بعد السماح للمواطنين بعبور الجسور لتفقد منازلهم وممتلكاتهم..
(الخرطـــــــــــــــــوم).. عودة الحيـــــــــــاة!!
تقرير_ محمد جمال قندول- الكرامة
انتهى العيد، وينتظر السودانيون تحديات البناء والإعمار بالعاصمة الخرطوم، آخر الولايات التي تم تطهيرها من ميليشيات آل دقلو الإجرامية.
تساؤلاتٌ مهمة، كانت مثارًا للمقابلات الاجتماعية بين المواطنين داخل وخارج ربوع الوطن، لعل أهمها التحديات المرتقبة للإعمار، وتطبيع الحياة ولو بالحد الأدنى بمحليات الخرطوم المختلفة، وإمكانية إعادة الخدمات مثل الكهرباء، والمياه، والإنترنت.
تطبيع الحياة
وأمس السبت، أعلنت لجنة الأمن بولاية الخرطوم، السماح للمواطنين بعبور الجسور من مدن الولاية الثلاثة أم درمان، الخرطوم، وبحري، وذلك لتفقد منازلهم وممتلكاتهم اعتبارًا من أمس السبت.
كما وجه والي ولاية الخرطوم أحمد عثمان حمزة، بفتح شارعي النيل في الخرطوم وأم درمان أمام حركة المرور، ضمن حملة لإعادة تطبيع الحياة بالعاصمة. وشملت الأعمال إزالة المتاريس، والمخلفات، وجمع الذخائر غير المتفجرة لتأمين الطرق، فيما أعلن الوالي استمرار الحملة حتى 15 أبريل، مؤكداً أنها خطوة لمعالجة آثار الحرب وعودة الوزارات والمؤسسات الاتحادية إلى مقارها.
الخبير الاستراتيجي د. عصام بطران يرى بأنّ أهم التحديات التي تواجه العاصمة عقب طرد الميليشيا المتمردة تتمثل في ثلاث تحديات عاجلة أبرزها: الإسراع في إزالة مخلفات الحرب، وإصحاح البيئة، وإخلاء الجثث، بجانب توفير الخدمات الأساسية مثل: محطات المياه والكهرباء، وثانيها استعادة النظام الصحي والتعليمي.
ويشير محدّثي إلى أنّ التحدي الأبرز يكمن في توفير الأمن، ومكافحة الخلايا والبؤر الإجرامية، ومحاصرة المتعاونين مع الميليشيا.
بطران ذهب إلى أنّ هنالك تحديات مستقبلية تتمحور في العودة الطوعية وإعادة الحياة، وتشغيل المؤسسات من الخرطوم، والمضي في ملف الإعمار في البنى التحتية.
وبالتالي، يرى بطران أنّ هذه التحديات تتطلب تضافر الجهود الولائية، والاتحادية، والمنظمات، ومؤسسات التمويل الدولية والإقليمية، لتحقيق اختراق في المرحلتين.
ملفات معقدة
المهددات الأمنية ومحاصرتها والقضاء عليها، تبقى على رأس أولويات من يفكرون بالعودة للخرطوم.
حراك العودة بدأت وتيرته تتسارع مع تزايد أعداد العائدين من الولايات للعاصمة ومن خارج البلاد.
رئيس تحرير صحيفة “الانتباهة” الكاتب الصحفي والمحلل السياسي بخاري بشير قال: إنّه بعد تحرير القصر الرئاسي في الواحد وعشرين من مارس الماضي، ثم تحرير كامل ولاية الخرطوم من دنس ميليشيا آل دقلو الإرهابية، برزت جملةً من التحديات على عدة أصعدة، بينها ما هو أمني، وما هو خدمي، وما هو تنموي.
وفي اعتقاد محدّثي أنّ المهدد الأمني بالولاية هو التحدي الأعظم الذي ينبغي أن تتجه إليه كافة الجهود، ويجب أن يحظى التهديد الأمني باهتمامٍ كبيرٍ وواسع من الجهاز التنفيذي لحكومة ولاية الخرطوم.
وما يحمد له أن السيد والي ولاية الخرطوم أحمد عثمان حمزة وطاقمه قد أثبتوا وجودًا مهمًا خلال عامي الحرب، وحتى بعد تحرير كامل الولاية، حيث أدار الوالي حمزة ولاية الخرطوم من محلية كرري، ورفض أي انتقالٍ خارج حدود الولاية، فكانت كرري أولًا هي نواة لكامل ولاية الخرطوم في عهدها الجديد، فبقاء الوالي وحكومته في كرري جعلهم قريبين من المواطن وهمومه ومشكلاته.
