يمانيون:
2025-05-02@13:09:19 GMT

وتبقى الأمنيات

تاريخ النشر: 8th, April 2025 GMT

وتبقى الأمنيات

يمانيون ـ  إيناس عبدالوهاب الشهاري*

طرقت يومًا في صغري باب الأمنيات، ووضعت بداخل صندوقه كل ما أحسست به يغلف روحي ويداعب وجداني ويحاكي آمالي،
لأختم على أوراقه المقفلة بدموعي الحارة ومشاعري الحزينة..
وتبقى الأمنيات تعلوها أتربة وغبار السنوات، حتى أتت الرياح لتنثر كل ما حاولت أن أنساه أو أتجاهله، ووضعته أمامي من جديد، فأمنياتي التي لم تتحقق يومًا تعود لتذكرني بأني في كل مرة أعيد رسم الملامح الجميلة لوطني وشعبي العربي الكبير.


أتنقل بين مُدنه دون استئذان يذلني، ولا تذكرة للعبور تقسم ظهري، ولا فيزة للسماح بالدخول عبر الحدود الوهمية تلوي ذراعي .

فهم لم يعرفوا أنّي منذ طفولتي قد فرغّت له زاوية في مخيلتي، لأعيش العزة في وحدة المبدأ، وأتنفس الحرية في امتلاك القرار، وأحتضن الكرامة في الإحساس بالإنسانية، وأتمتع بالمحبة على أرضه الموحدة .

فقد تعلمت في طفولتي عن القيّم الإنسانية وقيمة الأمة العربية، ليتكرر سؤالي المتجدد عن الأمة !

فما هي الأمة ان لم تتوحد في أعرافها وثقافاتها ودينها، فما هي الأمة إن لم تفتح ذراعيها لأبنائها!
فما هي الأمة أن لم تتداعى لأوجاع بعضها وتتألم وتسهر لأنين جزء منها.. فما هي الأمة أن لم تحارب من أجل بقائها حرة أبية !

وأعود لطيّ أوراقي المتناثرة لأضعها من جديد في صندوق الأمنيات كما كل مرة، على أمل أن تتحقق يومًا..

وبينما أقوم بطيّ الأوراق المتناثرة لأضعها من جديد في صندوق الأمنيات،
فإذا بالصندوق لم يعد كما عهدته، فقد تلطخ بالدماء، ورائحة الموت تفوح منه ، وصور لأشلاء ممزقة وبيوت مدمرة تفيض من داخله، وصراخ لأطفال وأناس يبكون بألم تتعالى من كل جوانبه، والأشباح المخيفة تدور حوله، فيصيبني الفزع وتعلو ملامح وجهي الحزن والحسرة الشديدة، فتعود تساؤلاتي من جديد !
أيبقى لأمنياتي مكان ؟
إلى أن سقط ضوء من السماء فاحتضنته الأرض المليئة بالأحزان، والمطعونة من ابنها الذي تنكر وتحوّل إلى شيطان، الموجوعة من خذلان الإنسان لأخيه الإنسان، انه ضوء إمام الزمان،
ليتعالى صوته المتحدي لمن تحول إلى غول بشكل إنسان،
فيطرق مسامع من بقي في قلبه الإيمان وعرف معنى معاني القرآن،
انه صوت السيد القائد وعباراته المجلجلة وإيمانه وثقته بالله المتوسلة لبارئها أن يمده بالعون هو ومن يعتلون مركبه،
ليجذفوا هم وقائدهم في بحر الأمنيات بالعمل والمثابرة فيصنعوا المستحيل، ويحققوا ما لم يستطيع أحد أن يحققه إلى الآن،
أجل إنه اليمني هو الوحيد من يعرف ماذا تعني له الأمة ليكون هو من يمثل أمة بأكملها، مستعد أن يواجه أعتى الجبابرة والمتكبرين وألعن الشياطين المتلبسين في هيئة آدميين، وعنده كامل الجهوزية للدفاع عن
المظلومين ونصرة المستضعفين،
ليرفع راية الله نصب عينيه فيسقيها بدمه ويغذيها من روحه،
وكأنه يقول لي فلترفعي من سقف مطالبكِ الحقّة فتحقيقها أصبح بالإمكان.

• المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: من جدید

إقرأ أيضاً:

اليمن.. من صرخة البراءة إلى صدارة المواجهة مع قوى الهيمنة

الشعار الذي أطلقه الشهيد القائد، السيد حسين بدر الدين الحوثي، في صعدة عام 2002، تحوَّل من هتاف إلى صرخة وعي وثورة ضد الخنوع العربي، وضد الهيمنة الأمريكية التي سادت المنطقة لعقود تحت عناوين مزيَّفة.

ومع مرور أكثر من عقدين، شكَّل هذا الشعار نقطة انطلاق لمشروع تحرري متكامل، بدأ بتحديد العدو، ومرَّ بمرحلة البناء الدّاخلي وبدأ فعليا المواجهة المباشرة مع أدوات وقوى الهيمنة. قال الشهيد القائد عن تلك اللحظة التأسيسية: "كان لا بُد من وسيلة نعبّر من خلالها عن سخطنا من أمريكا وإسرائيل، من خلال شعار يرسّخ في وجدان الأمة حالة العداء للظالمين... هو شعار يمثل موقفاً، لا مجرد كلمات، إنه إعلان براءة من كل الطغاة الذين يسفكون دماء الأمة".

لم يكن طريق الصرخة سهلاً، فقد واجه المشروع القرآني، منذ أيامه الأولى، حملة استهداف شاملة، قدَّم فيها القائد المؤسس حياته ثمنًا لهذا المشروع العظيم، واعتُقل المئات من رفاقه، لكن جذوة الصرخة لم تنطفِئ، بل تحوّلت إلى نار وعي اشتعلت في الوجدان اليمني.

في خضم العدوان على اليمن، الذي بدأ عام 2015، أصبحت الصرخة عنواناً للموقف الوطني والسيادي، ورافعة لصمود شعبي تاريخي تحطَّمت أمامه جحافل تحالفات العدوان.

قال الشهيد القائد، في أحد دروسه: "حينما تطلق شعار (الله أكبر، الموت لأمريكا...) فأنت تؤسس لجبهة وعي، تربّي أمة على البصيرة، وتضع لها عدواً حقيقياً بدل أن تتيه في العداء بين أطراف الأمة... الشعار بداية الوعي، وبذرة الحرية".

وها هو اليمن اليوم، وبعد عشرة أعوام من العدوان والحصار، يتحوَّل من بلد كان يُراد له أن يُركع، إلى قوة إقليمية لا يمكن تجاوزها في المنطقة، مستلهماً من شعار الصرخة مبدأ الاستقلال والتحرر.

الذكرى هذا العام تكتسب بُعداً اِستثنائياً، حيث يتصدّر اليمن جبهة المقاومة في مواجهة المشروع الصهيوني، عبر انخراط مباشر في نصرة غزة، في وقت اختارت فيه معظم الأنظمة العربية الصمت أو التواطؤ.

العمليات البحرية، التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، أخرجت شعار الصرخة من نطاق الهتاف إلى ميدان الاشتباك، وأكدت أن زمن الخطابات قد ولَّى، وأن زمن الأفعال قد بدأ.

هذا التحوَّل وصفه قائد الثورة، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، بقوله: "ما نرفعه من شعار في وجه المستكبرين لم يعد موقفاً محصوراً في ساحة، بل أصبح رؤية عملية في مواجهة الاستكبار في كل الجبهات، من البحر إلى البر، ومن غزة إلى صنعاء... شعارنا لم يعد صدى صوت، بل أصبح صوت الفعل".

لم تأتِ هذه الخطوة من فراغ، بل كانت ثمرة تراكم وعي إستراتيجي انطلق من مشروع الشهيد القائد، وتعمّد بالدّم والتضحيات، وتجسَّد في رؤية قيادية تؤمن بأن تحرير القدس يبدأ من التحرر من التبعية.

وفي تأكيد على البعُد الإيماني للشعار، قال قائد الثورة: "هذا الشعار هو موقف مبدئي، يعبِّر عن توجّهنا القرآني، وعن اِنتمائنا إلى الإسلام الأصيل... شعار يعبِّر عن رفضنا للهيمنة الأمريكية، وعدائنا للكيان الصهيوني، وانحيازنا التام لقضايا الأمَّة، وعلى رأسها فلسطين".

