الدولار يتراجع وسط تهافت على الملاذات الآمنة بسبب الرسوم الجمركية
تاريخ النشر: 8th, April 2025 GMT
سنغافورة (رويترز)
استقر الملاذان الآمنان، الين والفرنك السويسري، قرب أعلى مستوياتهما في 6 أشهر اليوم الثلاثاء، بينما تكبّد الدولار خسائر كبيرة مع تفاقم مخاوف الركود في الأسواق المالية، عقب الرسوم الجمركية الأميركية الشاملة.
وتشهد أسواق العملات استقراراً هشاً في التعاملات الآسيوية، بعد تقلبات خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية إذ عوّض الدولار بعض خسائره الفادحة، مقابل عملات الملاذ الآمن، بينما كان المتداولون يقيّمون التطورات.
وانخفضت أسواق الأسهم العالمية بحدة منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرارات الرسوم الجمركية الأسبوع الماضي. وردت الصين والاتحاد الأوروبي باقتراح فرض رسوم مضادة أعلى، وهو ما هدد ترامب بمواجهته برسوم جمركية أكبر.
وفي أسواق العملات أقبل المستثمرون على الين والفرنك السويسري خلال الأسبوع الماضي بحثاً عن ملاذ آمن من اضطرابات السوق.
وسجّل الين ارتفاعاً طفيفاً عند 147.325 مقابل الدولار ليقترب من أعلى مستوى في 6 أشهر عند 144.82 للدولار، والذي لامسه يوم الجمعة. وبلغ الفرنك السويسري في أحدث التداولات 0.85665 مقابل الدولار، مقترباً أيضاً من أعلى مستوى له في 6 أشهر الذي لامسه في الجلسة الماضية.
وعادة ما ينظر إلى الدولار على أنه من أصول الملاذ الآمن، لكن تلك المكانة تتراجع فيما يبدو مع تزايد حالة الضبابية بشأن الرسوم الجمركية، مما يثير المخاوف من تعثر النمو الاقتصادي الأميركي.
وارتفع اليورو 0.58% إلى 1.0967 دولار، بالقرب من أعلى مستوى له في 6 أشهر، الذي سجله الأسبوع الماضي، كما صعد الجنيه الإسترليني 0.4% إلى 1.2776 دولار، وابتعد عن أدنى مستوى له في شهر الذي سجله في الجلسة الماضية.
وقال ناثان ليم، رئيس قطاع الاستثمار في لونسيك إنفستمنت سولوشنز: «التقلبات الحالية ناتجة تماماً عن خيارات إدارة ترامب السياسية، مما يعني أنه في حال تغييرها، فمن المرجح أن ينعكس التأثير على الأسواق المالية أيضاً».
ويراهن المستثمرون على أن تزايد خطر التباطؤ الاقتصادي، قد يؤدي إلى خفض أسعار الفائدة الأميركية في مايو، وسيتراجع الدولار في ظل مواصلة التيسير النقدي خلال العام الجاري.
وانخفض مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل 6 عملات رئيسية، 0.44% اليوم الثلاثاء. وهبط المؤشر بأكثر من 1% منذ إعلان الرسوم الجمركية.
وتراجع الدولاران الأسترالي والنيوزيلندي مقابل نظيرهما الأميركي خلال الأسبوع الماضي، لكنهما ارتفعا اليوم الثلاثاء.
وارتفع الدولار الأسترالي 1% إلى 0.6052 دولار لكنه ظل قريباً من أدنى مستوى له في 5 سنوات، الذي لامسه أمس الاثنين. كما ارتفع الدولار النيوزيلندي 1 إلى 0.5606 دولار قبل اجتماع للسياسة النقدية غداً الأربعاء حيث من المتوقع أن يخفض البنك المركزي النيوزيلندي أسعار الفائدة.
وتراجع اليوان إلى أقل مستوى له منذ 2023 بعد أن خفّف البنك المركزي قبضته قليلاً على العملة، فيما وصفه محللون بأنه محاولة لمواجهة ضربة تلقتها الصادرات نتيجة تصاعد الحرب التجارية.
وفي الأسواق الناشئة هبطت الروبية الإندونيسية إلى مستوى متدنٍ قياسي مع استئناف التداولات بعد عطلة رسمية.
وقال جيمس أثي، مدير قطاع الدخل الثابت في مارلبورو، إن هناك تفاؤلاً تجاه إمكانية التفاوض على تخفيض الرسوم الجمركية، لكنه أشار إلى استمرار المخاطر.
وأضاف: «البيانات الاقتصادية الرئيسية وردود فعل البنوك المركزية والتفاوض على الرسوم الجمركية، ستحدد كيفية انتهاء تلك الأزمة، إذا بدأ أداء أسهم قطاع الصناعات الدفاعية في التراجع بشدة، فسيشير ذلك إلى أننا انتقلنا إلى مرحلة بيع كل شيء». أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الدولار
إقرأ أيضاً:
هل بدأ المستهلك الأميركي ينهار؟
أطلقت أحدث البيانات والمؤشرات الصادرة في الولايات المتحدة تحذيرات قوية حول متانة المستهلك الأميركي، الذي يُشكّل العمود الفقري للنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة.
ففي ظلّ ارتفاع الأسعار، وعودة السياسات الجمركية المتشدّدة في عهد الرئيس دونالد ترامب، بدأت تظهر علامات واضحة على تعثّر مالي متزايد لدى المستهلكين الأميركيين.