ويرى بخاري أنه بالعودة للمهددات الأمنية، نجد أن أبرزها هو: مخلفات الحرب في الولاية، باعتبارها عاشت أطول سنتيْن وهي تحت سيطرة الميليشيا، كما أنها شهدت خلال هذين السنتيْن أشرس المواجهات القتالية، وهذا أدى لأن تكون أرض الولاية صاحبة النصيب الأوفر من مخلفات الحرب والأجسام المتفجرة.
يتابع بشير قائلًا: وفي ظني أن الولاية قادرة بأتيامها العسكرية والصحية على تهيئة البيئة من جديد لعودة إنسان الولاية، وهذا لن يحتاج لزمنٍ طويلٍ.
المهددات الأمنية
ويبقى الأهم بحسب رئيس تحرير “الانتباهة” بخاري بشير في جانب المهددات الأمنية: انطواء ولاية الخرطوم على أحياء كاملة كانت معاونة للتمرد، بل شاركت في كثير من معاركه، وقد استطاع التمرد أن يستميل عددًا كبيرًا من أبناء هذه المناطق إلى جانبه، خاصةً وأن بعضهم كان باحثًا عن المال أو عاطلًا عن العمل. إضافة للإعداد الكبيرة من محبوسي ومنتظري السجون الذين أخرجهم التمرد وأطلق سراحهم في الأيام الأولى للحرب بعد الهجوم الممنهج على السجون.
وزاد بخاري: هذه المناطق في تقديري هي التي تحتاج لتعاملٍ دقيقٍ من جهاز حكومة ولاية الخرطوم، فيما سيظل ملف المتعاونين من أعقد الملفات التي ستشغل بال الولاية كثيرًا، خاصةً أن الفارق بين المتعاون والذي أجبر على البقاء في مناطق سيطرة التمرد ليس كبيرًا. وخوفًا من أن لا تنضبط الجهات الرسمية بأسس العدل، يتوجب عليها التعامل بحساسية كبيرة في هذا الموضوع حتى لا يؤخذ البريء بجريرة المذنب.
وليس ببعيدٍ عن المتعاونين، ملف اللصوص و”الشفشافة”، الذين استغلوا سيولة الأوضاع الأمنية، وبطء عودة أقسام الشرطة، في تنفيذ المزيد من جرائم السرقات و”الشفشفة”، الأمر الذي يضع على كاهل جهاز الشرطة مسؤولياتٍ جسيمة، ويجعل الولاية نفسها أمام تحدٍ كبير، وهو كيفية اختيارها للقوي الأمين في جهاز الشرطة.
كما لا ننسى، أن بعض أطراف ولاية الخرطوم، شهدت عمليات نهبٍ مسلح، تكشفت حقائقه بنشوء عصاباتٍ للسرقة والنهب تحت تهديد السلاح، وهنا لا بد من الإشارة إلى أنّ أكبر المهددات الأمنية بولايةو الخرطوم بعد تحريرها سيكون كيفية جمع السلاح من أيدي المواطنين والمجرمين، الذين توفر لهم هذا السلاح حسب ظروف الحرب، وهنا تحتاج الولاية لأتيامٍ قويةٍ من الشرطة والأجهزة الأمنية المختلفة، حتى يصبح السلاح في أيدي القوات النظامية فقط دون غيرها.
يكمل بخاري بشري قائلًا: وفي ظني أن الملف الأكثر تعقيدًا والذي سيواجه الدولة هو: ضلوع نظاميين يتبعون للدولة في عمليات السرقة، مثلما ظهر مؤخرًا في بعض المناطق المحررة. كل ذلك، يضع على كاهل ولاية الخرطوم وعلى رأسها الوالي المجتهد أحمد عثمان حمزة، مسؤولياتٍ وتحدياتٍ كبيرة، في ظني ستكون الولاية قادرة عليها إن أحسنت في اختيار واستخدام الكوادر المؤهلة والمقتدرة والأمينة. إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: المهددات الأمنیة ولایة الخرطوم
إقرأ أيضاً:
الولاية العالقة بين باكستان والهند منذ 1947.. كيف يعيش سكان كشمير بين بندقيتين؟
يحتفل الباكستانيون في 14 آب/ أغسطس من كل عام بذكرى الاستقلال عن بريطانيا، وبعد أن ينهوا احتفالاتهم، يبدأ الهنود بالاحتفال بالاستقلال عن التاج البريطاني في اليوم التالي 15 آب/ أغسطس، ومنذ ذلك التاريخ بدأت "مأساة كشمير" الواقعة بين فوهتي بندقيتين.
