دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تغطي الصحراء نسبة 80% من مساحة دولة الإمارات، وتمتد الأراضي الصالحة للزراعة فيها على مساحة 0.7% فقط، حيث تستورد أكثر من 90% من غذائها. 

ليس من الغريب تحوّل دولة الإمارات الغنية بالنفط إلى أرضٍ خصبة للشركات التي تسعى إلى تغيير هذه الإحصاءات في ظل سعي البلاد إلى الابتكار من أجل تحقيق الأمن الغذائي.

تُعدّ شركة "HyveGeo"، التي تعمل في مدينة كامبريدج بإنجلترا، والعاصمة الإماراتية أبوظبي، أحدث شركة ناشئة تعتقد أنّها وجدت طريقة لتحويل الصحراء إلى أرض خضراء وتحقيق الربح في الوقت ذاته.

باستخدام النفايات الزراعية والطحالب، تُنتج الشركة مزيجًا خصبًا مُصممًا لتعزيز نمو النباتات، وإنتاج الغذاء، وإنعاش الصحاري، وغيرها من الأراضي غير الصالحة للزراعة. 

رأت الشركة أنّها تستطيع إزالة ثاني أكسيد الكربون المُسبب للاحتباس الحراري من الغلاف الجوي عبر زراعة الطحالب.

وأوضح الرئيس التنفيذي للعمليات ومدير الأبحاث في شركة "HyveGeo"، الدكتور سامسورين ويلش: "يمكن لنموذجنا حل العديد من المشاكل في آنٍ واحد"، لافتًا إلى أن "هناك مشكلة تتعلق بالكربون، وأخرى تتعلق بالأمن الغذائي، ويمكننا ضرب عصفورين بحجرٍ واحد".

أرصدة الكربون تنتج شركة "HyveGeo" الفحم العضوي من النفايات العضوية.Credit: HyveGeo

يُعتَبَر الفحم العضوي (biochar) المكون الرئيسي لمنتج "HyveGeo"، وهو مادة غنية بالكربون شبيهة بالفحم تُصنع عن طريق حرق المواد العضوية في بيئة منخفضة الأكسجين، في عملية تُعرف باسم "التحلل الحراري".

تحصل الشركة على موادها العضوية من مزارع النخيل المحلية والنفايات الزراعية الأخرى، وتُعالجها بموقع تجريبي في أبوظبي. 

ذكر مؤسس الشركة عبد العزيز بن رضا أنه حتى الآن، أنتج الموقع 200 طن من الفحم الحيوي، ما ساهم في تحويل مسار 800 طن من النفايات بعيدًا عن مكبات النفايات.

وقد تتضاءل هذه الأرقام قريبًا أمام أول منشأة تجارية للشركة من المقرر افتتاحها في منتصف عام 2026، إذ ستكون قادرة على معالجة 40 ألف طن من الكتل العضوية سنويًا.

كما تبيع شركة "HyveGeo" أرصدة الكربون مقابل الفحم العضوي، ما يسمح للشركات بتعويض بصمتها الكربونية. 

عند دخولها مرحلة الإنتاج التجاري، تخطط الشركة لبيع الفحم العضوي للقطاع الزراعي لتحسين صحة التربة مع حجز الكربون لمئات السنين.

وشرح ويلش قائلًا: "الفحم العضوي رائع بحد ذاته، ولكن إذا وضعته في رمال الصحراء، فلن يُحدث فرقًا يُذكر. رمال الصحراء هي رمال فحسب، وعليك إضافة المزيد إليها".

بهدف جعل الصحراء خضراء، لجأت الشركة إلى الطحالب الدقيقة.

وتمتص الطحالب ثاني أكسيد الكربون من الجو، وتُطلق الأكسجين عبر التمثيل الضوئي في عملية سبقت حتّى ظهور أولى النباتات البرية.

تُعالِج الشركة الطحالب الدقيقة عبر "التكرير الحيوي"، حيث تُستخرج منها مركبات نشطة بيولوجيًا.

