أكثر من 50 ألف طفل فلسطيني تهددهم مضاعفات سوء التغذية
تاريخ النشر: 9th, April 2025 GMT
غزة- الوكالات
ذكرت وزارة الصحة بغزة اليوم الأربعاء، أن انعدام مصادر التغذية السليمة ومياه الشرب في قطاع غزة يضاعف التحديات الصحية.
وأضافت الوزارة أن 60 ألف طفل في القطاع تتهددهم مضاعفات صحية خطيرة بسبب معاناتهم من سوء التغذية، مؤكدة أن إغلاق معابر القطاع أمام الغذاء والدواء يفاقم سوء التغذية.
.المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
حوامل غزة يروين للجزيرة نت مأساتهن مع الحرب وسوء التغذية
غزة- جلست العشرينية، إسلام الشريف، بوجه شاحب وجسد أنهكه الحمل، تتفحص -بعيون غائرة مرهقة- نساء أخريات في ردهة مستشفى النساء والتوليد بمجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس، وقد تيقنت أن ما تشعر به وتعانيه ليس استثناء بالنسبة لامرأة حامل في زمن الحرب والحصار على قطاع غزة.
الشريف (26 عاما)، حامل في الشهر التاسع، ولديها طفلان، وتقيم مع أسرتها (10 أفراد) في خيمة جنوب غربي مدينة خان يونس، إثر نزوحها وجميع سكان مدينة رفح على وقع إنذارات إسرائيلية متزامنة مع قصف جوي ومدفعي وتقدم بري، عزل لاحقا المدينة وفصلها عن باقي القطاع في "محور موراغ".
وبفعل تجارب نزوح قسرية متكررة، وما يصاحبها من مخاوف وضغوط، أصيبت الشريف بما يعرف بـ"ضغط الحمل"، وبصوت يخنقه الحزن والقلق، تقول للجزيرة نت، "لم أكن أعاني من أي أمراض قبل هذه الحرب، أما اليوم فلا أشعر أنني بخير".
تخشى هذه الفلسطينية الحامل، أن تضطر إلى الولادة القيصرية، وتوشك على وضع جنينها في أي لحظة، وهي غير مهيأة لاستقباله حسب ما تقول، حيث لا تتوفر مستلزمات المولود من مواد غذائية وصحية وملابس.
كيف ستكون نفسيتي مع هذا الواقع المرير؟، تتساءل الشريف، وتواصل حديثها بألم "حياتنا سيئة جدا، ولم يسلم جنيني من هذا السوء، وأشعر بقلق شديد عليه، فوزنه أقل من الطبيعي ولا ينمو منذ شهرين، والأطباء يقولون، إن السبب سوء التغذية".
الأم نفسها تعاني من ضعف الدم، وارتفاع في وظائف الكبد، وانتفاخ وتورم في الجسد، وقد تدهورت حالتها بفعل الحصار المشدد، وإغلاق الاحتلال المعابر ومنع إدخال المساعدات الإنسانية والبضائع الغذائية منذ 2 مارس/آذار الماضي، وعودته بشراسة للحرب منذ 18 من الشهر ذاته.
إعلانومنذ اندلاع الحرب، يمنع الاحتلال إدخال اللحوم الحمراء والبيضاء الطازجة إلى القطاع، وللشهر الثاني على التوالي يمنع إدخال اللحوم المجمدة ومشتقات الألبان، وغالبية الأصناف الغذائية والفواكه، وسط ارتفاع هائل في أسعار البضائع والخضروات المتوافرة.
وأصيبت الشريف بجرثومة في معدتها، تسبب لها آلاما شديدة، يرجعها الأطباء إلى تناولها مياها غير نظيفة وأغذية غير صحية، وكلما اقترب موعد ولادتها يزداد قلقها.
View this post on InstagramA post shared by UNICEF MENA (@unicef_mena)
تجارب مؤلمةويتعمق هذا القلق لدى الشريف مما يتناهى إلى مسامعها عن تجارب صعبة لنساء وضعن حملهن، وأصبن ومواليدهن بمضاعفات، إحداهن الثلاثينية، صباح أبو عزوم، التي ولدت حديثا بنتا سمتها "سهير"، وعانت بشدة أثناء الولادة لعدم قدرتها على "الطلق" لمساعدة الأطباء على استخراج الجنين.
لدى صباح (30 عاما)، 3 أطفال، لكنها تَعتبر ولادتها الأخيرة، الأصعبَ والأشد قسوة، فقد عانت في آخر فترات الحمل من "الضغط المزمن"، وخسرت 16 كيلوغراما من وزنها، وانخفض معدل الدم لديها إلى 9 درجات فقط.
وفي الفترة ذاتها نجا زوج صباح بأعجوبة، وقد أصيب بجروح بليغة من غارة إسرائيلية على خيمة أودت بحياة أفراد عائلته في مدينة رفح، قبل النزوح الأخير، وتقول "معاناة نفسية وجسدية، ومجاعة، وموت يلاحقنا في كل وقت ومكان، فكيف ستكون حياتنا كنساء وحوامل في غزة؟".
