يرى محللون أن مقتل بريغوجين قد يعزز من سطوة بوتين على المدى القصير بيد أنه سيسبب له مشاكل جديدة مستبلا.

وفاة يفغيني بريغوجين رئيس مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة في حادث تحطم طائرة تجعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أقوى على المدى القصير بعد التخلص من شخصية قوية تحدت سلطته وهددت بجعله يبدو ضعيفا.

مختارات مصادر روسية تؤكد: قائد مجموعة فاغنر كان على متن الطائرة المنكوبة يفغيني بريغوجين.. من "طباخ بوتين" إلى عدو للرئيس الروسي!

لكن موته الذي أكده الرئيس الروسي بشكل غير مباشر عبر تقديم التعازي لعائلته وكذلك بيان من هيئة الطيران يقول إنه كان على متن الطائرة، سيحرم بوتين أيضا من لاعب قوي وذكي أثبت فائدته للكرملين بإرساله مقاتلي المجموعة إلى بعض من أكثر المعارك دموية في حرب أوكرانيا وكذلك بتعزيزه المصالح الروسية في أنحاء أفريقيا.

وأشاد بوتين اليوم الخميس (24.08.2023) ببريغوجين ووصفه بأنه رجل أعمال موهوب وذلك في معرض تقديمه التعازي لأسر الذين لقوا حتفهم في حادث سقوط الطائرة.

وأضاف بوتين في تصريحات تلفزيونية أنه يتعين الانتظار حتى ظهور نتيجة التحقيق الرسمي في الحادث الذي قُتل فيه جميع من كانوا على متن الطائرة وعددهم 10.

وقالت السلطات الجوية الروسية إن بريغوجين وساعده الأيمن دميتري أوتكين وثمانية أشخاص آخرين كانوا على متن طائرة خاصة تحطمت شمالي موسكو أمس الأربعاء دون أن ينجو منها أحد.

ولم يظهر أي دليل يدعم الاعتقاد السائد بأن بريغوجين قُتل انتقاما لتنفيذه تمردا في أواخر يونيو/ حزيران الماضي، وهو الافتراض الذي قال محللون إنه ربما يناسب بالفعل أغراض بوتين.

وتقول تاتيانا ستانوفايا، مؤسِسة شركة (آر. بوليتيك) الاستشارية "مهما كانت أسباب تحطم الطائرة، سيرى الجميع أنه عمل انتقامي وعقابي". وأضافت "من وجهة نظر بوتين وكثيرين من أفراد قوات الأمن والجيش، يجب أن يكون موت بريغوجين عبرة لأي أتباع محتملين".

افتراض خاطئ

جاء الحادث بعد شهرين من اليوم الذي نفذ فيه بريغوجين ومقاتلو فاغنر المرتزقة تمردا سيطروا فيه على مدينة في جنوب روسيا وتقدموا نحو موسكو، وأسقطوا عددا من طائرات القوات الجوية الروسية مما أودى بحياة طياريها.

ووصف بوتين، الذي تحدث في الماضي عن كراهيته للخونة، الأمر بأنه "طعنة في الظهر".

وبعد التمرد، توقف بريغوجين عن انتقاداته المتواصلة لمؤسسة الدفاع لكنه واصل عملياته وتحرك بحرية فيما يبدو داخل وخارج روسيا على الرغم من اتفاق مع الكرملين كان من المفترض أن ينتقل بموجبه إلى روسيا البيضاء.

ويقول عباس جالياموف، وهو كاتب خطب سابق في الكرملين وتصفه روسيا حاليا بأنه "عميل أجنبي"، إن بريغوجين افترض خطأ أن بوتين لا يمكنه الاستغناء عنه بسبب نطاق وأهمية أنشطته.

وشملت هذه الأنشطة عمليات واسعة النطاق في أفريقيا حيث قامت فاغنر بتوسيع خدمات مقاتليها في بلدان مثل مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى مقابل امتيازات تعدين الذهب والماس.