ارتفاع غير مسبوق في التعثرات الائتمانيةوخلال نتائج الربع الأول، أعلنت مجموعة "جيه بي مورغان" البنكية أن نسبة القروض المتعثّرة وغير القابلة للتحصيل في قطاع بطاقات الائتمان قد وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 13 عاما. وأشارت الصحيفة إلى أن معدّل "الشطب" -وهو مقياس لحجم القروض التي تُعتبر رسميا خاسرة- تجاوز الآن المعدلات المسجّلة قبل جائحة كورونا، وهذا يُنهي فترة طويلة من الأداء الائتماني القوي للمستهلكين أثناء فترة الدعم الحكومي الواسع.
في السياق ذاته، أفاد بنك الاحتياطي الفدرالي في فيلادلفيا أن نسبة حاملي بطاقات الائتمان الذين يسدّدون فقط الحدّ الأدنى المطلوب من المدفوعات قد بلغت أعلى مستوى لها منذ 12 سنة. كما سُجّل ارتفاع في نسب التأخّر عن السداد لمدة 30 و60 و90 يوما، بالتوازي مع وصول ديون البطاقات المتجددة إلى رقم قياسي جديد.
إعلانوكتب الاحتياطي الفدرالي في تقريره: "هذه الاتجاهات، مجتمعة، إلى جانب ارتفاع أرصدة البطاقات، تشير بوضوح إلى ازدياد الضغوط على المستهلك الأميركي".
قلق من أثر الرسوم الجمركية الجديدةوتترافق هذه التطورات مع عودة الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضتها إدارة ترامب، والتي تشمل ضريبة بنسبة 10% على معظم الواردات، إلى جانب رسوم تصل إلى 145% على السلع المستوردة من الصين.
ويبدو أن المستهلك الأميركي بدأ يتحضّر لتأثير هذه القرارات، من خلال "التسريع المؤقت في الإنفاق" كما وصفه جيريمي بارنوم، المدير المالي لجيه بي مورغان في حديث لصحيفة فايننشال تايمز، قائلا: "بيانات أبريل/نيسان تُظهر شيئا من الإنفاق الاستباقي، خصوصا على السلع التي يُتوقّع أن ترتفع أسعارها بسبب الرسوم الجمركية".
ووفقا لمسح أولي نشرته جامعة ميتشغان، فقد شهدت ثقة المستهلك تراجعا حادا منذ ديسمبر/كانون الأول، وسط تصاعد المخاوف بشأن تطورات الحرب التجارية. وارتفعت نسبة الأميركيين الذين يتوقّعون زيادة في البطالة خلال العام المقبل إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2009.
تغيّرات في سلوك المستهلك اليوميبيانات حركة المتسوقين التي تجمعها شركة "بلاسر دوت إيه آي"، والمبنية على إشارات الهواتف المحمولة، أظهرت زيادة في الإقبال على متاجر التخفيضات وسلاسل الجملة في الأسبوع الأخير من مارس/آذار، وهو مؤشر على أن المستهلكين بدؤوا بتخزين السلع قبل أن ترتفع الأسعار.
في هذا السياق، قال جون ديفيد ريني، المدير المالي لشركة وولمارت للصحيفة: "لاحظنا نوعا من التقلّب المتزايد في المبيعات، من أسبوع إلى آخر، وحتى من يوم إلى آخر، وهو مرتبط بانخفاض ثقة المستهلك".
ورغم هذه التحديات، أبقت وولمارت على توقّعاتها لنمو المبيعات المحلية بنسبة تتراوح بين 3% و4% للربع المنتهي في أبريل/نيسان.
ورغم التحذيرات، أشار بارنوم من جيه بي مورغان إلى أن "المستهلك الأميركي لا يزال في وضع مقبول"، لكنه أقرّ بأن الفئات ذات الدخل المنخفض أصبحت أكثر عرضة للخطر، بسبب ضعف احتياطاتها النقدية.
إعلانمن جهته، قال مايك سانتوماسيمو، المدير المالي لـ"ويلز فارغو"، إن العملاء لا يزالون يُظهرون صمودا، مشيرا إلى أن الإنفاق على بطاقات الائتمان والخصم بقي مستقرا. علما أن ويلز فارغو تمتلك محفظة بطاقات أصغر من جيه بي مورغان، ما قد يفسّر بعض التباين في الأرقام.
أما جيمي دايمون الرئيس التنفيذي لجيه بي مورغان، فقد علّق قائلا: "الركيزة الحقيقية في موضوع القروض المتعثّرة هي معدّل البطالة… عادة ما تتحرّك مؤشرات الائتمان بالتوازي مع تغيّر معدّل التوظيف".
هل يواجه الاقتصاد الأميركي خطر الركود؟ومع دخول الاقتصاد مرحلة من عدم اليقين، أكّد دايمون أن الاحتمالات مفتوحة، مُرجّحا أن تكون فرص دخول ركود خلال الأشهر الـ12 المقبلة بنسبة 50%، وهي قراءة تعكس القلق الحقيقي داخل المؤسسات المالية الكبرى.
وبينما تستمر مؤشرات الضغوط في الارتفاع، فإن الإجابة النهائية قد ترتبط بما إذا كانت الأسر الأميركية قادرة على تحمّل موجة الأسعار الجديدة، وإلى أي مدى ستؤثر الرسوم الجمركية المرتفعة على أنماط الاستهلاك الأساسية.
في الوقت الراهن، يظهر أن التحوّلات السياسية والمالية في واشنطن بدأت تترك بصماتها المباشرة على سلوك الناس في الشارع. فهل يتمكّن الاقتصاد الأميركي من امتصاص الصدمة؟ أم أن "قوة المستهلك الأميركي" التي لطالما شكلت ركيزة النمو، بدأت فعلا بالتراجع؟