جهود تونسية للحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
شعبان بلال (تونس، القاهرة)
أخبار ذات صلةتشهد تونس موجات غير مسبوقة من المهاجرين غير الشرعيين الحالمين بالعبور إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، وسط محاولات تونسية وأوروبية مستمرة لمنع هذه «الموجات البشرية» وإنهاء هذا الملف الذي أدى إلى غرق ووفاة مئات الأشخاص من بينهم أطفال ونساء.
وأوضح خبراء أن هناك سيناريوهات عدة للحد من هذه الأزمة التي يصعب منعها بصورة كاملة، وعلى رأسها الشراكة التونسية - الأوروبية، والتعاون بين تونس ودول الجوار خاصة ليبيا، بجانب وجود آليات واضحة لوقف موجات المهاجرين. وحول سيناريوهات المواجهة، أشار المحلل السياسي التونسي حازم القصوري، لحاجة تونس إلى مؤتمر دولي بخصوص الهجرة غير النظامية، لمعالجة الأسباب الحقيقية لهذه القضية الناتجة عن الأزمات والفقر في الدول التي يأتي منها المهاجرون، معتبراً أن المواجهة تفرض مواصلة التنسيق مع دول الجوار لإيجاد سياسية مواجهة مشتركة لحماية الحدود.
ولفت القصوري، في تصريح لـ«الاتحاد»، إلى أن «الحدود الجنوبية لتونس هشة وتتيح الفرصة لشبكات الجريمة المنظمة بالتعاون مع المهربين في تمرير المهاجرين والبضائع وغيرها، ولا بد من استراتيجية شاملة للقضاء على الهجرة من مهدها». وتعد تونس وليبيا نقطتي الانطلاق الرئيستين لزوارق الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط، فيما تشكل إيطاليا وجزرها (التي استقبلت أكثر من 60 ألفا حتى الآن هذا العام مقارنة بأقل من 27 ألفا العام الماضي)، واليونان وجزرها، نقاط الوصول الرئيسة.
وتمتد الأزمة إلى وجود مخاوف جديدة بشأن تزايد أعداد المهاجرين بسبب الوضع في النيجر، بحسب الباحث في الشؤون السياسية العربية محمد حميدة، موضحاً أن ذلك يتطلب جهوداً مضاعفة خلال الفترة المقبلة للتنسيق بين تونس وليبيا. وارتفعت نسبة الهجرة غير الشرعية من أفريقيا، إلى أوروبا بنسبة 115% خلال الشهور الـ7 الأولى من العام الجاري، بما يقرب من 89 ألف مهاجر وصلوا إلى سواحل أوروبا منذ بداية العام، مقارنة بـ23 ألف مهاجر في الفترة نفسها من العام الماضي، حسب الإحصاءات الأخيرة للوكالة الأوروبية «فرونتكس».
وأوضح حميدة، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن هذه الأرقام تؤكد أن الآليات المتبعة من الاتحاد الأوروبي والتشديدات الأمنية التي فرضت لم تنجح بالفعل في مواجهة أزمة الهجرة، وأن المقاربات التي تعمل عليها أوروبا في الوقت الراهن عبر دعم تونس لتشديد الإجراءات لمنع وصول المهاجرين للسواحل الأوروبية لن تمنعهم من ذلك، وربما تحد من الأعداد التي تتزايد نتيجة الاضطرابات الموجودة في القارة الأفريقية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الهجرة غير الشرعية المهاجرون غير الشرعيين تونس الهجرة إلى أوروبا البحر المتوسط الهجرة غیر
إقرأ أيضاً:
توليد الكهرباء من الأمطار بكفاءة أعلى من السدود
نجح باحثون من جامعة سنغافورة الوطنية في توليد الكهرباء بكفاءة عالية من مياه الأمطار باستخدام تقنية بسيطة وغير مكلفة تعتمد على تدفق الماء في أنابيب صغيرة، نشرت النتائج مؤخرا في دورية "إيه سي إس سينترال ساينس" التابعة للجمعية الكيميائية الأميركية.
