أثارت قرارات الرئيس الأمريكى «ترامب» بفرض رسوم جمركية جديدة على الواردات ردود أفعال واسعة حول العالم، حيث سارعت الدول المتضررة إلى التنديد بهذه الإجراءات والتحذير من تداعياتها الاقتصادية.

بدأت القصة في "يوم التحرير"، عندما أعلن " ترامب" عن فرض رسوم جمركية قاسية على الواردات من دول متعددة، ما أثار موجة من التوترات التجارية في جميع أنحاء العالم.

كان الرئيس الأمريكى قد أكد أن الهدف من هذه الرسوم هو تحقيق توازن تجاري لصالح الولايات المتحدة، وحماية الصناعات الأمريكية من المنافسة الخارجية، وقال إن هذه الرسوم تهدف إلى تصحيح الخلل في الميزان التجاري الأمريكي وتعزيز الإنتاج المحلي.

ولتنفيذ رؤيته الاقتصادية فرض ترامب رسومًا جمركية على جولتين الأولى شملت بعض الدول مثل كندا والمكسيك والصين، قبل أن يعصف الطوفان الجديد بدول الاتحاد الأوروبي ودول أخرى بلغت أكثر من 180 دولة وجزيرة وإقليم، وشملت فرض رسوم تبدأ من 10% وتصل إلى 49%.

ولم يكد الرئيس الأمريكي يعلن جولته الثانية من حرب الرسوم الجمركية، والذى وصفه ترامب بـ"يوم التحرير" الأمريكي، حتى اشتعلت ردود الفعل الغاضبة من مختلف دول العالم، وعلى رأسها الصين والاتحاد الأوروبي. وتوقع خبراء أن تؤدي تلك الرسوم لتغيير كبير في خارطة الاقتصاد العالمي.

وبدأت التحركات العالمية للرد على قرارات ترامب والتصدي لها، وتوعدت كندا وأوروبا والصين وعدة دول بالرد على حرب رسوم ترامب.

وحذر اقتصاديون من طوفان رسوم ترامب الجمركية، وأن تلك الرسوم المتبادلة على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، تهدد بإثارة حرب تجارية عالمية والتأثيرات لن تتوقف على العالم، وتوقع خبراء ومؤسسات دولية أن يشهد الاقتصاد الأمريكي ركودًا كبيرًا الفترة القادمة.

وأشعلت تلك القرارات أسواق المال العالمية ودخلت الأسواق العالمية حالة من القلق وعدم اليقين، وخسر المستثمرون الأمريكيون من جراء التراجعات الكبيرة في أسواق الأسهم.

فهل ستنجح سياسة ترامب في إعادة هيكلة النظام التجاري العالمي؟ أم أن العواقب الاقتصادية ستجعل العالم يعيد النظر في الطريقة التي تُدار بها التجارة الدولية؟

يأتي هذا في الوقت الذى يترقب الجميع نتائج هذه السياسات، وهل ستظل الأسواق العالمية تحت ضغط هائل؟ الأيام القليلة القادمة ستحدد مصير هذه الحرب التجارية.

وفى رد فعل سريع أعلنت "بكين" أنها ستفرض رسومًا جمركية بنسبة 34% على جميع الواردات القادمة من الولايات المتحدة، وذلك بدءًا من 10 أبريل الجاري.

تأتي هذه الخطوة في إطار الرد الصيني المباشر على إعلان "ترامب" فرض رسوم جمركية مماثلة بنسبة 34% على السلع الصينية، وبإعلان هذه الخطوة، يرتفع إجمالي الرسوم الجمركية الأمريكية على الواردات من الصين إلى 54% حيث فرضت الولايات المتحدة سابقًا رسوما بنسبة 20%.

كما قررت وزارة المالية الصينية فرض قيود على تصدير بعض المواد المرتبطة بالمعادن النادرة، وهي مواد يتم استخدامها في المنتجات عالية التقنية مثل رقائق الكمبيوتر وبطاريات السيارات الكهربائية.

وفى الاتحاد الأوروبي انتقدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، القرار الأمريكي بشدة، مؤكدة أن هذه الرسوم تشكل ضربة قاسية للاقتصاد العالمي.