وتعمل هذه المركبات كمُحفزات حيوية أو أسمدة طبيعية، ويمكن إضافتها إلى الفحم العضوي مع الميكروبات المفيدة بمقادير مختلفة لتعزيز نمو محاصيل مُحددة. 

كما يُمكن استخدام تركيبة أخرى متعددة الاستخدامات لإنشاء الغابات أو المراعي.

وقال بن رضا: "في الواقع، ما نقوم به هو تسريع عملية تكوين التربة، والتي قد تستغرق خمس سنوات، لتصل إلى أقل من شهر بقليل".

صنع تربة صحية

يفقد كوكبنا ما لا يقل عن 100 مليون هكتار من الأراضي الصحية كل عام بسبب تدهور الأراضي، وفقًا لما ذكرته منظمة الأمم المتحدة.

تختبر شركة "HyveGeo" منتجها على محاصيل عدّة بما في ذلك الطماطم. 

وأشار بن رضا إلى أن النباتات كانت "أكثر كثافة وحجمًا" مقارنةً بالمحاصيل في بيئة خاضعة للرقابة، مضيفًا أنّها أزهرت وأثمرت في درجات حرارة أعلى من المعدلات المعتادة للطماطم، ونمت في الهواء الطلق ضمن درجات حرارة وصلت إلى 45 درجة مئوية.

يجري حاليًا اختبار محلول تربة الفحم العضوي من "HyveGeo" بالشراكة مع هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية ومركز "واحة الابتكار" التابعة لشركة "سلال"، وكلاهما في دولة الإمارات.

وأفادت باحثة ما بعد الدكتوراه بجامعة "غينت" في بلجيكا، وخبيرة التكنولوجيا الحيوية للطحالب، الدكتورة مارسيلا فرنانديز دي سوزا، لـ CNN في رسالة بالبريد إلكتروني: "يبدو أنّها (HyveGeo) تغطي جميع الجوانب لجعل التربة صالحة للزراعة".

مع ذلك، قالت دي سوزا التي لا تعمل مع "HyveGeo" إن "ديناميكيات التربة معقدة للغاية، وقد تستغرق التربة بعضي الوقت حتى تتجدد بالكامل وتستعيد صحتها، لذلك لا أعرف الإطار الزمني الواقعي لاستعادة هذه التربة بالكامل".

توسيع نطاق العمليات

يُعدّ إنتاج ما يكفي من الطحالب الدقيقة لتلبية الطلب، وجعل نموذج " HyveGeo" قابلاً للتطبيق تجاريًا من بين العديد من التحديات التي تواجهها الشركة الناشئة.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: التغيرات المناخية زراعة مناخ

إقرأ أيضاً:

كائنات جديدة تساعد العلماء في فهم الحياة الخفية تحت الأرض

اكتشف فريق بحثي دولي شعبة جديدة من الميكروبات في المنطقة الحرجة للأرض، وهي منطقة من التربة العميقة تمتد من قمم الأشجار وحتى أعماق التربة والصخور تحت سطح الأرض، وقد تصل هذه الأعماق أحيانًا إلى 200  متر أو أكثر من قمم الأشجار.

وتُسمى هذه المنطقة بـ"الحرجة" لأنها المكان الذي يتفاعل فيه الغلاف الجوي، والغلاف الصخري، والماء، والتربة، والعديد من أنواع الكائنات الحية الدقيقة، وهي كذلك المكان الذي نعتمد عليه في الزراعة والمياه العذبة وتدوير المغذيات، وبالتالي فإن أي خلل في هذه المنطقة ينعكس مباشرة على صحة البيئة والإنسان.

وتمر المياه الجوفية، التي تُصبح فيما بعد مياه شرب، عبر الميكروبات التي تعيش في تلك المنطقة، وتستهلك الأخيرة الملوثات التي توجد في هذه المياه، وبالتالي فإنها أشبه بمصفاة تنقي مياهنا الجوفية.

وفي هذه المنطقة، تتكوّن التربة وتتجدد، وتتحلل المواد العضوية وتُعاد دورة المغذيات مثل الكربون والنيتروجين.