تقترح الدراسة نهجا مبتكرا لتوليد الطاقة يعتمد على مفهوم يسمى "تدفق السدادة" بدلا من التدفق المستمر للماء، ويؤكد الباحثون أن هذا الاكتشاف يمكن أن يحدث نقلة نوعية في الاستفادة من المطر بوصفه مصدرا نظيفا ومتجددا للطاقة، خصوصا في المناطق الحضرية والمناطق النائية.
يقول سيولينغ سو، المشرف الرئيسي على الدراسة، والأستاذ المشارك في قسم الهندسة الكيميائية والبيولوجية الجزيئية في كلية التصميم والهندسة في الجامعة الوطنية في سنغافورة، في تصريحات حصرية للجزيرة نت: "أعتقد أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تُغير الطريقة التي نفكر بها في الطاقة، خاصة في عصر التغير المناخي. إنها تبين لنا أن هناك مصادر طاقة مستدامة في أبسط الظواهر الطبيعية، مثل المطر. نحن متحمسون جدا لهذه الإمكانية".
استخدم الباحثون في تجربتهم أنبوبا بلاستيكيا بقطر 2 مليمتر وطول 32 سنتيمترا، وسمحوا لقطرات الماء بالسقوط من إبرة معدنية إلى داخل الأنبوب الذي صمم بشكل متقطع عبر وضع سدادات، وبذلك يشبه تساقط المطر، ثم إلى كوب.
هذا النمط من التدفق -المعروف باسم "تدفق السدادة"- ينتج أعمدة قصيرة من الماء تفصلها جيوب من الهواء، بعكس التدفق المستمر الذي يكون فيه الماء في مسار واحد متصل ككتلة واحدة.
يوضح سو أن "تدفق السدادة يُفعّل نوعا مختلفا من الكيمياء في فصل الشحنات. إذ يُحدث ظاهرة طبيعية مختلفة تسمح بتوليد كمية كبيرة من الكهرباء. هذه الكيمياء فعالة وتختلف جوهريا عن الظاهرة التي تحدث مع التدفق المستمر".
إعلانفي الفيزياء والكيمياء السطحية، يُعتبر "طول ديباي" عائقا أساسيا أمام توليد الشحنات من واجهات الماء والأسطح الصلبة، الذي يعرف بأنه المسافة التي يبدأ فيها تأثير الشحنة في الانخفاض تدريجيا بسبب تأثير الشحنات المضادة حولها.
ولذلك تعتمد الأنظمة التقليدية التي تحاول توليد الكهرباء من حركة الماء عبر قنوات على فصل الشحنات. لكن هذا الفصل لا يحدث في كل السائل، بل يقتصر على طبقة رقيقة جدا ملاصقة للسطح تُسمى "الطبقة المزدوجة الكهربائية"، ويبلغ سمكها "طول ديباي"، وهو لا يتجاوز في الماء مئات النانومترات، وهي مساحة شديدة الضآلة.
هذا يعني أن معظم جزيئات الماء المارة في القناة لا تشارك فعليا في توليد الكهرباء، لأن الشحنات التي تنتج تكون محصورة فقط في هذا الحيز الضيق جدا قرب الجدار. والأسوأ من ذلك، أنه كلما زاد قطر الأنبوب، قلت نسبة الماء القريب من السطح الصلب، فتتناقص كفاءة التوليد بشكل كبير، مما يحدّ من كمية الطاقة الممكن استخراجها، لكن تمكنت الدراسة الحالية من كسر هذا الحاجز.
ويضيف سو أن "تدفق السدادة يتضمن كيمياء مختلفة تماما لفصل الشحنات تتجاوز حد طول ديباي. فبدلا من تراكم الشحنات الموجبة والسالبة بالقرب من بعضها، كما في التدفق المستمر، يُحدث تدفق السدادة فصلا مكانيا تاما بين الشحنات، مما مكّننا من توليد كمية كبيرة من الكهرباء".
من المختبر إلى العالمعندما أوصل الباحثون الأسلاك من أعلى الأنبوب وأسفل الكوب لحصد الكهرباء الناتجة، كانت النتيجة مفاجئة، إذ تم تحويل أكثر من 10% من الطاقة الحركية للماء الساقط إلى كهرباء، وهي نسبة مرتفعة جدا مقارنة بالتقنيات السابقة. ونجح النظام في إنتاج كهرباء كافية لإضاءة 12 مصباحا منزليا لمدة 20 ثانية باستخدام 4 أنابيب فقط.
