الهند.. قطاعات متسارعة النمو تترقب المستثمرين الإماراتيين
تاريخ النشر: 9th, April 2025 GMT
تشهد الهند تحولات اقتصادية جذرية تدفعها لتصبح واحدة من أبرز مراكز النمو الاقتصادي في العالم خلال السنوات القادمة، وفق تقرير صادر عن "غرف دبي" بالتزامن مع منتدى دبي- الهند للأعمال.
وتمثل عدة قطاعات واعدة في الاقتصاد الهندي، فرصاً استراتيجية للمستثمرين الإماراتيين، وسط تعاون اقتصادي متزايد بين البلدين.
وتحتل الهند المركز الثاني كأكبر سوق للسيارات الجديدة في آسيا بعد الصين، وشهدت المبيعات انتعاشًا قويًا خلال السنوات الثلاث الماضية.
ومن المتوقع أن يتوسع هذا القطاع بمعدل نمو سنوي مركب قدره 3.3%، مع اقتراب المبيعات السنوية من 5.2 مليون وحدة خلال الفترة 2024-2029.
ومن المتوقع أن تزداد مبيعات السيارات الكهربائية بمعدل نمو سنوي مركب قدره 16% بين عامي 2024 و2029.
وبالنظر إلى عدد السكان، تعتبر الهند سوقا استهلاكية ضخمة، وتشكل مركز جذب لشركات التجزئة والعلامات التجارية الفاخرة.
ويمثل الإنفاق الخاص 57.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يجعل قطاع التجزئة محركاً أساسياً للنمو والتوظيف، فيما يشير التقرير إلى توسع كبير في التجارة الإلكترونية خارج المدن الكبرى، مستفيداً من ارتفاع نسب امتلاك الهواتف الذكية وتزايد القوة الشرائية في المدن الثانوية.
أما في قطاع الخدمات المالية، فالهند تسجل نمواً متسارعاً في هذا الجانب، حيث حققت البنوك أرباحاً قياسية لثلاث سنوات متتالية بين 2021-2023، وسط انخفاض مستمر في نسب القروض المتعثرة.
ومن المتوقع أن تواصل الأرباح ارتفاعها خلال الفترة من 2025 إلى 2029، مدعومة بنمو قوي في الإقراض المصرفي وخاصة في قطاع التجزئة.
ويبرز القطاع التأميني كذلك كأسرع الأسواق نمواً ضمن مجموعة العشرين، بمعدل نمو سنوي حقيقي يبلغ 7.1% للفترة ذاتها.
أما قطاع التكنولوجيا المالية "Fintech"، فقد رسّخ مكانته محوراً رئيسياً لتقديم منتجات الائتمان والتأمين والاستثمار، حيث تستضيف الهند ثالث أكبر منظومة للتكنولوجيا المالية في العالم، مع معدل تبنٍ يبلغ 87% مقارنة بـ67% عالمياً.
ويتوقع أن يستمر نمو المعاملات المالية الرقمية بشكل قوي، ما يعزز من فرص الشركات الإماراتية في دخول هذا السوق المتطور.
وأما في قطاع الرعاية الصحية ، فالإنفاق على الرعاية الصحية في الهند بمعدل سنوي مركب يبلغ 9% خلال الفترة من 2025 إلى 2029، مع توسع في الإنفاق الحكومي وزيادة الاعتماد على التأمين الصحي الخاص.
وتُعد الهند حالياً من أبرز أسواق الرعاية الصحية الرقمية ، وسط شراكات بين القطاعين العام والخاص في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والتطبيب عن بُعد والتصوير الطبي.
وفي إطار برنامجها الوطني للبنية التحتية، تُنفّذ الهند حالياً أكثر من 13 ألف مشروع بقيمة إجمالية تتجاوز 2.3 تريليون دولار، تغطي قطاعات متعددة مثل الطرق والجسور، ومحطات الطاقة، والسكك الحديدية، والموانئ.
وتحظى القطاعات الصناعية بأولوية متقدمة ضمن المشاريع قيد التنفيذ، ما يفتح المجال أمام شراكات استراتيجية مع شركات التكنولوجيا والبنية التحتية الإماراتية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
إقرأ أيضاً:
احتفالات عيد الفطر المبارك في الهند دليل على الوحدة والوئام الديني
نيودلهي- البلاد احتفلت الهند مؤخرًا بعيد الفطر المبارك في أجواء من البهجة والحماس والمشاركة الواسعة. وقد شهدت البلاد بدءًا من كشمير في الشمال إلى كيرالا في الجنوب تجمع آلاف المواطنين الهنود المسلمين لأداء صلاة العيد؛ حيث تبادلوا الوجبات والحلويات مع العائلة والأصدقاء، وشاركوا في الأعمال الخيرية. ويُعد عيد الفطر من أهم الأعياد بالنسبة للمسلمين حول العالم؛ بما في ذلك الهند حيث تمثل الاحتفالات به مناسبة للتقارب ولمّ الشمل بين العائلات والأصدقاء والمجتمعات في أجواء من الفرح والسرور. ويلاحظ انه طالما كانت دولة الهند- بتنوعها الثقافي الغني- موطنًا للتعايش بين أناس من خلفيات دينية مختلفة، يحتفلون بأعيادهم ومناسباتهم في سلام ووئام. وقد كانت مناسبة عيد الفطر، على مر القرون، تتجاوز الحدود الدينية، وتتميز بروح عميقة من الألفة والاحتفال المشترك. وفي هذا العام 2025، استمر العيد ليكون مناسبة للوحدة المجتمعية، حيث احتفل به ملايين المسلمين دون عوائق أو تمييز ديني. ويُعد ذلك مثالًا حيًا على مكانة الهند؛ كمنارة للتسامح الديني في منطقة كثيرًا ما تتسم بالاضطرابات. في حين ذكر بيان صحفي أصدرته الحكومة الهندية في اعقاب عيد الفطر المبارك، “أن للهند تاريخًا حافلًا بالاحتفال بعيد الفطر المبارك دون أي اضطرابات أو تحيز ديني يذكر، وهذه التقاليد مازالت مستمرة حتى الآن، وعلى الرغم من أن الهند دولة ذات أغلبية هندوسية إلا أنها لطالما احتضنت سكانها المسلمين وأعيادهم بكل احترام وتقدير. كما يتيح دستور الدولة لكل مواطن- بغض النظر عن ديانته- ممارسة شعائره الدينية بكل حرية، وهو ما يتجلي بشكل خاص خلال احتفالات عيد الفطر المبارك. غالباً ما يشارك الهندوس والسيخ والمسيحيون وغيرهم من أبناء الطوائف الأخرى في احتفالات العيد عبر الولايات الهندية، ما يعكس روح التعددية في البلاد. وفي السنوات الأخيرة، أصبح من أبرز رموز الوحدة الدينية في الهند خلال عيد الفطر المبارك، مشاركة الملايين في صلاة العيد. فعلى سبيل المثال، في عام 2025م، تجمع الملايين من المسلمين في مختلف أنحاء البلاد لأداء الصلاة، بما في ذلك “مسجد حضرة بال” الشهير في سريناغار، جامو وكشمير. كما يمثل هذا الحدث لحظة بالغة الأهمية للمجتمع المسلم؛ إذ إن مشاركة هذا العدد الكبير من الناس تعكس الطابع السلام والتسامح من خلال الاحتفالات. ومن أبرز السمات التي تميز عيد الفطر في الهند، هو مظاهر الوحدة الملفتة التي يبديها القادة من مختلف التيارات السياسية. وكما هو الحال في الأعوام الماضية، قدم قادة من جميع الأحزاب السياسية، بما في ذلك أحزاب المعارضة، تهانيهم الحارة للمسلمين بمناسبة العيد هذا العام. وفي لفتة رمزية خاصة، أرسل رئيس الهند، إلى جانب قادة بارزين من حزب بهاراتيا جاناتا (BJP)، رسائل تهنئة مؤثرة، متمنين للمسلمين الازدهار والسعادة. ما يجعل هذه البادرة أكثر أهمية هو أن العديد من هؤلاء القادة؛ بمن فيهم كبار أعضاء حزب بهاراتيا جاناتا؛ كونه الحزب الحاكم في الهند، اخذوا وقتاً لكتابة تهانيهم باللغة الأردية، وهي لغة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالثقافة الإسلامية في الهند. وأنه من خلال استخدامهم للأردية، وهي لغة منتشرة على نطاق واسع بين المجتمعات المسلمة، لم يعبّر هؤلاء القادة فقط عن أمنياتهم الطيبة، بل أظهروا أيضًا تضامنهم مع السكان المسلمين. هذا المستوى من التفاعل والاحترام من أعلى مستويات السلطة يُعد دليلًا على الشمولية التي تميز النسيج الديمقراطي للهند. كما أن هذا العمل التضامني يحمل أهمية كبرى في سياق المناخ السياسي السائد في الهند؛ ففي ظل تصاعد سياسة الهوية ، ترسل تهاني العيد من قبل قادة من مختلف التيارات السياسية رسالة قوية عن الوحدة. ولا يمكن المبالغة في أهمية مثل هذه المبادرات، خاصة في وقت كثير ما تهيمن فيه الخطابات الانقسامية على عناوين الأخبار . كما تعزز افعال هؤلاء القادة السياسيين فكرة أن قوة الهند تكمن في تنوعها، وأن جميع الناس- بغض النظر عن ديانتهم- يشكلون جزءاً لا يتجزأ من هوية البلاد. يذكر أن مسجد حضرت بال يقع في مدينة سريناغر الخلابة، التي كانت دائماً ذات أهمية دينية كبيرة للمجتمع المسلم في ولايتي جامو وكشمير. وفي كل عام يعد المسجد مركزاً لأداء صلاة العيد؛ حيث يجتمع آلاف المسلمين في خشوع وسلام . وفي هذا العام 2025م، شهدت المشاركة في صلاة العيد في مسجد حضرت بال زيادة ملحوظة، وهو ما يعكس توجهاً أوسع نطاقاً. وبعد سنوات من الصراع، الذي عطل الحياة الطبيعية والشعائر الدينية، عاد الهدوء الآن إلى كشمير. ونتيجة ذلك، تغيرت اجواء العيد بشكل تام، في حين تقف الهند مثالاً ساطعاً ومشرقاً للتسامح الديني خلال فترة العيد المبارك، في وقت يختلف الوضع تماماً في عدد من الدول الأخرى؛ حيث تفسد اعمال العنف الطائفية والتوترات الأجواء الاحتفالية. وفي المقابل، لطالما استطاعت الهند الاحتفال بعيد الفطر المبارك دون أي عنف طائفي. وليست غريباً سواء في كشمير أو اوتر براديش أو ماهاراشترا أو تاميل نادو ، وقد تمكن المسملون في الهند من التجمع لأداء صلاة العيد بكل حرية وتبادل الوجبات والتعبير عن فرحتهم دون خوف من أي اضطرابات عنيفة. هذا السلام والاستقرار ليسا وليد اللحظة؛ بل نتيجة التزام الهند الطويل باحترام الحريات الدينية. وفي مدن مثل جايبور وفارانسي، ليس من النادر أن تشهد مشاركة الهندوس في احتفالات العيد بطرق مختلفة، وعلى سبيل المثال في هذا العام 2025م، شهدت البلاد حالات عديدة أهدى فيها الهندوس الزهور للمسلمين خلال صلاة العيد في لفتة رمزية تعبر عن حسن النوايا، والوحدة بين المجتمعين. هذه اللفتات- وإن كانت بسيطة- إلا انها تحمل في طياتها معاني عميقة في عالم تستغل فيه الخلافات الدينية لزرع الانقسامات. كما نلاحظ في جايبور- على سبيل المثال- تقاسم الهندوس والمسلمون فرحة العيد معاً؛ في مشهد رائع يجسد الوحدة وكانت اللفتة نثر الزهور على المسلمين أثناء صلاة العيد تذكيراً جميلاً؛ رغم الاختلافات التي قد توجد بين الطوائف الدينية، إلا أنهم قادرون على الالتقاء بروح المحبة والاحترام المتبادل والإنسانية المشتركة. هذه الإيماءات ليست معزولة أو حالات فردية بل هي تعبر عن توجه أوسع في الهند؛ حيث يلاحظ التعاون بين الأديان بشكل متكرر خلال المناسبات الدينية الكبرى. وفي فاراناسي؛ المدينة التي تُعتبر القلب الروحي للهندوسية، كانت مشاعر الود والتآخي بين الهندوس والمسلمين خلال احتفالات عيد الفطر. ففي هذه المدينة المعروفة بمعابدها القديمة وأضرحتها و”الغاتات” يعني بها “الدرَج المؤدية إلى نهر الغانج” يُجسّد الاحترام المتبادل والمشاركة بين الهندوس والمسلمين مثالًا حيًا على الطبيعة التعددية للمجتمع الهندي؛ حيث تُبرز مظاهر التضامن بين الأديان خلال عيد الفطر المبارك في فاراناسي وغيرها من المدن الروابط العميقة، التي توحّد الناس بغض النظر عن اختلاف أديانهم في الهند. تسعى الهند مع استمرار الاحتفال بعيد الفطر المبارك؛ فإنها توجه رسالة إلى العالم مفادها أن الوحدة والوئام مكونان اساسيان لبناء مجتمع مزدهر وشامل، في وقت تبدو فيه الانقسامات العالمية مستعصية على الحل؛ حيث يقدم الهند اسلوباً متميزاً في الاحتفال بعيد الفطر المبارك، ونموذجاً مثالياً للتعايش، وتؤكد الهند أنه من الممكن أن نعيش معاً ونحتفل معاً ونزدهر معاً؛ بغض النظر عن الاختلافات الدينية أو العرقية أو الثقافية.