تشهد السياحة الداخلية في سلطنة عُمان حراكا نشطا في فترة الإجازات والعطل الرسمية؛ لوجود بنى أساسية متطورة وحديثة، وتنوّع الفعاليات والمناشط والمهرجانات المقامة في مختلف المحافظات، وتميّز سلطنة عُمان بأجواء معتدلة باردة نسبيا طيلة العام في مواقع عدة خاصة على الشريط الساحلي المطل على بحر العرب، وتميّزت المحافظات خلال هذا العام تحديدا من خلال تنظيم العديد من المهرجانات الشتوية بإضفاء فعاليات نوعية على المهرجانات المقامة من حيث الاستفادة من الميزة التنافسية لكل محافظة، واستقطاب بعض الشخصيات الفنية واستخدام أساليب جديدة في الترويج والتسويق للمهرجانات، إضافة إلى اشتغال مكاتب المحافظين جيدا على الوقت المناسب لإقامة المهرجانات.
خلال إجازة عيد الفطر السعيد زرنا عدة مواقع سياحية في مختلف المحافظات، ورصدنا من خلال الزيارة مستوى التقدم والإنجاز في بعض
المواقع السياحية واستعدادها لاستقبال الزوّار والسيّاح والانطباع الإيجابي من قبل أفراد المجتمع في وسائل التواصل الاجتماعي عن الخدمات السياحية المقدمة المبتكرة والنوعية التي ستسهم بلا شك في إنعاش السياحة الداخلية في ظل التجديد الذي تشهده المواقع السياحية باستمرار، وهي فرصة لمؤسسات المجتمع المدني والفرق التطوعية، ومؤسسات القطاع الخاص، وأفراد المجتمع عامة لتعزيز حضورهم في المشهد السياحي الداخلي من خلال الاستفادة من الممكنات والحوافز الاستثمارية لتنمية مشاريعهم الصغيرة والمتوسطة في المواقع السياحية المختلفة بالتعاون مع مكاتب المحافظين مع الاستعانة بالخبرات في المجالات الاستثمارية عبر تكوين شراكات حقيقية تسهم في تنمية المحافظات سياحيا واستثماريا، فالممكنات والصلاحيات التي أعطيت المحافظات هي مرتكز للنهوض بها سياحيا واقتصاديا بدءًا من مرحلة التخطيط المتقن والأداء المنجز والكفاءة في تقديم الخدمات السياحية وصولا إلى تقييم التجربة باستمرار وبالتالي شراكات واعدة لتنمية المحافظات وتعزيز حضورها السياحي والاقتصادي عبر المساهمة الفاعلة في التنمية الشاملة لسلطنة عُمان ورفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي؛ ولضمان نجاح هذه التجارب في المحافظات لا بد من تعزيز المشاركة المجتمعية في اتخاذ القرار عبر إيجاد منصات مستدامة للحوار مع مختلف فئات المجتمع؛ لدورها في رفع كفاءة العمل الحكومي عموما والاستفادة من الآراء والمقترحات التي تساعد على التنمية الاقتصادية في المحافظات وتشجع على توظيف الابتكار في تنمية المحافظات شريطة أن ينعكس ذلك إيجابا على تنمية قطاع السياحة في سلطنة عُمان من خلال رصد التحسن في مؤشر مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي؛ كونه أحد القطاعات الاقتصادية الواعدة والمعول عليها كثيرا في التنويع الاقتصادي، بحيث تستمر الفعاليات والمناشط الترفيهية والجاذبة للسياح والزوّار في المحافظات على مدار العام بالاستفادة من الميزة التنافسية لكل محافظة في تنشيط السياحة الداخلية من خلال ابتكار الفعاليات التي تجمع بين الحداثة والهوية العُمانية، وفي رأيي أننا بحاجة إلى مزيد من الجهد في الترويج السياحي لبعض المواقع التي تشهد ارتيادا كبيرا من قبل أهالي المحافظة دون غيرهم؛ بسبب عدم الاستفادة من التسويق الرقمي في تشجيع أهالي المحافظات الأخرى على زيارة بعض المواقع السياحية؛ خاصة وأن سلطنة عُمان تتميّز عن غيرها من دول الجوار بطقس معتدل على مدار العام في بعض المواقع السياحية وأعني هنا ولاية الجبل الأخضر والمواقع المطلة على بحر العرب التي تتميز في هذه الفترة بأجواء معتدلة في فترة الصيف مثل نيابة الأشخرة بولاية جعلان بني بوعلي في محافظة جنوب الشرقية، وهنا لا بد من وضع خطة للسياحة الداخلية في موسمي الربيع والصيف؛ لضمان تعظيم الاستفادة من السياحة الداخلية على مدار العام، وإشراك مؤسسات المجتمع المدني والفرق التطوعية في تعزيز السياحة الداخلية، إضافة إلى تقديم مزيد من التسهيلات والحوافز للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المواقع السياحية بالمحافظات وتمكينها لتساهم في تنشيط السياحة الداخلية وأيضا تنميتها لرفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي؛ بحيث ألا يقتصر دورها على بيع السلع والمنتجات أو الأطباق المنزلية، بل تساهم في تقديم خدمات لوجستية للزوار والسياح مثل التسويق والترويج للمواقع السياحية وتبتكر طرقا وأساليب جديدة لاستدامتها من خلال الاشتغال على تنظيم المعارض والمهرجانات الشتوية والصيفية بالتعاون مع مكاتب المحافظين أو الاستفادة من الأراضي على الشريط الساحلي لإقامة مشاريع استثمارية مثل الشاليهات والاستراحات والفنادق بالشراكة مع القطاع الخاص ويتم تخصيص مواقع للأسر المنتجة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة مثل تخصيص أكشاك لعرض بعض المنتجات والسلع المنزلية.
إن تنشيط السياحة الداخلية هدف سامٍ لن يتحقق إلا بتكاتف جميع الأطراف؛ فالحكومة تقوم بدورها في تهيئة البنى الأساسية وتسخير كافة الإمكانيات والممكنات لتنمية القطاع السياحي، وتقدّم الدعم للمؤسسات السياحية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المواقع السياحية، آملين أن تستفيد المؤسسات بشقيها المدني والتجاري في المساهمة بفاعلية لتنمية القطاع السياحي مع توظيف الابتكار في تقديم المنتجات والخدمات من خلال الاستفادة من الميزة التنافسية لكل محافظة من محافظات سلطنة عُمان التي بلا شك ستنعش السياحة الداخلية وستسهم في تعظيم الاستفادة من الصناعات العُمانية في تعزيز المحتوى المحلي بسلطنة عُمان.
راشد بن عبدالله الشيذاني باحث ومحلل اقتصادي
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية:
الصغیرة والمتوسطة
السیاحة الداخلیة
المواقع السیاحیة
الاستفادة من
بعض المواقع
من خلال
إقرأ أيضاً:
غرفة السياحة: السماح بعمل الأتوبيسات غير الكهربائية داخل الأهرامات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلنت غرفة شركات السياحة، عن توصلها لاتفاق مشترك مع الشركة المنفذة لأعمال تطوير منطقة الأهرامات حول بعض مطالب الشركات فيما يخص بدء التشغيل التجريبى للمنطقة الأثرية بالأهرامات اعتبارا من 8 أبريل 2025 بوضعها الجديد.
وأوضحت الغرفة، أنه فور علمها بالغلق النهائى لمدخل المنطقة من ناحية فندق المينا هاوس، وقصر دخول المترددين على المنطقة على مدخل الفيوم فقط، على أن يكون الخروج فقط من خلال مخرج الفيوم، شكلت الغرفة لجنة من أعضاء مجلس إدارة الغرفة للتواصل مع الشركة المسئولة عن التطوير وتم عقد العديد من الاجتماعات والزيارات للموقع، وبعد العديد من المناقشات والمفاوضات وتبادل الرؤى والمقترحات تم التوصل إلى أفضل صورة ممكنة للمسارات لتيسير وتسهيل زيارة المنطقة الأثرية للأهرامات للشركات السياحية والسائحين.
وتابعت الغرفة في بيان: "وقد تم الإتفاق مع الشركة المسئولة عن التطوير على توفير أتوبيسات إضافية – غير كهربائية - في ظل محدودية الأتوبيسات الحالية التي تعمل بالكهرباء لنقل السائحين من خلال المسارات التي تم الاتفاق عليها، وذلك لحين قيام الشركة المسئولة عن التطوير بتوفير عدد كاف من الأتوبيسات التي تعمل بالكهرباء (شاتل باص) لنقل السائحين من منطقة انتظار الأتوبيسات إلى أماكن الزيارة والعودة".
ونوهت: "وبجانب أن الزيارات ستتم فقط من خلال الشاتل باص، فقد تم الإتفاق على أن يتم استثناء برامج الرحلات السريعة (SEA CRUISES) أي السائحين القادمين لرحلات اليوم الواحد عبر جميع الموانى البحرية المصرية ( الإسكندرية – بورسعيد – السويس -البحر الأحمر) من استخدام الأتوبيسات الكهربائية (شاتل باص) لنقل السائحين بالأتوبيسات الخاصة بهم الى موقع الزيارة (بدون حقائب سفر)، ويتم الدخول من مدخل الفيوم والخروج من سفنكس".