ووضع الكرملين هذه الأنشطة في إطار أنها محض عمليات تجارية خاصة، لكنه استخدم فاغنر لتوسيع النفوذ الروسي في القارة في منافسة مع قوى غربية مثل فرنسا والولايات المتحدة.

ويضيف جالياموف إن بريغوجين "افترض أن بوتين لا يريد المخاطرة بكل هذا... لقد قلل من مدى أهمية أن يبعث بوتين رسالة لجميع المتمردين المحتملين مفادها: أيها الرجال، لا تعتقدوا أن بوسعكم اقتراف هذا والبقاء على قيد الحياة".

خبير: بريغوجين افترض خطأ أن بوتين لا يمكنه الاستغناء عنه بسبب نطاق وأهمية أنشطته.

لعبة العروش

لكن غياب بريغوجين لن يخلو من كلفة يتكبدها بوتين. ويقول محللون إن ذلك يفتح احتمال نشوب صراع فوضوي من أجل السيطرة على إمبراطورية فاغنر التجارية الضخمة، واحتمال حدوث انقسام بين البراجماتيين الراغبين في الاندماج مع وزارة الدفاع وبين الفصيل القومي المتطرف المستاء والذي ينفس بالفعل عن غضبه على قنوات التواصل الاجتماعي.

ويقول آندرو بورين، المدير التنفيذي لشركة (فلاشبوينت) لاستخبارات التهديدات وهو مسؤول سابق في الاستخبارات الأمريكية "أعتقد أنه من الممكن من نواح كثيرة أن تظهر بيئة (تشبه مسلسلي) 'لعبة العروش' أو 'آل سوبرانو' يكون لدينا فيها تنافس بين فصائل وجماعات منبثقة أصغر من فاغنر". ويضيف "على المدى الطويل، أعتقد أنها خسارة استراتيجية" لروسيا.

بدوره يقول صامويل راماني، المحلل في مركز (روسي) البحثي في لندن ومؤلف كتاب "روسيا في أفريقيا"، إن فقدان شبكة بريغوجين الواسعة سيؤثر سلبا على لبوتين.

ويضيف راماني في مقابلة هاتفية إن بوتين "سيفقد علاقات شخصية كثيرة استطاع بريغوجن إقامتها في تلك القارة، بما في ذلك نوع العلاقات التي قد تكون ضرورية لتصدير الذهب والماس من الدول الخاضعة لعقوبات مثل مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى".

وتحطمت الطائرة في اليوم نفسه الذي أعلنت فيه وسائل الإعلام الرسمية الروسية إقالة سيرغي سوروفيكين، القائد السابق للمجهود الحربي الروسي في أوكرانيا، من منصب قائد القوات الجوية. وقالت تقارير واسعة الانتشار لكن غير مؤكدة أن سوروفيكين خضع لتحقيق في احتمال ضلوعه في تمرد بريغوجين.

ويقول راماني إن سقوط الرجلين قد يعيق قدرة موسكو على شن عمليات هجومية قادرة على الصمود في العام المقبل. والرجلان يعتبران على نطاق واسع من أكثر الأشخاص تأثيرا في حرب تعرضت فيها روسيا لإخفاقات كثيرة محرجة.

ويشير راماني إلى أنه إذا كان بوتين مسؤولا عن مقتل بريغوجين، فإن هذا يظهر استعداده للضلوع في قمع وحشي لأي نوع من المعارضة.

ويمضي قائلا: "لكنه يكشف هشاشة أيضا لأنه سيتعين عليه استخدام القوة الآن لقمع هؤلاء القوميين المتطرفين الذين استطاع سابقا احتواءهم وترويضهم بضمهم إلى ائتلافه. وهذا ليس مؤشرا إيجابيا على قدرة بوتين على الاستمرار بعد عام 2024".

ع.أ.ج/ أ.ح (رويترز)

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: الحرب الروسية في أوكرانيا طباخ بوتين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحرب الروسية في أوكرانيا طباخ بوتين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على متن

إقرأ أيضاً:

الصاروخ الروسي الجديد في أوكرانيا.. بوتين يلجأ لـ رسائل الترهيب

أثار استخدام روسيا صاروخا بالستيا جديدا متوسط المدى لقصف أوكرانيا قلق المجتمع الدولي، في خطوة وصفتها الأمم المتحدة بأنها "تطور جديد يثير القلق والانشغال. كل هذا يسير في الاتجاه الخاطئ".

