تمثل مصر صمام الأمان وصانعة التوازنات في الوطن العربي، بثقلها السكاني والجيوسياسي الأكبر في الشرق الأوسط، وتاريخها العريق الذي جعلها ملاذا آمنا لكل مَن لجأ إليها. ورغم تراجع دورها الإقليمي منذ منتصف 2013 -عقب استيلاء السيسي على الحكم- إلا أنها ما تزال تمتلك المقومات المادية والبشرية، والعسكرية، والناعمة الكفيلة بمواجهة أي تهديد لأمنها القومي أو مقدسات الأمة.



وفي ظل التصعيد المُمنهج للكيان الصهيوني ضد غزة؛ تبرز مصر كلاعبٍ استراتيجي لا غنى عنه لسببين جوهريين:

- الأول: حماية حدودها الشرقية عبر ردع العدوان عن غزة، التي تُشكل خط الدفاع الأول عن الأمن القومي المصري.

- الثاني: تعزيز مكانتها الإقليمية كلاعبٍ فاعل لا يكتفي بالشجب، بل يفرض توازناتٍ جديدة عبر خطوات استباقية ذكية.
وهنا تُطرح سبع آلياتٍ عملية (ليست دعوة للحرب) بل خريطة طريق لاستعادة الردع عبر تصعيدٍ مُحسوب يجمع بين الضغط الدبلوماسي والاستعداد العسكري، مع إبقاء الباب مفتوحا للحلول السياسية. فكيف تُعيد هذه الخطوات تشكيل معادلة الصراع؟

الخطوات السبعة لاستعادة الردع:

1- استدعاء السفير المصري من تل أبيب (اليوم الأول): الصدمة الدبلوماسية

تُعد خطوة استدعاء السفير المصري من الكيان الصهيوني أقوى رسالة دبلوماسية يمكن أن ترسلها القاهرة، تفوق قطع العلاقات وضوحا. فاستدعاء السفير لا يعني إنهاء الحوار، بل يُعلن أن التعامل مع الكيان الصهيوني لم يعد "شراكة طبيعية"، بل تحوّل إلى محاسبة طرفٍ معتدٍ. هذه الخطوة تدفع المجتمع الدولي للتحرك العاجل قبل تفاقم الأزمة، وتُحمّل الكيان الصهيوني مسؤولية العواقب.

2- إعلان السفير الصهيوني "شخصا غير مرغوب فيه" (اليوم الثاني): تصعيد مدروس

بعد استدعاء سفيرها، تُعلن مصر السفير الصهيوني في القاهرة "شخصا غير مرغوبٍ فيه"، لخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى أدنى درجة (كالمساعدين). هذه الآلية تُزيد العزلة الدبلوماسية للكيان الصهيوني داخليّا، وتُجبر قيادته على مواجهة سؤالٍ محرج: "لماذا تفقد حليفها الاستراتيجي في المنطقة؟".

3- مراجعة اتفاقية كامب ديفيد (اليوم الثالث): إعادة تعريف التحالفات

تقديم طلب مراجعة الاتفاقية لمجلسي النواب والشيوخ -حتى مع محدودية صلاحياتهما- سيُحدث زلزالا سياسيّا. فاتفاقية كامب ديفيد ليست مجرد معاهدة سلام، بل رمزا للتحالف الاستراتيجي بين مصر والكيان الصهيوني والولايات المتحدة. ومراجعتها (حتى دون إلغائها) ترسل رسالة لواشنطن بأن "الوضع القائم لم يعد مقبولا"، وتفتح الباب لإعادة التفاوض على شروط جديدة، مثل رفض التطبيع دون وقف العدوان على غزة وإقامة دولة فلسطين.

4- دعوى قضائية عاجلة لوقف التبادل التجاري (اليوم الرابع): الضغط الاقتصادي

إذا أصدرت جهة قضائية مصرية حكما عاجلا (قابلا للاستئناف) بوقف الاستيراد من الكيان الصهيوني أو التصدير إليه خلال الحرب على غزة، فسيكون التأثير مزدوجا:

- اقتصاديّا: سيُصيب القرار سلاسل الإمداد الإسرائيلية في قطاعاتٍ حيوية (مثل الزراعة والسلع الاستهلاكية) بالرعب، خاصة مع اعتماد الكيان الصهيوني على الشراكة المصرية فيها.

- سياسيّا: سيدفع المجتمع الدولي لتكثيف جهود إيقاف الحرب، خاصة مع تصاعد الاحتجاجات العالمية ضد جرائم الكيان الصهيوني.

