قال مجلس البحوث والدراسات الشرعية في دار الإفتاء، “إن الضريبة التي فرضها مصرف ليبيا المركزي على شراء النقد الأجنبي تعد من “المكوس” المحرمة شرعا”، مطالبا “بإلغائها الفوري”.

وقال في بيان: إنَّ مجلس البحوث والدراسات الشرعية بدار الإفتاء، وهو يتابعُ ما فرضهُ مصرفُ ليبيا المركزيّ من الضريبة على المواطنينَ، لشراء النقدِ الأجنبيِّ؛ ليقرّرُ ما يَلي:إنَّ ما يؤخذُ من الناسِ مِن الأموالِ، دونَ مقابل خدمة تقدمُ لهم، غصبٌ ومكسٌ محرّم، مِن كبائرِ الذنوب، قال عنه العلماء هو أشبهُ بالحـرابة، وقالوا عنِ الماكسِ هو شرٌّ من اللِّص، والذي يجبي المكسَ ويأمرُ به ويقرُّه أو يفتِي به في الإثمِ سواءٌ، وهو مِن الظلمِ المتوعَّد عليهِ في قوله تعالى: (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [الشورى:42]، وفي قولِ النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح: (أَتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ؟ قالوا: المُفْلِسُ فِينا مَن لا دِرْهَمَ له ولا مَتاعَ، فقالَ: إنَّ المُفْلِسَ مِن أُمَّتي يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاةٍ، وصِيامٍ، وزَكاةٍ، ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا … فيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْضَى ما عليه أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ فَطُرِحَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ) [رواه مسلم]”.

وأضاف البيان: “بناءً عليه؛ فإنَّ الضريبةَ التي فُرضتْ على أهلِ ليبيا لشراءِ النقدِ الأجنبيّ، يجبُ إلغاؤُها ووقفُ العملِ بها، وذلكَ للأسبابِ الآتية:

أولاً: الدولةُ الليبيةُ لها موردٌ ثابتٌ مِن النفطِ والغازِ، يدرُّ عليها من الأموالِ مَا يقيمُ أمرَها، ومَا لو قسِّم على الناسِ بالعدلِ لَكانُوا في رغَدٍ مِن العَيْشِ، ومَا احتاجَتْ إلى فرضِ المُكوسِ.

ثانيا: أمَّا على وجه العموم، فإن الدولةَ المسلمةَ التي ليسَ لها مصادرُ ماليةٌ كافيةٌ لحمايةِ أرضِ الإسلامِ، لَا يحلّ لها أنّ تأخذَ مِن رعاياها أموالًا، إلَّا إذا كانَ القائمُ بالأمرِ عادلًا، وقامَ بمَا يجبُ عليه مِن منعِ التوسعِ في إنفاقِ المالِ العام، وردّ ما بيدهِ وما بيدِ أهلهِ وعيالهِ وعمّالهِ وولاتِهِ مِن أموالٍ إلى الخزينةِ العامةِ، فإنْ فعَلَ ذلكَ وخافَ ضياعَ الرعيةِ ومصالح الناسِ وانتهاك حرمةِ الدولةِ، فإنّه يجوزُ له أن يفرضَ على الناسِ القادرينَ ما يقيمُ به أمرَ الدولةِ، كلٌّ حسبَ يسْرهِ وسعتِه.

ثالثاً: دعوَى المصرف المركزي؛ أنَّ فرضَ هذهِ الضريبةِ ضروريٌّ للحفاظ على استقرارِ السوق، وتخفيضِ العملةِ الأجنبيةِ – على خلافِ ما أوصَى به أهلُ الاختصاصِ في جامعةِ بنغازي في ذلك الوقتِ – تبيَّنَ عدمُ صحتِها، بل الإجراءاتُ التي قامَ بها المصرفُ كانتْ سببًا في زعزعةِ ثقةِ الناسِ في العملةِ الليبيةِ مقابلَ العملةِ الأجنبيةِ، فارتفَعَ سعرُ النقدِ الأجنبيِّ؛ كمَا هو مُشاهَد.

رابعاً: الفسادُ والتعدِّي على المالِ العام في ليبيا، وجوهُه لا تخفَى على أحدٍ، منها على سبيلِ المثال:

1- ما يسمَّى إنفاقاً مجهولَ المصدرِ، كما جاء عن المصرفِ المركزي.

2- ميزانيةٌ بعشراتِ الملياراتِ، مخصصةٌ لما يُسمّى إعمارَ المنطقةِ الشرقيةِ، لا تخضعُ لأيِّ جهةِ مراجعةٍ ولا رقابَة.

