لجريدة عمان:
2025-04-14@20:33:11 GMT

«المهارات المُجاورة» في الابتكار التكنولوجي

تاريخ النشر: 8th, April 2025 GMT

أشار تقرير مستقبل الوظائف الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أنه ابتداء من عام (2025م)، ستحتاج المؤسسات الحالية إلى إعادة تأهيل مهارات القوى العاملة لديها، وذلك بسبب متطلبات تبني النهج الابتكاري، وتسارع توظيف التكنولوجيا، ودخول الذكاء الاصطناعي إلى عالم الأعمال، وتؤكد هذه التوقعات على ضرورة التركيز على تطوير المهارات كعنصر أساسي في استراتيجيات التشغيل المعاصرة، ويبدو ذلك بديهيا في المؤسسات الكبيرة والخدمية، لأن الأتمتة والتحول الرقمي في العمليات والخدمات هما الأبرز، والأوفر نصيبا، ولكن ماذا عن شركات التكنولوجيا العلمية؟ وكيف يبدو مشهد المواهب في هذه الشركات في ظل الطلب المتزايد على الحشد الاستراتيجي للمواهب والذي يتماشى مع التوجهات المتنامية للاقتصاد القائم على المهارات؟

يُمثل «اقتصاد المهارات» من التحولات الجذرية التي ظهرت مؤخرا، وهو يرتبط باتجاهات جديدة في طريقة فهم وتوظيف القيمة المهنية للمهارات الفردية، والجماعية لفرق العمل والمؤسسات، وهو لا يقتصر على المهارات التي تمتلكها أو تحتاجها المؤسسة، ولكنه يشتمل أيضا على قدرة هذه المؤسسات على اكتساب مهارات جديدة بجانب العائد من الشهادات العلمية، والخبرات العملية المرتبطة بالمسميات الوظيفية التقليدية.

وهذا ما يطرح الكثير من الأسئلة على المديرين التنفيذيين، وأهمها: هل تمتلك المؤسسة المواهب والمهارات الكافية للحفاظ على الميزة التنافسية؟ وما هو الخطر التشغيلي الأكثر أهمية بين حالات انعدام أو تكدس هذه المواهب والمهارات؟، حيث تضع العديد من الشركات التكنولوجية استراتيجياتها بشكل صحيح؛ لكن الإخفاق في عملية التنفيذ يعود إلى عدم امتلاكها الكفاءات، والمهارات المطلوبة، لتنفيذ المبادرات في الوقت المناسب. ومن أجل ذلك يُعدّ تبني اقتصاد المهارات في الوقت الراهن متطلبا جوهريا لضمان الاستفادة من المهارات المتنوعة والقادرة على تسريع الوصول إلى حلول رائدة للتحديات، وابتكار مستدام، في عام سريع التغير.

فإذا توقفنا عند فجوة المهارات، سنجد بأن السبب الأساسي لظهور اقتصاد المهارات كان اتساع فجوة المهارات في بيئات العمل، والذي نشأ كنتيجة مباشرة لتسارع التقدم العلمي والتكنولوجي، وبذلك تتغير المهارات التي يحتاجها سوق العمل بوتيرة أسرع من عملية تدريب وتأهيل الموارد البشرية، وهي تظهر بشكل كبير في الشركات الابتكارية التي تتطلب وجود كفاءات علمية مواكبة للتطورات، وعلى اطلاع بالمستجدات على المستوى التقني والفكري، وبالتالي فإن فجوة المهارات لا تقل أهمية عن المخاطر التشغيلية الأخرى، ومن أجل معالجة هذا المحور، فإنه على الشركات الناشئة التكنولوجية اتباع أسلوبٍ صارمٍ في إدارة ملف استقطاب الكفاءات، وذلك عبر بناء استراتيجية عمل قائمة على المهارات، ومعززة بالتحليل العميق لثلاث ركائز وهي: المجموع الكلي لمهارات فرق العمل، والاحتياجات المستقبلية من المهارات، وسيناريوهات تغير هذه الاحتياجات على المدى القريب والمتوسط، ويأتي تحليل المهارات بمثابة الخطوة الأساسية الأولى في تمكين التحول نحو تبني فكر وممارسات الاقتصاد المبني على المهارات.

