بقلم : تيمور الشرهاني ..
يُعتبر المعلم ركيزة أساسية في بناء المجتمعات والنهوض بها، فهو حامل رسالة العلم والمعرفة، وصانع الأجيال التي تُشكّل مستقبل الدول. ومنذ الأزل، حظي المعلم بمكانة رفيعة في المجتمعات، حيث تم تكريمه بوصفه رمزاً للتنوير والعطاء. لكن المفارقة التي نعيشها اليوم تكشف عن فجوة كبيرة بين المكانة النظرية التي يتم منحها للمعلم والدور الحقيقي الذي يستطيع أن يؤديه في ظل التحديات التي يواجهها.
إن القوانين التي تمنع المعلم من اتخاذ إجراءات تقويمية صارمة لضبط سلوك الطلاب، بحجة حماية حقوق الطفل، قد تكون في ظاهرها تهدف إلى خلق بيئة تعليمية صحية، لكنها في كثير من الأحيان تؤدي إلى نتائج عكسية. فمن جهة، يُترك المعلم وحيداً في مواجهة تحديات الانضباط داخل الصفوف الدراسية، ومن جهة أخرى، قد يُصبح عرضة للإهانة أو حتى الاعتداء دون أن تتوفر له الحماية القانونية الكافية. هذا التناقض بين المسؤوليات الكبيرة التي تُلقى على عاتق المعلم وغياب الدعم الحقيقي له يعكس خللاً عميقاً في فهم دور التعليم وأهميته في بناء المجتمع.
المشكلة لا تتوقف عند حدود القوانين فقط، بل تمتد إلى الثقافة المجتمعية التي بدأت تنظر إلى التعليم كوظيفة تقليدية لا تحمل ذات القداسة التي كانت تمنح للمعلم في العقود الماضية. للأسف، أصبح البعض يتعامل مع المعلم بأسلوب يقلل من مكانته، سواء من قبل بعض أولياء الأمور أو حتى من قبل المؤسسات التعليمية نفسها، التي قد تضع أولوية لتحقيق أهداف إدارية على حساب تمكين المعلم ودعمه. في الوقت ذاته، نجد أن المعلم يُطالب بتقديم أداء استثنائي في ظل ظروف عمل قد تكون مرهقة وغير عادلة، مثل الرواتب غير المجزية، ونقص الموارد، وضغوط العمل المتزايدة.
إن معالجة هذا الخلل تتطلب جهداً مشتركاً بين المؤسسات الحكومية والمجتمع بأسره. فالتعليم ليس مجرد مهنة، بل هو رسالة لا تتحقق أهدافها إلا إذا تم تمكين المعلم من القيام بدوره بأفضل صورة ممكنة. فيجب أن تكون هناك سياسات واضحة تحمي حقوق المعلم وتضمن احترامه داخل الصف وخارجه، كما يجب أن تُعزز ثقافة مجتمعية تُعيد للمهنة قيمتها الحقيقية. فالمعلم الذي يُطالب ببناء العقول لا يمكن أن يُترك في مواجهة ظروف تُحبطه وتُضعف من عزيمته.
فتكريم المعلم لا يجب أن يقتصر على الكلمات والشعارات الرنانة، بل ينبغي أن يكون واقعاً ملموساً ينعكس في السياسات والقوانين والثقافة العامة. فالمعلم هو العامل الأساسي في صناعة الأجيال، وأي إهمال له هو إهمال لمستقبل الوطن بأسره. إن الدول التي تسعى للتقدم والنهوض هي تلك التي تدرك أن التعليم هو القاطرة التي تقود إلى التطور، وأن هذه القاطرة لا يمكن أن تتحرك إلى الأمام دون معلم يتمتع بمكانة مرموقة ودعم حقيقي. علينا أن ندرك أن الاستثمار في المعلم هو استثمار في المستقبل، وأن أي تقصير في هذا الجانب سينعكس سلباً على الأجيال القادمة وعلى المجتمع ككل.
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات التی ت
إقرأ أيضاً:
«جاهزية الأجيال» يوفر تجربة تعليمية للطلبة
دبي: «الخليج»
شاركت وزارة الصحة ووقاية المجتمع في فعاليات معرض جاهزية الأجيال، الذي أقيم بمركز أبوظبي الوطني للمعارض، تحت شعار «بناء جيل واعٍ ومستعد للمستقبل»، بالتزامن مع القمة العالمية لإدارة الطوارئ والأزمات 2025، بمشاركة نخبة من الجهات الحكومية والشركاء الاستراتيجيين المعنيين بتعزيز منظومة الجاهزية والاستجابة للأزمات.
وجاءت مشاركة الوزارة عبر ورش تفاعلية توعوية مبتكرة تهدف إلى غرس المفاهيم الصحية السليمة في أذهان النشء بأسلوب تفاعلي ممتع وسهل، يربط بين التعليم والتجربة العملية، ضمن جهودها الاستراتيجية لتعزيز الصحة العامة.
وأكد الدكتور حسين الرند، الوكيل المساعد لقطاع الصحة العامة، أن مشاركة الوزارة في المعرض، تأتي ضمن جهودها والتزامها بتعزيز مفاهيم الوقاية والاستعداد الصحي، كونه جزءاً أساسياً من بناء مجتمع مستدام وأكثر قدرة على مواجهة الطوارئ.
وقالت الدكتورة فاطمة اللوغاني، مديرة إدارة الأوبئة والترصد في الوزارة، إن المعرض منصة توعوية متكاملة أتاحت فرصة للوزارة لتوجيه المجتمع نحو السلوكيات الصحية السليمة، ودمج مفاهيم الوقاية ضمن منظومة الجاهزية المجتمعية، وتوسيع نطاق التثقيف الصحي بأساليب مبتكرة وشاملة، ترتكز على الجلسات التفاعلية والتجارب الحية.
كما شهد «معرض جاهزية الأجيال»، إقبالاً كبيراً من الزوار وطلبة المدارس والجامعات، واستقطب المعرض عدداً مع المؤسسات الأكاديمية والمؤسسات العاملة في مجال إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، بهدف إثراء التجربة التعليمية من خلال ثلاث مناطق رئيسية وهي الزلازل والأوبئة والمواد الخطِرة.
ووفر المعرض منصة تعليمية متكاملة لبناء جيل واعٍ وتجهيزه لمواجهة المستقبل عبر التخطيط والاستعداد الاستباقي.
وأكد سلمان علي السلمان، المتحدث الرسمي عن المعارض المصاحبة للقمة العالمية لإدارة الطوارئ والأزمات 2025، أن معرض جاهزية الأجيال أسهم في تعزيز الوعي بمنظومة الطوارئ والأزمات.