الإنتحار ومسؤولية الدولة(إقليم شفشاون نموذجا)
تاريخ النشر: 9th, April 2025 GMT
عن ماذا يخبرنا المنتحر بعد أن ينتحر؟:
الروح هي أغلى وأثمن ما يملكه الإنسان وهي وديعة الله لديه التي لا يسمح لكائن من كان -حتى صاحبها- أن ينزعها إلا بحقها وقد فطر اللهُ الإنسان على المحافظة على روحه بشتى السبل والدفاع عنها مهما كلفه الأمر ماديا ومعنويا، فلماذا يُقدم الإنسان على الانتحار؟ من المسؤول عن وقوع جريمة الانتحار؟، هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابات شافية ولا لفتاوى لتكفير المنتحر فهذه الفتاوى للأسف لا تتعرض للجناة والمسؤولين الحقيقيين بل تتيح لهم الهروب من المساءلة الأخلاقية والاجتماعية وليس القانونية فحسب، فالانتحار ومحاولات الانتحار متعددة ومتنوعة – باستثناء الحالات المصابة بالأمراض العقلية – فهي مرتبطة بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية الرديئة وبالصعوبات الوجدانية والوجودية ذات العلاقة بالعوامل النفسيـة والخاصة بالفرد وعتبة تحمله وتصديه للصعاب.
ناقوس خطر: وفق البيانات الإحصائية حسب الجهات التي رصدتها الدراسة فإن شمال المغرب عرف أكثر عدد حالات انتحار (إقليم شفشاون نموذج) وفيما يخص فئات المنتحرين ووفق الأرقام التي رصدتها نفس الدراسة فإن عدد الذكور تجاوز ثلاث أضعاف الإناث، ولو صعدنا بالموضوع إلى إطاره الفكري نرى أن المجتمع خاصة على المستوى الاجتماعي لم يكن بعيدا عن المتغيرات الأمر الذي أثر بالسلب على منظومة القيم التي تحكم مجتمعنا وتنظم علاقة أفراده بعضهم ببعض مما أدى إلى خلخلة هذه المنظومة وإحلال منظومة قيم أخرى مكانها غذت الدوافع التي تقف وراء تزايد حالات الانتِحار، ومما يشهد على مدى التغيير الذي أصاب مجتمعنا زيادة نسبة الطلاق والتفكك الأسري كما تمكنت ثقافة الاستهلاك على جعل الأسر تتنافس وتتباهى بالكماليات بما يشكل عبئا على رب الأسرة، كما برزت على السطح في الآونة الأخيرة في مجتمعنا مفهوم الطبقية بشكل صارخ والتي قلصت من حجم الطبقة الوسطى التي كانت عماد المجتمع وعموده الفقري وقاعدته الصلبة إضافة إلى ذلك انتشرت الفردانية ومحاولة تحويل حياة المواطن إلى أشياء مادية بعد نزع الصفة الإنسانية عنها فلم يجد ذلك المواطن الذي تكالبت عليه الهموم بُدا من التضحية بما تبقى لديه من روح بعد عجزه عن تلبية الحد الأدنى من حقوق جسده، على هذا الأساس فإن ارتفاع عدد المنتحرين بإقليم شفشاون هو مرتبط بنسق اجتماعي محدد حيث تحضر في منطقة جبالة بقوة وتغيب نسبيا في منطقة الريف كما تحضر بقوة أكبر في القرى أكثر من المدن وذلك مرتبط أساسا بالتغيرات الاقتصادية وهذا ما مس المنطقة نتيجة تراجع زراعة القنب الهندي والاتجار في مخدر الكيف الذي اشتهرت به المنطقة وأيضا في غياب بدائل تنموية حقيقية مما كان أثره على المستوى الاجتماعي والنفسي للأفراد.
