سودانايل:
2025-04-14@22:41:11 GMT

اقتلاع الكيزان: الوهم والحقيقة

تاريخ النشر: 8th, April 2025 GMT

بقلم: الريح عبد القادر

(1 من 2)
من أخطر ما يعيشه "المستنيرون" السودانيون في فترة هذه الحرب وهمُ اقتلاع الكيزان. ومن المخيف أن الغالبية العظمى منهم يتوهمون أن اقتلاع الكيزان سيكون تحصيلَ حاصل، وضربةَ لازب؛ فتراهم جالسين لا يفعلون شيئاً، في انتظار أن تهوي شجرة الكيزان إلى الأرض من تلقاء نفسها. وسببُ هذا الوهم ما اشتهر بينهم من نبوءة محمود محمد طه عن اقتلاع الكيزان.

الكل يحفظ عن ظهر قلب "وسوف يقتلعون من أرض السودان اقتلاعاً". وهكذا نجد المستنيرين (المرادف العصري للمثقفين) وقد تحولوا إلى الإيمان بفتح المندل، وضرب الرمل، ورمي الودع، في نوع من العطالة الثقافية، والتواكل الثوري، مما لا يليق بدعاة التغيير.

لقد نسيَ هؤلاء، من فرط استهانتهم بعدوهم، حقيقة أنّ الكوزنة فكرة، وإنْ كانت خاطئة. والأفكار تُحاربُ بالأفكار؛ والفكرة الخطأ لا تموت إلا بالتوعية والتنوير. فمن بين جميع الذين يكتبون عن خطل التجربة الكيزانية وفشلها، قلما تجد من يتصدى لتفنيد "المبادئ المؤسِّسة للفكر الكيزاني". وبدون بيان خطل هذه المبادئ، ونسف حججها ودعاواها، سيظل الكيزان عقبة كأداء تعترض طريق بناء دولة الحرية والسلام والعدالة في السودان. بيد أنّ الخبر الجيد أنّ المبادئ التي يقوم عليها الفكر الكيزاني أوهى من بيت العنكبوت. لكن معظم الذين يهاجمون الكيزان إنما يهاجمون ممارستهم، ويتركون منبع فكرهم، ولا يعدم الكيزان أن يجدوا المبررات للدفاع عن فشل تجربتهم، والاستماتة في إحيائها ومواصلتها.
وأعتقد أن ما يعرف بنبوءة محمود محمد طه قد لعبت دوراً سلبياً في تخدير "المستنيرين" وإيهامهم بأن اقتلاع الكيزان قادم مثل فلق الفجر. ولو عُنِي هؤلاء بتحليل نبوءة محمود لتبيّنوا عوارها بأدنى جهد. يقول محمود محمد طه "إن من الأفضل للشعب السوداني أن يمر بتجربة حكم جماعة الهوس الديني". ونعلم الآن جيداً أن تجربة حكم جماعة الهوس الديني هي أسوأ ما مرّ به السودان. ويضيف محمود "وسوف تكون تجربة مفيدة للغاية"، ونعلم الآن أن هذه التجربة قد أذاقت الشعب الأمرين، وأدخلت البلاد في فتنة أحالات نهارها إلى ليل، فما هي التجربة "المفيدة للغاية" التي جناها الشعب السوداني من التشريد والاغتصاب والموت والدمار؟
إن دور قادة الفكر والرأي والسياسة والكياسة ليس في أن يتركوا شعوبهم تقع في دوامة الحروب والفتن، وترك النساء والفتيات يتعرضن للاغتصاب والتشريد، وترك الشباب يموتون موت الضأن في معارك عبثية، وترك الممتلكات عرضة للنهب والتدمير، بحجة أن يتعلم الشعب من هذه التجربة المدمرة. بل إنّ دور القادة الحقيقيين هو تجنيب شعوبهم كل هذه المآسي بسداد الرأي، والحكمة، وحسن التدبير. ويمضي محمود في "نبوءته" قائلاً إن حرب الكيزان "سوف تنتهي فيما بينهم". نعم، سوف تنتهي فيما بينهم، لكن إذا انهزم الشعبي، فسينتصر الوطني، أو إذا انهزم أحمد فسيظفر حاج أحمد. لكنهم لن يُقتلعوا من أرض السودان اقتلاعاً إلا بجهد ثوري مصحوب بجهد فكري لا يقلّ ضراوةً ومثابرة.

وفي هذا الصدد، لا يذكر الكثيرون أن المرحوم محمد أحمد محجوب سبقَ محمود محمد طه بعشر سنوات في توقع ما يحدث للسودان بسبب الكيزان. قال المحجوب مخاطباً الترابي عام 1967م: "إنني لا أخاف على السودان من تبسمك ولا من أحلامك، تبسم كما يحلو لك، واحلم كما تشاء من أحلام؛ ولكنني أخاف على السودان أن تعتلي السلطة فيه يوماً ما أو أحد اتباعك، وبذلك سوف يفقد السودانُ كلمته، والمواطنُ أسباب عيشه، ولا يجد لقمة العيش الكريمة، وسوف يكون مبغضاً من أقرب الأقربين إليه".
لم يرسم المحجوب خارطة طريق للنجاة من حكم الكيزان. لكنه على الأقل كان أكثر شفقةً وخوفاً على الشعب السوداني، وحذرنا من أننا لن نجد لقمة العيش الكريم في سوداننا، بسبب حكم الكيزان وحربهم، فنضطر إلى اللجوء إلى أقرب جيراننا فيوصدون دوننا الأبواب.