نظرة سريعة على قرار التقسيم
أقرت بريطانيا في 1947 قانون استقلال الهند، وأمرا بتقسيم حدود باكستان المسلمة، والهند ذات الأغلبية الهندوسية، والقاضي بأن تنضم الولايات ذات الغالبية المسلمة إلى باكستان، والولايات ذات الغالبية الهندوسية إلى الهند، ويشترط لذلك قبول سكان الولاية.
جرت الأمور بسلاسة في كل الولايات |إلا حيدر آباد، وجوناغاد، وكشمير.
قرر حاكم جوناغاد المسلم الانضمام إلى باكستان رغم أن أغلبية السكان من الهندوس، ما دفع الهند إلى التدخل بالقوة وإجراء استفتاء انتهى بضمها إلى الهند، كما أرغمت القوة الهندية حيدر آباد على اختيار الانضمام إلى الهند.
أما في كشمير فكان الوضع مختلفا حيث كان الحاكم هندوسيا والأغلبية مسلمة، وقرر هاري سينغ أن تكون الولاية هندية، لكن الشارع كان له رأي آخر، فاضطر الحاكم إلى إبقاء وضع كشمير في وضع خاص، وافقت عليه باكستان ورفضته الهند.
بداية الصراع العسكري
في أواخر العام 1947، اندلعت حرب بين البلدين الجارين للسيطرة على كشمير، المنطقة ذات الأغلبية المسلمة في الهمالايا.
وتحول خط وقف إطلاق النار البالغ طوله 770 كلم والذي تحدد بدعم من الأمم المتحدة في كانون الثاني/يناير 1949 إلى حدود بحكم الأمر الواقع تفصل المنطقة وبات يعرف اليوم بـ"خط السيطرة" وسط إجراءات عسكرية كثيفة على جانبيه.
وباتت باكستان تدير حوالى 37% من المنطقة والهند 63% بينما يطالب البلدان بها كاملة.
الصين تدخل على الخط
في عام 1963 اتفقت الهند وباكستان على ترسيم الحدود بينهما وبموجبها تنازلت الصين عن أكثر من 1942 كيلومتر مربع لباكستان، واعترفت باكستان بالسيادة الصينية على مئات الكيلومترات المربعة من الأراضي في شمال كشمير ولداخ.
لم تعترف الهند بالاتفاقية، وتعتبر أن الصين تحتل بطريقة غير مشروعة 5180 كيلومترا مربعا في شمال كشمير تخلت عنها باكستان بموجب اتفاق 1963.
حرب 1965
بدأت الحرب بسبب عملية باكستانية سرية تُعرف باسم "عملية جبل طارق" في كشمير الخاضعة للهند. ردت الهند بهجوم عسكري واسع النطاق، وامتد الصراع إلى جبهات متعددة.
استمرت الحرب حوالي 17 يوما من القتال، وتوقفت بوساطة دولية بمساعدة الاتحاد السوفييتي. لم تشهد الحدود تغييرات جوهرية، وعاد الوضع إلى ما كان عليه قبل الحرب تقريبا.
تمرد كشمير
في أبريل/نيسان 1987 اندلعت انتفاضة في كشمير بعد اتهام الهند بتزوير الانتخابات، وتحولت إلى كفاح مسلح وفي السنوات التالية تحول الوضع في الإقليم إلى تمرد ضد الحكم الهندي ومحاولة لاستقلال كشمير بدعم سياسي وعسكري باكستاني.
وقتل عشرات آلاف الأشخاص في الإقليم واستخدمت الهند القوة المفرطة في كل مرة كانت تتعرض فيها قواتها إلى هجوم.
حرب كارجيل 1999
تسللت قوات باكستانية، بما في ذلك جنود نظاميون ومسلحون من كشمير، إلى مواقع في منطقة كارجيل في جامو وكشمير في أيار/ مايو محتلة نقاطا استراتيجية. ردت الهند بعملية عسكرية مكثفة هي "عملية فيجاي"، واستعادت معظم المواقع.
وتعرضت باكستان لضغوط دولية، خاصة من الولايات المتحدة، للانسحاب، وانتهى النزاع في تموز/ يوليو 1999، بعد أن تكبدت باكستان خسائر عسكرية وسياسية كبيرة.
النووي يطل برأسه على كشمير
وصلت الهند وباكستان إلى حافة حرب نووية في أيار/ مايو 2002 بعد أن اتهمت الهند جماعات إسلامية قادمة من باكستان بتنفيذ هجوم انتحاري ضد البرلمان في نيودلهي في 2001 راح ضحيته 14 قتيلا.
وحسد البلدان مليون جندي على جانبي الحدود لا سيما في كشمير.
