رسوم ترامب تُكبد بنوك عالمية 700 مليار دولار
تاريخ النشر: 8th, April 2025 GMT
في ظل استمرار تداعيات الحرب التجارية التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تعرضت البنوك العالمية لهزة عنيفة، مع خسارة مجتمعة تزيد عن 700 مليار دولار من قيمتها السوقية خلال أسبوع واحد، بحسب ما ذكره تقرير وكالة بلومبيرغ في 7 أبريل/نيسان 2025.
ورغم استثناء قطاع الخدمات المالية رسميًا من الرسوم الجمركية، فإن الأسواق لم ترحم البنوك، وسط مخاوف متزايدة من ركود اقتصادي محتمل وتباطؤ في الأنشطة الاستثمارية.
وأدى تراجع سهم بنك "إتش إس بي سي" إلى انخفاض في قيمته السوقية نحو 30 مليار دولار إلى تصدر مشهد الخسائر، وسط مخاوف من أن نشاطه المركّز في آسيا سيتأثر تأثرا حادا من تصاعد النزاع التجاري.
وفي غولدمان ساكس، اتسعت الفجوة بين سعر السهم الفعلي والسعر المستهدف من المحللين إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقد.
أما بنك جي بي مورغان، فقد شهد تداولًا متقلبًا، بعدما صرّح رئيسه التنفيذي جيمي ديمون، أن البنك سيحتفظ بجزء أكبر من أرباحه بدلاً من توزيعها، نظراً إلى "المخاطر الكثيرة التي تواجه الاقتصاد العالمي".
وقال المحلل كريس ماريناك من شركة "جاني مونتغومري سكوت" إن "السوق تتفاعل بطريقة انعكاسية"، مشيرًا إلى أن القضية الكبرى هي "الائتمان، وكيف ستتعامل البنوك مع حالة عدم اليقين المتزايدة بشأن الركود".
إعلانوأفاد التقرير، أن رؤساء عدد من البنوك عقدوا اجتماعًا طارئًا هاتفيا، يوم الأحد لمناقشة تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد العالمي، بحسب مصادر مطلعة.
وبحسب بلومبيرغ فإن البنوك التي تعتمد اعتمادا كبيرا على الخدمات المصرفية الاستثمارية، مثل غولدمان ساكس ومورغان ستانلي وجيفريز وإيفركور، تواجه تحديات جسيمة مع تباطؤ عمليات الطرح العام وصفقات الدمج والاستحواذ.
وقد خفّض محللو مورغان ستانلي توقعاتهم لسهم غولدمان ساكس، معتبرين أن نشاط المصرف الاستثماري "يتفاعل سريعًا مع مخاطر الركود وتدهور أوضاع السوق".
ويقول توموش نويتزل، المحلل في بلومبيرغ إنتليجنس، إن بنكي إتش إس بي سي وستاندرد تشارترد هما الأكثر تعرضا لصدمات الرسوم بسبب اعتمادهما الكبير على تمويل التجارة في الأسواق الآسيوية. وأوضح أن 60% من إيرادات بنك ستاندرد تشارترد العابرة للحدود العام الماضي، أي نحو 7.3 مليارات دولار، معرضة الآن للخطر بسبب تصاعد الرسوم على اقتصادات آسيا، التي تتراوح بين 17% للفلبين و46% لفيتنام.
توقعات قاتمة للأسواق والأرباحومن المتوقع، أن تعلن البنوك الأميركية الكبرى مثل جي بي مورغان وويلز فارجو عن نتائج الربع الأول يوم الجمعة. ويتوقع المحللون أن تشمل النتائج ارتفاعًا في صافي الشطب، لكن الأنظار ستكون موجهة إلى توقعاتهم المستقبلية للاحتياطات ضد القروض المعدومة.
وأكد ديمون في رسالته السنوية إلى المستثمرين: "كل هذه التقلبات قد تستغرق سنوات لتتضح… نحن دائمًا نأمل الأفضل، لكننا مستعدون لجميع السيناريوهات".
ومع ازدياد التوقعات بانزلاق الاقتصاد الأميركي نحو الركود أو حتى الركود التضخمي (ستاغفليشن)، تُظهر هذه الهزة في القطاع المصرفي مدى هشاشة النظام المالي العالمي أمام تحولات السياسة التجارية الأميركية.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات غولدمان ساکس
إقرأ أيضاً:
اشترِ الآن.. تغريدة ترامب التي هزّت وول ستريت
في تغريدة مقتضبة نشرها على منصته "تروث سوشيال"، كتب الرئيس الأميركي دونالد ترامب "هذا هو الوقت المناسب للشراء!!! DJT".
كانت الجملة قصيرة، لكنها كفيلة بإثارة زلزال في الأسواق المالية، خصوصا أنها سبقت بساعات إعلانًا مفاجئًا عن تعليق مؤقت للرسوم الجمركية الجديدة لمدة 90 يوما.
فهل كانت مجرد صدفة؟ أم أن الأمر يتجاوز ذلك نحو شبهات تلاعب متعمّد؟
ونُشرت التغريدة صباح الأربعاء، ومع حلول المساء، أعلن ترامب تعليق الرسوم على معظم الدول (باستثناء الصين).
لكن الأسواق لم تنتظر طويلًا، فقد:
واللافت أن ترامب وقّع التغريدة بالأحرف الأولى لاسمه DJT، وهو أمر غير معتاد في منشوراته، لكن هذه الأحرف تحديدًا هي رمز سهم "شركة ترامب للإعلام والتكنولوجيا" المالكة لمنصة "تروث سوشيال".
فهل كان في الأمر رسالة خفية؟تقرير غارديان أشار إلى أن سهم الشركة قفز بنسبة 22% في ذات اليوم، ما دفع كثيرين لطرح تساؤل مشروع: هل استُخدمت التغريدة للتأثير على السوق بشكل مدروس؟
إعلان انتقادات سياسية ودعوات للتحقيقما لبثت الشكوك أن تحوّلت إلى تحرّك سياسي، فقد طالب مشرعون ديمقراطيون وخبراء أخلاقيات بإجراء تحقيق رسمي.
ووصلت رسالة مشتركة من السيناتورين آدم شيف وروبن جاليجو إلى البيت الأبيض تطالب بـ"تحقيق عاجل حول احتمال استخدام معلومات داخلية"، في خطوة وصفها البعض بأنها محاولة لفتح ملف فساد محتمل في أعلى سلطة تنفيذية.
السيناتور كريس مورفي كتب عبر منصة "إكس": "فضيحة تداول داخلي تلوح في الأفق… تغريدة ترامب في الساعة 9:30 صباحا تشير إلى نيته منح أتباعه أفضلية مالية عبر معلومات خاصة".
أما إليزابيث وارن، فوصفت ما حدث بأنه "فساد واضح"، في حين طالبت ألكسندريا أوكاسيو كورتيز بالكشف عن جميع الأسهم التي اشتراها أعضاء الكونغرس في الـ24 ساعة الأخيرة، وعلّقت بقولها: "سمعت أحاديث مثيرة في الكونغرس. سنكتشف بعض الأمور قريبا. حان الوقت لحظر التداول الداخلي".
قانونيون يحذّرون.. سلوك غير أخلاقيالمثير أن الانتقادات لم تقتصر على خصوم ترامب السياسيين، فقد صرّح ريتشارد بينتر، المستشار الأخلاقي السابق في إدارة جورج بوش الابن، لـ"إن بي آر": "لا يمكن السماح للرؤساء أو كبار المسؤولين بالتعليق على السوق والتأثير عليها أثناء اتخاذهم قرارات سياسية حاسمة".
وأضاف "لو قام أي شخص من إدارة بوش بنشر منشور مماثل، لتم فصله في اليوم ذاته".
وقال بينتر "هذا السيناريو قد يعرض الرئيس لاتهامات بالتورط في التلاعب بالسوق".
وأوضح بينتر أن الحادث قد يؤدي إلى إجراء تحقيقات "حول من كان يعرف ماذا ومتى قبل أن يعلن (ترامب) أنه سيؤجل الرسوم الجمركية على جميع الدول باستثناء الصين".
ورفض متحدث باسم وزارة العدل التعليق، ولم تستجب هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية فورًا لطلب التعليق وفقا لشبكة "إن بي سي نيوز".
هذا التصريح يفتح الباب مجددًا أمام نقاش طويل حول حدود المسؤولية الأخلاقية للمسؤولين التنفيذيين، وما إذا كانت القوانين الحالية كافية لمنع استغلال النفوذ الاقتصادي.
إعلان ترامب يبرر والبيت الأبيض يحاول احتواء الأزمةحين سُئل مساء الأربعاء عن توقيت التغريدة، قال ترامب ببساطة، "كنت أفكر في الأمر خلال الأيام القليلة الماضية".
لكن مصادر من داخل البيت الأبيض وصفت القرار بأنه جزء من إستراتيجية مدروسة مسبقًا، وأكدت المتحدثة كارولين ليفيت أن ما جرى يدخل في إطار "فن الصفقة".
نشاط مشبوه آخر في الكونغرسووسط الجدل، كشفت النائبة الجمهورية مارغوري تايلور غرين عن قيامها بشراء أسهم في "آبل" و"أمازون" يومي الثالث والرابع من أبريل/نيسان الحالي، أي بعد إعلان ترامب تعريفاته الجمركية.
وبحسب غارديان، فقد ارتفعت أسهم "أمازون" بنسبة 12% و"آبل" بنسبة 15% بعد تعليق الرسوم.
فهل تزامنت عمليات الشراء تلك مع معلومات مسبقة؟ سؤال لا يقل أهمية.
وبينما يترقّب الرأي العام ما قد تكشفه التحقيقات، تبقى تغريدة ترامب "اشترِ الآن" رمزًا لأزمة أكبر تتعلق بتداخل المال والسياسة والمصالح الشخصية.
وقد أثارت التغريدة تساؤلات لا تتعلق فقط بالتلاعب بالسوق، بل بما إذا كانت الأسواق الأميركية تُدار الآن بإشارات فردية من الرئيس نفسه.
وإذا ثبت وجود تداول داخلي، فإن القضية قد تتحوّل من "جدل سياسي" إلى أزمة نزاهة تهز أركان الدولة الأميركية.