ويشير سو إلى اعتقاد فريق البحث "أن هذه التقنية قد تكون مفيدة في أي منطقة تشهد معدل هطول جيد للمطر، سواء كانت حضرية أو نائية. ونفكر باستخدامها لشحن الهواتف أو البطاريات، ونعمل حاليا على تطوير نموذج أولي وتحديث النظام ليكون أكثر كفاءة".
إعلانلا يتطلب الابتكار الجديد محطات ضخمة أو بنى تحتية معقدة، ولن تنتج عنه نزاعات دولية كما هي الحال في السدود الكهرومائية، بل يمكن تنفيذه بسهولة على الأسطح في المدن أو في المناطق النائية.
بالرغم من التفاؤل، فإن الفريق يعترف بأن هناك تحديات يجب تجاوزها، من بينها الحاجة لتحسين كفاءة النظام، وزيادة مدة التشغيل، وتحسين متانته لمواجهة الظروف الجوية المختلفة. وفي هذا الصدد، يقول سو إن "الميزة الأهم في نظامنا مقارنة بالسدود، هي أنه يمكن تشغيله على نطاق صغير جدا، باستخدام أنبوب بقطر مليمتر فقط. أما السدود فهي عمليات ضخمة تتطلب مسطحات مائية كبيرة. أحد أكبر تحدياتنا الآن هو جعل هذا النظام يعمل بكفاءة عالية لفترات طويلة وتحت ظروف بيئية مختلفة".
كما قد تتمكن تلك الدراسة من المساهمة في تفسير ظاهرة فيزيائية أخرى حيرت العلماء لعقود، تعرف باسم بتأثير "لينارد" حيث يشحن الهواء المحيط بأماكن تدفق الماء المتقطع على الأسطح، مثل الشلالات أو في أثناء المطر الغزير، بشحنات سالبة.
صراع الطاقة في عالم عربي جافرغم وقوع معظم بلدان الوطن العربي ضمن المناطق الجافة أو شبه الجافة، فإن المطر لا يغيب عنها بشكل كلي، بل يسقط بشكل موسمي وبكميات متفاوتة يمكن استغلالها لتوليد طاقة نظيفة إذا وُجهت تقنيا بالشكل المناسب.
على سبيل المثال، تتلقى جبال الأطلس في المغرب ومرتفعات شمال الجزائر وتونس أكثر من 600 ملم من الأمطار سنويا، بينما تسجّل مناطق مثل جنوب السعودية وجنوب الأردن واليمن معدلات تتراوح بين 100 إلى 300 ملم سنويا، خصوصا خلال مواسم الأمطار الصيفية والشتوية.
وحتى في المناطق الصحراوية مثل صحراء سيناء أو صحراء الربع الخالي، تشهد بعض المناطق زخات مطرية فجائية، تتكرر سنويا ويمكن جمعها واستخدامها.
ويقدر الهطول المطري في الوطن العربي مجتمعا بأكثر من 150 مليار متر مكعب سنويا. وإذا ما استُخدم حتى 1% فقط من هذه الكمية في تقنيات تعتمد على تدفق السدادة كما في الدراسة الحديثة، فيمكن نظريا توليد آلاف من الميغاواط من الكهرباء سنويا، وهو ما يعادل إضاءة مئات الآلاف من المنازل، باستخدام تجهيزات بسيطة على الأسطح المنزلية أو في محطات صغيرة موزعة، من دون الحاجة لسدود ضخمة أو بنى تحتية مكلفة.
إعلانيختتم سو بقوله إن "طاقة المطر تُهدر يوميا. في كل يوم، تسقط الأمطار على الأرض، ومعظم هذه الطاقة لا يتم استغلالها. السدود تستفيد فقط من جزء صغير منها، وتُبنى أساسا على الأنهار والمسطحات المائية. لكن غالبية سطح الأرض لا تحتوي على أنهار ضخمة. تقنيتنا تملأ هذا الفراغ التكنولوجي، وإذا استطعنا حصاد طاقة المطر، فسنكون قد اقتربنا خطوة نحو مجتمعات أكثر استدامة".