يعتقد كثيرون أن دور الأستاذ الجامعي ينتهي عند شرح المقررات وتصحيح الاختبارات، غير أن التجربة تثبت أن العلاقة بين الأستاذ وطلابه تتجاوز تلك الحدود، وتمسّ جوانب إنسانية عميقة قد لا تظهر في المحاضرات، لكنها تتجلّى في لحظات خاصة، وغير متوقعة.
ذات مساء، وبينما كنت أراجع عددًا من أوراق البحث، وصلني بريد إلكتروني من طالب في ساعـة متأخرة من الليل، ومن الطبيعي أن توقيت هذه الرسالة يثير فضولي، لكن ما شدّني أكثر هو محتواها.
كتب يقول: “أدرك أنني لم أكن موفقًا في تقديم العرض المطلوب، وأعتذر عن ذلك، وأنا لا أبحث عن عذر، لكني أمرّ بمرحلة صعبة نفسيًا، ولم أجد من أشاركه ما أمرّ به”.
جلست أمام الرسالة أتأمل، لا من باب الحكم، بل من باب المشاركة الإنسانية، فهذا الطالب من أكثر الطلاب نشاطًا وتفاعلاً، ولكنها بدت وكأنها تحمل في داخلها ما يفوق قدرته على الاحتمال.
وفي الحال بادرت بالرد، ولم أنتظر للصباح، وعبّرت له عن تقديري لصراحته، واقترحت عليه أن يتوجه إلى مركز الإرشاد الطلابي في الجامعة، وكنت وقتها أتوّلى إدارته مع نخبة من زملائي الأكاديميين والاختصاصيين والإداريين، وطمأنته أن ضعف الأداء لا ينتقص من قيمته، بل يدل على حاجة إنسانية لا يمكن تجاهلها.
وفي اليوم التالي، حضر المحاضرة كعادته لكنه جلس بهدوء، يلتفت نحوي بنظرة امتنان صامتة. لم نُعد الحديث، فقد قالت الرسالة كل شيء، وبعد أيام، علمت من الزملاء بالمركز أنهم تواصلوا معه، وبدأت رحلة تعافٍ بطيئة لكنها ثابتة.
وبعد قرابة الشهر، فوجئت به يقف أمام زملائه لتقديم عرض جديد، لكن هذه المرة كانت مختلفة، فحضوره أقوى، وحديثه أكثر تنظيمًا، ونبرته تحمل ثقة واضحة، كما رأيت في عينيه بداية جديدة، لا في الأداء فحسب، بل في الطريق الذي اختار أن يسلكه نحو التوازن النفسي.
ذلك الموقف جعلني أعيد التفكير في دوري كأستاذ، فنحن مسؤولون عن التعليم، لكننا أيضًا نؤدي دورًا في التوجيه والدعم، حتى وإن لم يكن ذلك مكتوبًا في الوصف الوظيفي، فقد تصلنا رسائل في أوقات غير معتادة، لكنها تحمل في طياتها نداء استغاثة، أو رجاء بأن يسمعهم أحد.
الأستاذ الناجح ليس فقط من يشرح المادة بإتقان، بل من يفتح نافذة أمل في وجه من يشعر أنه على وشك السقوط، وكم من رسالة صامتة كانت بداية تحوّل في حياة طالب أو طالبة، فالمهم أن نكون حاضرين، ولو بكلمة في منتصف الليل.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
BRI بجاية تطيح بشبكة إجرامية تُتاجر بالكوكايين
تمكن عناصر فرقة البحث والتدخل التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بأمن ولاية بجاية. من الإطاحة بجماعة أشرار تتكون من 03 أشخاص ينشطون ضمن شبكة إجرامية. مختصة في الإتجار بالمخدرات “الكوكايين” على مستوى إقليم ولاية بجاية.
بداية القضية جاءت بعد قيام عناصر فرقة البحث والتدخل بعملية مراقبة بمدخل مدينة بجاية على مستوى الحاجز الأمني جسر الصومام. أين تم إيقاف في حدود الساعة الواحدة صباحا لمركبة من نوع بولو على متنها شخصين. وحاول مرافق السائق النزول والفرار من المركبة ليتم إيقافه مباشرة وبعد إخضاعه لعملية التلمس الجسدي. ضبط بحوزته على كيس بلاستيكي يحتوي على كمية من المخدرات الصلبة “كوكايين”. يقدر وزنها بـ 08 غرام مخبأة بطريقة محكمة داخل ملابسه الداخلية.
التحقيقات في القضية المباشرة من قبل عناصر فرقة BRI بالتنسيق مع النيابة المختصة أفضت إلى التعرف وتوقيف الممون الرئيسي هذا الأخير. وبعد تفتيش مسكنه العائلي تم ضبط وحجز كمية أخرى من الكوكايين. بالإضافة كذلك إلى ميزان إلكتروني دقيق صحن زجاجي أسود به بقايا الكوكايين قصاصات من أكياس البلاستيك. بالإضافة كذلك إلى كناش مدون عليه طلبات الزبائن مبلغ مالي قدره 30000 دج يعد من عائدات الترويج.
تم تقديم المشتبه فيهم أمام النيابة المختصة عن قضية حيازة المخدرات الصلبة “كوكايين” الشراء و النقل قصد البيع في إطار جماعة إجرامية منظمة.
وتم تقديمهم أمام الجهات القضائية المختصة وبعد جلسة المثول الفوري صدر في حقهم امر إيداع.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور