصف، وإخضاع ملف الرواتب إلى مساومة تسعى من خلالها إلى البقاء ضمن الهامش التي سمحت به الولايات المتحدة وخداع صنعاء في الوقت نفسه؛ وهو أمر لا يختلف كَثيراً في مضمونه عن الالتزام الحرفي بالتوجيهات الأمريكية.
ووفقاً لذلك، فَــإنَّ الحملات التي يشنها إعلام النظام السعوديّ ومرتزِقته؛ لإلقاء مسؤولية المرتبات على عاتق صنعاء، تنذر باستمرار التعنت والمراوغة خلال جولة المفاوضات الجديدة التي أكّـدت صنعاء أنها ستكون “حاسمة”؛ وهو ما يثبّت التحذيرات الأخيرة التي وجهتها القيادة الثورية والسياسية الوطنية على واجهة المشهد؛ لأَنَّ تلك التحذيرات أكّـدت بشكل صريح أن الوقت ليس مفتوحًا للمراوغة وأن استمرار محاولات الالتفاف على مطالب واستحقاقات الشعب اليمني ستدفع نحو إنهاء حالة خفض التصعيد.
إصرارٌ على تسييس الاستحقاقات الإنسانية:
إلى جانبِ محاولاتِ التنصُّلِ عن مسؤولية صرف المرتبات من إيرادات البلد، تؤكّـدُ صنعاءُ أن دولَ العدوان لا زالت مُصرة على ربط استحقاق رفع الحصار عن مطار صنعاء باشتراطات سياسية؛ وهو الأمر الذي يمثل مؤشرًا سلبيًّا آخرَ يضعُ الجولة التفاوضية الجديدة أمام عوائق تهدّد نجاحها من قبل أن تبدأ.
وفي هذا السياق يؤكّـد وزير النقل بحكومة الإنقاذ الوطني، عبد الوهَّـاب الدرة في حديث لـ “المسيرة” أن صنعاء قد “نسّقت مع هيئات الطيران الأردني والمصري وهم جاهزون لتوسعة رحلات عمان وفتح رحلات القاهرة ليس لليمنية فقط بل ولأية شركات الطيران، لكن تحالف العدوان ومرتزِقته يحاولون ربط الملف الحقوقي والإنساني بالمفاوضات السياسية”.
ويضيف الدرة أنه “كلما تم التوصل إلى تفاهمات فنية وتقنية مع دول أُخرى ترغب في تشغيل الرحلات من وإلى مطار صنعاء تبدأ عرقلة ما يسمى بغرفة الإجلاء التابعة لتحالف العدوان”.
هذه المعلومات تنسجم مع سلوك دول العدوان على الأرض، فبالرغم من أن رفع القيود عن مطار صنعاء وميناء الحديدة، يعتبر استحقاقا إنسانيًّا يجب أن يعالَجَ بمعزل عن أية مفاوضات سياسية، فَــإنَّ تحالُفَ العدوان لا يزالُ يستخدمُ كُـلَّ رحلة جوية وكل سفينة كورقة ضغط، ويقوم بتقطيرها وفقًا لجدول زمني خاضع بالكامل لمزاجه السياسي.
وبالرغم من حرص دول العدوان، وفي مقدمتها السعوديّة، على استمرار حالة خفض التصعيد، فَــإنَّها رفضت أن ترفع القيود الإجرامية المفروض عن المطار والميناء، بل رفضت حتى أن تضيفَ ولو وجهة سفر واحدة للمرضى، من باب “إثبات حُسن النوايا” بل لا زالت مُصرة على الاحتفاظ بكافة القيود لاستخدامها كأوراق تفاوضية؛ وهو ما يعني أن لديها أهدافًا ومطالبَ خَاصَّة تريد تحقيقها كمقابل لتلك الأوراق؛ الأمر الذي يمثل عائقًا رئيسيًّا أمام أية جهود تفاوضية؛ إذ لا يمكن بأي حال أن تقبل صنعاء بأن تكون استحقاقات الشعب اليمني مرتبطة بأية رغبات أَو إملاءات لدول العدوان.
