يمن مونيتور:
2024-07-01@23:13:15 GMT

تحولات المؤتمر الشعبي العام في 40 سنة (1)

تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT

تحولات المؤتمر الشعبي العام في 40 سنة (1)

من النشأة والتحالف إلى الانفراد

النشأة والتأسيس

في الـ24 من شهر أغسطس/آب 1982، أُعلن عن تأسيس “المؤتمر الشعبي العام” في شمال اليمن (قبل الوحدة)، في أعقاب حوار سياسي شاركت فيه معظم القوى السياسية اليمنية، وضم المؤتمر في صفوفه مختلف القوى والتيارات الفكرية والسياسية، وكان الدستور يحظر التعددية الحزبية حينها، لذلك فقد أصبح المؤتمر يضم جميع التيارات التي كانت تعمل في ظروف العمل السري، وغدا هو الحزب الحاكم، ويرأسه رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح الذي تولى السلطة في شمال اليمن في يوليو/تموز 1978.

لم يحمل المؤتمر أي صبغة تنظيمية أو أيديولوجية خاصة، فقد كان بمثابة مظلة سياسية لجميع القوى السياسية، من إسلامية ويسارية وقومية، بالإضافة إلى أن المؤتمر احتوى قطاعات واسعة من المستقلين والعسكريين وشيوخ القبائل والتجار مستفيداً من صيغته الواسعة والفضفاضة.

ويلاحظ أن المؤتمر تأسس بعدما بدأ نظام الرئيس صالح يشهد شيئاً من الاستقرار بداية الثمانينيات، خاصة بعد اتفاقه مع قيادة النظام الحاكم في جنوب اليمن على وقف المواجهات، واستيعاب المعارضين المسلحين المدعومين من نظام عدن، واحتواء كافة التيارات السياسية – بما فيها تيار اليسار الذي كان يقود المواجهات في المناطق الوسطى ضد نظام صالح.

وقد كشفت المواجهات التي شهدتها المناطق الوسطى أواخر السبعينيات جانباً من الضعف في بنية نظام صنعاء وجيشه، وكذلك الخواء الفكري والسياسي، في مقابل امتلاك نظام عدن لمشروع سياسي يتبنى النظرية الماركسية ويعمل على نشرها على مستوى اليمن شمالاً وجنوباً، وكان ذلك سبباً كافياً للبحث عن صيغة سياسية جامعة تسد هذه الثغرة وتملأ الفراغ في هذا الجانب، ومن هنا بدأت الحوارات واللقاءات -بتوجيهات من الرئيس صالح ودعمه، لإنجاز مشروع فكري وسياسي وإطار تنظيمي يجمع القوى السياسية على الأسس العامة والقواسم المشتركة.

تشكلت لجنة للحوار الوطني، وتولت مهمة إعداد مشروع “الميثاق الوطني”، الذي سيكون الدليل النظري للإطار السياسي الجامع، وانعقد المؤتمر الشعبي العام في أغسطس 1982، وأقر المؤتمر صيغة الميثاق الوطني، وتم اختيار قائمة مؤسسي المؤتمر من شخصيات سياسية ومثقفين مستقلين وآخرين من مختلف القوى والأحزاب السياسية.

يقول الدكتور/ عبدالملك منصور المصعبي، وهو أحد أبرز مؤسسي المؤتمر: “لقد كان المؤتمر الشعبي العام في حينه ملبياً لاحتياجات النظام السياسي الجديد الذي كنا بصدد تأسيسه، كما أن المؤتمر جاء ملبياً لاحتياجات المجتمع اليمني في ذلك الوقت” .

وتضم الهياكل القيادية للمؤتمر إلى جانب رئيس المؤتمر اللجنة العامة، وهي أعلى هيئة قيادية للتنظيم، وأمانة عامة تضم الأمين العام وعدداً من مساعديه، كما يضم المؤتمر لجنة دائمة تعتبر بمثابة برلمان الحزب، كانت في السابق لجنة واحدة على مستوى البلد، وفيما بعد تم تشكيل لجان دائمة على مستوى الفروع.

