ما نحتاجه ليس فائض قوة، بل فائض وعي.
تاريخ النشر: 8th, April 2025 GMT
ما نحتاجه ليس #فائض_قوة، بل #فائض_وعي.
بقلم: د. هشام عوكل – أستاذ إدارة الأزمات والعلاقات الدولية
في سباقها التاريخي نحو تحقيق حلم “إسرائيل الكبرى”، سعت تل أبيب إلى تثبيت مشروع توسّعي من “النيل إلى الفرات”، لكن الواقع الميداني اليوم لا يشي إلا بانكماش استراتيجي، وانكشاف أخلاقي، وهشاشة داخلية غير مسبوقة.
فمنذ السابع من أكتوبر، تواجه إسرائيل أزمة مركّبة لم تفلح ترسانتها العسكرية، ولا دعمها الدولي، في تحويلها إلى نصر سياسي أو ميداني.
لكن المفارقة ليست فقط في تراجع المشروع الإسرائيلي، بل في حالة الغرق التدريجي في قطاع غزة ، حيث القوة لم تنتج إلا الدمار، والردع تحوّل إلى مأزق طويل الأمد.
إسرائيل التي أرادت فرض سيطرتها المطلقة، تجد نفسها اليوم أمام مشهد يُشبه المستنقع: كلما تقدمت خطوة، غرقت أكثر في وحول الخسارة المعنوية والسياسية.
في المقابل، يقف الفلسطينيون اليوم في لحظة حرجة لا تقل تعقيداً. فالدمار الشامل في غزة، والانقسام السياسي، والجمود في القيادة، جعل القضية الفلسطينية رهينة فصائلية وغياب المشروع الوطني الجامع. وهنا، لا بد من الاعتراف بأن حماس، رغم مشروعها المقاوم، أصبحت عبئاً سياسياً على الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة.
إن ما جرى في 7 أكتوبر، بصرف النظر عن دوافعه، فرض على الشعب الفلسطيني أثماناً غير مسبوقة. ولذلك، فإن السؤال لم يعد إن كانت حماس قد “انتصرت” أو “هُزمت”، بل الأهم:
هل كان ذلك قراراً فلسطينياً خالصاً؟
أم أنه تسرّب من صراعات إقليمية؟
أم أنها لحظة عبثية انفجرت في توقيت خاطئ ومكان أكثر خطورة؟
وقد يكون من الضروري الإشارة هنا إلى أن هذا الحدث أيضاً يعكس انزلاق الصراع الفلسطيني نحو محاور إقليمية متشابكة، تفقد معه المبادرة الفلسطينية استقلالها وقدرتها على ضبط التوقيت والسياق.
بعيداً عن هذه الأسئلة التي يجب أن يُترك جوابها للتاريخ والتحقيق، آن الأوان أن نتحرك في الاتجاه المعاكس للفوضى والانفراد.
المطلوب اليوم إعادة الاعتبار للممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني: منظمة التحرير الفلسطينية، عبر إعادة تفعيل مؤسساتها، وتوسيعها، واستعادة دورها في توحيد الصف الفلسطيني.
وفي المرحلة الراهنة، فإن تشكيل حكومة تسيير أعمال فلسطينية من التكنوقراط أصبح ضرورة ملحّة، لوقف النزيف السياسي والاجتماعي، والتفرغ لإدارة مرحلة إعادة الإعمار، وضمان وحدة القرار تحت مظلة وطنية جامعة لا فصائلية.
ولا يعني ذلك نزع شرعية المقاومة أو إقصاء أحد، بل إعادة ضبط المسار السياسي ضمن مؤسسة وطنية تستند إلى الشرعية الجماعية لا الأحادية.
ولا يمكن لهذا المشروع أن يكتمل دون دور عربي محوري تقوده مصر، الأردن، والسعودية، لدعم صيغة سياسية واضحة تشمل إعادة إعمار غزة، وإنهاء حالة العزل، وتوفير ضمانات إقليمية ودولية بعدم تكرار سيناريوهات الانفجار.
من “غزة إلى الغرق”، هذه هي المعادلة التي يجب أن نواجهها بواقعية. لم تعد القضية تحتمل المزيد من الإنهاك الفصائلي، ولا صراعات “الشرعيات المتوازية”، ولا مقامرة جديدة بمصير شعب كامل.
الوطن ليس منصّة تجريب، والمقاومة لا تعني الاستفراد بالقرار، والتمثيل لا يمكن أن يُمنح بقوة السلاح فقط.
ما نحتاجه ليس فائض قوة، بل فائض وعي.
ليس احتكار البطولة، بل توسيع دوائر القرار.
ليس تصفية طرف، بل إنقاذ ما تبقى من المشروع الوطني الفلسطيني.
اللحظة التاريخية التي نعيشها تتطلب شجاعة كبرى للخروج من سرديات الخسارة والنصر، والانتقال نحو مشروع سياسي شامل يعيد للشعب الفلسطيني صوته، ولمشروعه التحرري مكانته، في زمن تتآكل فيه الجغرافيا، ويتفكك فيه المعنى.
ربما لم نكن نملك خيار 7 أكتوبر، لكننا اليوم نملك خيار ما بعده
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
اليوم.. استكمال إعادة محاكمة المتهم باغتيال اللواء نبيل فراج في كرداسة
تستكمل محكمة جنايات مستأنف بدر، اليوم الإثنين 14 أبريل 2025، جلسة إعادة إجراءات محاكمة المتهم باغتيال اللواء نبيل فراج في مركز كرداسة.
وفي وقت سابق، عاقبت الدائرة الأولى إرهاب بمحكمة جنايات أمن الدولة، المتهم باغتيال اللواء نبيل فراج في كرداسة، بالإعدام شنقًا، والذي كانت قد أحيلت أوراق قضيته لفضيلة المفتي لأخذ الرأي الشرعي في إعدامه.
وأسندت النيابة للمتهمين تهمة قتل اللواء نبيل فراج مساعد مدير أمن الجيزة، عمدا مع سبق الإصرار والترصد، بأن تربصوا به أثناء قيامه وقوات الشرطة بمتابعة حال الأمن بمنطقة كرداسة ثم أمطروه بالأعيرة النارية، فأحدثوا إصابته التي أودت بحياته، كما شرعوا في قتل العديد من ضباط وأفراد الشرطة عمدا مع سبق الإصرار والترصد بإطلاق أعيرة نارية عليهم وإلقائهم بقنابل محلية الصنع قاصدين قتلهم.
ووجهت النيابة للمتهمين وعددهم 23 متهما، تهمة إنشاء وإدارة جماعة أسست على خلاف القانون، بغرض تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة عملها والاعتداء على حرية الأشخاص والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، وتدعو لتكفير الحاكم وإباحة الخروج عليه وتغيير نظام الحكم بالقوة والاعتداء على أفراد القوات، واستهداف المنشآت العامة للإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر باستخدام الإرهاب كوسيلة لتنفيذ غرضها.
اقرأ أيضاًالمشدد 15 سنة لشخصين بتهمة الشروع في القتل والسرقة بالقليوبية
استخراج جثة شاب انهالت عليه حفرة أثناء تنقيبه على الآثار بالبحيرة
القطار حولها لأشلاء.. مصرع سيدة في حادث أعلى شريط السكة الحديد في البدرشين