وقد تطرقت العديد من التصريحات الرسمية للجانب الوطني إلى هذه النقطة بشكل واضح خلال الأيّام الماضية، حَيثُ أكّـد الرئيس المشاط خلال لقائه بالوفد العماني أنه “ليس من المقبول تحويل الاستحقاقات الإنسانية المتمثلة في صرف المرتبات وفتح مطار صنعاء وإزالة القيود على موانئ الحديدة إلى محل تفاوض”.
وبالتالي فَــإنَّ استمرارَ إصرارِ دول العدوان على ربط الاستحقاقات الإنسانية بالمفاوضات السياسية، يمثل مؤشرًا سلبيًّا ثابتًا يجعل هو الآخر تحذيراتِ القيادة الوطنية تتصدّر واجهة المشهد أكثرَ من احتمالات نجاح الجهود التفاوضية، بل إن المضيَّ في الجولة الجديدة بدون حدوث خطوات معتبَرة في الجانب الإنساني سيكون بمثابة تأكيد واضح على أن خيار “انتزاع الحقوق” هو الخيار الوحيد المناسب والضروري للتعامل مع تعنت دول العدوان.
صحيفة المسيرة
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الاستحقاقات الإنسانیة النظام السعودی هذه الحملات دول العدوان مطار صنعاء السعودی ة سعودی ة ف ــإن
إقرأ أيضاً:
الكشافة السعودية بالمسجد الحرام.. رسل الإنسانية في رحاب الحرم
تتجلى أسمى معاني العطاء والتفاني في خدمة الآخرين بين أروقة المسجد الحرام، حيث يؤدي أفراد الكشافة السعودية دورهم الإنساني والوطني في مساعدة ضيوف الرحمن خلال موسم العمرة، مقدمين نموذجًا مشرفًا للعمل التطوعي.
مساعدة معتمرة تعثرت بصحن الطواففمع كثافة أعداد المعتمرين الذين يفدون إلى بيت الله الحرام من شتى بقاع العالم، يبذل الكشافون جهودًا جبارة لضمان راحتهم وتقديم المساندة لهم في مختلف الظروف، وهو ما يجعلهم في مقدمة المتطوعين الذين يجسدون روح الأخوة والتكافل.
أخبار متعلقة 11,800 ساعة تطوعية للكشافة في الحرم المكي خلال رمضانالعاصمة المقدسة تعزز روح الانتماء والفخر احتفاءً بيوم العلمفي أحد هذه المواقف الإنسانية المؤثرة، كان القائد الكشفي عبدالله عدنان فقيها يؤدي مهامه في خدمة المعتمرين بالقرب من صحن الطواف، عندما شاهد معتمرة تركية تتعثر وتسقط على الأرض، متأثرة بإصابة في رأسها.
لم يتردد لحظة في التدخل، فاقترب منها بسرعة ليتأكد من حالتها الصحية، متبعًا ما اكتسبه من مهارات إسعافية خلال تدريباته الكشفية. وبكلمات طمأنة بلغة الإشارة وبعض العبارات الإنجليزية، حاول تهدئتها وتخفيف توترها، بينما كانت علامات الألم ترتسم على وجهها.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الكشافة السعودية بالمسجد الحرام.. رسل الإنسانية في رحاب الحرم - اليوم الكشافة السعودية بالمسجد الحرام.. رسل الإنسانية في رحاب الحرم - اليوم var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });
في ذات اللحظة، قام عبدالله بالتواصل مع فرق هيئة الهلال الأحمر السعودي لإبلاغهم بالحادث، وبقي بجوارها حتى وصول المسعفين، الذين أجروا الإسعافات الأولية لها.
