زيادة الرواتب في العراق: أمل الموظفين وكابوس الاقتصاد
تاريخ النشر: 8th, April 2025 GMT
8 أبريل، 2025
بغداد/المسلة: في ظل الوضع الاقتصادي الهش الذي يعيشه العراق، أثارت فكرة زيادة رواتب الموظفين جدلاً واسعاً بين الخبراء والمواطنين على حد سواء.
ووفق معلومات متداولة، تشكل الرواتب نحو 55% من إجمالي الموازنة العراقية لعام 2025، وهي نسبة مرتفعة تعكس الضغط الكبير على المالية العامة.
في هذا السياق، شهدت مدن العراق، تجمع العشرات من موظفي القطاع العام، مطالبين بزيادة رواتبهم، فيما المسؤولين الحكوميين يعلنون دائما أن الخزينة لا تتحمل مثل هذه الخطوة.
وأفادت تحليلات اقتصادية أن الموازنة العراقية تعاني أصلاً من عجز مزمن، بلغ في عام 2024 حوالي 64 تريليون دينار (نحو 49 مليار دولار)، وفقاً لبيانات رسمية سابقة.
وفي ظل هذا العجز، يرى الخبير الاقتصادي زكي الساعدي أن “الاعتماد شبه الكلي على عائدات النفط يجعل أي زيادة في الرواتب مرهونة باستقرار وارتفاع أسعار النفط، وهو أمر غير مضمون”.
والأسعار الحالية للنفط، التي تتراوح بين 70 و80 دولاراً للبرميل، لا تحقق فائضاً كافياً لتمويل زيادات دون المخاطرة بمزيد من الاقتراض .
في السياق ذاته، تحدثت مصادر حكومية عن خطط لزيادة الرواتب كجزء من وعود انتخابية، لكن هذه الخطوة قوبلت بانتقادات حادة. وقال مصدر في بغداد: “رفع الرواتب الآن يشبه إطفاء حريق بالبنزين، قد يرضي الموظفين مؤقتاً لكنه سيفاقم الأزمة المالية على المدى الطويل”.
من جانبه، اعتبر مواطن يدعى علي حسين من منطقة الكاظمية أن “الحكومة تتجاهل واقعنا، فالرواتب الحالية لا تكفي لمواجهة ارتفاع الأسعار، لكن زيادتها دون خطة واضحة ستجعل الجميع يدفع الثمن”.
على منصة إكس، كتبت مواطنة تدعى سارة العراقية تغريدة تقول: “كل يوم نسمع عن زيادة رواتب، لكن أسعار السوق ترتفع أسرع من أي زيادة، متى نفكر بإصلاح حقيقي؟”.
بينما ذكرت تدوينة على فيسبوك لشاب يدعى محمد البصري: “النفط يهبط 10 دولارات والحكومة تفكر برفع الرواتب، من أين سيأتون بالمال؟ من جيوبنا؟”.
هذه الآراء تعكس قلقاً شعبياً متزايداً من تداعيات أي قرارات متسرعة.
ووفق معلومات، يعتمد العراق على النفط بنسبة تزيد عن 90% من إيراداته، بينما لا تتجاوز الإيرادات غير النفطية 10%، وهو ما يجعل الاقتصاد عرضة لتقلبات السوق العالمية.
وتحدث باحث يدعى حسن الدليمي من البصرة قائلاً: “المشكلة ليست فقط في الرواتب، بل في غياب رؤية لتقليل الهدر المالي الذي يكلف الدولة مليارات سنوياً”.
وأشار إلى أن تقارير تشير إلى هدر نحو 20% من الموازنة بسبب الفساد وسوء الإدارة.
وتوقعت تحليلات أنه في حال استمر الاعتماد على الاقتراض لتمويل الزيادات، فقد يرتفع الدين الداخلي إلى 100 تريليون دينار بحلول 2027، مما يهدد بأزمة اقتصادية شاملة.
وذكرت آراء خبراء أن العراق بحاجة إلى إصلاحات مالية جذرية تشمل تعزيز القطاع الخاص وتنويع مصادر الدخل، بدلاً من الرهان على النفط وحده.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
العطل في العراق مناطقية لا جامعة
12 أبريل، 2025
بغداد/المسلة:في بلد لا تتوقف أيامه عن الركض وراء استقرار مفقود، تبدو العطل الرسمية فرصة نادرة لالتقاط الأنفاس، ولو على استحياء.
