حذّر جمعة عبدالله بوزيد، المستشار السابق بالمحكمة العليا الليبية، من أن ليبيا قد تكون مقبلة على انهيار مالي شامل في ظل ما وصفه بـ”القرارات الاقتصادية العشوائية”، وذلك على خلفية تخفيض قيمة الدينار الليبي مقابل العملات الأجنبية بنسبة 13.3%، بموجب قرار مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي رقم 18 لسنة 2025، الذي دخل حيز التنفيذ في السادس من أبريل الجاري.

وفي منشور عبر صفحته على “فيسبوك”، تساءل بوزيد: “هل ليبيا في طريقها للانهيار المالي؟”، مشيرًا إلى أن هذا التخفيض هو الثالث من نوعه منذ عام 2021، موضحًا أن الدولار أصبح يعادل 5.5677 دينار ليبي، وهو ما سيتسبب ـ حسب قوله ـ في ارتفاع فاحش في الأسعار وزيادة معاناة المواطنين.

واستدل بوزيد بمقارنة لأسعار المواد الأساسية، قائلًا: “في عام 2010، كان سعر كيلو اللحم عشرة دنانير، وكنا نراه غاليًا، أما اليوم فقد وصل إلى تسعين دينارًا، وقد يبلغ مئة دينار خلال الأيام القادمة”، مرجعًا ذلك إلى الفساد وسوء الإدارة والتقدير، بالإضافة إلى إصدار قرارات اقتصادية دون دراسات متأنية.

وأشار المستشار السابق إلى أن هدف هذا التخفيض لا يبدو سوى محاولة لـ”تغطية عجز الدين العام للدولة”، الناتج عن سياسات تبذيرية لا تستند إلى موازنات واقعية، مثل تمويل مصاريف الحج المجانية بقيمة 300 مليون دولار، وصرف ملياري دينار لصندوق دعم الزواج دون تأمين فرص عمل أو مساكن للشباب، إلى جانب الزيادات المتكررة في الرواتب.

واستعاد بوزيد من دراسته الجامعية حول مفهوم “التضخم الحلزوني”، الذي وصفه بأنه نتيجة حتمية لـ”طباعة العملة بلا غطاء”، مؤكدًا أن ليبيا بدأت تسير على خطى نماذج تاريخية مأساوية في مصر والعراق وإيطاليا، حيث انهارت العملة وتلاشت الثقة بالمؤسسات المالية.

وأضاف: “ليست قيمة العملة مجرد رقم في السوق، بل هي انعكاس مباشر لقوة الدولة الاقتصادية واستقرارها السياسي. وحين تنهار قيمة العملة، لا يبقى الاختلال محصورًا في الأرقام، بل يتحول إلى تهديد شامل للاستقرار الاجتماعي”.

كما قارن بوزيد الوضع الليبي بما حدث في العراق ولبنان، مشيرًا إلى أن الدينار العراقي كان من أقوى العملات في المنطقة، حيث كان يعادل أكثر من 3.3 دولارات في الثمانينات، قبل أن تتدهور قيمته عقب الحروب والعقوبات، حتى وصل إلى أكثر من 1500 دينار للدولار، ما أدى إلى تفشي السوق السوداء وانهيار الثقة بالمصارف الوطنية.

أما في لبنان، فرأى المستشار الليبي أن ما شهده الاقتصاد هناك يُعد من أسوأ الانهيارات المالية في العصر الحديث، بعد أن تراجعت الليرة اللبنانية من 1500 ليرة للدولار إلى أكثر من 100 ألف، نتيجة للفساد، وهشاشة النظام المالي، والاستدانة المستمرة دون إصلاح حقيقي.

واختتم بوزيد منشوره بتحذير واضح من أن ليبيا بدأت تكرر مؤشرات الانهيار نفسها، في ظل غياب الإصلاحات الجوهرية، واستمرار الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل، متسائلًا: “هل نحن على أبواب انهيار مالي ربما يفوق ما شهدته العراق ولبنان؟”، قبل أن يضيف: “لست متفائلًا.. ونسأل الله أن يحفظ بلادنا من كارثة مالية ستكون بوابة للفوضى والنهب والجريمة المنظمة”.