لم يكتفِ بذلك، بل أصرّ على مرافقتها إلى العيادة الطبية داخل الحرم، حيث تلقت الرعاية اللازمة. وأثناء وجودها هناك، استمر في تقديم الدعم النفسي لها، مؤكدًا أن وضعها مستقر وأنها ستتمكن قريبًا من إكمال عمرتها. وعندما تحسنت حالتها، عبرت المعتمرة عن امتنانها العميق لهذا التصرف الإنساني، مشيرة إلى أن هذه اللحظة ستبقى محفورة في ذاكرتها، خاصة أنها عاشت هذا الموقف في أطهر بقاع الأرض. بابتسامة رضا وطمأنينة، ودّعها عبدالله بعدما تأكد من أنها أصبحت قادرة على متابعة مناسكها، ليعود مجددًا لمواصلة دوره في خدمة الآخرين بكل إخلاص وتفانٍ.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الكشافة السعودية بالمسجد الحرام.. رسل الإنسانية في رحاب الحرم - اليوم الكشافة السعودية بالمسجد الحرام.. رسل الإنسانية في رحاب الحرم - اليوم var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });
وفي مشهد آخر يعكس يقظة أفراد الكشافة وحسهم الإنساني، كان الكشاف راشد بندر الزهراني في ساحة الحرم عندما لاحظ طفلاً صغيرًا يبدو عليه الارتباك والخوف، يسير وحده بين جموع المعتمرين. وبحسه المرهف، أدرك راشد أن الطفل أويس عبدالله، من جمهورية مصر العربية، قد فقد أسرته أثناء الطواف، فتوجه إليه بلطف، وانحنى لمستواه، متحدثًا معه بصوت هادئ ليطمئنه ويمنحه الشعور بالأمان.
ببراعة وذكاء، بدأ الكشاف بجمع المعلومات الضرورية عن أسرة الطفل، ومن خلال التنسيق مع الجهات المختصة، تمكن من التوصل إلى والده الذي كان يبحث عنه بقلق شديد.
وعند لحظة اللقاء، لم يتمالك الأب دموعه وهو يحتضن ابنه بحب وامتنان، معبرًا عن شكره العميق للكشاف راشد ولكل الكشافين السعوديين الذين يسهمون في تسهيل رحلة المعتمرين، مؤكدًا أن هذا الموقف سيظل ذكرى لا تُنسى بالنسبة له ولعائلته.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الكشافة السعودية بالمسجد الحرام.. رسل الإنسانية في رحاب الحرم - اليوم
أما الكشاف محمد مهدي الحارثي، فقد قدم نموذجًا آخر للروح الإنسانية التي يتحلى بها أفراد الكشافة، حيث لاحظ أثناء تأديته لمهامه التنظيمية في صحن المطاف رجلاً مسنًا، يبلغ من العمر ثمانين عامًا، يقف في حيرة وقلق واضح.
اقترب محمد منه وسأله برفق إن كان بحاجة إلى مساعدة، ليكتشف أنه قد فقد مجموعته ولا يحمل هاتفًا للتواصل معهم، مما جعله في موقف صعب.
بهدوء ومسؤولية، تفحص الكشاف البطاقة التعريفية التي يحملها الحاج، وتمكن من الوصول إلى مسؤول الحملة التي ينتمي إليها. وعلى الفور، تم تنسيق عملية إعادته إلى مكان إقامته، حيث حضر مسؤول الحملة في غضون دقائق، ليأخذ الحاج وسط دعوات صادقة وامتنان كبير لهذا التدخل السريع والفاعل الذي جنّبه عناء البحث والتيه وسط الحشود.
مثل هذه المواقف الإنسانية تتكرر يوميًا بين أفراد الكشافة السعودية الذين يكرسون وقتهم وجهودهم لخدمة قاصدي بيت الله الحرام، مجسدين بذلك أسمى معاني العطاء والتفاني. فهم لا يكتفون بمساعدة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، بل يساهمون في تنظيم الحشود، وإرشاد التائهين، وتقديم الدعم النفسي والإسعافي لمن يحتاجه، مما يعكس دورهم الحيوي في تسهيل تجربة المعتمرين وجعلها أكثر راحة وسلامة.
وهكذا، يواصل أفراد الكشافة السعودية مهمتهم النبيلة في الحرم المكي، يعملون بصمت، لكن بصماتهم تظل واضحة في قلوب كل من مروا بمواقف إنسانية معهم. إنها رسالة سامية تعكس القيم الإسلامية والإنسانية العظيمة، وتؤكد أن العمل التطوعي ليس مجرد واجب، بل هو أسلوب حياة يتجلى بأبهى صوره في أطهر بقاع الأرض.