جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-07@21:40:28 GMT

منصات التواصل.. بين الفوضى والمنفعة

تاريخ النشر: 7th, April 2025 GMT

منصات التواصل.. بين الفوضى والمنفعة

 

 

 

د. ذياب بن سالم العبري

في زاوية صغيرة من منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، وبين عناوين مثيرة ومقاطع لا تنتهي، ظهرت تغريدة هادئة لكنها قوية، تقول: "منصة كان يُفترض أن تكون للفائدة، أصبحت ساحة للابتذال والتكلف وخالف تُعرف والإساءة والتضليل… ولن يبقى إلا ما ينفع الناس".

وقفتُ عند هذه الكلمات كما يقف العاقل على أطلال حلمٍ جميل، كان يُفترض أن ينمو ويُثمر، فإذا به يُترك بين أيدٍ تعبث به، وتُفرغه من هدفه، وتحوله إلى سوقٍ للهوى والرغبة، ومرآةٍ للذات المتضخمة.

لقد جاءت منصات التواصل الاجتماعي كطفرة كبرى في عالم الاتصال، فتحت المجال للجميع كي يعبروا عن آرائهم، ويشاركوا أفكارهم، ويبنوا جسورًا بين الثقافات والمجتمعات، إلّا أن هذه النعمة سرعان ما اختلطت بنقمة الاستخدام السيئ، فتغيرت الصورة من فضاء للحوار إلى حلبة للصراخ.

صرنا نعيش في عالم "الترند" اللحظي، حيث لا يُكافأ من يُفيد؛ بل من يُثير، ولا يُحتفى بمن يُقدّم معرفة، بل بمن يُثير الجدل. وصار بعض الناس يقيسون القيمة بعدد الإعجابات وإعادة التغريد، لا بمدى النفع، أو عمق الكلمة، أو احترام العقل.

والأخطر من ذلك، أنَّ المحتوى السطحي والموجّه والمضلل بدأ يتسلل لعقول الناس، خاصةً فئة الشباب، الذين ما يزالون في طور التكوين، ويبحثون عن هوية، وقد يجدونها- للأسف- في نموذج هشّ، أو قدوة وهمية، لا تستند إلى علم ولا إلى خُلق.

ولأننا لا نكتب لنشكو، بل لنقترح، فإننا نرى أنَّ الحل ليس في الانسحاب من هذه المنصات، ولا في محاربتها، بل في ترشيد استخدامها، وصناعة محتوى نافع ينافس على المساحات، ويقدّم بدائل حقيقية وجذابة.

وهذا يتطلب:

وعيًا فرديًا: أن يدرك كل شخص مسؤوليته عمّا يكتب، ويشارك، ويتابع. جهدًا مؤسسيًا: من وزارات الإعلام والتربية والتعليم والثقافة، لتوجيه الخطاب الرقمي، ودعم المحتوى الراقي. مبادرات أهلية: تُبرز النماذج الهادفة، وتُسلّط الضوء على الحسابات التي تُثري لا التي تُشتّت. تعزيز ثقافة "التفكير النقدي" لدى الشباب، حتى لا يكونوا ضحيةً لما يرونه، بل يملكون القدرة على التمييز بين الغثّ والسمين.

إننا بحاجة إلى أن نُربّي أبناءنا على أنَّ الكلمة مسؤولية، وأن ما يُنشر لا يزول، وأن أثر الكلمة قد يفوق أثر السيف، وأنّ كل ما نكتبه في هذه المساحات قد يكون شاهدًا لنا أو علينا.

ورغم ضجيج التفاهة، ما زال هناك من يُغرّد بالحكمة، ويبني بالعقل، ويزرع الخير. هؤلاء يجب أن ندعمهم، ونتيح لهم الفرصة للظهور، ونقتدي بهم، ونُكثر من أمثالهم.

وفي النهاية، نعود إلى سؤال لا بد أن يطرحه كل منَّا على نفسه، قبل أن يضغط زر نشر"، هل ما أكتبه اليوم سأكون فخورًا به غدًا؟

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

العلاقة ما بين الفوضى الخلاقة وأمن العراق

كتب: الدكتور نبيل العبيدي / خبير الدراسات الأمنية والستراتيجية

المتتبع للأوضاع الأمنية والسياسية في العالم يرى ان هناك  اعتماد ركزت عليه أمريكا في خلق نوع من الفوضى في الشرق الأوسط من اجل إتمام أعمالهم ومصالحهم على أتم وجه وعند المرور في حرب أفغانستان والعلاقة والدعم الذي قدمته الولايات المتحدة الأمريكية لتنظيم القاعدة في حربها ضد روسيا حتى أدت إلى الاختلاف بين الأفغان والأمريكان. ثم اعلن تنظيم القاعدة العداوة والبغضاء ضد أصدقائهم الأمريكان أي انهم أصدقاء الأمس أعداء اليوم.  واصبح التنظيم يهدد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية والضرر الكبير لها وأخر شيء بدء يهددها في عقر دارها حتى هاجم وبكل قوة رمز الولايات المتحدة وهي أبراج التجارة العالمية. 

حتى طالت الامور الى خواتمها وعودة طالبان الى سدة الحكم وها هيا تتربع على عرش السلطة وهيهات ان تترك السلطة ولكن الرسالة وصلت وبكل وضوح ان امريكا لا يعنيها لا حكم ديني ولا حكم علماني ولا تطرف ولا وسطية وانما يعنيها المصلحة فوق كل شيء. 