3- توسعُ المسؤولينَ في الإنفاقِ على السفرِ المتواصل بعضه ببعضٍ، دونَ انقطاعٍ، وما يصحبُه مِن الترفِ والعلاواتِ.  

4- أموالٌ كبيرةٌ مِن النقدِ الأجنبيّ تنفقُ على أعدادٍ كبيرةٍ مِن العاملينَ بالخارجِ، يوفدونَ لـقرابةٍ أو مجاملة لذوِي النفوذِ، ومعظمُهُم لا يقدمُ خدمةً للبلدِ.

5- نهبٌ ماليٌّ كبيرٌ في معظمِ قطاعاتِ الدولةِ، وعلى رأسِها النفطُ وتهريبُ الوقودِ المدعومِ وصناديقُ الاستثماراتِ الخارجيةِ”.

وقال: “مَن يُحلُّ أخذَ الضّرائبِ مِن الناسِ والحالةُ هذهِ- قبلَ أن ينكفّ المسؤولون عن هذا، ويردُّوا ما بأيديهِمْ إلى الخزينةِ العامةِ – هو يحلُّ الغصبَ والمكسَ، بل جعلَه الذهبيُّ رحمهُ اللهُ شريكاً للمَكّاس [الكبائر: 276]، وليس لمَا فرضَ على الناسِ مِن المكسِ تفسيرٌ، سوَى تسديدِ فواتيرِ مَن يقومونَ بتزويرِ العملةِ هذه الأيام، وما ينفقُهُ المجرمونَ على ملذّاتهم وشهواتِهم مِن جيوبِ العامةِ وأصحابِ الحاجاتِ ظلمًا وعدواناً”.    

وأشاد المجلسُ “بما صدرَ من بعضِ المحاكمِ مِن أحكامٍ بوقفِ العملِ بهذا المكسِ وإلغائهِ، ويتطلعُ أنْ تحذوَ باقي المحاكمِ حذوَهم؛ طاعةً للهِ ورسولهِ”.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: المصرف المركزي دار الإفتاء دار الإفتاء الليبية

إقرأ أيضاً:

العرفي: قرار المصرف المركزي بتعديل سعر صرف الدينار غير صائب

أكد عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي، أن قرار المصرف المركزي بتعديل سعر صرف الدينار غير صائب.

وقال العرفي، في تصريحات لـ«الرائد»: “قرار مصرف ليبيا المركزي بخصوص تعديل سعر صرف الدينار قرار غير صائب، وتسبب في تفاقم الوضع الاقتصادي في وقت كنا نتوقع فيه اتخاذ إجراءات تساهم في تقوية الدينار الليبي، وهناك انقسام حتى داخل مصرف ليبيا المركزي بخصوص قرار تعديل سعر صرف الدينار”.

وأضاف “لابد من مثول إدارة مصرف ليبيا المركزي أمام مجلس النواب لشرح عدة أمور تتعلق بهذا القرار، فسوف نعقد جلسة الأسبوع المقبل وسنطرح كل هذه التساؤلات، ونناقش كيفية الخروج من هذا الوضع الخطير، ومجلس النواب سيتخذ بالتأكيد قرارات تتعلق بترشيد الإنفاق وإقرار ميزانية عامة، بالإضافة إلى وضع قانون ميزانية يحكم الجميع”.

الوسومالدينار العرفي المصرف المركزي ليبيا

مقالات مشابهة

  • يتاجرون في النقد الأجنبي.. 35 متهما يواجهون هذه العقوبة
  • تقرير: تركيا قد تكون تكلفت 10 مليارات دولار أخرى من احتياطيات النقد الأجنبي بسبب رسوم ترامب
  • الدولار يفتتح الأسبوع مرتفعاً مقابل الدينار في بغداد واربيل
  • ترامب: عندما يدرك الناس ما نقوم به أعتقد أن قيمة الدولار سترتفع
  • إجراءات مرتقبة للمركزي لدعم الدينار، وتوجيهات للمصارف بالاحتفاظ بثلث قيمة الودائع كأصول سائلة
  • المركزي يطلق حزمة إصلاحات لتقوية قيمة الدينار والمحافظة على الاحتياطيات المالية
  • الدغاري: خفض قيمة الدينار كان متوقعًا… والحل بميزانية وسلطة موحدة
  • محلل اقتصادي: “المركزي” اختار خفض قيمة الدينار بدل منع إهدار المال العام
  • أمين الفتوى: إساءة معاملة السياح إضرار بالمال العام وهذا محرم فى الإسلام
  • العرفي: قرار المصرف المركزي بتعديل سعر صرف الدينار غير صائب