تل أبيب والعبث الإقليمي والدولي في سوريا
تاريخ النشر: 8th, April 2025 GMT
دأب الكيان الصهيوني على تسويق سرديته خلال الأشهر الماضية من أنه يردُّ بحربه وعدوانه على غزة على هجوم السابع من أكتوبر، الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية حماس على غلاف غزة، متجاهلاً سنوات احتلاله الممتدة لقرن، وممارساته الفظيعة بحق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة، لكن ممارساته الأخيرة التي استهدفت سوريا قصفاً بالطيران والمدفعية وتوغلاً بالدبابات والعربات العسكرية في الجنوب السوري، نسف الرواية الصهيونية هذه، وضخ دماءً جديدة في شريان رواية متخمة بالأدلة والبراهين على عدوانية الدولة العبرية، وهي الرواية والسردية التي لا تفتقر لمثل هذه الأدلة، في ظل الممارسات اليومية لها.
العهد السوري الجديد الذي أعلن منذ اليوم الأول بأنه معني بإعادة إعمار ما دمرته سلسلة الحروب على الشعب السوري لنصف قرن، وتحديداً لـ الثلاثة عشر عاماً الأخيرة، لم تشفع له، وظلت الدولة العبرية المتعطشة للدماء والسلب والنهب والعدوان والقضم، على استغلال الواقع السوري الصعب، إن كان بانشغاله بلملمة جراحاته، أو باستقواء الطرف الصهيوني بالحليف الأمريكي، وبحالة الضعف العربي حيال التعاطي مع العدوان على غزة، بالإضافة إلى استباحته للسماء السورية التي فقدت كل ما لديها من إمكانيات تصدي جوية، لاسيما بعد أن سلّمت العصابة الأسدية قبل سقوطها، كل خرائط ومعلومات الأسلحة الإستراتيجية السورية للكيان الصهيوني بحسب الصحف الإسرائيلية، وتولّت قصفها وتدميرها، وحرمان الشعب السوري من مقدراته التي دفع ثمنها من قوت يومه.
المتتبع لسنوات الثورة السورية، يرى بوضوح نأي الدولة العبرية بنفسها عن التدخل المباشر في مناطق الثورة، حتى المجاورة لها، واكتفت بقصف مواقع المليشيات الإيرانية في الفترة الأخيرة، لكنها صمتت تماماً عن تدخلها في السنوات الأولى للثورة، كما أنها رفضت التدخل مطلقاً، حين كانت قوات شهداء اليرموك المحسوبة على داعش قريبة منها، وهو ما يضع ألف إشارة استفهام اليوم على مغزى التحرك الصهيوني ضد الدولة السورية الجديدة، وبالتالي فما هي المآلات التي قد تأخذنا إليه مثل هذه التحركات، في ظل إصرار صهيوني على تقويض سيادة العهد الجديد، وهو ما تستقوي به كيانات وطوائف داخلية، أملاً في لا مركزية أو فيدرالية، وهو المطمح الصهيوني الذي لا يخفيه منذ فترة طويلة.
حين حذرت بعض الدول الغربية من تقويض الاستقرار الإقليمي والدولي نتيجة هذه الغارات الصهيونية، والتي بلغت أكثر من 750 غارة صهيونية منذ انتصار الثورة السورية، مستهدفة الأسلحة الإستراتيجية السورية على امتداد الأرض السورية، فإن هذا التحذير يعني باختصار أن الفراغ الذي ستُحدثه مثل هذه الغارات، سيكون مدخلاً للقوى المعادية للاستقرار والسلام في المنطقة، وبالتالي فيمكن أن تعود القوى التي طردتها الثورة السورية من الباب، عبر الشباك، وهو الأمر الذي ينبغي أن يتحمل مسؤوليته الكيان الصهيوني وحده، خصوصاً ونحن نرى الحالة الشعبية السورية الغاضبة والمتصاعدة ضد هذه الغارات المستهدفة أولاً سوريا، وقد امتدّ هذا الغضب إلى العدوان المتواصل بشكل لحظي على غزة، مما يزيد من وقود وحطب الغضب الشعبي السوري نتيجة تعاظم المعاناة الغزية على امتداد الستة عشر شهراً الماضية، والتي لا تزال مستمرة ومتواصلة ومهددة بنتائج ربما أصعب مما عانته غزة.
