كتب: معن بن علي الدويش الجربا

عبر التاريخ قرأنا وسمعنا عن قصص وملاحم لانتصارات حققتها شعوب مستضعفة على قوى عالمية استعمارية عظمى، رغم ما تملكه هذه القوى من فائض جبار للقوة وفارق مهول في التسليح والتكنولوجيا، ولكن ما أن يتحقق هذا الانتصار حتى يبدأ العد العكسي باتجاة الضعف لهذه المقاومة تدريجيا مع مرور الزمن، فيغتنم العدو الفرصة السانحة للانقضاض عليها من جديد.

. فكيف يحدث هذا؟!

لا يمكن أن تحقق الشعوب المستضعفة انتصارات على القوى العالمية الاستعمارية الكبرى إلا إذا توافرت عدة شروط. الشرط الأول (الحق) وهو شعور هذا الشعب المستضعف بأنه صاحب حق، حيث إن هذا الشعور يكسبه قوة معنوية عالية. الشرط الثاني (التضحية) وهو إمكانية هذا الشعب للتضحية، وعادة ما تكون هذه الإمكانية في أعلى درجاتها في الحالات الإيمانية الدينية. الشرط الثالث (مبدأ: ليس لدي ما أخسره)، وهي معادلة ترسلها هذه الشعوب المستضعفة للقوى العالمية بأنكم تخسرون أكثر مما نخسر، لأننا ليس لدينا ما نخسره. الشرط الرابع (الصبر)، حيث إن القوى العالمية لا تتأثر بالخسائر إلا على المدى الطويل.

إذا توفرت هذه الشروط، فإنه في الأغلب تستطيع هذه الشعوب المستضعفة تحقيق النصر على المستعمر، ولكن مع مرور الوقت يتغير شرط من أهم الشروط في معادلة النصر، الذي ذكرناها أعلاه وهو شرط (ليس لدي ما أخسره). فعادة، بعد أن تحقق هذه الشعوب المناضلة النصر، تبدأ بعملية بناء الدولة والمجتمع وتحقق نهضة في جميع المجالات: اقتصادية وعمرانية وغيرها. ومن هنا، تعود القوى العالمية الاستعمارية للانقضاض مرة أخرى على هذا الشعب حيث إن هذا الشعب أصبح لديه ما يخسره، وسوف يضطر أن يفاوض.

بعد شرح النظرية، فمن الجيد العودة للواقع اليوم، وهو ما يحدث في منطقتنا العربية والإسلامية، وخصوصا محور المقاومة. لا شك أن انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 شكل تحولاً استراتيجياً في نظرية المقاومة ضد الكيان المحتل، حيث تحولت المقاومة من حركات نضال قومي عربي علماني، تمثلت في الحركة الناصرية في مصر والحركة القومية في سوريا والعراق، إلى حركة نضال عربي إسلامي، حيث اجتمع العنصر القومي بالعنصر الإسلامي، فأكسب المحور قوة فولاذية صلبة ليس من السهل كسرها، بعكس حركات النضال العلمانية.

سنلاحظ بعد عام 1979 انطلقت حركات المقاومة الإسلامية في الوطن العربي، خصوصاً في فلسطين ولبنان، وهو نتاج انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وبذلك تشكل محور عربي إسلامي حقق نجاحات وانتصارات مذهلة خلال ما يقارب نصف قرن تقريباً.

بعد الانتصارات التي حققها هذا المحور، انطلقت التنمية في كل المجالات، وحقق هذا المحور تقدماً كبيراً في التنمية، لدرجة أن العدو بدأ يراهن على هذا الشرط الذي ذكرناه سابقاً، وهو شرط (ليس لدي ما أخسره). حيث بدأ العدو يلوح بتدمير كل التنمية التي حققها محور المقاومة خلال النصف قرن الماضية، وهنا مربط الفرس وهنا تهزم المقاومات في العالم.

