موقع النيلين:
2025-04-13@14:37:34 GMT

ليت بعض القادة والساسة.. ينتبهون لما يقولون

تاريخ النشر: 9th, April 2025 GMT

بسم الله الرحمن الرحيم
══════❁✿❁═════
ليت بعض القادة والساسة
ينتبهون لما يقولون
══════❁✿❁═════
الحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وآله وصحبه، وبعد:
✍️ فقد سبق أن كتبت مقالة بعنوان: “تصريحات بعض الساسة وضبط الخطاب”، وذكرت بأن الذين ينادون بضبط الخطاب الدعوي وينسون الخطاب السياسي وغيره من أنواع الخطاب دعوتهم قاصرة بل متهمة، والحقيقة أن الجميع مُطالَب بضبط خطابه، ولا زال بعض القادة والساسةص يتمادون في الخطاب غير المنضبط؛ الأمر الذي قد يعيق سير المعركة، ويؤثر على استمرار التوافق والوحدة القائمة، وقد وقفت على بعض المخاطبات، ولي في ذلك بعض الملاحظات أسوقها نموذجًا، وقصدي النصح والتحذير، والمعالجة والاستدراك، فأقول وبالله التوفيق:
▫️أولًا: من المنح التي حوتها المحنة التي حلت ببلادنا في طياتها توحد عامة أهل السودان في محاربة العدو والدفاع عن السودان، وهذا أمر محمود، وددنا أن يتخذه أهل السودان منطلقًا لوحدة تامة، وأن ينبذوا العنصريات والقبليات والجهويات، وأن يحافظوا على وحدة بلادهم ويسعوا لإزالة الحواجز التي وضعها الأعداء بينهم؛ ليعيشوا في بلد واحد، يسوده العدل والقانون، يقوم كل بواجبه، وينال حقوقه دون تمييز.


