"كأنك تبحث عن إبرة في كومة قش"، بهذه العبارة المؤلمة وصف ضابط الإسعاف الفلسطيني إبراهيم أبو الكاس اللحظات العصيبة التي عاشها خلال محاولات البحث عن زملائه من طواقم الإسعاف والدفاع المدني، الذين استُشهدوا برصاص الاحتلال الإسرائيلي في حي تل السلطان بمدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، في 23 مارس/آذار الماضي.

يروي المسعف أبو الكاس، في حديثه لـ"الجزيرة نت"، أن الحدث بدأ خلال ساعات الفجر الأولى، عندما تلقوا نداء استغاثة من منطقة الشاكوش غرب رفح، وعلى الفور تم إرسال سيارات الإسعاف للاستجابة.

استهداف مباشر للطواقم

ويشير أبو الكاس إلى أن المأساة بدأت مبكرا، فقد تم استهداف السيارات الأولى بشكل مباشر، وانقطع الاتصال معها، مما دفعهم إلى إرسال تعزيزات لفهم ما حدث، لكنها هي الأخرى تعرضت لإطلاق نار مباشر من قوات الاحتلال، مما أدى لاحقا إلى استشهاد زملائهم في المكان، الذي تبين بعدها أن المنطقة كانت تحت اجتياح إسرائيلي، وأن كل مركبة إسعاف تدخل إليها كانت تُستهدف.

يتحدث أبو الكاس عن مشاعر الغضب والتحدي التي انتابتهم قائلا: "كنا مصرّين على معرفة مصير زملائنا بأي ثمن".

ويوضح أنه منذ اللحظة الأولى لفقدان الاتصال، بدأت محاولات التنسيق مع الصليب الأحمر ومكتب الأمم المتحدة للدخول إلى الموقع.

إعلان

ويضيف: "منذ اليوم الأول كنا نبدأ التنسيق في الصباح، ليُلغيه الاحتلال الإسرائيلي في المساء، ومع كل يوم انتظار كان الإصرار يكبر ويزداد".

ويلفت إلى أنه بعد أيام من المحاولات والتنسيق، تمكنت الطواقم من الدخول لأول مرة وانتشال جثمان أحد الشهداء، ثم بعد يومين، تم انتشال بقية الجثامين.

الهلال الأحمر الفلسطيني: إسرائيل استهدفت طواقمنا الطبية عمدا (الفرنسية) جريمة مدفونة تحت الرمل

"كان المكان كله رمال، واسع بشكل مخيف… حسيت إني بفتش عن إبرة في كومة قش"، هكذا وصف أبو الكاس في  حديثه "للجزيرة نت" موقع الجريمة بعدما تم تزويدهم بعدة إحداثيات، وبدأت عمليات البحث، حتى عثروا على أولى العلامات بوجود جثامين الشهداء.

وأوضح أنه خلال البحث المتكرر في المكان تم العثور على جثامين الزملاء المسعفين وبعض "اليونيفورم" الذي يُرتدى في الإسعاف والطوارئ، مدفونًا تحت الرمال بجانب سياراتهم المحطمة، في محاولة من الاحتلال لإخفاء آثار جريمته.

ويقول المسعف إبراهيم أبو الكاس إن مشاعر متباينة رافقته خلال عملية البحث عن زملائه، موضحا:"كان هناك شعوران يلازمانني باستمرار: الأول هو القلق من المصير المجهول، والثاني هو الأمل، الذي كان يتجدد كلما وجدنا علامة تدل على وجود أحد من الشباب".

ويكمل: "في كل مرة أجد أحدا من الزملاء، كنا نتمنى أن يكون لا يزال على قيد الحياة، وأن نجد في استمرارنا بالبحث بصيص أمل. لكن للأسف، كلما تعمقنا أكثر في الأرض، كنا نعثر على أحد من الشباب، من أولئك الذين صمدوا لأكثر من 16 شهرًا في الحرب على غزة، وواجهوا تحديات هائلة.. لِنُفاجأ بمقتلهم بهذه البشاعة".

منذ اللحظة الأولى للعمل في مجال الإسعاف، يعرف الجميع أن التحدي كبير، "كل يوم تتوقع الأسوأ، حتى فقدان حياتك"، يضيف أبو الكاس، ومع استمرار حرب الإبادة، لم يكن هذا الاستهداف هو الأول، فقد فقدوا زملاء كُثر خلال شهور الحرب الطويلة.