المصدر: صحيفة الساعة 24

إقرأ أيضاً:

دبلوماسي مصري سابق: أمريكا تبتز ليبيا بملف لوكربي مجددًا لنهب ثرواتها 

قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، عبد الله الأشعل، إن قضية “لوكربي” عادت إلى الواجهة مجددًا كذريعة أمريكية لابتزاز ليبيا، في ظل هشاشة الوضع الداخلي وانقسامه، مؤكّدًا أن الثروات الليبية لا تزال محط أطماع قوى دولية كبرى منذ عقود.

وفي تصريحات صحفية، أوضح الأشعل أن الصراع المتجذر على السلطة داخل ليبيا، والاستقطاب الخارجي الذي يشمل دعمًا إقليميًا ودوليًا لأطراف متصارعة، قد فتح شهية قوى غربية للتدخل مجددًا في الشأن الليبي من أجل تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية.

وأضاف أن واشنطن “تفتّش اليوم في دفاترها القديمة”، مستحضرة قضية لوكربي كورقة ضغط جديدة، لا سيما في ظل وجود أرصدة ليبية مجمّدة في الولايات المتحدة، وهو ما يجعلها – بحسب تعبيره – موضع أطماع مباشرة.

وأشار الأشعل إلى أن ثروة ليبيا كانت دومًا هدفًا لمطامع دولية، وأن غياب التفاهم الإقليمي والدولي ساهم في تكريس الانقسام السياسي الداخلي، محذرًا من أن استمرار حالة التشظي والانقسام قد يدفع نحو سيناريوهات أكثر خطورة، بينها التقسيم.

ولفت إلى خارطة سبق أن نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عام 2013، طرحت خلالها تقسيم ليبيا إلى ثلاثة أقاليم تاريخية هي طرابلس وبرقة وفزان، كما كانت في حقبة المملكة الليبية، معتبرًا أن الحديث عن التقسيم لم يكن عبثيًا، بل يعكس أطماعًا استعمارية متجددة.

كما حمّل الأشعل الولايات المتحدة، ومعها إسرائيل التي “تتحرك من الخلف” حسب وصفه، مسؤولية الكثير من الأزمات التي تشهدها ليبيا، معتبرًا أن بعض تطورات المشهد الراهن، خصوصًا في ما يتعلق بملف المهاجرين غير النظاميين، يكشف استمرار الدور الاستعماري لكن بثوب جديد.

وختم الأشعل بالقول إن الحل الوحيد للخروج من الأزمة الليبية يتمثل في بروز قيادات وطنية من الشرق والغرب والجنوب، تمتلك وعيًا باللحظة الحرجة، وتدرك حجم التهديدات التي تحيط ببلادهم، وتنهض بمسؤولية إنقاذ ليبيا من التفكك والتدويل.

مقالات مشابهة

  • انتخاب مستشار عُماني عضوًا بـ"لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان"
  • انهيار العملة المحلية يُغلق المخابز في عدن
  • مستشار عُماني عضوًا في لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان
  • تحذير من انهيار الدينار الليبي.. الشحومي يكشف مكامن الخلل في سياسة المركزي
  • إعادة مليار و 250 مليون دينار جراء فساد في مزاد العملة
  • مستشار مالي: جيل Z الأكثر حظًا في تحقيق الثروة المالية .. فيديو
  • الشيباني: انهيار الدينار والعجز الاقتصادي انعكاس مباشر لفشل مصرف ليبيا في أداء مهامه
  • السجن 3 سنوات لمسؤول مالي سابق بشركة استثمار عقاري في طرابلس
  • دبلوماسي مصري سابق: أمريكا تبتز ليبيا بملف لوكربي مجددًا لنهب ثرواتها 
  • حبس مدير مالي سابق في شركة الاستثمار العقاري 3 سنوات بتهمة فساد