وعلى الصعيد التنظيمي عقد المؤتمر عدداً من المؤتمرات العامة والدورات الاستثنائية، بدءاً بالمؤتمر العام الأول في العام 1982، وانتهاء بالمؤتمر السابع في العام 2005، وكذلك المؤتمر الاستثنائي في العام 2006، انعقدت جميعها في صنعاء باستثناء المؤتمر السابع فقد انعقد في عدن.

من التحالف إلى الانفراد

استمر هذا الوضع حتى تم إعلان الوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب في مايو/أيار 1990، ودخل المؤتمر- الحاكم شمال اليمن في تحالف ثنائي مع الحزب الاشتراكي الذي كان يحكم جنوب اليمن، تقاسما خلالها المناصب والمؤسسات الحكومية في الفترة التي أعقبت إعلان الوحدة، وسميت تلك الفترة بالفترة الانتقالية، ومع أن كثيراً من أعضاء المؤتمر كانوا محسوبين على قوى وأحزاب سياسية، فقد غادر الغالبية منهم المؤتمر وانخرطوا في أحزابهم بعدما أصبح النشاط الحزبي مسموحاً، غير أن المؤتمر احتفظ بكتلة جماهيرية سيما من غير الحزبيين، ومن القيادات العسكرية والمدنية في المحافظات الشمالية، بالإضافة إلى أن المؤتمر نجح في احتواء عدد كبير من أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية الذين تضرروا من نظام الحزب الحاكم في الجنوب، خاصة أبناء السلاطين والأمراء الذين انتهت سلطاتهم بعد الاستقلال عن الاستعمار البريطاني في العام 1967.

انتهت الفترة الانتقالية بإجراء الانتخابات النيابية في أبريل/نيسان 1993، وأسفر عنها فوز حزب المؤتمر بأكثر من 120 مقعداً من مقاعد البرلمان البالغ عددها 301، وحصول حزب الإصلاح على 63 مقعداً، وفي المرتبة الثالثة حل الحزب الاشتراكي بحصوله على 56 مقعداً.

دخلت الأحزاب الثلاثة في تحالف ثلاثي وتنسيق برلماني لكن التجربة لم تصمد سوى بضعة أشهر حتى بدأت الخلافات تعصف بها، سيما مع نشوب أزمة سياسية أواخر العام 1993، قادت إلى حرب بين حليفي اتفاق الوحدة، (المؤتمر والاشتراكي)، استطاع صالح وحلفاؤه حسم الحرب لصالحهم بعد نحو شهرين من نشوبها، وبعدها دخل المؤتمر وحزب الإصلاح في تحالف ثنائي، استمر قرابة 3 سنوات، وبعدها أجريت انتخابات برلمانية في أبريل 1997، نتج عنها حصول المؤتمر على غالبية المقاعد ما أدى لخروج الإصلاح من السلطة وانفراد المؤتمر في تشكيل الحكومة والسيطرة المطلقة على السلطة معتمداً على ما لديه من أغلبية مريحة في البرلمان.

كانت انتخابات العام 1997 بالنسبة للمؤتمر هي بداية الحكم منفرداً بدون حلفاء، فقد تلتها عدة جولات انتخابية واستطاع أن يحسمها لصالحه، بدءاً بالانتخابات الرئاسية الأولى في العام 1999، والانتخابات المحلية عام 2001، والنيابية عام 2003 والرئاسية الثانية في العام 2006، وهي آخر انتخابات شهدها اليمن، باستثناء الانتخابات التكميلية (النيابية) التي شملت عدداً من الدوائر الانتخابية في العام 2009 .