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن 90% من النساء الحوامل والمرضعات في غزة يعانين سوء تغذية حادا، ويحول نقص المعدات الطبية دون حصولهن على العلاج اللازم.
ويقدر عدد النساء الحوامل في غزة بـ55 ألف امرأة، ثلثهن يواجه حالات حمل عالية الخطورة، يولد نحو 130 طفلا يوميا، 27% منهم ولادة قيصرية، نحو 20% من المواليد الجدد يولدون قبل الأوان، أو يعانون من نقص الوزن، أو يعانون من مضاعفات، ويحتاجون إلى رعاية متقدمة تتناقص بسرعة.
إعلانوبسبب حظر المساعدات، انخفضت إمدادات منظمة الصحة العالمية لصحة الأم والطفل، بما فيها مستلزمات الولادة القيصرية، والتخدير أثناء الولادة وتسكين الألم، والسوائل الوريدية، والمضادات الحيوية، والخيوط الجراحية، بشكل حاد، كما أن وحدات الدم اللازمة للولادات المعقدة شحيحة للغاية.
وأظهر تحليل حديث لمجموعة التغذية، استندت إليه المنظمة في بيان أصدرته بمناسبة أسبوع الصحة العالمي الممتد منذ 7 الشهر الجاري، أن ما بين 10% و20% من أصل 4500 امرأة حامل ومرضعة شملهن الاستطلاع يعانين من سوء التغذية، وقد أدى إغلاق 21 مركزا لعلاج سوء التغذية، بسبب انعدام الأمن أو أوامر الإخلاء، إلى تعطيل الرعاية الصحية لعشرات الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد.
وغير بعيد عن إسلام وصباح، تحتضن الثلاثينية فوزية أبو كوش توأمها "رنا" و"محمود"، وقد قرر الأطباء في مستشفى خاص، ولد فيه التوأم تحويله إلى مجمع ناصر الطبي، لتلقي الرعاية الطبية اللازمة، إثر إصابتها والتوأم بمضاعفات خطِرة.
وضعت أبو كوش (31 عاما) حملها قبل نحو شهرين، وتتفق مع أبو عزوم على أن تجربة الحمل والولادة في الحرب والمجاعة هي الأقسى.
ولدى هذه الأم 7 أطفال، وتقيم مع أسرتها في خيمة بمواصي خان يونس منذ النزوح عن مدينة رفح، وقد أصيبت أثناء الحمل بقلة الدم، واضطر الأطباء إلى منحها وحدات دم، وتقول للجزيرة نت، "كانت ولادتي صعبة للغاية، وبعدها تدهورت صحتي وصحة التوأم".
وأرجع الأطباء ما عانت منه أبو كوش إلى سوء التغذية، ومن جرائه، أيضا أصيب توأمها بالتهابات في الصدر وجرثومة في الدم، لعدم قدرتها على الرضاعة الطبيعية واضطرارها إلى إرضاع توأمها حليبا صناعيا لا يناسبه، وقد أدخل إلى العناية المركزة.
ومن الأم تتسلل تداعيات سوء التغذية إلى الجنين، وتقول مختصة النساء والتوليد الدكتورة، شيرين العلوي للجزيرة نت، إن معدلات الإجهاض تكثر لدى الحوامل في غزة، في الشهور الثلاثة الأولى من حملهن، وتكثر في الشهور المتأخرة من الحمل حالات الولادة المبكرة، "ويلاحظ أن من بين كل 10 مواليد يوميا لدينا هنا 7 منهم يعانون من انخفاض الوزن".
إعلانوبحسب هذه المختصة، فإن غالبية الأمهات والحوامل في غزة يعانين من نقص في الحديد وضعف حاد في الدم، ويؤدي ذلك إلى الإرهاق والدوخة، وهذا ما يفسر ما حدث مع أبو عزوم وغيرها من الحوامل اللاتي، يفتقدن القدرة على الطَّلق أثناء الولادة، وتنخفض لديهن القدرة على تحمل أوجاع الولادة، وقد تؤدي الحالة النفسية وسيطرة الخوف والقلق -كما في حالة الشريف- إلى الولادة القيصرية.
وفي ظل الحصار الإسرائيلي المشدد وعدم توفر الأغذية الصحية المناسبة، وعدم توفر المدعمات باستمرار، تمتد آثار سوء التغذية إلى ما بعد الولادة، وتطال الأم والجنين، حيث تدفع الحاجة إلى مجابهة المجاعة لتناول المتاح من أطعمة غير صحية، تسبب تدهورا في الصحة الجسدية والنفسية.
ويراجع، يوميا قسما حديثا أنشئ لمتابعة حالات سوء التغذية للأطفال، أكثرُ من 350 حالة في الفئة العمرية من 6 أشهر إلى 6 سنوات، وتقول مختصة الأطفال الدكتورة، فداء النادي للجزيرة نت، "إن سوء التغذية نتيجة عدم توافر الغذاء والماء الصحيين، يصيب الغالبية من الأطفال بالتهابات في الجهازين الهضمي والتنفسي، ويؤثر على النمو السليم، والمناعة، فيصبحوا أكثر عرضة للإصابة بالأمراض".