تُدهش جزر غالاباغوس، الواقعة على بُعد 926 كيلومترا عن سواحل البر الرئيسي لشمالي الإكوادور، علماء الأحياء والبيئة والسياح من أنحاء العالم، بفضل تنوعها البيولوجي ونظامها البيئي الفريد.

وتقع هذه الجزر التابعة للإكوادور في شرقي المحيط الهادي، وتتألف من 13 جزيرة رئيسية؛ ثلاث فقط من تلك الجزر يُسمح فيها بالسكن وهي "سانتا كروز"، و"سان كريستوبال"، و"إيزابيلا"، فيما تُمنع الإقامة في بقية الجزر بهدف حماية الأنواع البيئية النادرة التي تحتضنها.

الجزر تكوّنت نتيجة لانفجارات بركانية، ولا تزال تضم عددا من البراكين النشطة، وقد سُجل أكثر من 50 ثورانا بركانيا خلال الـ200 عام الأخيرة.

وتُضفي التكوينات البركانية جمالا طبيعيا فريدا، حيث يمكن ملاحظة الغطاء النباتي الكثيف وتدرجات اللون الأخضر التي تشكل لوحات طبيعية آسرة.

وتُعد جزر غالاباغوس من أكثر المناطق نشاطا بركانيا في العالم، وهي ليست فقط محطة مهمة لأبحاث الحياة البرية، بل أيضا منطقة جذب كبيرة لعلماء الجيولوجيا.

سلحفاة بحرية من نوع غالاباغوس تسبح في جزيرة تشامبيون الصغيرة (غيتي إيميجز) نقطة تحوّل في أبحاث داروين

وخلال رحلته التي استغرقت 5 سنوات وانطلقت عام 1831 من إنجلترا، توقف العالم تشارلز داروين في جزر غالاباغوس ولاحظ تشابه الكائنات الحية في هذه الجزر مع اختلافات طفيفة، مما دفعه للتفكير في كيفية تكيف الكائنات مع بيئاتها.

إعلان

وكانت هذه الاكتشافات من العوامل التي ألهمت داروين تطوير نظرية الانتقاء الطبيعي، وهو ما جعل من الجزر مركز اهتمام الباحثين والمولعين بالطبيعة منذ ذلك الحين.

وفي عام 1959، أعلنتها الحكومة الإكوادورية حديقة وطنية بهدف حماية تنوعها البيولوجي الفريد.

لكن ومع بداية السبعينيات، بدأت مياه الجزر تتعرض للتلوث بسبب النشاط البشري، مما استدعى وضع خطة إدارة بيئية للأراضي لحماية النظام البيئي البري. وفي عام 1998، جرى إنشاء محميّة غالاباغوس البحرية لحماية النظام البيئي البحري.

وبموجب هذا المشروع،  شملت المحمية المياه الداخلية للجزر، بالإضافة إلى منطقة تمتد 40 ميلا بحريا حولها، بهدف حماية التنوع البيئي ومعالجة التحديات البيئية.

واليوم، تُعد الجزر بيئة محمية بدرجة عالية، وتستقبل الزوار ضمن ضوابط صارمة تراعي الحفاظ على الحياة البرية.

طيور البوبي الزرقاء الأقدام تستريح على الصخور البركانية بالقرب من السفن السياحية في جزيرة إيزابيلا بغالاباغوس الإكوادورية (غيتي إيميجز) زيارة الجزر المحمية برفقة مرشدين سياحيين

وباستثناء جزر سانتا كروز وسان كريستوبال وإيزابيلا، فإن بقية الجزر تُعتبر محمية لا يسمح بالسكن فيها، نظرا لما تحتويه من أنواع لافتة في النظم البيئية النباتية والحيوانية.

وتجري زيارة الجزر والأنشطة السياحية تحت إشراف مرشدين سياحيين، كما أن الوصول إلى المناطق الغنية بالتنوع البيئي داخل الجزر المحمية يتطلب الحصول على تصاريح خاصة لأغراض التصوير الوثائقي أو الصحفي أو إنتاج الأفلام.

أسد بحر من جزر غالاباغوس مستلقٍ على الشاطئ ويظهر في الخلفية محيط بلون فيروزي وسفينة سياحية في عرض البحر (غيتي إيميجز) غالاباغوس.. حوض أسماك في المحيط الهادي

وفي الجزر التي يتعايش فيها البشر والحيوانات يمكن رؤية الفقمات، وإغوانات البحر، وأنواع عديدة من الطيور في الشواطئ، والشوارع، والحدائق، والمناطق السكنية أيضا.

إعلان

وفي غالاباغوس، التي تحكمها قواعد صارمة لحماية النباتات والحيوانات، يُمنع الاقتراب من الحيوانات لمسافة تقل عن مترين. ورغم ذلك، يُلاحظ الانسجام الكبير بين البشر والحيوانات في هذه البيئة الطبيعية.

كما تُعرف جزر غالاباغوس بأنها واحدة من أكبر وأغنى المحميات البحرية بالتنوع البيولوجي في العالم، وتضم أكثر من 2900 نوع بحري.

ويجذب الأرخبيل بفضل تنوعه البيئي تحت الماء، اهتمام الباحثين والمستكشفين باعتباره من أبرز الوجهات السياحية الصاعدة في السنوات الأخيرة، وتعيش فيه أنواع مميزة من الكائنات البحرية، منها:

قرش المطرقة قرش الشعاب المرجانية ذو الطرف الأبيض السلاحف البحرية أسماك شيطان البحر الحيتان الدلافين القطرس أسود البحر البطاريق فقمات الفرو الغاق إغوانات البحر الأسماك الاستوائية طائر مالك الحزين الأزرق الكبير.

ويُعد أرخبيل غالاباغوس جزءا من مسار هجرة قرش الحوت، ما يجعله مقصدا سنويا للعديد من الباحثين لدراسة هذا النوع من الكائنات البحرية.

ونظرا لكون جميع شواطئ الجزر موطنا لمجموعة متنوعة من الكائنات البحرية، فإن الزوار يستخدمون أنابيب التنفس (السنوركل) للاستكشاف على شواطئ المحيط بدلا من السباحة العادية، حيث تبدو الشواطئ وكأنها أحواض أسماك طبيعية.

أدى تزايد عدد السكان وتدفق السياحة في جزر غالاباغوس إلى نشوء تحديات في سبيل الحفاظ على هذا الموقع المصنّف ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو (غيتي إيميجز) سلاحف غالاباغوس العملاقة

تُعد سلاحف غالاباغوس العملاقة، التي يُعتقد أنها وصلت إلى الجزيرة قبل نحو 3 ملايين عام من سواحل أميركا الجنوبية، واحدة من الكائنات البحرية المهمة التي تشكل رمزا لهذه الجزر.

ويمكن أن يصل طول هذه الكائنات إلى 1.5 متر ووزنها إلى 300 كيلوغرام، وأن تعيش ما بين 100 إلى 200 عام. وكغيرها من كائنات الجزيرة، تعيش سلاحف غالاباغوس العملاقة في تناغم مع البشر.

وتعمل مراكز الحماية التي أُنشئت في جزر سانتا كروز وسان كريستوبال وإيزابيلا على حماية سلاحف غالاباغوس العملاقة وضمان استمرارها. وتقوم مراكز الحماية بترقيم السلاحف المذكورة ودراستها، ومتابعة مراحل تطورها.

إعلان

ويثير التنوع البيولوجي البري في الجزر اهتمام الزوار بشكل كبير، فيما يرافق الزوار في الجزر العديد من الأنواع الحية، وعلى رأسها "السلاحف العملاقة"، و"سحالي الحمم"، و"الطيور الأطيشية ذات الأقدام الزرقاء"، و"عصافير داروين"، و"الطيور الساخرة"، و"الغاق"، و"الإغوانا السوداء"، و"طائر الفرقاط الكبير".

وتوفر حديقة غالاباغوس الوطنية، التي تحتل المرتبة الأولى في قائمة وجهات الغوص وعشاق الطبيعة، تجربة لا تُنسى لأولئك الذين يرغبون في اكتشاف وتصوير النباتات المتوطنة والتنوع المدهش للكائنات الحية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات من الکائنات البحریة غیتی إیمیجز

إقرأ أيضاً:

“وئام وسلام”.. تحفة فنية فريدة في مطار البحرين الدولي (صور)

البحرين – تم أمس تدشين العمل الفني “وئام وسلام” للفنان العالمي السير براين كلارك في صالة مطار البحرين الدولي، وهو تحفة زجاجية معشقة ضخمة تتصدر قائمة أكبر الأعمال الفنية من نوعها عالميا.

ويتميز العمل الفني بأبعاد استثنائية تبلغ 34 مترا عرضا و17 مترا ارتفاعا، حيث يتكون من 127 لوحة زجاجية منفصلة، تزن كل منها حوالي 250 كيلوغراما ليصل الوزن الإجمالي للقطعة إلى 32 طنا. واستغرق إنجاز هذا المشروع الفني الكبير ما يقارب العامين ونصف العام من التصميم والتنفيذ.

ويعكس التصميم الفني مزيجا ثقافيا فريدا يجمع بين التأثيرات الشرقية والغربية، حيث استوحى الفنان أنماطه الهندسية من الفن الإسلامي خلال زياراته لمدينة فاس المغربية، بينما تضمنت العناصر الفنية إشارات للسجاد الأوروبي وفنون العصور الوسطى. كما زين العمل برموز طبيعية مستمدة من البيئة البحرينية مثل زهور الياسمين واليعسوب والصقور.

ويأتي هذا العمل الضخم تتويجا لمسيرة الفنان البريطاني الشهير الذي نال لقب “سير” عام 2024 تقديراً لإسهاماته البارزة في مجال الفنون. ويشتهر كلارك بأعماله المعمارية الكبيرة التي نفذها بالتعاون مع كبار المهندسين المعماريين مثل زها حديد ونورمان فوستر.

وقد شارك في إنجاز هذا المشروع فريق مكون من 21 متخصصا، حيث تم تصنيع الزجاج يدويا في ألمانيا بواسطة خمسة حرفيين مهرة استغرقوا 40 يوما لإتمام هذه المرحلة. فيما تطلبت عمليات التركيب في المطار 43 يوما عمل خلالها الفريق لمدة 296 ساعة.

ويعتبر هذا العمل الفني الضخم رسالة سلام وتواصل ثقافي، حيث يجسد رؤية البحرين كجسر بين الحضارات ووجهة للفنون العالمية، كما يعكس التزام المملكة بالحوار الثقافي وتعزيز قيم التنوع والانفتاح على العالم.

المصدر: RT

مقالات مشابهة

  • فيفي عبدة في صدارة التريند بسبب فريدة سيف النصر.. ما القصة؟
  • “وئام وسلام”.. تحفة فنية فريدة في مطار البحرين الدولي (صور)
  • الناقد سيد الوكيل: مصطفى بيومي تجربة نقدية فريدة لن تتكرر
  • الولايات المتحدة تطور درونات فريدة التصميم تعمل بالذكاء الاصطناعي
  • فيفي عبده عن أزمة فريدة سيف النصر في العتاولة: أنا مظلومة
  • اللواء الحربي يتفقّد قيادة القوة الخاصة للأمن البيئي بالشرقية
  • وفاة شقيقة الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشي
  • شم النسيم 2025.. خريطة أماكن الخروج والحدائق العامة لقضاء الإجازة
  • السوريون يتخيلون كيف سيبدو جبل قاسيون بعد إعادة التأهيل(صور)
  • السفينة الحربية الصينية التي أظهرت تخلف البحرية الأميركية