وقالت إن الاتحاد الأوروبي يستعد للرد بإجراءات مضادة في حال فشل المفاوضات مع واشنطن.

فيما عقد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اجتماعًا مع ممثلي القطاعات الاقتصادية المتأثرة بالرسوم الأمريكية، بينما أكدت المتحدثة باسم الحكومة صوفي بريماس، أن الاتحاد الأوروبي يخطط لاستهداف قطاع الخدمات الرقمية ردًّا على الإجراءات الأمريكية.

ومن جانبه ندد اتحاد صناعة السيارات الألماني، بالرسوم الجمركية، مشددًا على أنها ستلحق خسائر جسيمة، ليس فقط بألمانيا ولكن الاقتصاد الأمريكي نفسه.

وناشد الاتحاد الأوروبي، بتعزيز اتفاقيات التجارة الحرة عالميًا لمواجهة هذه الأزمة.

فيما أكد وزير التجارة البريطاني، أن لندن تواصل التفاوض مع واشنطن لتخفيف تداعيات هذه الإجراءات، بينما انتقدت جماعات صناعية القرار، معتبرة أنه قد يضر بسلاسل التوريد بين البلدين.

وانتقدت طوكيو الرسوم الجمركية الجديدة، معتبرة أنها قد تخالف اتفاقيات التجارة الثنائية مع الولايات المتحدة.

وأعربت كوريا الجنوبية عن قلقها من أن العالم بات يواجه حرب رسوم جمركية حقيقية، متعهدة باستخدام جميع الوسائل المتاحة لحماية اقتصادها.

اضطراب في الأسواق العالمية

وشهدت الأسواق المالية العالمية حالة من الاضطراب مع تصاعد الحرب التجارية، والتي تسببت في خسارة تريليونات الدولارات لأكبر الشركات في العالم، وتصاعد المخاوف من حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة.

وسجل الدولار الأمريكي أدنى مستوى له في ستة أشهر، حيث انخفض بنسبة 2.2% في اليوم التالي لصدور القرارات وسط فقدان متزايد للثقة في العملة التي كانت تعتبر في السابق الأكثر أمانًا في العالم طوال معظم القرن الماضي.

كما شهدت أسعار النفط تراجعًا ملحوظًا مع استمرار الضغوط الناجمة عن الرسوم الجمركية الجديدة مما أثار مخاوف من اندلاع حرب تجارية عالمية قد تؤثر على الطلب على الخام.

وسجلت العقود الآجلة لخام برنت، انخفاضًا بمقدار 31 سنتًا أو 0.4% لتصل إلى 69.83 دولارًا للبرميل، فيما هبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 32 سنتًا أو 0.5% إلى 66.63 دولار للبرميل.

اقرأ أيضاًرسوم ترامب الجمركية تقود أسعار السيارات الأمريكي نحو الارتفاع

رسوم ترامب الجمركية تهبط بأكبر تراجع لمؤشر داو جونز منذ 2020

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: السلع الصينية الميزان التجاري الأمريكي رسوم ترامب الجمركية الولایات المتحدة الاتحاد الأوروبی الرسوم الجمرکیة رسوم جمرکیة رسوم ترامب فرض رسوم رسوم ا

إقرأ أيضاً:

إبراهيم شعبان يكتب.. الرسوم الجمركية.. ترامب يلقي قنبلة نووية على الاقتصاد العالمي