انفرد المؤتمر بحكم اليمن، منذ العام 1997 غير أن الإخفاق المستمر لحكوماته المتعاقبة وضعف أداء مؤسسات الدولة، مع الفشل الذريع في محاربة الفساد وتحقيق الإصلاح المالي والإداري، فضلاً عن الإخفاق في الجوانب الأمنية وفي التنمية وتوفير الخدمات، بالإضافة إلى وصول المؤتمر والقوى السياسية المعارضة التي انضوت في إطار واحد أسمته (اللقاء المشترك) إلى طريق مسدود في مختلف جولات الحوار، كل ذلك أدى لظهور عدد من الأزمات السياسية والاقتصادية جراء تنفيذ الجرعات السعرية الناجمة عن رفع الدعم عن المشتقات النفطية، ناهيك عن نشوب حروب صعدة وتصاعد الحراك الشعبي في المحافظات الجنوبية ودعواته المستمرة لانفصال جنوب اليمن.

ومع ذلك بقي المؤتمر الشعبي العام مكاناً جاذباً للراغبين في الحصول على مغانم السلطة من وظائف وامتيازات وغيرها، خاصة في ظل سيطرته المطلقة على كل مؤسسات الدولة واحتكاره الوظيفة العامة ووسائل الإعلام الرسمية، الأمر الذي جعل منه بوابة عبور في الغالب لتحقيق المكاسب الخاصة للملتحقين به، ومقابل ما يحصل عليه المنتسب للمؤتمر من منافع فإن الانتساب لا يكلفه شيئاً من حيث الالتزام الفكري والأيديولوجي، فالمؤتمر يعتمد فقط خطاباً عاماً يسهل التعاطي معه، ناهيك عن ارتباطه الوثيق بشخصية مؤسسه الرئيس صالح، الأمر الذي يلزم المنتسبين بالولاء الشخصي للرئيس أكثر من الولاء للحزب. وهو ما عبر عنه قيادي في حزب المؤتمر بالقول: “المؤتمر مرتبط بالرئيس صالح وحده، والمنتسبون للمؤتمر يبحثون عما في يد المؤتمر وجيبه” .

وبحسب عبد الملك منصور، أحد مؤسسي المؤتمر فـ”قد تحقق الكثير من أهداف المؤتمر، لكن هذا لم يستمر بسبب عوامل عدة، تظافرت لتجعل من المؤتمر مجرد منصة عامة علنية، بينما يبني كل قياداته تنظيماتهم الخاصة” .

*جزء من دراسة للباحث نشرها مركز أبعاد العام الماضي- مع حلول الذكرى الأربعين لتأسيس المؤتمر.

فؤاد مسعد24 أغسطس، 2023 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام قوات يمنية مشتركة تسيطر على معسكر لـ"تنظيم القاعدة" جنوبي البلاد مقالات ذات صلة قوات يمنية مشتركة تسيطر على معسكر لـ”تنظيم القاعدة” جنوبي البلاد 24 أغسطس، 2023 مسلحون حوثيون يعتدون على مدير إذاعة محلية جوار منزله بصنعاء 24 أغسطس، 2023 الحكومة اليمنية تعلن بدء تحسّن خدمة التيار الكهربائي في عدن 24 أغسطس، 2023 السعودية: ننتظر تفاصيل من “بريكس” لنتخذ قرارا بشأن عضويتنا 24 أغسطس، 2023 اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليق *

الاسم *

البريد الإلكتروني *

الموقع الإلكتروني

احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.