وتأتي بعدها عملية المواءمة بين المهارات المتاحة والمطلوبة من جهة وبين المهام والعمليات التي تستوعب هذه المهارات من جهةٍ أخرى، وذلك بإنشاء مستودع مركزي للمهارات والمواهب على مستوى المؤسسة، أو فريق العمل، وتكمن أهمية هذا المستودع في دوره الكبير في عملية تعريف «المهارات المُجاورة»، وهو مصطلح مستحدث، ويعود ضمنيا إلى المهارات الثانوية الداعمة، أو المكملة للمهارات الأساسية المتوفرة في المستودع المركزي، وكذلك تعبر عن مهارات وثيقة الصلة بالمواهب التقنية أو الإدارية التي يمتلكها أعضاء الفرق، أو منتسبي المؤسسة. وبالنسبة لشركات التكنولوجيا، فإن المهارات المجاورة تمثل حجر الأساس في مواكبة التطورات التكنولوجية، إذ إن التكيف مع متطلبات الابتكار قد لا تحتاج إلى البحث عن مهارات جديدة كليا، وإنما يكتفى بتعزيز وتنمية المهارات المجاورة لضمان سد الثغرات الكبيرة في المهارات المطلوبة، مع تأصيل ثقافة التعلم المستمر لرفع كفاءة الأداء التشغيلي، وتقليل تكلفة استقطاب الكفاءات العلمية والتقنية الاحترافية، والتي غالبا ما تكون مكلفة بالمقارنة مع القدرات المالية للشركات الناشئة العلمية.

وهذا يقودنا إلى أهم الآثار الإيجابية لتعزيز مسارات بناء المهارات المجاورة في شركات التكنولوجيا، وهي التقليل من مخاطر تضخم المواهب وهدرها، إذ يُعد تكديس المواهب من أبرز تحديات التنفيذ غير السليم لنهج اقتصاد المهارات، وبناء مهارات فرق العمل هو أحد الطرق الأكثر احتمالا لضمان الحفاظ على توزيع ديناميكي ومتوازن للمهام بين فرق العمل، وتمكين التفاعل الإيجابي بين مختلف مستويات التشغيل عبر فرق العمل الماهرة والمتعددة الوظائف، وذلك بخلاف الأسلوب التقليدي الذي يقوم على توظيف مالكي المهارات كلما ظهرت الحاجة إلى هذه المهارات والتي قد تتراكم مع الوقت، مما يؤدي بشكل أو بآخر إلى عزل الكفاءات والقدرات المالكة للمهارات التي تقادمت، أو التي تم إحلالها بمهارات أخرى، لا سيما في عالمٍ تتغيّر فيه المهارات بسرعة كبيرة، ويتطور مشهد المواهب في أزمنة قياسية لمواكبة اتجاهات الصناعة، والحفاظ على القدرة التنافسية.

إن التحوّل إلى نهج الاقتصاد القائم على المهارات هو ضرورة استراتيجية لشركات الابتكارات الناشئة العلمية والتكنولوجية، وعلى قادة هذه الشركات إدراك أهمية فهم الدور المحوري للمهارات المجاورة في سد فجوة المهارات الآنية، مع إتاحة الحشد الاستراتيجي لمجموعة متكاملة من مهارات حل التحديات المعقدة، ودفع عجلة الابتكار، والتكيف بسرعة مع التغييرات والمستجدات بناء على المهارات، بدلا من التسلسل الهرمي التقليدي. ويستوجب ذلك سرعة المواءمة بين المهارات المتاحة، والمواهب التي يمكن صقلها إلى مهارات، وكذلك تأطير بنائها في مختلف مراحل دورة حياة الموهبة، ورفع المرونة في اكتساب المهارات عبر برامج التنقل الاستراتيجي للمواهب داخل وخارج الشركات العلمية، وكذلك عن طريق ترسيخ ثقافة التعلم المستمر والتطوير الممنهج، والاستثمار في البرامج التدريبية التي تتماشى مع اتجاهات الصناعة الحالية، وبما يضمن استعداد فرق العمل للتكيف مع المستقبل، وذلك بإيلاء الأولوية للتوجه الاستباقي، والتركيز على تحقيق التوازن في تلبية الاحتياجات المستقبلية عبر الاستشراف الاستراتيجي، والتخطيط الدقيق الذي يضمن الالتزام في قيادة التغيير، مع رفع الكفاءة التشغيلية، وتقليل المخاطر.