وبعد عاصفة طالبان وتربعها على عرش الحكم ها تعود امريكا بخططها وتواصل تنصيبها رؤساء دول بما يحقق لها كل شيء وبمساعدة دول فتأتي من اقصى  آسيا الوسطى ( افغانستان) الى جنوب غرب آسيا على الساحل الشرقي للبحر المتوسط الى (سوريا) لتغيير الحكم كما تشاء وفي الوقت الذي تراه مناسبا له. 

وها هو قطار التغيير يسير على وفق ما تتحتم عليه مصلحة الولايات المتحدة الامريكية وكما يخدم (اسرائيل)، فقد شاهدنا كيف انقضت ( اسرائيل) على سوريا ودخلت بها كما خططت له واخذت تقطع ما لم تقطعه سابقا بحجة الامن القومي لها. بل لم تكتف بذلك واخذت تدمر البنى العسكرية على مطاراتها ومخازنها وكل ما له علاقة بترسانتها العسكرية ولا تعرف شيء اسمه السيادة. ثم بعد ذلك بدأت مرحلة القطار الذي يمر في الراق وعلاقة الفوضى الخلاقة التي لا بد ان تمر به من اجل مصالح الدول العظمى التي تحدثنا عنها مرارا وتكرارا وهي ان وضع العراق بهذا الشكل لا يعجب لا امريكا ولا حليفتها التي تريد العراق كما يحلو لها ( عبدا مطيعاً لا حول ولا قوة له) وحقيقة ان وضع العراق مختلف عن كثير من دول العالم من خلال تركيبته السكانية وموقعه الجغرافي وتنوع موارده التي تشهي النفس وتجعله مفتاح شهية لكثير من دول العالم ليس لأمريكا وحدها. 

ونحن كعراقيين لا حول ولا قوة لنا لكون دور امريكا في العراق سيظل حاسمًا في مواجهة التحديات المقبلة، اذ لم يعد بالإمكان تجاهل تأثير احداث المنطقة التي حصلت مثل العدوان على غزة في اكتوبر 2024، والصراع بين حزب الله و( إسرائيل)، واحداث اليمن الاخيرة حيث التصعيد العسكري مع الحوثيين فيه واخير ما حصل في سوريا من تغيير لنظام الحكم فيها. واخيرا ما يخطط للعراق في الولايات المتحدة الامريكية من سن قانون "تحرير العراق من إيران" الذي قدمه النائب الجمهوري جو ويلسون في الكونغرس الأمريكي الذي يهدف إلى تقليص نفوذ إيران في العراق وتعزيز استقلاله وسيادته. والسؤال هنا ماذا تريد امريكا من العراق حتى وصلت الى هكذا مطالبات بسن قوانين تنظر الى مصلحتها دون العراق او على الاقل ان تضع لنا وزن حبة خردل على الاقل. 

فنحن لا ننكر ان هناك تغيير يلوح في الافق وان القطار الاقوى والاسرع هو من يفرض نفسه.  ولكون الولايات المتحدة عازمة على ضبط البوصلة السياسية في العراق كما هي تريد وخاصة بعد تصاعد الأزمات الإقليمية وتغيير حكومات وتنصيب اخرى. 

ولهذا فنحن لا نعلم الى اين ذاهبون وخلف من نسير وهذا كله في الاصل نتيجة ومخرجات الفوضى الخلاقة التي رسمتها امريكا للعالم ومنها العراق فنحن لا ننكر ان هناك فوضى داخل السلطة وتخبط كبير في جوانب الحياة المختلفة في العراق.  فلا يمكن المزايدة وغير قول الحقيقية والاعتراف بها في ظل الظروف التي تتسم بالتراجع الكبير والتصارع الدولي الكبير في داخل العراق من قبل الدول الكبرى. 

واخيرا فنحن امام مفترق طرق وتخطيط دولي وقطار لا يمكن ان تكون اخر عربة فيه تمر في العراق لأنه قطار لا يعرف التوقف ابدا الا بتحقيق ما تخطط له الدول الكبرى والعودة الى الاستعباد والاستعمار  وتحقيق المخطط ( الاسرائيلي). ولهذا فكل ما تقدم بتخطيط ودقة وخلق فوضى وحروب لا اول لها ولا اخر ( ونحن في مستنقع) ودوامة وعدم استقرار وفوضى. فامن العراق مرتبط بهذه وتلك وذاك والله المستعان على ما نحن فيه وما سيكون فيه العراق. 

الى الله المشتكى


مقالات مشابهة

  • الكهرباء: وحدات توليدية جديدة تدخل الخدمة بداية حزيران
  • نينوى الموحدة تطالب بحل مجلس المحافظة وتتهم جهة سياسية بخلق الفوضى
  • إضراب شامل يعم فلسطين تضامنا مع غزة
  • خميس يكشف تفاصيل المبادرة للترويج للحضارة المصرية القديمة
  • الفوضى بمعنى اللاسلطة
  • نقيب الإعلاميين: الكلمة والصورة من أخطر الحروب المعاصرة ونخوض معركة وعى
  • لا تعبثوا بالأوطان
  • العلاقة ما بين الفوضى الخلاقة وأمن العراق
  • أمريكا.. أوامر جديدة للسفارات والقنصليات في العالم بشأن التأشيرات