بالتأكيد، من المهم جداً أن تحافظ الشعوب على مكتسباتها من التنمية والتقدم الحضاري، ولكن عندما يحاول العدو استغلال ذلك كنقطة ضعف، فمن المهم إيصال إشارات قوية وحقيقية للعدو بأننا على استعداد أن نعود لنقطة الصفر لنبدأ النضال من جديد، كما فعلنا سابقاً، ونعيد معادلة (سوف تخسرون أكثر مما نخسر). عندها فقط سوف يفكر العدو ألف مرة قبل أن يهاجم، لأنه يعرف أن العودة للمعادلة السابقة سيكون هو الخاسر الأكبر فيها.

الخلاصة منطقتنا تمر بمرحلة مصيرية ووجودية، واذا لم يشعر العدو بأننا على استعداد تام لدفع اي ثمن مهما كان لتحقيق النصر فإنه سيقدم على تنفيذ خطته لتدميرنا.. انا لا اشك مطلقا أن منطقتنا العربية والإسلامية ستنتصر إذا حققت هذه المعادلة، بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى وتوفيقه.

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: هذا الشعب

إقرأ أيضاً:

دراسة: المغاربة من بين أكثر الشعوب تدينا على مستوى العالم

وجد تقرير حديث صادر عن مركز بيو الأمريكي للأبحاث، أن المغرب من بين الدول الأكثر تديناً في شمال إفريقيا والشرق الأوسط. وقال الاستطلاع، إن المغاربة من بين أكثر الشعوب تدينا على مستوى العالم، حيث يحتلون المرتبة 13من حيث أهمية الدين، والمرتبة 28 في تواتر الصلاة اليومية. وتكشف الدراسة، التي تستند إلى بيانات تم جمعها بين عامي 2008 و2023 في 102 دولة ومنطقة، أن حوالي 90% من المغاربة يعتبرون الدين جزءا أساسيا من حياتهم، و 70% قالوا إنهم يصلون يوميا. بعد المغرب، تحتل فلسطين والأردن والعراق المراكز الثانية والثالثة والرابعة على التوالي من حيث أهمية الدين في حياة سكانها. وفيما يتعلق بممارسة الصلاة اليومية، يحتل المغرب المركز الرابع بعد العراق ( 80%) والأردن وفلسطين، بينما في إندونيسيا تصل النسبة إلى 95%. باسخدام السؤالين “ما مدى أهمية الدين في حياتك؟” و”كم مرة تصلي؟”، وجدت الدراسة نمطا مشابها إلى حد كبير عبر الدول والمناطق التي شملها الاستطلاع. ووفقا لنتائج الاستطلاع، فإن الأماكن الأكثر تدينا تميل إلى أن تكون في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأمريكا اللاتينية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. أما الأماكن الأقل تدينا فتميل إلى أن تكون في أوروبا وشرق آسيا.

مقالات مشابهة

  • بأس “الحوانين” يواصل كسر “السيف” الصهيوني.. ملاحم انتصار أجــدّ في غزة
  • كاتب ومحلل فلسطيني: المقاومة الفلسطينية منفتحة على التفاوض لكن وفق شروطها
  • الأمم المتحدة: الشعوب الأصلية تواجه أزمة المناخ لكن دون دعم
  • الأهلي يقترب من الاتفاق مع دينو لامبارتي وكيل كولر بشأن الشرط الجزائي
  • ناقد رياضي يكشف مفاجأة بشأن مدرب الأهلي الجديد وكواليس الشرط الجزائي
  • الاستسلام للمهزوم
  • 440 ألف يورو.. تفاصيل مفاوضات الأهلي مع كولر لتخفيض قيمة الشرط الجزائي
  • أنصار الله .. من الشعب وللشعب
  • الدار البيضاء تحافظ على ريادتها كمركز مالي إفريقي
  • دراسة: المغاربة من بين أكثر الشعوب تدينا على مستوى العالم