من البداية، كنت أعلم أن عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرة ثانية إلى البيت الأبيض لن تمر بخير، فالرجل رجع لتصفية حسابات حزبية وشخصية، وشنّ حروب، وابتداع تقاليد تجارية غريبة على العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
تبدو أفكار ترامب في الحكم خليطًا من أوهام القوة والغباء، ولا يُعقل أن يكون زعيمًا في مثل مكانه لا يعرف بالفعل قوة أمريكا، ويتصرف وكأنه أخذ لتوّه بلدًا من "بلاد الموز"، وأنه يحارب من أجل أن تدبّ فيها التنمية أو ينتشلها من الفقر والضياع!
وهذه الأوهام هي التي تقوده إلى اتخاذ قرارات ليست فقط سيئة، سواء كانت سياسية أو عسكرية أو اقتصادية، ولكنها كارثية، وستكون ضحيتها الأولى الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها.
وإذا كان الاقتصاد الأمريكي يمثل ربع الاقتصاد العالمي بالفعل، وإذا كان الدولار هو العملة الوحيدة المهيمنة على كافة اقتصادات العالم، وكافة احتياطات دول العالم النقدية، فإن الرسوم الجمركية التي أعلنها ترامب دون أي دراسة لها، ستكون القشة التي تقصم ظهر الإمبراطورية الأمريكية. وسيدخل ترامب التاريخ – حال اكتمال فترة ولايته – باعتباره أول رئيس أمريكي يدق المسمار الأول في نعش الإمبراطورية الأمريكية.
صحيح أن أكثر من 180 دولة أعلن ترامب عليها حربًا تجارية، وفرض عليها رسومًا جمركية تتراوح من 10% إلى 41%، منها الصين والاتحاد الأوروبي وكندا وكبار الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. قد تتأثر في البداية بفرض هذه الرسوم، وسيهتز الاقتصاد العالمي بشدة، وقد يدخل الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود، ما سيكون له تداعيات كارثية على العالم، نظرًا لحجم أمريكا وتعاملاتها التجارية والاقتصادية. لكن يُعتقد أنه في خلال عام 2025 وحتى منتصف 2026، قد يفيق العالم من صدمة هذه الرسوم، بعد ثمن فادح تدفعه واشنطن وركود سيؤثر على الجميع.
يتوهم ترامب، أن فرض رسوم جمركية عالية على واردات الولايات المتحدة من الصين والاتحاد الأوروبي وكندا وغيرهم، سينهض بالاقتصاد الأمريكي وبالصناعة الأمريكية – التي هي أصلًا في مقدمة صناعات العالم، والاقتصاد الأول في العالم – سواء كره هو بايدن أو احتقر فترة حكمه أو ساق ضلالات كثيرة ومعلومات مغلوطة عنه.
ولعل الصحفي الأمريكي الشهير بوب وودورد كان محقًا حين قال: إنه مهما ردد ترامب من أكاذيب، فالواقع أن الاقتصاد الأمريكي اليوم، عقب نهاية حكم بايدن، يعيش انتعاشة حقيقية، وانخفض معدل البطالة في عهد بايدن إلى 3.4%، وهو الأدنى منذ 50 عامًا في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد خلق 16 مليون وظيفة ورفع الأجور. كما أن معدل التضخم ما بين 2.8% - 3%، وهي نسبة ضئيلة للغاية وسط اقتصاد عملاق يهيمن على العالم. لكن ترامب لا يفهم ذلك، ويبتدع رسومًا جمركية يتصور أنها ستكون رادعة لكبار الشركاء التجاريين للولايات المتحدة وتقلل من صادراتهم إلى واشنطن.
وجاءت أول القصيدة كفرًا كما يقولون، فقد أثار إعلان ترامب فرض رسوم جمركية ضخمة على العشرات من الدول، دون تدرج أو حتى اختبار آثارها بشكل مرحلي، حالة من الاضطراب والتوتر، وهي أشبه ما تكون بإلقاء قنبلة نووية أمريكية على الاقتصاد العالمي، واقتصاد واشنطن ذاتها. ولذلك، أسفرت عن خسائر فادحة للشركات الأمريكية، وقالت وكالة "أسوشيتد برس" إن جميع القطاعات عانت من تداعيات رسوم ترامب، وانخفاض حاد في الأسواق المالية الأمريكية، واختفت أكثر من 2 تريليون دولار من القيمة السوقية للشركات.