مسؤولية الدولة: إن الدولة وفقا لاتفاقيات حقوق الإنسان مسؤولة عن حماية الحق في الحياة ما يعني أنه على الدولة أن توفر الحماية للحق في الحياة بما في ذلك حماية الشخص الذي أنهى حياته بنفسه غير أن الدولة المغربية تنظر للانتحار على أنه مسؤولية الفرد رغم أنه ظاهرة اجتماعية تحضر فيها مسؤولية الدولة التي عليها البحث عن حلول لمسبباتها ما دامت أن الصحة النفسية من مسؤوليتها أيضا، إلا أن الصحة النفسية والعقلية للمغاربة توجد في أسفل سلم أولويات الدولة المغربية وهو الأمر الذي تهتم له دول العالم الذي يوجد الإنسان في صلب اهتماماتها خصوصا مع التغيرات الأخيرة والضغوط التي تعرفها المجتمعات، وفي هذا الصدد ينبغي الانتِباه إلى نقطتين أساسيتين:
أولا: إن أي ظاهرة الانتحار التي يشهدها مجتمعا هي نتيجة لحزمة من المتغيرات المتراكمة والأسباب المتنوعة والمتداخلة وما انتشار ظاهرة الانتحار في المجتمع إلا عنوان لمجمل هذه المتغيرات بينما في تفاصيل الموضوع يتشابك العامل الاقتصادي مع الاجتماعي مع السياسي مع قلة الوعي وانعدام الإيمان وضعف الإرادة ولذا فالعلاج الصحيح يقتضي النظر إلى الأسباب مجتمعة وإن تفاوتت نسبة حضور بعض هذه الأسباب.
ثانيا: إن مسؤولية المنتحِر المباشرة عن فعله لا تنفي تحمل الدولة لجزء من هذه المسؤولية وإن اختلفنا في تقدير حجم مسؤولية كل من الفرد والدولة ومن ثم يجب ألا ننشغل كلية بالمشهد حادث الانتحار ونغفل عن الجذور الكامنة وراءه والخلفيات المؤثرة فيه التي قد تحتل مساحة ربما أكثر من لحظة خروج الروح أو بالأدق إخراجها، ويجب أن نفهم أن الشخص الذي يفكر في الانتحار يشعر كأنه في نفق مظلم ولا يرى أمامه شيئا سوى طريق واحد للعبور، وهو قتل نفسه. في هذ الحالة يصبح العيش صعبا لدى الشخص، ويصبح من الأسهل الموت.
خلاصة: نستنتج من خلال هذه اللمحة الوجيزة أن محاولة الانتحار ليست فعلا بسيطا يمس مرتكبيه بل هو صدمة عميقة تمس كل المجتمع قبل أفراد الأسرة والمحيط فالانتحار جريمة قتل مكتملة الأركان ومن ثم فإنه من غير المعقول أن تقيد ضد الشخص المنتحر أو ضد مجهول بينما المشتبه بهم في ارتكابها أحياء بيننا يرزقون فالدولة المغربية وأجهزتها التنفيذية هم أول الشركاء في جريمة الانتحار لأنهم لم يقوموا بأداء واجباتهم المنوطة بهم والمتعارف عليها شرعا وعقلا وسياسيا وفي مقدمتها صيانة حياة المواطن وعرضه وماله وأمنه الشخصي أما باقي المشتبه بهم فهي أسرة المنتحر وأصدقائه و ربما نجد مشتبها بهم آخرين مثل أستاذ المنتحر في المدرسة أو الجامعة أو رئيسه في العمل… ،صحيح أن حالات الانتحار في المجتمع لم تبلغ بعد حد الظاهرة بالمفهوم العلمي لكنها على كل حال ترقى إلى مستوى أن تكون ناقوس خطر ونذير شؤم خاصة أن الأسباب التي أدت إلى تلك الحوادث ما زالت قائمة بل ومرشحة للاستمرار والصعود في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وما يترتب عليها من مشكلات لا حصر لها منها الهجرة( وهو موضوع مقالنا القادم).
عبد الإله شفيشو/فاس
المصدر: مملكة بريس
إقرأ أيضاً:
مواجهة الصلف الصهيوأمريكي مسؤولية إيمانية على كل أبناء الأمة
مواجهة الصلف الصهيوأمريكي مسؤولية إيمانية على كل أبناء الأمة جميل نائف الشرجبي: يمن الأنصار يستمد من الهوية الإيمانية الثبات على الحق وليد النجار: التوحش الصهيوامريكي ارتكب جريمة العصر بحق الأشقاء في غزة ولبنان صالح أبو كحلاء: يمتلك اليمن الدور الحاسم في المعركة المقدسة ضد الاستكبارالثورة /
إن ثبات يمن الإيمان في مواجهة الصلف الصهيوأمريكي وتعاظم دور جبهة الإسناد اليمنية رسالة واضحة تؤكد صدق انتماء أبناء الشعب لقيم الإسلام المحمدي الأصيل واندحار العدوان الغاشم الذي يراهن على إخضاع أبناء اليمن لأطماع صهاينة العالم..