إنّ توقع نهاية الظالمين ليس دليل عبقرية، فهو مما هو مشاهد في التاريخ، ومما هو معلوم في سنن الله في خلقه. ولكن نهاية الظالم لا تعني نهاية الظلم. فقد يخلف الظالم من هو أشد ظلماً منه. ولذلك لا بد من خلق البيئة التي لا يمكن أن يترعرع فيها الظلم أو ينمو. وفي حالة الكيزان، علينا أن نعترف أن فكرهم يعشعش في رؤوس عضويتهم. وقطع الرأس وترك الجذور ليس من الحكمة في شيء. بل علينا أن نعترف أيضاً أن 30 سنة من حكم الكيزان قد جعلت الكثير من الناس كيزاناً بفهمهم وسلوكهم وإن لم ينتموا تنظيمياً للكيزان.

في الحلقة الثانية من هذا المقال سنتناول كيفية التصدي لفكر الكيزان من جذوره. وسنعتمد مقاربةً تقوم على تفكيك هذا الفكر، وإزالة الرغام والركام الكثيف الذي يغلفه، لكي ننفذ إلى جوهره. إنّ جوهر الفكر الكيزاني هو طلب السلطة، والتناجي للوصول إليها من دون بقية المواطنين، والعمل على المحافظة عليها بكل الوسائل. وطلب السلطة في الإسلام منكر عظيم. لا يشفع فيه وضع الغايات النبيلة، مثل إقامة الدين وتطبيق الشريعة وخلاف ذلك. وهو ما سنستعرضه في الجزء القادم بحول الله تعالى.

alrayyah@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: محمود محمد طه

إقرأ أيضاً:

مصطفى شعبان يبدأ تصوير فيلمه الجديد .. الأحد

يستعد النجم مصطفى شعبان، للبدء في تصوير مشاهد فيلمه الجديد الذي يعود به للسينما يعد غياب سنوات طويلة. 

ويشارك مصطفى شعبان بطولة فيلمه الجديد، النجم كريم عبد العزيز، بالإضافة إلى الفنانة ياسمين صبري.

عودة مصطفى شعبان للسينما

وأكد الفنان مصطفى شعبان أنه يستعد خلال الفترة القادمة للتفرغ لمشروعه السينمائى القادم.

وقال مصطفى شعبان فى حواره مع et بالعربي، إن هناك مشروع فيلم سينمائى سوف يخوض تجربته بعد غياب 15 عاما عن السينما ورفض مصطفى الافصاح عن أى تفاصيل تخص المشروع إلا بعد بدء تصويره بعد العيد.

وعن مشروع فيلم حتى لا يطير الدخان أكد مصطفى شعبان أن المشروع لايزال قائما ولكن انشغل بسبب تصوير مسلسل المعلم وأيضا المؤلف مدحت العدل انشغل بسبب الموسم الرمضاني.

أفلام مصطفى شعبان

وكان أحدث أعمال مصطفى شعبان، في السينما هو فيلم الوتر، الذي تم عرضه عام 2010، وشارك معه في بطولة الفيلم، كل من: غادة عادل، أروى جودة، سوسن بدر، أحمد السعدني، أشرف زكي، فاطمة ناصر، محمد محمود، ومن تأليف محمد ناير، وسيناريو وحوار وإخراج مجدي الهواري.

أعمال مصطفى شعبان

وكان أحدث أعمال مصطفى شعبان، هو مسلسل حكيم باشا، الذي تم عرضه في الموسم الدرامي الرمضاني الماضي. 

مسلسل حكيم باشا لـ مصطفى شعبان، شارك في بطولته، كل من: (رياض الخولي، سلوى خطاب، سهر الصايغ، منذر رياحنة، وأخرون) وتأليف محمد الشواف، وإخراج أحمد خالد أمين. 

تدور أحداث مسلسل حكيم باشا في إطار صعيدي، حيث يقدم الفنان مصطفى شعبان اللون الدرامي الصعيدي لأول مرة من خلال هذا العمل، الذي سيكون من تأليف محمد الشواف، وإخراج أحمد خالد أمين.

أعمال مصطفى شعبان

كان أحدث أعمال الفنان مصطفى شعبان هو مسلسل "المعلم" الذى تم عرضه فى الموسم الدرامي الرمضاني الماضي.

مسلسل المعلم بطولة، مصطفى شعبان، سهر الصايغ، أحمد بدير، عبد العزيز مخيون، انتصار، منذر رياحنة، سلوى خطاب، محمود الليثى، أحمد فؤاد سليم، سارة نور، محمد العمروسى، أحمد عبدالله محمود، أسامة الهادى، مصطفى حشيش، لبنى ونس، طارق النهري، مفيد عاشور، علاء زينهم، حمدي هيكل، الطفل جان رامز، وعدد آخر من الفنانين، والعمل من تأليف محمد الشواف وإخراج مرقس عادل.

مقالات مشابهة

  • انطلاق العرض المسرحي «الوهم» وسط حضور جماهيري كبير على مسرح المركز الثقافي بطنطا
  • مصطفى شعبان يبدأ تصوير فيلمه الجديد .. الأحد
  • اقتلاع الكيزان: الوهم والحقيقة (2 من 2)
  • قراءة في كتاب .. محمود محمد طه: من أجل فهم جديد للإسلام (13-13)
  • علي جمعة: تخلصنا من عشوائيات السكن وباقي عشوائيات الفكر والتدين
  • شلبي والجزيري يقودان الزمالك لمواجهة حرس الحدود
  • ينطلق غدا مجانا.. قصور الثقافة تقدم العرض المسرحي "الوهم" بمركز طنطا
  • ما الواجب المباشر تجاه الفكر الحر في ظل استمرار السردية التكفيرية؟ «12-13»
  • مجانا.. عرض مسرحي بعنوان "الوهم" على مسرح المركز الثقافي بطنطا
  • في ذكرى 11 /أبريل : إبدال الكيزان وجه البشير بوجه البرهان المقنع