جابر حسين العُماني **
Jaber.alomani14@gmail.com
هل الجيل الذي نواكبه هو الأقل التزامًا بمبادئه وعاداته وتقاليده، أم أنَّ الظروف المحيطة به هي التي فرضت عليه الكثير من التحديات التي جعلته يهمل بعض مسؤولياته الاجتماعية والأسرية؟
سؤال يطرح في الأوساط الاجتماعية والأسرية والثقافية، ويعتقد الكثيرون أن الجيل في زماننا هذا يفتقد الكثير من الإحساس بالمسؤولية، مقارنة بالأجيال السابقة التي كانت تعي مسؤوليتها الأسرية والاجتماعية، ويعود ذلك إلى دخول العديد من العادات والظواهر الاجتماعية المستجدة التي أثرت كثيرا على البنية الاجتماعية والأسرية، ومن أبرز تلك الموارد الإفراط في استخدام التكنولوجيا، التي جعلت من الجيل الحديث مقصرًا في تحمل المسؤوليات الأسرية والمجتمعية، وسيطرة الأوضاع الحياتية الدخيلة على الجميع، والتي كان لها الأثر البالغ في تغيير الكثير من السلوكيات القيمية للشباب، وهو ما جعل الجيل الحديث يواجه الكثير من التحديات المعقدة مثل غلاء المعيشة وصعوبة التوفيق للحصول على الوظائف المناسبة، وانعدام الأمان الوظيفي في كثير من بلداننا العربية والإسلامية.
ويرى آخرون أن الظروف الاقتصادية والسياسية أيضًا لعبت دورًا كبيرًا في تشكيل الكثير من تلك السلوكيات، بحيث أصبح الجيل الحديث يواجه الكثير من التحديات المعقدة، والتي من أهمها صعوبة الدخول إلى أسواق العمل، وامتهان المهن التي تليق بهم وبتخصصاتهم العلمية والاجتماعية، وبالتالي تعطلت الكثير من طموحاتهم في خدمة أوطانهم ومجتمعاتهم وأسرهم، مما جعل البطالة في تزايد ملفت ومستمر في وطننا العربي والإسلامي.
والمتأمل لواقعنا الحديث والواقع المعاش عند الأجيال السابقة، يلاحظ حجم ازدياد تعقيدات ومشاكل الحياة الحديثة بشكل ملحوظ، فالمسؤوليات الاجتماعية في عصرنا هذا تتسم بالكثير من التغيرات المستمرة وهي ليست ثابتة، مما يفرض الكثير من التحديات والعقبات في كل حقبة زمنية تمر على الشباب في مجتمعاتهم.
ينبغي اليوم، وبدلا من إلقاء اللوم على الشباب، أن تبذل الحكومات العربية والإسلامية، بل وجميع الجهات المعنية، جهودًا حثيثة ومدروسة لتوفير بيئة داعمة للشباب، تمكنهم من تحقيق طموحاتهم وآمالهم وأهدافهم، مع مراعاة دورهم الفاعل واحترام مسؤولياتهم ومكانتهم الاجتماعية.
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعتمد كثيرًا على قدرات الشباب وإمكانياتهم وطاقاتهم في كثير من المهام الاجتماعية والدينية والرسالية، مما يدل على ثقته الكبيرة بقدراتهم وإمكانياتهم في خدمة المجتمع، وهذا ما فعله عندما نصب أسامة بن زيد قائدا على جيش جرار، وهو شاب لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، وكذلك عندما بعث مصعب بن عمير لنشر الدعوة وهو في عز مراحل شبابه.