الأخ صادق مصلح- المدير التنفيذي للمؤسسة اليمنية للاتصالات- بارك ثبات وصمود أحرار المقاومة في الوطن العربي والإسلامي في مواجهة الطغيان المعاصر المتمثل في جرائم الولايات المتحدة وكيان العدو الغاصب واعتبر قرار الرئيس المتعجرف ترامب باستهداف مقدرات الشعب اليمني محاولة لحماية الكيان الإسرائيلي من غضب وانتقام أحرار العالم.
الإسلام المحمدي
بدوره اعتبر الأخ جميل نائف الشرجبي -مدير عام الوحدة التنفيذية لكبار المكلفين- ثبات يمن الإيمان في مواجهة الصلف الصهيوامريكي رسالة واضحة تؤكد صدق انتماء الشعب اليمني لقيم الإسلام المحمدي الأصيل واندحار العدوان الإجرامي الذي يراهن على إخضاع أبناء اليمن لأطماع صهاينة العالم.
وتابع قائلا: يمن الأنصار يستمد من الهوية الإيمانية الثبات على الحق وعدم الرضوخ لأعداء الإنسانية.
مباركا تعاظم الموقف اليماني الإيماني المناصر لكفاح الأحرار في أرض الأنبياء.
وأكد أن إسهام القوات المسلحة في معركة “طوفان الأقصى” واستمرار الحصار البحري الشامل للملاحة الإسرائيلية والسفن المرتبطة بالكيان الغاصب يمثل مصداقا لحديث الكريم محمد صلوات الله عليه وعلى آله وسلم: “الإيمان يمان والحكمة يمانية” ويجسد الالتزام بالمسؤولية الإيمانية التي تقع على عاتق أبناء الأمة العربية والإسلامية.
وأشاد الأخ جميل نائف الشرجبي بالزخم الجماهيري الذي يتميز به يمن الإيمان والحكمة في إسناد المرابطين في أرض الجهاد المقدس.
محور الجهاد
الأخ وليد النجار- مدير الوحدة التنفيذية للعقارات في مديرية السبعين بأمانة العاصمة- تحدث قائلا: أنظمة التطبيع والخيانة تواصل دورها التدميري ضد العرب والمسلمين من خلال دعم العدوان الصهيوامريكي على يمن الإيمان والحكمة وتواصل هذه الأنظمة الارتهان الكامل للسردية الصهيونية والوقوف في صف التوحش الأمريكي الإسرائيلي الذي ارتكب جريمة العصر بحق الأشقاء الأبرياء في فلسطين ولبنان.
وتابع قائلا: يمن الأنصار يقدم أروع صور التضامن الإسلامي من خلال الانتصار لمظلومية الشعب الفلسطيني ولن يتراجع أبناء اليمن عن هذا الموقف الراسخ مهما كان حجم المخاطر والتحديات.
وأشار الأخ وليد النجار إلى أن شعوب الأمة العربية والإسلامية تقف اليوم وجها لوجه أمام التحدي المصيري المتمثل بإيقاف التوحش الصهيوأمريكي الذي يستهدف أبناء العروبة والإسلام.
بطولة وتاريخ
الأخ جمال غوبر – مدير فرع شركة كمران للصناعة والاستثمار بأمانة العاصمة- بارك تصاعد الموقف اليماني البطولي والتاريخي الداعم لقضية المقدسات الإسلامية.
مشيدا بثبات أبناء اليمن في مواجهة الطغيان المعاصر المتمثل في جرائم الولايات المتحدة وكيان العدو الإسرائيلي.
وأكد رسوخ هذا الموقف المبدئي والإنساني والأخلاقي حتى تطهير المسجد الأقصى المبارك وزوال الكيان المحتل.
ونوه إلى أهمية الحذر من مخططات الإدارة الأمريكية الهادفة إلى اغراق العرب والمسلمين في مستنقع التناحر والاقتتال المذهبي وتحريك الجماعات التكفيرية التي تعمل وفق أجندة واشنطن وكيان الاحتلال.
وأشاد الأخ جمال غوبر بموقف قائد الثورة المباركة ويمن الإيمان والجهاد المناصر للقضية الفلسطينية على كل المستويات والتصدي لمخطط تهجير شعب فلسطين إلى إصقاع العالم.
تدريب وتأهيل
الأخ عبدالله الآنسي- مدير عام المعهد العام للاتصالات- حيا ثبات وصمود يمن الإيمان والجهاد في المعركة المقدسة ضد التوحش الصهيوأمريكي وأكد أهمية استشعار المسؤولية الإيمانية في هذه المرحلة من تاريخ الأمة العربية والإسلامية.
وفي مسار تأهيل الكوادر الوطنية في مجال تكنولوجيا المعلومات بما يسهم في تطوير الأداء المؤسسي في مختلف القطاعات، أوضح المدير العام أن رؤية المعهد هي الريادة والتميز في التدريب والتأهيل وبناء القدرات في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات على المستوى الوطني والإقليمي وتتضمن رسالة المعهد تقديم خدمات تدريبية وتعليمية في مجال تقنية المعلومات من خلال منظومة تدريبية ذات كفاءة عالية بما يلبي احتياجات المستفيدين ويساهم في تحقيق التنمية.
الأرض والمقدسات
الأخ نوير النويرة- مدير الوحدة التنفيذية للعقارات في مديرية الثورة بأمانة العاصمة صنعاء- أكد أن قرار الرئيس الأمريكي الأرعن ترامب بشن الهجمات العدوانية على يمن الإيمان واستهداف مقدرات شعب اليمن هو امتداد لسياسة الانحياز الأمريكي الواضحة والداعمة لحرب الإبادة والتهجير التي يرتكبها الاحتلال الغاصب والتنكر للحق الإسلامي في استعادة الأرض والمقدسات.
وبارك تصاعد العمليات البطولية والتاريخية للقوات المسلحة اليمنية في عمق كيان الأعداء وتواصل حصار الملاحة الصهيونية في البحار والمحيطات.
وتابع: الموقف اليماني المساند لكفاح الشعب الفلسطيني في مواجهة حرب الإبادة كان له الأثر الواضح في تحقيق التضامن الإسلامي والدولي الواسع مع غزة ولبنان.
وحيا الأخ نوير النويرة الاستعداد الجهادي ليمن الإيمان والحكمة في مواجهة الطغيان المعاصر.
وأشار إلى أن المسار الجهادي هو السبيل الأكيد لحماية وصون الأرض والإنسان.
غزة ولبنان
الأخ صالح أبو كحلاء -مدير عام المنطقة الثانية بالمؤسسة المحلية للمياه في أمانة العاصمة صنعاء- تحدث قائلا: بعون الله تعالى وتأييده استطاعت الجمهورية اليمنية أن تكون في طليعة الدول التي تساند المقاومة الإسلامية في غزة وجنوب لبنان من خلال الإسهام الفاعل في معركة طوفان الأقصى.
وأضاف: بصمود وثبات المحور المقاوم لم تفلح المخططات الصهيوامريكية في إخضاع المجاهدين في قطاع غزة لشروط الاحتلال.
وأشاد الأخ صالح أبو كحلاء بالإسهام اليماني الفاعل والحاسم في المعركة المقدسة ضد الاستكبار العالمي على كل المستويات العسكرية والجماهيرية والإعلامية.
ترسيخ الانتماء
الأخ محمد جباري -مدير الوحدة التنفيذية للعقارات في مديرية الصافية بأمانة العاصمة- أوضح أن يمن الأنصار يستمد من هوية الإيمان الثبات على الحق في مواجهة أعداء الأمة ويمضي بعزيمة لا تلين في مسار ترسيخ الانتماء للإسلام المحمدي الأصيل الذي لا يقبل الهزيمة والرضوخ لطواغيت العصر وسيظل أبناء اليمن إلى جانب الأشقاء في فلسطين ولبنان وكل أحرار العالم حتى تحقيق الحرية والسيادة وزوال الاحتلال.
ونوه الأخ محمد جباري إلى أهمية توحيد الصف العربي والإسلامي في مواجهة الطغيان المعاصر المتمثل بالتوحش الصهيوامريكي باعتبار هذا الموقف مسؤولية إيمانية تقع على عاتق العرب والمسلمين.