المجتمع الدولي مُطالب اليوم وبقوة وبشكل عاجل بالأخذ على أيدي الكيان الصهيوني، فحتى الحكومة السورية الجديدة المشغولة على كثير من الجبهات، ستكون ربما عاجزة عن ضبط الواقع السوري في حال استمرار مثل هذه الغارات، إن كان باختراقات داخلية وخارجية للواقع الأمني السوري، أو بخروج الغضب الشعبي السوري عن مساره نتيجة الاستهدافات الداخلية، أو بسبب استمرار العدوان على غزة، ونحن نلمس اليوم تصاعداً في المظاهرات والاحتجاجات السورية على امتداد جغرافية سوريا ضد النزيف المستمر في غزة.
لا شك فإن الواقع العربي كله متعاطف مع غزة، وبالتالي ما يجري فيها يمسّ كل مدينة وبلدة عربية وإسلامية، وبالتالي فإن استمرارية العدوان عليها، قد يمتد تأثيره وانعكاساته على هذه البلدات والمدن، لكن بالمقابل فإن سوريا التي خرجت من تحت الأنقاض والحروب المرهقة والمثقلة بحاجة إلى حالة من النقاهة، وهي اليوم مشغولة بمداواة نفسها، إن كان على مستوى الخدمات المدمرة، والبيوت المحطمة والدولة الفاسدة المفسدة، ولذا فإن جهاد البناء مستمر على كل الجبهات، ويستدعي جهود الجميع، وحرفها عن مسيرتها هذه إضرار بدول المنطقة قبل أن يضر بها فقط، فسوريا ليست دولة هامشية في الإقليم كما هو معروف، فهي تشكل خط الصدع، وفالق الزلزال، ولذا على الجميع أن يتنبه لخطورة ما يجري فيها، وعواقب ونتائج التحركات الصهيونية المستهدفة لوحدتها واستقرارها، لأن وقوع الزلزال هذا ستشمل قوته التدميرية الجميع، لاسيما مع هزات ارتداداته.
(الشرق القطرية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه غزة سوريا سوريا غزة الاحتلال قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد صحافة مقالات صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذه الغارات على غزة
إقرأ أيضاً:
زيارة الرئيس الإندونيسي لمصر.. ما هي أبرز الملفات التي يبحثها مع الرئيس السيسي اليوم؟
تحرص قيادة مصر وإندونيسيا على تعزيز الشراكة الثنائية فى شتى المجالات ذات الاهتمام المشترك، وتكثيف التعاون والتنسيق السياسى إزاء القضايا والأزمات الإقليمية والدولية، حيث من المقرر أن يستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو، في زيارة رسمية.
القضية الفلسطينية على رأس القضايا المشتركة بين مصر وإندونيسيامن المقرر أن يتباحث الرئيس السيسي مع نظيره الإندونيسي، القضايا ذات الاهتمام المشترك، منها التعاون الاقتصادي والملف الفلسطيني وتطورات القضية الفلسطينية، لما تثيره من تداعيات على مختلف القضايا الأخرى.
ومن المقرر أن يكون هناك توافقا بين مصر وإندونيسيا، حول الموقف من هذه التطورات، وأهمية العودة إلى إيقاف العدوان الإسرائيلي، وأهمية إنفاذ المساعدات الإنسانية، وهو ما يعاني منه قطاع غزة نتيجة لسياسة التجويع التي تتبعها إسرائيل.
التنسيق السياسي والتعاون الأمنيوسيبحث الزعيمان تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية، وأهمية التنسيق السياسي المشترك لمواجهة التحديات الأمنية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط.
بالإضافة إلى تعزيز التعاون الأمني في مجال مكافحة الإرهاب والعمل المشترك لضمان استقرار المنطقة.
وسوف تشمل المباحثات أيضًا تطورات الأوضاع في غزة والدول العربية والأفريقية، مع التشديد على أهمية إيجاد حلول سلمية تعزز الأمن الإقليمي.
الطاقة المتجددة والأمن الغذائييستعرض الجانبان فرص التعاون في مجالات الطاقة المتجددة، لا سيما الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، في إطار توجه البلدين نحو التحول إلى مصادر طاقة نظيفة.
كما سيتم مناقشة سبل تأمين احتياجات الأمن الغذائي وتعزيز القدرات في الإنتاج الزراعي والغذائي بما يخدم مصالح الشعبين.
اقرأ أيضاًاليوم.. الرئيس السيسي يبحث مع نظيره الإندونيسي سبل استعادة الاستقرار بالشرق الأوسط
«هي دي الجمهورية الجديدة بحق».. تعليق قوي لـ بسمة وهبة على جولة الرئيس السيسي وماكرون في شوارع مصر
بعد تعيينه رئيسا لـ«للتنظيم والإدارة».. حاتم نبيل يوجه الشكر للرئيس السيسي