5- تعبئة الاحتياطي العسكري (اليوم الخامس): ورقة الردع المادي

رغم أن مصر لا تعلن الحرب، فإن تعبئة الاحتياطي العسكري تُذكّر الكيان الصهيوني بأن الجيش المصري -الأقوى عربيّا- في حالة تأهبٍ كامل. هذه الخطوة تستهدف إرباك القيادة الصهيونية التي تدرك أن استمرار العدوان على غزة قد يُعرّض حدودها الجنوبية لخطر المواجهة، خاصة مع انتشار القوات المصرية قرب سيناء.

6- تدريب الشباب على السلاح (اليوم السادس): الحرب النفسية

فتح مراكز التدريب العسكري في الجامعات ومراكز الشباب يُرسل رسالة نفسية مفادها أن الشعب المصري -بكل فئاته- مستعد للدفاع عن أمنه. هذه الخطوة تُعزز الروح الوطنية، وتُشكّل ضغطا داخليّا على حكومة الكيان الصهيوني، التي تُدرك أن التصعيد قد يحوّل مصر من وسيطٍ إلى خصمٍ مباشر.

7- إعلان الطوارئ وتشكيل وزارة للأزمة (اليوم السابع): ذروة التصعيد المُنضبط

إعلان الطوارئ وتشكيل وزارة مختصة بإدارة الأزمة (ولو مؤقتا) يؤكد أن مصر دخلت مرحلة المواجهة الشاملة عبر تعبئة كل موارد الدولة. هذه الآلية تُجبر المجتمع الدولي على التدخل الفوري لاحتواء الأزمة قبل خروجها عن السيطرة.

والخلاصة: هل تكفي الآليات السبع لتحقيق الردع؟

الخطوات السابقة -رغم طابعها النظري- تعكس منهجا مصريّا قائما على "التصعيد الذكي"، الذي يرفع ثمن العدوان دون الدخول في حربٍ مكلفة. لكن نجاحها يرتبط بعاملين:

1- التوقيت الدقيق: تنفيذها خلال أسبوعٍ واحدٍ لخلق تأثير تراكمي يصعب على الكيان الصهيوني احتواؤه.

2- الدعم الإقليمي والدولي: تحويل الضغط المصري إلى حملة عربية ودولية لعزل الكيان الصهيوني.

مصر -برصيدها التاريخي والحضاري- تدرك أن الحرب آخر الحلول، لكنها تعرف أيضا كيف تحوِّل أدواتها الناعمة إلى سيفٍ مصلتٍ يفرض واقعا جديدا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات مصر غزة الإسرائيلية مصر إسرائيل غزة مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد صحافة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الکیان الصهیونی

إقرأ أيضاً:

قوات العدو الصهيوني تطلق قنابل الصوت عند مستشفى جنين

الثورة نت/
أطلقت قوات العدو الإسرائيلي، صباح اليوم الأحد، قنابل الصوت عند مدخل مستشفى جنين الحكومي، أثناء تواجد عدد من المواطنين والمراجعين، ما أدى إلى حالة من الخوف والهلع بين صفوفهم.
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) بأن قوات العدو انتشرت بالقرب من حي الجابريات، وأوقفت مركبات المواطنين الفلسطينيين، ودققت في هوياتهم.
ويتواصل لليوم الـ76، عدوان الاحتلال على مدينة ومخيم جنين، مخلّفا 36 شهيدا
فلسطيني، وعشرات الجرحى.

مقالات مشابهة

  • حماس تشيد بطرد السفير الصهيوني من الاتحاد الأفريقي
  • السفير عزت سعد: فرنسا من الشركاء الكبار لمصر داخل منظومة الاتحاد الأوروبي
  • هولندا تعلن تشديد القيود على الصادرات العسكرية إلى الكيان الصهيوني
  • طرد سفير الكيان الصهيوني بإثيوبيا من مقر الاتحاد الإفريقي
  • هيئة مغربية تعبر عن استنكارها لتداول أخبار بشأن عبور سفينة أسلحة إلى الكيان الصهيوني عبر ميناء طنجة المتوسط
  • التجمع يؤيد الإضراب العالمي للتضامن مع غزة.. ويدعو لمواصلة الضغط على الكيان الصهيوني
  • قوات العدو الصهيوني تطلق قنابل الصوت عند مستشفى جنين
  • روجت لـ«حق إسرائيل في الرد».. بلاغ للنائب العام يتهم داليا زيادة بالتخابر ودعم الكيان الصهيوني
  • الإعلامي الحكومي في غزة: فيديو المسعفين يفضح أكاذيب العدو الصهيوني