كاتبة تحذر من التطبيع مع جرائم الاحتلال في غزة.. غضبنا الأخلاقي لن يسمح بذلك
تاريخ النشر: 8th, April 2025 GMT
شددت الكاتبة في صحيفة "الغارديان" البريطانية، نسرين مالك، على أن السياسيون يعملون على تطبيع ما يحدث في قطاع غزة من جرائم على يد الاحتلال الإسرائيلي، مشيرة إلى أن "غضبنا الأخلاقي لن يسمح بحدوث ذلك".
وقالت مالك في مقال نشرته الصحيفة المشار إليها وترجمته "عربي21"، إنه "كلما ازدادت المذبحة فظاعة، ازدادت معاقبة الناس على التعبير عن آرائهم.
وأضافت أن "صور صادمة ولقطات مؤلمة ومنشورات عليها تشويش لا يكشفها إلا الموافقة على المشاهدة. منذ عام ونصف، تُخيم على ما يراه العالم من غزة عبارات التنويه [ببشاعة المحتوى]. أحيانا، تُوقفني المشاهد عن متابعة الأحداث إذ أستعيدها فجأة، ككابوس نُسي ثم استعاد ذاكرته بوضوح. مع غياب الشعور بالراحة لأن كل ذلك كان حلما".
وتابعت أنه "في الأسبوع الماضي، شاهدت لقطات تُظهر ما بدا أنه جثة رضيع ممزقة مقطوعة الرأس. رأيت أشلاء ممزقة مُجمعة في أكياس بلاستيكية. سمعت صراخ المحتضرين وصمت الموتى، بينما تلتقطهم الكاميرات متراكمين، بعضهم في عائلات بأكملها. إن هجوم إسرائيل على غزة يتحدى كل التوقعات. مع مرور الوقت، ومع تزايد عتبة ما يُعتبر لا يُطاق، تستمر أشكال القتل المُرعبة والمتنوعة في اجتياز حاجز الخدر".
وأشارت إلى أنه "في الوقت نفسه، تفعل السياسة أحد أمرين: إما أن تُخفف وطأة هذه الكارثة التاريخية، باللجوء إلى لغة مُملة تُشجع على العودة إلى طاولة المفاوضات، كما لو كانت مجرد خلاف مؤسف يُمكن حله بتهدئة النفوس قليلا، أو أن تُعكس الكارثة. إن الدعوة إلى وقفها، بدلا من أن تكون غريزة إنسانية طبيعية، أصبحت الآن دافعا يُعادل في بعض البلدان حد الاعتقال أو الترحيل".
وشدد على أن "هذه الرواية تجعل أهل غزة، الحاضرين دائما على شاشاتنا وجداولنا الزمنية في مجازرهم اليومية، بعيدين ومنعزلين. لقد رُحِّلت غزة إلى بُعد آخر لا تُطبَّق فيه أي قواعد. جغرافيا، عُزلت وانتُزعت من الأرض. لا يُسمح للصحفيين والسياسيين الأجانب بالدخول. يُقتل الصحفيون المحليون. تُمنع المساعدات الأجنبية. يُقتل عمال الإغاثة المحليون. تتحدث المحاكم الدولية ومنظمات حقوق الإنسان بصوت واحد عن إجرام ما يحدث. وتتجاهلها أو تهاجمها الجهات الراعية الإسرائيلية دون اكتراث".
وقالت الكاتبة إنه "مع ذلك، ورغم جهود حجب الغرباء وإسكات من في الداخل، تتزايد الأدلة على عدم قانونية الحملة الإسرائيلية على غزة وعدم تناسبها. في الشهر الماضي، قتلت القوات الإسرائيلية عاملين في الهلال الأحمر ودفنتهم مع مركباتهم. وتُظهر لقطات من هاتف محمول أن ادعاء إسرائيل بأن أنشطة الفريق مشبوهة كان كاذبا. وُجد العامل الذي صوّر الفيديو مصابا برصاصة في الرأس. قبل وفاته، طلب من والدته المغفرة على موته، لاختياره مهنة خطيرة كهذه. كم من هذه الجرائم، التي ارتُكبت ودُفنت تحت جنح الظلام في غزة، دون تسجيلات تُناقض ادعاءات إسرائيل، قد وقعت؟".
ووفقا للمقال، فقد يبدو الأمر "كما لو أن إسرائيل نجحت في لعب دور القاضي والمحلف والجلاد، وأنها تنجح، برعاية أمريكية وغربية، في عزل الفلسطينيين عن بقية البشرية. لكنها مهمة تتطلب الآن إكراها. تتصاعد الحرب وتُحبط أي مبرر، لذا يجب تطبيعها بالقوة. وقد تكون هذه القوة قمعية على المدى القصير، لكنها مُهينة على المدى الطويل. إنها تتطلب موارد ومواجهات وتقلّب. باستهداف الطلاب الذين يتحدثون ضد ما يحدث في غزة، تخوض الحكومة الأمريكية حربا مع جامعاتها، وأثارت صراعا داخلها. وبتحركها لترحيل الطلاب والأكاديميين، تورطت إدارة ترامب في صراع مع نظامها القانوني. إن جهود ألمانيا لترحيل المشاركين في الاحتجاجات المؤيدة لغزة توسع الاستبداد المقلق إلى أبعد من ذلك. إن تعبئة آلية الدولة ضرورية لأنه لم يعد من الممكن إسكات القلق بشأن حجم الأزمة في غزة بالتوبيخ وحده".
وأضافت الكاتبة أن "هذا الحشد والصراع المصاحب له يُسلطان الضوء أكثر على ما جرّت إسرائيل إليه بقية العالم. فهو لا يُنتج سوى شخصيات بارزة من المتظاهرين، مثل محمود خليل، خريج جامعة كولومبيا وحامل البطاقة الخضراء، الذي يُملي، من خلال محاميه، تقارير مُدمرة حول ما يكشفه اعتقاله عن الحرب وعن نظام الهجرة والعدالة الأمريكي. كما يُوطّد هذا الروابط مع الفلسطينيين التي يسعى خصومهم إلى قطعها. وبرفع سقف الاحتجاج، يُظهر بوضوح أن هذه المخاطر مُلكٌ للجميع - الحق في حرية التعبير والإجراءات القانونية الواجبة، والحماية من تجاوزات الدولة، وممارسة أبسط مبادئ الإنسانية. المطلوب هو أنه لكي تكون آمنا من الاضطهاد، يجب عليك أن تقلع عينيك. فبدلا من إقصاء غزة عن السياسة الداخلية، أعاد حلفاء إسرائيل الحرب إلى الوطن".
"أضف ذلك إلى الموت والجوع اللذين يتفاقمان في غزة، وستحصل على وصفة لا للخوف، بل لزيادة الرغبة في الضغط الأخلاقي والشهادة"، حسب الكاتبة.
وشددت مالك على أنه "مع التنازل السياسي، لم ينطفئ ذلك النوع من الإدانة العاجلة ودق ناقوس الخطر الذي كان ينبغي أن يصدر عن القادة، بل انتقل. ففي الأسبوع الماضي وحده، كشفت مذكرات فيديو لجراح صدمات ومقابلة له على برنامج بي بي سي نيوزنايت عن المزيد من قتل الأبرياء، والمزيد من الأطفال الذين يستيقظون مشلولين، أو ببطون مليئة بالشظايا وهم ينادون على أمهاتهم. في لندن، أوقف احتجاج حركة المرور. وفي واشنطن العاصمة، رُفعت لافتة تحمل أسماء القتلى في احتجاج آخر. وفي جامعة كولومبيا في نيويورك، قيد الطلاب اليهود أنفسهم بالسلاسل إلى البوابات احتجاجا على احتجاز إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية (آيس) لزملائهم".
وانتقلت رواية عمليات قتل الهلال الأحمر من الجثث إلى مسؤول الأمم المتحدة، إلى وسائل الإعلام. ويجري الآن تشكيل حكومة ظل للمساءلة، تتكون من أشخاص يئسوا منذ فترة طويلة من الثقة أو الأمل في المؤسسات السياسية. لقد حلّ نقيض التعب، وهو أمرٌ متوقعٌ منطقيا بعد عام ونصف، وفقا للمقال.
وقالت الكاتبة إنه "قد يبدو أن الحياة مستمرة، كما تستمر الحرب على غزة. قد يبدو أن الهزيمة قد حلّت، حيث تتصارع إسرائيل وحلفاؤها مع الناس والنظام العالمي بأسره لإجبار الحرب على الصمود. وقد أغرقت رئاسة دونالد ترامب المنطقة بصدمات متعددة، من الاقتصادية إلى السياسية. لكن الوضع الراهن مضطربٌ وهائج، لأن ما يحدث للكثيرين لا يُطاق، ولو أن الاحتجاج والإدلاء بالشهادة والمواجهة قد تُنقذ حياة واحدة أو تُعجّل نهاية الحرب ولو دقيقة واحدة، فإنها ستستمر".
وشددت على أنه "كل جثة، وكل مدينة تُسحق وتُصبح أنقاضا، وكل طفل مُدمى، لا وجود له في أرض بعيدة ميؤوس منها، بل في أعماق الناس. لأنه من المستحيل أن يُرى العالمُ الدمارَ اليوميَّ الذي يُصيبُ شعبا ويُرهَب أو يُرهَق حتى يعتاد عليه. قد يختار البعض تجاهله، أو تبريره، أو حتى دعمه، لكنهم لن يستطيعوا أبدا تطبيعه".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية غزة الاحتلال الفلسطينيين فلسطين غزة الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ما یحدث فی غزة على أن
إقرأ أيضاً:
الإعلام الحكومي بغزة: الاحتلال والإدارة الأمريكية يقودان حملة إبادة في القطاع
حمّل المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، اليوم، الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن التدهور الإنساني الخطير الذي يشهده القطاع نتيجة السياسات "الإجرامية" المتواصلة، مطالبًا المجتمع الدولي باتخاذ خطوات عاجلة لوقف ما وصفه بـ"الإبادة الجماعية" واستهداف المنشآت الحيوية.
وأكد المكتب في بيان صحفي أن "صمت العالم إزاء جرائم الاحتلال المستمرة يمثل مشاركة فعلية في العدوان والإبادة الجماعية بحق سكان غزة"، داعيًا الدول المانحة إلى التحرك العاجل لتوفير بدائل سريعة وآمنة لأنظمة الطاقة، في ظل التدمير الممنهج للبنية التحتية، وضمان استمرارية الخدمات الأساسية في القطاع.
وأوضح البيان أن قوات الاحتلال "استهدفت أكثر من 4000 منزل ومنشأة مزوّدة بأنظمة طاقة شمسية، في محاولة واضحة لتدمير مصادر الطاقة البديلة، وتكريس الحصار على القطاع المنهك أصلًا".
كما دعا المكتب الإعلامي المنظمات الدولية إلى توثيق جرائم الاحتلال ومحاسبة مرتكبيها أمام المحاكم الدولية، مشددًا على ضرورة وقف استهداف المدنيين والمنشآت الخدمية، وضمان حماية السكان وفقًا للقانون الدولي الإنساني.