وتعيش في هذه المنطقة كائنات دقيقة تقوم بوظائف بيئية حيوية، وما زالت هذه الكائنات نطاقا بحثيا خصبا لم يستثمَر فيه بشكل كبير.

خلافًا للافتراض القائل إن ميكروبات التربة العميقة خاملة، فإن الميكروبات الجديدة نشطة وتنمو ببطء (شترستوك) شعبة جديدة من الكائنات

وفي السابع من أبريل/نيسان 2025، أعلن فريق بحثي دولي عن نتائج دراسة ركزت على طبقات التربة العميقة في "المنطقة الحرجة"، حيث أكدوا اكتشاف شعبة جديدة من الميكروبات، سميت "سي إس بي 1 -3″، والتي تتسيد طبقات التربة العميقة، حيث تُشكل أحيانًا أكثر من 50% من المجتمع الميكروبي في هذه المنطقة.

إعلان

وبحسب الدراسة، التي نشرها الباحثون في دورية "بي إن إيه إس"، فإنه خلافًا للافتراض القائل إن ميكروبات التربة العميقة خاملة، فإن الميكروبات الجديدة نشطة وتنمو ببطء.

وقام الفريق البحثي باستخراج الحمض النووي من هذه التُّرَب العميقة ووجدوا أن أسلاف هذه الفئة من الميكروبات عاشت في الينابيع المائية الساخنة والمياه العذبة منذ ملايين السنين.

وجاءت النتائج لتقول إن هذه الميكروبات خضعت لعملية انتقال رئيسية واحدة على الأقل في موطنها لاستعمار بيئات التربة، حيث سكنت أولًا التربة السطحية، ثم التربة العميقة، خلال تاريخها التطوريّ.

تعتبر التربة أكبر مُرشِّح للمياه على كوكبنا (لوي زاجاتو) عاملات تنظيف

وتعتبر التربة أكبر مُرشِّح للمياه على كوكبنا. فعندما يمر الماء عبرها، يتم تنظيفه من خلال عمليات فيزيائية وكيميائية وبيولوجية.

التربة السطحية، حيث توجد معظم جذور النباتات، غالبًا ما تمثل مساحة صغيرة جدًا من التربة يمر عبرها ماء الأمطار بسرعة. لكن التربة العميقة تتمتع بحجم أكبر بكثير، وهنا يأتي دور سي إس بي 1 -3، فهي تعيش على الكربون والنيتروجين اللذين يجرفهما الماء من التربة السطحية لإكمال عملية التنقية.

يجعل ذلك من سي إس بي 1 -3 عاملات في التنظيف، حيث تسحب الملوثات مما تسرب من الماء عبر الطبقة السطحية من التربة، ولذلك فإن دراستها مهمة جدا، خاصة في سياق تغيرات جذرية يمر بها كوكبنا.

وأعلن الباحثون، في بيان رسمي من جامعة ميشغان الأميركية، أن الخطوة التالية هي زراعة بعض هذه الميكروبات في المختبر، ثم معرفة المزيد عن فسيولوجيّتها الفريدة التي تسمح لها بالنجاح في بيئة التربة العميقة هذه.

مقالات مشابهة

  • 90 شركة عالمية تنضم إلى مبادرة «الجيل التالي للاستثمارات»
  • باسبورها المصري أنقذها.. مغامرة مصرية تتعرض لأزمة صحية في النيبال -(فيديو)
  • كائنات جديدة تساعد العلماء في فهم الحياة الخفية تحت الأرض
  • تسمم امرأة بغاز أحادي أكسيد الكربون بوهران
  • من وادي السيليكون إلى الصحراء… ماذا تخطط شركة «تسلا» في السعودية؟
  • الصين بين طموحات الطاقة النظيفة وإشكالية الفحم والمعادن النادرة
  • حمدان بن زايد يستقبل وفداً من شركة الإمارات للطاقة النووية
  • المياه الخضراء والإضاءة الزرقاء ظاهرة طبيعية.. ولا تأثير على الشواطئ
  • إطلاق «المؤتمر والمعرض الزراعي الإماراتي» لتعزيز الأمن الغذائي المستدام
  • لا ترمي أكياس الشاي المستعملة