د. جميلة الهنائية باحثة فـي سياسات العلوم والتكنولوجيا والابتكار

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: على المهارات فرق العمل

إقرأ أيضاً:

وزير التربية والتعليم يشارك في مؤتمر «مبادرة القدرات البشرية (HCI)» بالرياض

توجه محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، اليوم السبت، إلى الممكة العربية السعودية للمشاركة في أعمال النسخة الثانية من مؤتمر «مبادرة القدرات البشرية (HCI)» تحت شعار «ما بعد الاستعداد للمستقبل»، والذي يُعقد على مدار يومي 13 و14 أبريل 2025 بالعاصمة السعودية الرياض

المؤتمر تنظمه هيئة تنمية القدرات البشرية، وبرعاية الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي عهد المملكة العربية السعودية رئيس مجلس الوزراء.

ومن المقرر أن يعرض الوزير أبرز ملامح التجربة المصرية في تطوير التعليم العام والفني، وجهود مواءمته مع متطلبات سوق العمل، بالإضافة إلى أهمية التحول الرقمي، والتعاون بين الحكومة والقطاع الخاص في تطوير المهارات المستقبلية.

كما يعقد وزير التربية والتعليم والتعليم الفني سلسلة من اللقاءات الثنائية مع عدد من وزراء التربية والتعليم وكبار المسؤولين من الدول المشاركة في المؤتمر، وذلك بهدف تبادل الخبرات، وبحث آفاق التعاون المشترك، والاطلاع على أحدث المبادرات والممارسات الدولية في مجال تنمية القدرات البشرية وتطوير منظومات التعليم والتدريب.

وتؤكد هذه المشاركة حرص جمهورية مصر العربية على تعزيز التعاون الإقليمي والدولي، ومواصلة جهودها لتطوير التعليم كعنصر محوري في استراتيجيات التنمية المستدامة، وبناء إنسان المستقبل.

ويُعد مؤتمر مبادرة تنمية القدرات البشرية منصة عالمية تهدف إلى استعراض السياسات والحلول المبتكرة لتطوير رأس المال البشري، بمشاركة واسعة من قادة الفكر، وصنّاع السياسات، وخبراء التعليم وتنمية المهارات من مختلف أنحاء العالم.

ويأتي انعقاد المؤتمر تحت عدة محاور رئيسية تشمل تحويل التعليم من أجل المستقبل، وسد الفجوة بين التعليم وسوق العمل، وتعزيز التعلم مدى الحياة، والشمولية وتكافؤ الفرص.

وتتناول النسخة الحالية من المؤتمر ثلاثة محاور رئيسية، هي «تعزيز طرق التعلم»، «تكريم سُبل الانتماء»، و«مواءمة أساليب العمل»، حيث يستكشف المؤتمر المهارات، ومستقبل العمل، والتعليم، والتكنولوجيا على مدار يومين حافلين في العاصمة الرياض.

ويستضيف المؤتمر أكثر من 300 متحدث من القادة العالميين والخبراء في مجالات السياسات، والاستثمار، والقطاعات الأكاديمية والشركات، حيث يتبادلون الخبرات، ويستعرضون استراتيجيات جديدة لتحسين وتنمية القدرات البشرية في ظل عالمنا الحديث سريع التغير.

اقرأ أيضاًالجامعة البريطانية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي يطلقان أكبر ماراثون من أجل التعليم المتميز

في 30 مدرسة.. قها التعليمية تقضى على الكثافة الطلابية بإنشاء فصول دراسية جديدة

مقالات مشابهة

  • “وزير الموارد البشرية”: المهارات هي محرك الفرص في سوق العمل الجديد
  • كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بجامعة دمشق تطلق برنامجاً تدريبياً لتطوير المهارات الإدارية وتعزيز روح العمل الجماعي
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: المهارات الناعمة.. حتمية اكتسابِها
  • وزير التربية والتعليم يشارك في مؤتمر «مبادرة القدرات البشرية (HCI)» بالرياض
  • ختام فعاليات المؤتمر الدولي الثاني للتعليم التكنولوجي وإعلان توصياته وتكريم الفائزين
  • ختام المؤتمر الدولي الثاني للتعليم التكنولوجي وإعلان توصياته
  • ورشة عمل عن المبادرة الرئاسية "تحالف وتنمية" ضمن فعاليات المؤتمر الدولي للتعليم التكنولوجي
  • ورشة عمل عن مبادرة «تحالف وتنمية» ضمن فعاليات المؤتمر الدولي للتعليم التكنولوجي
  • من هي أبرز الشركات العالمية التي تصنّع في الصين؟
  • الابتكار الإكلينيكي والبعد الإنساني يجتمعان في مؤتمر الروماتيزم بقصر العيني