فالعراق، الذي يحاول مواكبة استحقاقات الحاضر رغم إرثه المثقل بالفوضى والتقلب، لا يملك رفاهية العطلات كسائر البلدان. فكل عطلة في تقويمه لا تنفصل عن سياق ديني أو طائفي، وكل استراحة مشروطة بذكرى ما، أو مناسبة مقدّسة لدى جماعة دون أخرى.
هذا الواقع يضع العراقي أمام سؤال بسيط ظاهرياً، لكنه ينطوي على تناقضات أعمق: متى ستكون العطلة المقبلة، ولمن ستُمنح؟ خلف هذا التساؤل يكمن تعقيد الهويات وتعدد المرجعيات الدينية والقومية، ما جعل من “العطلة الوطنية الشاملة” مفهوماً هشاً، ومرهقاً للتوافقات السياسية.
ولعل شهر نيسان الحالي خير مثال، إذ خلا تقريباً من العطل، باستثناء مناسبة واحدة شملت الجميع: عيد الفطر، الذي تزامن هذا العام مع مطلع الشهر، ليمتد أسبوعاً كاملاً من الراحة، لم يعُد منها الموظفون إلا بعد أن نسوا أسماء دوائرهم. أما غير ذلك، فقد مرت أيام نيسان بلا توقف، رغم كون هذا الشهر يحتضن في أرشيفه سلسلة من المناسبات التاريخية والثقافية، التي لم تجد لها موطئاً في قانون العطل الرسمي.
وبحسب قانون العطل الرسمية المعتمد من البرلمان، فإن العراقيين بانتظار عطلة واحدة شاملة قريبة، هي عطلة الأول من أيار، المصادفة ليوم الخميس المقبل، والمعلنة بمناسبة عيد العمال العالمي. لكن ما لا يعرفه كثيرون أن هذا اليوم يحمل دلالة مزدوجة، إذ يوافق أيضاً عيد ميلاد النبي يحيى (عليه السلام)، مما يجعله عطلة ذات طابع ديني لأتباع ديانة الصابئة المندائيين.
ومن المفارقات أن رأس السنة الإيزيدية، الذي صادف الأربعاء الأول من نيسان، كان العطلة الوحيدة الأخرى المسجلة هذا الشهر، لكنها بقيت محصورة في حدود الطائفة فقط، دون أن تُحتسب يوماً وطنياً شاملاً، رغم الدعوات المتكررة للاعتراف بهذه المناسبة كجزء من هوية العراق التعددية.
يُذكر أن تقويم العطل العراقية يشهد سنوياً جدلاً متجدداً بين مؤسسات الدولة، ما بين من يطالب بتخفيض عددها لتقليل كلفة الانقطاع عن العمل، ومن يرى أنها ضرورة لترسيخ رموز الهوية المشتركة. وغالباً ما تنشب خلافات عند تحديد عطل المناسبات الدينية المتغيرة، كعاشوراء والمولد النبوي، أو تلك المرتبطة بالأقليات التي لم يُدرج معظمها ضمن الإطار الوطني العام.
ويُشار إلى أن تقريراً صدر العام الماضي عن البنك الدولي أشار إلى أن “العراق من بين الدول ذات أعلى نسب التغيّب الوظيفي، ليس فقط بسبب العطل الرسمية، بل أيضاً بسبب التغييرات المفاجئة التي تُعلن من قبل المحافظين أو مجلس الوزراء بدون خطة واضحة”.
وعلى مواقع التواصل، علّق الكاتب والناشط العراقي منتظر الزيدي قائلاً:”إذا لم نقرر يوماً وطنياً يحتفل به كل العراقيين دون تمييز، فإننا لا نزال نعيش في التقويم الطائفي”.
كما غردت الصحفية سهى عبد الأمير قائلة:”العطلة الوحيدة التي يتفق عليها العراقيون الآن هي عطلة انقطاع الكهرباء في عز الصيف”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts