فضيلة الصمت العميق لفصائل المقاومة
تاريخ النشر: 7th, April 2025 GMT
علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
كلما طال صمت فصائل المقاومة في ردها على الخروقات الصهيونية في ظل اتفاقات وقف إطلاق النَّار، زادت وتيرة التحليلات وارتفع منسوبها لدى القاصي والداني، المختص وغير المختص، لتلتقي في مجمل نهاياتها على تفوق الكيان الصهيوني ونيله للكثير من البُنية التحتية للمقاومة.
الصورة السطحية الرائجة والتي يحرص العدو ورعاته على التسويق لها وتهويلها للتضليل، هي صورة الدمار والقتل والنزوح والجوع والأمراض والمخيمات البائسة؛ حيث يعمل العدو اليوم على ترسيخ وتعميق صور نمطية عن طوفان الأقصى مفادها أن فصائل المقاومة "قامرت" بغزة وأخطأت في تقدير حساباتها وتوقيتها لمواجهة الكيان الصهيوني، لهذا دفعت غزة وأهلها الثمن الباهظ جراء ذلك.
لكن المشهد في حقيقته يحتاج إلى رؤية أعمق وأدق من لغة الصورة التي يعتمدها العدو لتمرير سردياته الجديدة بعد بَوَار سردياته التي تستر خلفها لأكثر من سبعة عقود. فالعدو اليوم في أمس الحاجة إلى تمرير سرديات جديدة فاخرة لترميم هزيمته النكراء في طوفان الأقصى، وخسارته مع حليفه الأمريكي لحرب تعتبر الأطول في تاريخهم. ولم يقتصر الأمر على الكيان ورعاته؛ بل امتد ليشمل أدواتهم في المنطقة والتي أصابها الشلل التام لفقدانهم كل رهاناتهم للتطبيع مع العدو والقبول به شريكًا في جغرافية الوطن.
سُعار العدو وشريكه الأمريكي وهوس أدواتهم في المنطقة للمزيد من القتل والدمار وفق استراتيجية رفع منسوب الخسائر المادية في ظل اتفاقات وقف إطلاق النَّار، هو أكبر دليل على حجم الألم الذي أصابهم جميعًا من فصول الطوفان ومراحله وتكتيكاته، ويعني في المقابل البحث عن نصر استراتيجي واحد ليكون ورقة مساومة سياسية يُشهرها أمام فصائل المقاومة غدًا، حين تيقَّن بأن كل جهوده لم تتعدى الانتصارات التكتيكية التي لن تُمكنه من تغيير الواقع ميدانيًا.
ويمكن قراءة هذا السعار المحموم بجلاء، حين نرى إقدام العدو على حرق جميع أوراقه في أرض المعركة دفعة واحدة؛ حيث لم يعد لديه ما يخفيه في قادم الأيام كعنصر مفاجأة في الحرب المقبلة، والتي ستكون بلا شك وبالًا عليه؛ كونها ستنطلق من مرحلة ما بعد طوفان الأقصى، ولن تكرر شيئًا من فصوله ولا تكتيكاته أو عتاده وهذا ما يُرعب الكيان ورعاته، ويجعلهم يستبقون ذلك اليوم الموعود برفع وتيرة الدمار والقتل العشوائي؛ للتأثير على الحاضن الشعبي للمُقاومة وتحميل المقاومة كل أسباب عربدته وجرائمه.
كما إن الحملة الإعلامية المسعورة للنيل من المقاومة، وتجييش بعض مرتزقة الداخل للقيام بمسيرات ضدها، تأتي جميعها في سياق منظومة واحدة، والهدف النهائي هو تحقيق نصر سياسي يُعوِّض الفقد والهزيمة العسكرية.
وفي المقابل، تقوم قيادات فصائل المقاومة في ظل وقف إطلاق النَّار بعمليات تقييم لجميع المواجهات، وإعادة تموضع استعدادًا للمواجهة الحاسمة المقبلة، وتعلم أن الخروقات الصهيونية ليست سوى أعمال استفزازية لجس نبض المقاومة وما تُخفيه للملحمة الكبرى المقبلة.
وفي المقابل، تعمل فصائل المقاومة على تحصين جسمها وأطرافها من أي خروقات مستقبلية؛ سواء كان مصدرها بشريًا أو تقنيًا، بعد نفاد حيل العدو وانكشاف جميع أوراقه. فصائل المقاومة- بلا أدنى شك- لن تُسلِّم سلاحها إلّا عندما تتوافر الدولة الوطنية القادرة على حفظ الوحدة الترابية، وممارسة السيادة الكاملة بداخل الوطن وخارجه؛ فمبررات وجودها ما زالت قائمة وعلى رأسها غياب الدولة الوطنية، وغياب الدولة الوطنية وتغييبها هو جزء مهم وأصيل من المخطط الغربي حتى يستمر الدور الوظيفي للدولة العربية القُطرية وكما أراد بلفور و"سايكس- بيكو".
أما براهين هزيمة العدو الصهيوني ورعاته في طوفان الأقصى؛ فهي كما يلي:
لا تهجير من غزة. لا نزع لسلاح المقاومة من الجغرافيات الأربعة الفاعلة. لا حل للفصائل. لا تحرير للأسرى بالقوة. لا سيطرة على مياه غزة وثرواتها البحرية. لا تفكير بشق قناة بن جوريون وتعطيل لقناة السويس. لا تفعيل لمشروع خط نيودلهي تل أبيب المعطل والمنافس لطريق الحرير. "المُنتصر" لا يدخل في مفاوضات وقف إطلاق نار؛ بل يُملي شروطه على المهزوم.قبل اللقاء.. المقاومة لن تنتهي، ولن تفتر، ولن تسلم سلاحها إلّا في حال موت الحق والباطل معًا.
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مصطفى بكري: الدفاع عن الأرض حق مشروع.. فلماذا تطالبون بنزع سلاح المقاومة؟
شدد الكاتب والإعلامي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، على أن المقاومة حق مشروع كفلته المواثيق الدولية ضد الاحتلال، منتقدا في الوقت نفسه دعوات البعض لنزع سلاح الفصائل الفلسطينية، بينما لا يطالبون بنزع سلاح جيش العدو الذي يغتصب الأرض ويقتل الأبرياء.
وقال بكري، في تغريدة على إكس: إلى من يطالبون بنزع سلاح حزب الله، ونزع سلاح حركة حماس، لماذا لا تطالبون بنزع سلاح جيش الاحتلال الإسرائيلي؟ فهؤلاء يدافعون عن أرضهم، وهو حق منحته الأمم المتحدة في قرارها الصادر عام 72، وهؤلاء يحتلون الأرض ويمارسون حرب الإبادة.
الاحتلال يصفق للخلاف بين أبناء الأمة العربيةوكان مصطفى بكري، قد انتقد الجدل الدائر بين أبناء الأمة العربية، الذي نشب عقب العدوان على غزة، وتحميل بعض الأطراف المسؤولية عن تداعيات ما حدث بعد 7 أكتوبر، مؤكدا أن الاحتلال الإسرائيلي هو المستفيد الوحيد من هذه الخلافات ويواصل جرائم حرب الإبادة الجماعية بحق الأبرياء.
وقال بكري: غريب أمر هذه الأمة، فهناك البعض من أبنائها يتناسون جرائم الصهاينة وحرب الإبادة في غزة، ويتفرغون للردح والتنابز بين أبنائها، بينما الصهاينة يصفقون، ويشعلون النار من خلف ستار.
وأضاف: أفيقوا يرحمكم الله، فإن عدونا واحد، ومصيرنا واحد.
العدوان على غزةوتسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، في استشهاد أكثر من 50 ألف فلسطيني أغلبهم من النساء والأطفال، فضلا عن إصابة ما يزيد عن 114 ألف آخرين.
وفي 18 مارس، اخترق الاحتلال الإسرائيلي اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى مع حماس، ليواصل عدوانه على قطاع غزة.
وبدأت المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في يناير الماضي، بوساطة مصرية قطرية أمريكية، وشهدت إطلاق سراح العديد من الرهائن.
اقرأ أيضاًجيش الاحتلال الإسرائيلي يستهدف عنصرًا من حزب الله جنوب لبنان
اليونيسف: منع دخول المساعدات إلى غزة يؤثر على أكثر من مليون طفل
ماكرون: قمة ثلاثية مع الرئيس السيسي والملك عبد الله لبحث الوضع بغزة