شاهد أيضاً إغلاق كتابات خاصة الحرب الاقتصادية على الوطن والمواطن 12 أغسطس، 2023 الأخبار الرئيسية قوات يمنية مشتركة تسيطر على معسكر لـ”تنظيم القاعدة” جنوبي البلاد 24 أغسطس، 2023 مسلحون حوثيون يعتدون على مدير إذاعة محلية جوار منزله بصنعاء 24 أغسطس، 2023 الحكومة اليمنية تعلن بدء تحسّن خدمة التيار الكهربائي في عدن 24 أغسطس، 2023 حذرت من تفشي الجراد.. “الفاو”: وفاة 45 يمنياً نتيجة البرق خلال يوليو الماضي 24 أغسطس، 2023 ملايين اليمنيين يفتقرون للمياه النقية وخدمات الصرف الصحي 24 أغسطس، 2023 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 اخترنا لكم الحرب الاقتصادية على الوطن والمواطن 12 أغسطس، 2023 قضية الطفلة حنين .. أمل استعادة عدن لروح القانون 29 يوليو، 2023 بين القاتل والخاذل 17 يوليو، 2023 يوم الغدير والغدر المجوسي 6 يوليو، 2023 من حق عدن أن يكون لها كيانها 5 يوليو، 2023 الطقس صنعاء غيوم متفرقة 23 ℃ 23º - 23º 32% 2.18 كيلومتر/ساعة 23℃ الخميس 29℃ الجمعة 29℃ السبت 29℃ الأحد 27℃ الأثنين تصفح إيضاً تحولات المؤتمر الشعبي العام في 40 سنة (1) 24 أغسطس، 2023 قوات يمنية مشتركة تسيطر على معسكر لـ”تنظيم القاعدة” جنوبي البلاد 24 أغسطس، 2023 الأقسام غير مصنف 24٬146 أخبار محلية 24٬143 الأخبار الرئيسية 11٬591 اخترنا لكم 6٬278 عربي ودولي 5٬473 كتابات خاصة 1٬974 رياضة 1٬958 كأس العالم 2022 71 اقتصاد 1٬892 منوعات 1٬748 مجتمع 1٬707 صحافة 1٬431 تراجم وتحليلات 1٬407 آراء ومواقف 1٬382 تقارير 1٬367 حقوق وحريات 1٬158 ميديا 1٬146 فكر وثقافة 809 تفاعل 738 فنون 442 الأرصاد 130 بورتريه 59 صورة وخبر 20 كاريكاتير 15 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل © حقوق النشر 2023، جميع الحقوق محفوظة   |   يمن مونيتورفيسبوكتويتريوتيوبتيلقرامملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويتريوتيوبتيلقرامملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 أكثر المقالات تعليقاً 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 19 يوليو، 2022 تامر حسني يثير جدل المصريين وسخرية اليمنيين.. هل توجد دور سينما في اليمن! 15 ديسمبر، 2021 الأمم المتحدة: نشعر بخيبة أمل إزاء استمرا الحوثي في اعتقال اثنين من موظفينا 20 ديسمبر، 2020 الحوثيون يرفضون عرضاً لنقل “توأم سيامي” إلى خارج اليمن 30 مايو، 2023 الأرصاد اليمني يدعو المواطنين إلى عدم استخدام الأجهزة الإلكترونية أثناء العواصف الرعدية  5 يوليو، 2021  السعودية تعلق على البيان الإماراتي المندد باتفاق أوبك أخر التعليقات diva

مقال ممتاز موقع ديفا اكسبرت الطبي...

عبدالله منير التميمي

مش مقتنع بالخبر احسه دعاية على المسلمين هناك خصوصا ان الخبر...

Tarek El Noamany

تحليل رائع موقع ديفا اكسبرت الطبي...

عاصم أبو الخير

[أذلة البترول العربى] . . المملكة العربية السعودية قوة عربية...

نصر طه علي شمسان

معي محل عطور. فيـ صنعاٵ...

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: المؤتمر الشعبی العام فی الحکومة الیمنیة القوى السیاسیة تنظیم القاعدة جنوبی البلاد أن المؤتمر فی الیمن فی العام

إقرأ أيضاً:

مجلة داون: الاعتقالات التعسفية والاخفاء القسري أصبحت شائعة بشكل مثير للقلق في صنعاء وعدن (ترجمة خاصة)

"تخيل أن يتم أخذك قسراً من منزلك أو مكتبك أو الشارع، وتختفي دون أي أثر، عائلتك ليس لديها فكرة عن مكان وجودك".. هكذا بدأت الباحثة اليمنية أفراح ناصر مقالها عن المخفيين قسرا في بلادها والتي نشرته على مجلة "dawn".

 

وقالت ناصر في المقال الذي ترجم أبرز مضمونه "الموقع بوست" هذا هو الواقع المرير للآلاف في اليمن اليوم الذين تم اعتقالهم تعسفياً دون أي إجراءات قانونية سليمة.