المثير أن الصين، العملاق الآسيوي الأصفر، لم تكتفِ بالمشاهدة كما هو حال الاتحاد الأوروبي الذي لم يرد بعد على رسوم ترامب، بل أعلنت فرض رسوم جمركية مضادة على بعض المنتجات الأمريكية كرد فعل مباشر على الرسوم التي فرضها ترامب، بنسبة 34%، ما يرفع من مستوى التوتر والحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، وما سيكون من أثر ذلك على مستوى العالم.
وإذا كانت الرسوم الجمركية التي أعلنها ترامب هي أكبر تصعيد في الرسوم الجمركية الأمريكية منذ قرن، فإنها لن تكون أبدًا بمثابة يوم التحرير أو الاستقلال الاقتصادي، بل ستكون، على العكس تمامًا، بداية إعلان الوفاة للاقتصاد الأمريكي، وتراجع الاستثمارات الضخمة داخله، وإحجام شركات أوروبية وفرنسية وصينية ضخمة عن الاستثمار فيه.
إن ترامب – ورغم أنه رجل أعمال وملك الصفقات قبل خوض مضمار السياسة – إلا أنه تصرّف كطالب إعدادية في مجال الرسوم الجمركية، ولم يُعطِ لإدارته، ولا لأعضاء حزبه، فرصة لاختبار أثر هذه الرسوم الجمركية على بلده نفسها وبشكل مرحلي ومتدرج.
الحقيقة أن ترامب، وبهذه الخطوة الاقتصادية الغبية وغير المدروسة، إنما يحارب الولايات المتحدة ذاتها. إنه يتصرف – كما قلت – سياسيًا واقتصاديًا كأنه يحكم إحدى دول أفريقيا التي تقبع في التخلف، ولا يعرف حقيقة أن الولايات المتحدة مهيمنة بالفعل عسكريًا واقتصاديًا على العالم، وهذا الوضع مستمر منذ الحرب العالمية الثانية في أربعينيات القرن الماضي. لكنه، وبوسواسه أنه "المخلّص" والمنقذ، سيدفع بالإمبراطورية الأمريكية نحو الغروب.
كما أن تحفز كل من الصين واليابان وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي لهذه الحرب، والرد عليها غالبًا برسوم مضادة، سيشعل حربًا تجارية عالمية هائلة.
الاقتصادات الآسيوية الكبرى، مثل الهند واليابان، ستتأثر من رسوم ترامب الجمركية، وكذلك كل دول العالم. ويبدو أن الولايات المتحدة ستعاني من الفوضى السياسية والاقتصادية خلال ولاية ترامب هذه، لكن الاختبار والأثر الحقيقي لها – رغم خسارة مئات المليارات من الدولارات – سيكون خلال الشهور القليلة القادمة، بعد بدء التطبيق يومي 5 أبريل و9 أبريل الحالي.
الخلاصة: الاقتصاد العالمي على موعد مع الفوضى والحرب التجارية، وعلى العقلاء داخل إدارة ترامب أن يدفعوه لتجميدها أو سحبها.
إن أكاذيب ترامب الاقتصادية عن زيادة الاستثمارات بنحو 5 تريليونات دولار، ومثل هذه الأقوال، بحاجة لاختبار فعلي. وكما قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول: ففي غضون عام، ستتلاشى حالة عدم اليقين، وسيرى الجميع أثر قرارات ترامب الجمركية الكارثية، لكن الواضح أنها تهدد النمو والوظائف وسترفع نسبة التضخم.

مقالات مشابهة

  • إبراهيم شعبان يكتب.. الرسوم الجمركية.. ترامب يلقي قنبلة نووية على الاقتصاد العالمي
  • الرسوم الأميركية الجمركية تعيد رسم خريطة العالم الاقتصادية
  • انهيار أسواق العالم .. وترامب يتمسك بموقفه بشأن الرسوم الجمركية
  • الاتحاد الأوروبي يسعى إلى توحيد صفوفه في أول رد على رسوم ترامب الجمركية
  • الاتحاد الأوروبي يؤكد التزامه بمفاوضات مع واشنطن حول الرسوم الجمركية
  • ضجة عالمية في مواجهة الحرب التجارية للرئيس الأمريكي
  • ترامب يُقر أن الحرب التجارية لن تكون سهلة ويدعو إلى الصمود
  • الحرب التجارية.. الدولار يخسر مكاسب فوز ترامب بسبب الرسوم الجمركية
  • تهدد أمريكا قبل دول العالم الأخرى..الرسوم الجمركية سلاح خطير غير مجدٍ