ولمساعدة الشباب على الإخلاص والوفاء لأوطانهم ومجتمعاتهم وأسرهم ينبغي منحهم الكثير من الفرص المناسبة، لإيصالهم إلى النجاح والإبداع والتفوق بشكل أفضل، ويمكن ذلك من خلال الموارد التالية:
أولًا: التشجيع على مزاولة العلم والتدريب وحضور الدورات التدريبية التي من خلالها يتم تأهيلهم لأسواق العمل. ثانيًا: إشراكهم في صناعة القرار، وإعطاؤهم المساحة الكافية والمناسبة التي يشعرون من خلالها بقيمتهم الوطنية في خدمة وطنهم ومجتمعهم. ثالثًا: تعزيز ريادة الأعمال إلى نفوسهم وذلك من خلال إعانتهم على تفعيل مشاريعهم الخاصة، والعمل الجاد على دعمها وتشجيعها. رابعًا: احترام أفكارهم ومقترحاتهم وطاقاتهم الجبارة، وتطبيقها في الميادين الوطنية والاجتماعية المختلفة. خامسًا: دعم مبادراتهم وإبداعاتهم وابتكاراتهم وتمويلها وتهيئة الاستشارات لمشاريعهم الخاصة. سادسًا: غرس روح المسؤولية والانتماء الوطني في نفوسهم، وتعزيز وعيهم وإدراكهم بأهمية الدور الفاعل الذي يقومون به من أجل بناء أوطانهم ومجتمعاتهم وإسعاد أسرهم. سابعًا: التشجيع المستمر على بذل الجهود المتواصلة لصناعة المحتويات الهادفة والتركيز عليها لخدمة المجتمع واجتناب المحتويات الهابطة والعمل على مقاطعتها. ثامنًا: تسليط الضوء على إنجازات الشباب ومشاريعهم الخاصة وذلك من خلال تغطيات تلفزيونية وإعلامية شاملة تعكس مكانتهم الاجتماعية والإنسانية في مجتمعاتهم وأوطانهم. تاسعًا: تشجيع الحوار المفتوح والمتبادل بين الشباب والمسؤولين لتبادل الكثير من المقترحات بهدف رسم الخطط التي فيها خير البلاد والعباد. عاشرًا: تكريم المخلصين منهم والأوفياء لأوطانهم خصوصا النماذج الشبابية الناجحة والمبدعة والمبتكرة ليكونوا أنموذجا واضحا للآخرين.وأخيرًا.. لا بُد أن يعلم الجميع أن إتاحة الفرص الكاملة والمدروسة للشباب تعد من أهم الاستثمارات الوطنية التي تحتاجها أجيالنا الحديثة؛ وذلك ليكونوا جزءًا لا يتجزأ من عملية التنمية الوطنية بدلاً من أن يكونوا مجرد متفرجين أو جيل بلا مسؤولية.
** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
قيادي حوثي يوجه انتقادا لاذعاً للحوثيين ويوكد ان القرارات التي ورطت اليمن جاءت بدوافع طائفية ضيقة بعيدًا عن المصلحة الوطنية العليا
بدأت الأصوات من داخل رحم المليشيا الحوثية تتصاعد بخصوص مزاعم الحوثيين دعم القضية الفلسطينية، هذه المرة ارتفع صوت احد ديبلوماسي الحوثيين وسفيرهم السابق في سوريا نايف القانص.
حيث وجّه القانص انتقادات لاذعة للقرارات التي زجت باليمن في صراعات إقليمية، متسائلًا عن جدوى مشاركة جماعته العسكرية في دعم غزة عبر استهداف الكيان الصهيوني.
وفي تدوينة نشرها على منصة “إكس”، تساءل نايف القانص: “ماذا استفادت غزة من هذه الصواريخ؟ هل توقفت الحرب؟ هل تلقى الكيان الصهيوني ضربات رادعة؟”، مؤكدًا أن النتيجة كانت تدميرًا مضاعفًا لكل من اليمن وغزة، حيث يدفع المدنيون الثمن الأكبر لهذا التصعيد غير المدروس.
وأشار القانص إلى أن مليشيا الحوثي تستثمر هذه العمليات عسكريًا وإعلاميًا دون أن يتكبد قادتها أي خسائر حقيقية، بينما يتحمل الشعب اليمني تبعات تحويل بلاده إلى ساحة صراع إقليمي تخدم مصالح قوى محددة.
وأضاف: “اليمنيون يعانون اليوم مثل معاناة غزة وربما أكثر إذا استمر هذا المسار التصعيدي المدمر”، داعيًا إلى ضرورة وقف هذا النزاع الذي لا يجلب سوى المزيد من الدمار والفقر.
كما شدد القانص على أن القرارات التي تورط اليمن في هذا النزاع الإقليمي جاءت بدوافع طائفية ضيقة، بعيدًا عن أي اعتبارات للمصلحة الوطنية العليا، مما فاقم معاناة المواطنين بشكل غير مسبوق