 

وأضافت "على الرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية وحديثة حول عدد المعتقلين، فإن الطبيعة المنهجية لحالات الاختفاء القسري هذه تشير إلى أن آلاف الأشخاص محتجزون بمعزل عن العالم الخارجي في جميع أنحاء اليمن".

 

وأكدت أن الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري أصبحت شائعة بشكل مثير للقلق، مع احتدام الصراع في اليمن، وليس فقط في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.

 

وتابعت "كان الحوثيون، الذين سيطروا على العاصمة اليمنية صنعاء منذ عام 2014، قد اعتقلوا وأخفوا قسرا مؤخرا العشرات من العاملين في المجتمع المدني وما لا يقل عن 13 موظفا في الأمم المتحدة، وفقا لمنظمة هيومن رايتس ووتش. ومن بين العاملين في المنظمات غير الحكومية الذين ورد أنهم احتجزوا امرأة وزوجها وطفلاهما الصغيران: طفل يبلغ من العمر 3 سنوات وطفل يبلغ من العمر 9 أشهر.

 

وقال مديرو العديد من منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية: "إننا نشعر بقلق بالغ إزاء احتجاز سلطات الأمر الواقع الحوثية مؤخراً لـ 17 عضواً في منظماتنا والعديد من الأشخاص الآخرين المرتبطين بمنظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية وغيرها من المنظمات الداعمة للأنشطة الإنسانية". وقالت المنظمات غير الحكومية العاملة في اليمن في بيان مشترك في وقت سابق من هذا الشهر. "هذه الاعتقالات غير مسبوقة - ليس فقط في اليمن ولكن على مستوى العالم - وتعيق بشكل مباشر قدرتنا على الوصول إلى الأشخاص الأكثر ضعفاً في اليمن، بما في ذلك 18.2 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية والحماية".

 

تضيف ناصر "أخبرني أحد الأشخاص المطلعين في صنعاء أن العدد الفعلي للأشخاص الذين اعتقلتهم قوات الأمن الحوثية قد يصل إلى 60 شخصًا. ومع ذلك، فإن بعض عائلاتهم يفضلون عدم التحدث علنًا عن الاعتقالات خوفًا من الانتقام، على أمل أن يتم ذلك. إن التزام الصمت والسعي للتدخل أو التفاوض مع الحوثيين من قبل قادة المجتمع المحترمين قد يؤدي إلى إطلاق سراحهم".

 

وتتابع "تصاعد الصراع المدني في اليمن بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء في عام 2014 والتدخل العسكري اللاحق في عام 2015 من قبل تحالف تقوده المملكة العربية السعودية، بهدف إعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي فرت حكومته إلى عدن في جنوب اليمن. ومع احتدام النزاع، أصبحت عمليات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري شائعة بشكل مثير للقلق، وليس فقط في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون".

 

وأردفت "قامت فصائل مختلفة، بالإضافة إلى الحوثيين، بما في ذلك الحكومة اليمنية والقوات المدعومة من الإمارات العربية المتحدة، باحتجاز أشخاص قسرا لقمع المعارضة، والقضاء على المعارضة، وبث الخوف بين السكان. وكثيراً ما يشمل الضحايا المعارضين السياسيين والصحفيين والمواطنين الصحفيين وأصحاب الأعمال والناشطين والأكاديميين والقضاة والمواطنين العاديين الذين يُنظر إليهم على أنهم تهديدات".

 

وبحسب الباحثة أفراح فإن هذه الانتهاكات لا تنتهك القانون اليمني فحسب، بل تنتهك الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي وقع عليها اليمن.

 

وترى أن الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري تنتهك الحقوق الدستورية؛ تكفل المادة 48 من الدستور اليمني الحرية الشخصية والأمن. اليمن أيضًا من الدول الموقعة على العديد من المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي ينص على حماية الأفراد من الاعتقال والاحتجاز التعسفي.

 

وطبقا لأفراح فإن هذه الانتهاكات المتفشية لهذه الحقوق خلفت بيئة من الخوف والإفلات من العقاب، حيث يخشى الناس التحدث علناً أو المشاركة في السياسة في بلد مزقته سنوات عديدة من الحرب، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المذهلة في اليمن.