وأعلن الرئيس الباكستاني آنذاك برويز مشرف أنه يدرس "استخدام السلاح النووي". وقال "إذا كانت باكستان بأكملها مهددة بالزوال من الخريطة، إذاً الضغط كبير جداً على شعبنا، ويجب أن يؤخذ في الاعتبار أيضاً هذا الاحتمال: القنبلة النووية عند الحاجة".
وقال وزير الدفاع الهندي آنذاك جورج فرنانديز إنه في حال وقوع هجوم نووي "قد تنجو الهند ولكن قد لا تنجو باكستان".
وردت نيودلهي وإسلام أباد الواحدة على الاخرى بإجراء تجارب صاروخية، خلال عامين، ثم تعهدتا تحت ضغط واشنطن وقف التصعيد، ما أدى إلى وقف لإطلاق النار في تشرين الثاني/نوفمبر 2003، ثم إلى محادثات في كانون الثاني/يناير 2004.
إلغاء الحكم الذاتي في كشمير
قتل 41 عنصرا من قوات هندية شبه عسكرية في هجوم انتحاري في كشمير عام 2019 تبنه جماعة مسلحة تتمركز في باكستان، ووقع على إثره مناوشات عسكرية بين البلدان استخدم فيها الطيران.
وفي وقت لاحق من العام ذاته، ألغت الهند فجأة الحكم الذاتي المحدود الذي كانت تتمتع به كشمير بموجب الدستور واعتقلت آلاف المعارضين السياسيين في المنطقة
وفرضت السلطات ما بات أطول فترة قطع لخدمة الإنترنت في العالم وأرسلت جنودا لتعزيز قوات الأمن المتمركزين في المكان أساسا والذين قدّر عددهم بحوالى نصف مليون جندي.
وشكل إلغاء الوضع الدستوري الخاص لجامو وكشمير في شمال الهند ذات الغالبية المسلمة، الترجمة الاكثر تعبيرا عن البرنامج القومي الهندوسي لرئيس الحكومة الهندي ناريندرا مودي.
وقالت نيودلهي ان قرارها سيجلب السلم والازدهار لهذه المنطقة المضطربة التي تطالب بها باكستان والتي تشهد تمردا انفصاليا ضد الهند خلف أكثر من 70 الف قتيل معظمهم من المدنيين منذ 1989.
خطة مودي لكشمير
وبعد إنهاء الحكم الذاتي لكشمير، أدخل مودي تعديلات على قوانين الإقامة في كشمير الهندية لأول مرة منذ العام 1947، في مسعى للقضاء على أي محاولة لتحدي مسألة تبعية المنطقة المتنازع عليها للهند.
وقال ناقدون إن حكومة مودي القومية الهندوسية تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية وهوية المنطقة ذات الأغلبية المسلمة، وقارنوا الأمر بتكتيكات "المستوطنات" الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
بعد خطوة مودي بإلغاء الحكم الذاتي في كشمير، شهدت المنطقة عملية أمنية ضخمة رافقت القرار إرسال عشرات الآلاف من القوات الإضافية، انضموا إلى 500 ألف جندي متواجدين بالفعل، وفرض حظر تجول صارم بمثابة حصار.
وتم تخفيض منزلة ولاية جامو وكشمير إلى منطقة تحكمها نيودلهي مباشرة، بينما تم اعتبار منطقة لاداخ منطقة إدارية منفصلة.
ولطالما دعت منظمة "راشتريا سوايامسيفاك سانغ"، المنظمة الهندوسية المتشددة لحزب مودي، حزب الشعب الهندي (باراتيا جاناتا)، إلى خلق مثل هذه "الحقائق على الأرض" في كشمير.
وألغت حكومة مودي أنظمة الإقامة الخاصة في كشمير التي يعود تاريخها إلى عام 1927 وكانت تضمن فقط لاصحاب الإقامة الدائمة امتلاك الأراضي والممتلكات والحصول على وظائف حكومية وأماكن في الجامعات والتصويت في الانتخابات المحلية.
الآن يمكن لمجموعة من فئات مختلفة من الأشخاص من أي مكان في الهند التقدم للحصول على شهادات الإقامة، مما يتيح لهم الوصول إلى كل الامتيازات السابقة.
يشمل هؤلاء أولئك الذين يعيشون في كشمير لمدة 15 عامًا، ومن بينهم حوالي 28 ألف لاجئ فروا من باكستان وما يصل إلى 1,75 مليون عامل مهاجر، معظمهم من الهندوس.
بالإضافة إلى ذلك، فإن موظفي الخدمة المدنية الذين عملوا في كشمير لمدة سبع سنوات وأطفالهم، أو الطلاب الذين خضعوا لامتحانات معينة، مؤهلون أيضًا للحصول على وضع الإقامة.