وترى إيفانا ستاردنز، الباحثة في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، في حديث لقناة "الحرة" أن خطوة موسكو تمثل الطريقة الروسية لـ "ترهيب الغرب وأوكرانيا".

وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، إن قواته ضربت أوكرانيا مستخدمة صاروخا بالستيا جديدا فرط صوتي متوسط المدى، وذلك بعد استهدافها مدينة دنيبرو.

وتقول ستاردنز إن للرئيس بوتين "تاريخ طويل فيما يتعلق بترهيب الولايات المتحدة وأوروبا، والخطوة الأخيرة تأتي للترهيب وللتأكد من أن أوكرانيا لا تحصل على الأسلحة التي تحتاجها".

"والصاروخ جزء من التهديدات الروسية للتأكد من أننا لا نساعد أوكرانيا"، بحسب ستاردنز.

وحذرت ستاردنز من أن الغرب "يجب ألا أن يقع في فخ عدم مساعدة أوكرانيا، لأن بوتين كان يهدد باستخدام الأسلحة النووية منذ عام 2022، ولكن لا نية له في استخدام الأسلحة النووية لأن ذلك سيكون قرارا انتحاريا".

والخميس، أعلن المتحدث باسم الكرملين كما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية أن موسكو أبلغت الولايات المتحدة قبل 30 دقيقة من إطلاقها صاروخا بالستيا فرط صوتي على أوكرانيا.

وقال ديمتري بيسكوف إن "الإبلاغ تم إرساله في شكل تلقائي قبل 30 دقيقة من عملية الإطلاق"، موضحا أنّ عملية الإخطار تمّت عبر قناة "تواصل دائمة" تربط بين روسيا والولايات المتحدة للحد من خطر الأسلحة النووية.

وتخشى أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون أن يضعف الدعم الأميركي لها فيما تواجه قواتها صعوبات على الجبهة، أو أن يفرض عليها اتفاق يتضمن تنازلها عن مناطق لروسيا.

واستبعدت ستاردنز أن يكون لقرار بريطانيا السماح لأوكرانيا استخدام صواريخ بريطانية بعيدة المدى ضد روسيا تأثير في التهديد الروسي، مشيرة إلى أن بوتين اتخذ القرار حتى بدون منح الغرب الضوء الأخضر لأوكرانيا لضرب العمق الروسي.

وأعلن بوتين في وقت سابق أنّ قواته قصفت أوكرانيا ردا على إطلاقها صواريخ غربية على روسيا، بصاروخ بالستي جديد متوسط المدى فرط صوتي، في إشارة إلى القصف الذي طال مدينة دنيبرو.

مقالات مشابهة

  • باليستي فرط صوتي وصفه بوتين بأنه ''الصاروخ الذي لا يُقهر''
  • هذا ما نعرفه عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أطلق لأول مرة على أوكرانيا .. خارق ولا يمكن اعتراضه ويصل أمريكا
  • بوتين يأمر بإنتاج كميات كبيرة من السلاح الذي لا يقهر
  • بوتين: الصاروخ الروسي «أوريشنيك» لامثيل له في العالم
  • الكرملين: الصاروخ الروسي "رسالة بوتين" إلى واشنطن
  • الصاروخ الروسي الجديد في أوكرانيا.. بوتين يلجأ لـ رسائل الترهيب
  • بوتين: استخدام الأسلحة بعيدة المدى ضد روسيا يتطلب خبراء أجانب
  • بوتين يُعلن نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا على دنيبرو الأوكرانية الخميس
  • مقتل باحث إسرائيلي في جنوب لبنان.. ما الذي كان يفعله هناك؟
  • أول رد للرئيس التركي ”أردوغان” على القرار الخطير لنظيره الروسي ”بوتين” بالمرسوم النووي