 

أكدت أنه ومع تفكك اليمن كدولة، فإن "اليمن الجديد" الذي بدأ في الظهور يشكل جيوباً من القمع والبؤس، حيث يطغى الصراع على السلطة على حقوق الناس الأساسية.

 

وأشارت إلى أنها زارت صنعاء وعدن عام 2022 وقالت "رأيت بأم عيني جمهورية الخوف من أن تصبح صنعاء تحت حكم الحوثيين. لم تكن المدينة التي أعرفها، وكذلك عدن التي تحكمها فصائل مدعومة من الإمارات.

 

 

واستدركت "في جنوب اليمن، فإن المناطق الخارجة عن سيطرة الحوثيين ليست أفضل حالاً بكثير. لقد وثقت انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والتعذيب، في المناطق التي تسيطر عليها القوات اليمنية المدعومة من الإمارات. في إشارة إلى مليشيا الانتقالي.

 

واستطردت الباحثة أفراح بالقول "قد أدت كل هذه الانتهاكات إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الأليمة بالفعل. هناك العديد من العيوب في الاستجابة الإنسانية الدولية ودعمها لأعمال الإغاثة المحلية في اليمن، بما في ذلك التردد في إدانة مثل هذه الانتهاكات. لكن الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري، على وجه الخصوص، يعني أن أسر المختفين غالباً ما تفقد معيلها الأساسي، مما يؤدي إلى صعوبات اقتصادية وزيادة الضعف. وتتمزق المجتمعات عندما يختفي الأفراد دون أن يتركوا أثرا، مما يؤدي إلى انتشار القلق وانعدام الأمن.

 

وتفيد أن كل ذلك انعكاس للتفكك السياسي في اليمن كدولة. وفي مواجهة الإفلات من العقاب في ظل الحوثيين ومنافسيهم، ليس أمام اليمنيين خيار آخر سوى اللجوء إلى العالم الخارجي طلباً للمساعدة.

 

وقالت "يمكن لسلطنة عُمان أو قطر، بما لهما من تاريخ في الوساطة الإنسانية في اليمن، أن تأخذا زمام المبادرة كلاعبين إقليميين رئيسيين لا يدعمان عسكرياً طرفاً واحداً".

 

وخلصت الباحثة اليمنية إلى أن اليمن يحتاج في نهاية المطاف إلى حل سياسي أكثر من أي شيء آخر، وهو أمر ضروري لاستعادة الاستقرار، وإعادة بناء الوظائف الأساسية للدولة وضمان سيادة القانون. يجب أن يعالج أي اتفاق سياسي تتوصل إليه الأطراف المتحاربة الأسباب الجذرية لانتهاكات حقوق الإنسان هذه، وإنشاء آليات للمساءلة داخل هياكل الحكم في البلاد، إذا أردنا أن يكون هناك أي أمل في السلام والعدالة المستدامين في اليمن.


مقالات مشابهة

  • مواعيد مباريات الزمالك المتبقية في الدوري المصري 2023-2024
  • المباريات التي سيغيب عنها زيزو عن الزمالك حال الانضمام لمنتخب مصر الأولمبي
  • مجلة داون: الاعتقالات التعسفية والاخفاء القسري أصبحت شائعة بشكل مثير للقلق في صنعاء وعدن (ترجمة خاصة)
  • «الإفتاء» تستعد لمؤتمرها العالمي التاسع بمشاركة ممثلي 100 دولة يوم 29 يوليو
  • وزير خارجية اليمن: هجمات الحوثيين هدفها كسب تأييد شعبي والهروب من مشكلاتها
  • 3 يوليو.. بدء موسم «جمرة القيظ» في الإمارات
  • الإمارات للفلك تحدد موعد بدء موسم جمرة القيظ
  • رئيس غرفة القاهرة: مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي يمثل أهمية خاصة لزيادة التعاون
  • خبير اقتصادي: مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي يروّج للمشروعات الكبرى بالدولة 
  • اقتصادي: مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي فرصة ذهبية لتعزيز التعاون