⚠️ ومن الواضح أن المشوار لا زال طويلًا، والمؤامرة كبيرة، والموقف في غاية الحساسية، والمرحلة حرجة، وهي بحاجة إلى قادة يتميزون بالحكمة، والعقل، والنزاهة، والكفاءة، لنحافظ على هذا الاصطفاف التاريخي لمصلحة البلاد بأسرها، لا لتحقيق مصالح شخصية أو جهوية أو قبلية، ولنجعل من هذه الوحدة القائمة وحدة حقيقية دائمة، ولنحذر من أن نكون كالذين قال الله سبحانه فيهم: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} [الحشر: ١٤].
▫️ثانيًا: تعدد المخاطبات من أكثر من شخصية في قيادة الدولة أمر يعد ظاهرة غريبة غير معهودة في الأعراف السياسية؛ لأنها تشير إلى نوع خلل، وعدم توافق، وتعدد مصادر القرار، وقد عهدنا هذه الظاهرة في بلادنا لأول مرة بعد بروز (محمد حمدان دقلو) في قيادة الدولة، فكان لا يكتفي بمخاطبات رئيس مجلس السيادة حتى يوازيه بمخاطبة مماثلة، مما يُشعِر الناس أنهم في ظل دولتين متوازيتين، وللأسف يمارس هذا السلوك بعض القادة الآن، مع أنه ليس هناك داع عقلًا، ولا يقتضي ذلك نظام أن يقدم رئيس مجلس السيادة خطابًا للشعب السوداني، ثم تتلوه مخاطبات أخرى من قادة آخرين يرأسهم رئيس مجلس السيادة سياسيًا وعسكريًا.
⛔ وقد يتحجج بعضهم أنه ثمت مناسبة لتكرار الخطاب من قيادات أخرى!
???? أقول: قد يتطلب الأمر شيئًا من ذلك لكن بشرطين:
???? الأول: ألا يكون ذلك عادة راتبة، ونظامًا متبعًا، وإنما يكون أحيانا عندما يوجد المقتضي.
???? والثاني: ألا يناقض خطابه خطاب رئيس مجلس السيادة، وإلا لكنا أمامج حكومة فيها شركاء متشاكسون، ولا يمكن لحكم أن يستقيم على هذا النحو، بل الواقع أن بعض التصريحات تتضمن نقدًا واضحًا لرئيس مجلس السيادة أمام الإعلام وعلى الهواء، وبعبارات فيها نوع تطاول وتوجيه، وهذا أمر في غاية الخطورة، ويعيد إلى الذاكرة ما كان يصدر من أبناء (دقلو -حميدتي وعبد الرحيم-) قبل الحرب، والله المستعان.
▫️ثالثًا: واضح أن عددًا من الخطابات في هذه الأيام غير منضبطة، وتحوي في طياتها رسائل توحي بإشكالات وتعقيدات، بل لا تخلو من إثارة، وإشارات بعضها عنصري، وبعضها فوقي، وقد تتضمن نوعًا من التهديد والتحدي، ومثل هذه الخطابات يعجب المرء من صدورها من شركاء الحكم، وهي خطابات بالغة الضرر، ومن شأنها أن تثير شكوكًا وظنونًا وعدم ارتياح في أوساط عامة الشعب غير الأتباع، وردود أفعال قد لا تنضبط أيضًا.
⛔ وبعض تلك الكلمات تشعر بأن المتكلم يمتلك الشرعية والأحقية أكثر من غيره، ولا أدري من أين جاء هذا الإحساس الغريب؟
▫️رابعًا: من تلك التصريحات الغريبة المريبة قول بعضهم: “نحن موجودون منذ سبع وعشرين ألف سنة وموجودون في التوراة والإنجيل والقرآن”:
???? وبغض النظر عن صحة ادعاء هذا العدد؛ إذ المشهور أن عمر الحياة البشرية على كوكب الأرض ما بين ستة إلى عشرة آلاف، وكذلك بصرف النظر عن ادعاء الوجود في الكتب السماوية، لكن الذي يهمنا هنا: ما مقصود المتكلم بقوله: (نحن)؟ هذا الضمير عائد إلى من؟ وما المغزى والمقصود من ذكر هذا التاريخ المجهول الذي لا يقوم على أساس؟ فهل يعني بقوله (نحن) السودانيين؟ وهل هناك قومية أو شعوبية اسمها (السودانيون)؟ وإن كان هذا قصده فمن هم السودانيون؟ هل هم قبيلة وعرق، أم شعب تجمعه حدود سياسية؟ ثم لماذا يتجاهل حقيقتين لا مراء فيهما:
???? الأولى: غالب السودانيين (مسلمون)، إذ تفوق نسبتهم (٩٨%) من السكان، فهم أغلبية، وتاريخ الإسلام معلوم محدد بأرقام قطعية منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم نحو (1414م) عاماً بالميلادي، وبالتقويم الهجري نحو (١٤٥٨) عامًا قمريًا.
هذه حقيقة لا يمكن لأحد أن يحاول طمسها بمجرد ترهات؛ فهو كالذي يريد حجب الشمس بيده.
???? الحقيقة الثانية: أن جميع الأرض التي تسمى السودان وفق الحدود السياسية الحديثة، يطلق على سكانها اليوم لفظ (السودانيين)، وهذه الرقعة الجغرافية بدأت تتشكل منذ الممالك النوبية الثلاثة: (نوباتيا)، و(المقرة) و(علوة) وهي ممالك نصرانية، والمتحدث ليس نوبيًا ولا نصرانيًا، والقبائل النوبية تمثل نسبة كبيرة من سكان السودان الحديث، ولما جاء الإسلام دخلوا فيه وصاروا مسلمين، وامتزجوا مع الإثنيات العربية، وغيرها من القوميات التي جمعها الإسلام والبلد، ونشأت الممالك الإسلامية: (سلطنة سنار) و(سلطنة دارفور)، وغيرها من المالك، ثم جاءت المهدية، وأعقبها الاحتلال البريطاني والذي انتهى بالاستقلال عام (1956م)، وتعاقبت على السودان السياسي الحديث حكومات محلية إلى هذه الساعة، وهذا تاريخ معلوم لا داعي إلى التشويش والتدليس لأغراض خفية.
▫️خامسًا: ومن تلك التصريحات قول بعضهم: “إنه لولا فصيله العسكري لما تحررت مدني ولا الخرطوم ولا سنجة ولا الناس وصلت الأبيض، وأنهم لا يقاتلون من أجل الجلابة بل من أجل بلدهم وأطفالهم ونسائهم… إلخ”.
???? هذا خطاب غير منضبط، وغير واقعي، بل إن الواقع أنه لولا لطف الله أولًا، ثم ثبات أبطال القوات المسلحة، ومن بعدها هبة أبطال هذا الشعب من معاشيين، ومتقاعدين، ومستنفرين، وكتائب لما تحررت المناطق المذكورة، بل لما ظلت الفاشر ثابتة حتى الآن، بدليل أن قوات المتكلم ظلت محايدةً متفرجةً طيلة تسعة أشهر لم تشارك بشيء البتة في معركة الكرامة، فكيف ينسب إليها كل هذا الفضل؟
هذا قول مجاف للعدل والحقيقة.
نعم القوات المعنية لها دور مشكور وجهد واضح بعد أن انحازت للقوات المسلحة، أما أن تُجعَل صاحبة الفضل دون غيرها فهذا قول مجاف للحقيقة ولا داعي لذكره أصلًا.
أما كونهم يحمون بلادهم إلخ، ولا يحمون الجلابة، فتلك جملة وإن قصد بها الرد على المليشيا، إلا أنه لم يوفق في ذكرها لما تعطيه من إحساس بالمفاصلة والمباينة، وكأن (الجلابة) ليس من ضمن أهل هذه البلاد التي يدافع عنها.
والأمثلة في هذا كثيرة والمقصود التنبيه، والتذكير، وضرورة التعقل وتوخي الحكمة، وتجاوز الحزبيات الضيقة، والانضباط في التصريحات والكلمات، واحترام هذا الشعب المكلوم، والعمل على تحقيق وحدة أساسية، وترك العنصرية لجهة أو قبيلة، بل شعب واحد وجيش واحد، يجمعهم الدين الجامع والبلد الواسع، وبالله التوفيق.
___
نشر بتاريخ: ١٠ شوال ١٤٤٦هـ، الموافق 2025/34/8م
════════❁══════
فضيلة الشيخ الدكتور: حسن أحمد الهواري حفظه الله

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: رئیس مجلس السیادة بعض القادة

إقرأ أيضاً:

كلمات في وداع الفريق الفاتح عروة

في رحيل الكبار… معنى آخر للحياة
كلمات في وداع الفريق #الفاتح_عروة
جمعتني بالفريق الفاتح عروة، رحمه الله وأحسن إليه، أيام صفاء طيبة.
كان التواصل خلالها يدور في مجمله حول قضايا تتصل بمعاركه الماضية والحاضرة، “تلك الأيام”…
من تجربته في جهاز الأمن وما أُثير حولها من جدل، إلى معارك شهيرة ساهم فيها مقاتلا في صف الجيش بجنوب السودان،
ودوره في إثيوبيا مع ملس زيناوي، ثم صراعات الاقتصاد والمال والاتصالات،
بحكم موقعه في شركة “زين”، لا سيما معركته المشهورة مع بنك الخرطوم بشأن شراء أسهم شركة “كنار”.
كان الفاتح، كعادته في كل معاركه، شرسًا، عنيدًا، مقاتلًا حتى آخر لحظة.
وهل يُستغرب هذا من جنرال ابن جنرال، خاض الحروب وخبرها؟!
وضعني حظي السيئ في طريق تلك المعركة، من خلال حلقة من برنامجي “حتى تكتمل الصورة”،
خصصتها للنقاش حول هذه القضية.
وبسببها، انقطع التواصل بيننا لسنوات، امتدت من ذلك العام وحتى العام الماضي،
حين وصلتني رسالة منه، كانت كفيلة بكسر جدار سميك من القطيعة، بنته وقائع وأقوال عديدة.
ويشهد الله أنني، طوال تلك السنوات، لم أكن أحمل في صدري كراهية لشخصه…
نعم، كنت غاضبًا، من موقف رأيته حينها قاسيًا ومتسرعًا تجاهي وتجاه المؤسسة التي بها اعمل .
لكن الغضب لم يتحول إلى كراهية، والقطيعة لم تتحول إلى عداوة.
بل كنت أحفظ له مكانة في داخلي، وأعلم أنه، رغم الخلاف،
رجل لا يُختصر بموقف، ولا يُدان بحادثة واحدة.
كان الفاتح عروة رجلًا مهيبًا، صاحب رأي وعزيمة، وخصمًا شرسًا في سبيل ما يريد ويسعى له.
عاش فارسًا، ومات فارسًا.
وكيف لا، وهو الذي واجه المرض اللعين بشجاعة نادرة، تليق بمثله من الشجعان
في صحائف السودان، البلد الذي أحبه، الكثير مما يجب أن يُدوَّن لصالح الفاتح عروة:
العسكري المقاتل، ورجل الأمن الذكي الماهر، والدبلوماسي الحاذق،
والإداري الخبير، وقائد واحدة من أهم شركات الاتصالات في تاريخ السودان المعاصر.
لم يكن ملاكًا، لكنه كان إنسانًا بكل ما في رحلة الإنسان من صواب وخطأ، وصعود وتعثر.
وحين يطلق ضحكته تلك — التي لا تُنسى — كنت أراه بقلب طفل.
حين داهمه المرض، فزع إلى تدوين تجربته وقول كلمته.
كان وفيًّا، وهو ينتصر بشهادته للرئيس البشير في محبسه.
وكان شجاعًا، وهو يكسر المعتاد من الأقوال التي تتردد بين الناس بيقين لا يقبل الشك.
وتبقى شهادته، التي نطق بها قبل رحيله، في كراسة التاريخ:
يُؤخذ منها ويُرد — شأن كل مرويات التاريخ، وأقوال فرسانه، وصنّاعه.
نم هانئًا، أيها الفارس المغوار، فقد انتهت رحلة عامرة، مثيرة، وجدلية بامتياز.
وقد آن لك أن تستريح…
غفر الله لك، وتقبّلك، وجمعنا بك في مستقر رحمته.
وألزم أحبابك، وأهلك، وعارفي فضلك الصبر، وحسن العزاء.

الطاهر حسن التوم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • إطلاق مشروع الرخص المهنية والاعتماد البرامجي للعاملين بالقطاع الرياضي
  • أوبزيرفر: ما يحدث في غزة إبادة والساسة في البلدان الغربية يواصلون تمويلها
  • المملكة تُدين وتستنكر الهجمات التي تعرضت لها مخيمات للنازحين حول مدينة الفاشر غرب السودان
  • الخطاب السياسي الذي أشعل الحروب في السودان
  • المملكة تُدين الهجمات التي تعرضت لها مخيمات للنازحين بالسودان
  • وزارة الخارجية: المملكة تُدين وتستنكر الهجمات التي تعرضت لها مخيمات للنازحين حول مدينة الفاشر غرب السودان
  • كلمات في وداع الفريق الفاتح عروة
  • حج النافلة أم الصدقة.. أمين الفتوى: العبادة التي يصل نفعها للغير أولى
  • العلامة فضل الله: لتعزيز لغة الحوار ونبذ الخطاب الإلغائي والإقصائي
  • موقف الإيمان والتحدي.. اليمن وقضية فلسطين في خطاب السيد القائد