الصرخة في جوهرها ليست دعوة إلى العنف، بل موقف إيماني وأخلاقي ضد الظلم، ومن هنا جاءت نصرة غزة امتداداً طبيعياً لها، وتأكيدا على أن من يصرخ ضد أمريكا وإسرائيل لا يمكن أن يصمت أمام المجازر في فلسطين.

لقد نقل اليمن القضية الفلسطينية من مربَّع التضامن اللفظي إلى ميدان الاشتباك، وجعل من البحر الأحمر جبهة مواجهة مباشرة مع الكيان الصهيوني وحماته، في رسالة واضحة أن زمن الغطرسة بلا كلفة قد انتهى.

وتؤكد الوقائع أن اليمن اليوم بات رقماً صعباً في المنطقة، ليس فقط بقدراته العسكرية المتنامية، بل بامتلاكه مشروعاً تحررياً أصيلاً يرتكز على المبادئ ويخاطب الشعوب لا الأنظمة، ويستمد شرعيته من صمود شعبه.

فبينما يراهن الآخرون على دعم خارجي، يستند اليمن إلى إرادة داخلية وشعبية صلبة، تلهمها الصرخة وتدفعها الوقائع، لتؤكد أن معركة الكرامة والاستقلال ممكنة، وأن الانتصار ليس وهماً.

وقد أثبتت المواجهة في البحر والعمليات التي تديرها القوات المسلحة اليمنية بتكتيك عالٍ أن المعادلة تغيَّرت، وأن القواعد التي حكمت المشهد لعقود لم تعد قائمة، فالحرب لم تعد تُدار من واشنطن وتل أبيب فقط.

الصرخة لم تعد محصورة في اليمن، بل تحوَّلت إلى أيقونة ثورية تُلهب الشعوب في المنطقة والعالم، فالفكرة حين تولد صادقة، تجد طريقها إلى القلوب، وتتجاوز الحدود والجغرافيا.

واليوم، يتصدَّر اليمن المشهد العربي والإسلامي كدولة ذات قرار مستقل، تمتلك إرادة سيادية، وشعباً متمسكاً بقضيته ومشروعه، وشعار الصرخة هو أحد أبرز عناوين هذه الهوية التحررية.

في مقابل ذلك، تعاني قوى الاستكبار من تآكل هيبتها، وتتلقى الضربات الواحدة تلو الأخرى، وسط تصاعد الغضب الشعبي العربي والإسلامي من اِزدواجية المعايير الدولية وجرائم الاحتلال.

لم يعد اليمن يعبِّر عن موقفه فقط، بل يعبِّر عن ضمير الأمة، وهذا ما تخشاه واشنطن وتل أبيب، فصوت واحد حُر أصبح يُربك حسابات تحالفات كبرى، ويقلب الطاولة في وجه الاستكبار.

وهكذا، تستحضر ذكرى الصرخة اليوم تاريخاً من الصبر والصمود، وتجسِّد في الوقت نفسه واقعاً من الفعل والتأثير، وتبشِّر بمستقبل تحرري لا مكان فيه للوصاية أو الهيمنة.

لقد انتصرت الصرخة... ليس لأنها رُفعت، بل لأنها تحوّلت إلى سلوك سياسي وموقف عملي، إلى بحر يمنع فيه العدو من العبور، وسماء تغلق في وجه المحتل، وطائرات أمريكية تتساقط، وشعب لا يُساوم على كرامته أو قضيته

مقالات مشابهة

  • لسان الأمة أم فخّ القومية.. معركة اللغة العربية في دول المغرب الكبير
  • الصرخة … هتاف الحرية ومشروع الانتصار
  • فعالية ثقافية في مديرية السدة بذكرى الصرخة
  • اليمن.. من صرخة البراءة إلى صدارة المواجهة مع قوى الهيمنة
  • الميز القداسي بين رئيسي حزب الأمة اللواء والإمام 6
  • الصرخة مشروع تحرر وجهاد
  • أمة على هامش الزمن
  • تفقد أنشطة الدورات الصيفية في المشنة بإب
  • الصرخة في وجه المستكبرين.. سلاح فاعل ضد أعداء الامة
  • علي جمعة: هذا مدخل التيارات المتشددة لتكفير الأمة