إعلان

يختتم إبراهيم شهادته بنداء موجّه إلى المجتمع الدولي: "أتمنى أن يكون هذا الحدث هو الأخير. أطالب العالم بالضغط على آلة القتل، وبكفّ يد الاحتلال عن المدنيين والقطاع الطبي بغزة. لقد حان وقت وقف شلال الدم الفلسطيني".

الهلال الأحمر الفلسطيني: إسرائيل قتلت 27 شخصا من طواقمنا بقطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 (الفرنسية)

في السياق ذاته، أعرب الهلال الأحمر عن صدمته "الشديدة" إزاء استمرار الاعتداءات على طواقمه، رغم حملهم لشارة الهلال الأحمر، المحمية بموجب القوانين الدولية.

كما أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عن "صدمتها البالغة" لاستهدافهم بعد انقطاع الاتصال بهم في 23 مارس/آذار الماضي.

وقتلت إسرائيل 27 شخصا من الهلال الأحمر أثناء تأديتهم لواجبهم الإنساني بقطاع غزة، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وبدعم أميركي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 165 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

وتشهد غزة هذا التصعيد العسكري المتواصل من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وسط تدهور تام في الوضع الإنساني والصحي مع فرض تل أبيب حصارا مطبقا عليها، متجاهلة كافة المناشدات الدولية لرفعه

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الهلال الأحمر أبو الکاس

إقرأ أيضاً:

14 شهيدا منذ فجر الجمعة.. مجزرة بحق عائلة بكافة أفرادها

استشهد 14 فلسطينيا فجر الجمعة، بغارات للاحتلال استهدفت مناطق متفرقة شمال وجنوب قطاع غزة، ضمن الإبادة المستمرة منذ 18 شهرا أغلبهم من عائلة واحدة.

وقالت مصادر فلسطينية، إن الاحتلال ارتكب مجزرة جديدة بمدينة خان يونس جنوب القطاع، راح ضحيتها أسرة بأكملها بعد قصف جوي استهدف منزلها.

وأوضحت أن الاحتلال قصف منزلا لعائلة الفرا، استشهد على إثره رب الأسرة زوجته وكافة أطفالهما، بالإضافة إلى عمة صاحب المنزل التي كانت تقيم معهم لحظة ارتكاب المجزرة واثنين من أبناء أشقائه.

ولفتت إلى أن عائلة مازن إبراهيم الفرا، مسحت بالكامل من السجل المدني للسكان، جراء المجزرة التي ارتكبت بحقهم.



وفي شمال قطاع غزة، استشهد 3 فلسطينيين إثر غارة استهدفت تجمعا للسكان في منطقة العطاطرة شمال مدينة بيت لاهيا.

كما استشهد فلسطيني، في قصف استهدف مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

إلى ذلك، أنذر جيش الاحتلال الفلسطينيين بإخلاء مناطق جديدة، في الشجاعية والزيتون والتفاح شرق مدينة غزة، تمهيدا لمهاجمتها، في ظل العدوان الذي يشنه على المنطقة منذ قرابة شهر.

وكانت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، قالت إن حصيلة العدوان على غزة ارتفعت إلى 50 ألفا و886 شهيدا، وأصيب 115 ألفا و857 آخرين بجروح متفاوتة؛ بينها خطيرة وخطيرة جدا.

مقالات مشابهة

  • الاحتلال يرتكب مجزرة بدير البلح وصحة غزة تستنكر قصف المستشفى المعمداني
  • الاحتلال يقدم على قصف المستشفى المعمداني في غزة.. تدمير مبنى الإسعاف
  • صحيفة “الغارديان” البريطانية: قوات “غولاني” متورطة في قتل المسعفين برفح
  • ذي غارديان: مجزرة المسعفين برفح نفذتها وحدة بغولاني تحت قيادة هذا الجنرال
  • أمريكا تبحث مع مجلس التعاون الخليجي تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر
  • 14 شهيدا منذ فجر الجمعة.. مجزرة بحق عائلة بكافة أفرادها
  • “حماس”: ما يجري برفح محاولة بائسة لتحقيق إنجاز عسكري بالإبادة
  • إعلان نتيجة شهادة المرحلة المتوسطة بولاية البحر الأحمر بنسبة نجاح تجاوزت 77%
  • تزايد الفجوة بين بيانات جيش الاحتلال والواقع برفح.. حماس لا زالت نشطة
  • إصابة شاب برصاص الاحتلال بمخيم عسكر شرق نابلس