توقيع شراكة بين "هيئة الشارقة للكتاب" وإحدى شركات الكتب الصوتية والإلكترونية
تاريخ النشر: 7th, April 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهدت الشيخة بدور القاسمي، على هامش افتتاح فعاليات مؤتمر الموزعين، توقيع شراكة بين "هيئة الشارقة للكتاب" وإحدى الشركات الرائدة في مجال الكتب الصوتية والإلكترونية، والتي وقعها كل من أحمد بن ركاض العامري، الرئيس التنفيذي للهيئة، وعلي عبدالمنعم، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة.
وقال عبد المنعم، إأن المشروع يهدف إلى إثراء منظومة النشر والإنتاج الصوتي والرقمي، عبر تحفيز الابتكار، وتعزيز الشراكات التكنولوجية، وتنمية السوق الرقمي العربي، وحماية حقوق الملكية الفكرية، وتوسيع نطاق المحتوى العربي عالميًا.
متابعا: كما يشمل إنتاج كتب صوتية وإلكترونية سنويًا، وإنشاء استوديو حديث لإنتاج محتوى صوتي عربي عالي الجودة، يواكب أحدث المعايير العالمية، بالإضافة إلى نقل واقع الثقافة العربية إلى العالم.
وحول توقيع اتفاقية الشراكة، قال أحمد العامري: "تواصل هيئة الشارقة للكتاب، بقيادة الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة الهيئة، مساعيها الرامية لترسيخ المشروع الحضاري للإمارة، ترجمة لرؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، التي تؤكد دور صناعة النشر والكتاب في دفع عجلة التواصل والحوار الثقافي، وتعزيز التفاهم المشترك بين ثقافات ودول العالم".
وفي سياق متصل أوضح، عبدالمنعم، الشريك المؤسس قائلا:"تمثل هذه الشراكة مع هيئة الشارقة للكتاب نقطة تحول في مسار صناعة المحتوى الصوتي والإلكتروني العربي، حيث نطمح من خلالها إلى بناء منظومة إنتاج رقمية متكاملة تليق بالهوية الثقافية العربية، وتدعم تطلعات الأجيال الجديدة في الوصول إلى المعرفة بسهولة وجودة عالية. ونحن فخورون بأن نكون جزءًا من هذا المشروع الرائد الذي ينطلق من الشارقة إلى العالم، ويعكس التزامنا العميق بتمكين صناعة النشر العربية، عبر التكنولوجيا والابتكار والشراكات المؤثرة."
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: افتتاح فعاليات الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الصوت الملكية الفكرية حماية حقوق الملكية الفكرية حماية حقوق الملكية هیئة الشارقة للکتاب
إقرأ أيضاً:
العالم العربي.. "وعي مُزيف" و"واقع" غير مُكتشف
مرتضى بن حسن بن علي
الواقع المأساوي للعرب، مُعقَّد ومتشابك، وتتداخل وتتفاعل فيه أسبابا عديدة، داخلية وخارجية، قديمة وحديثة، وقد آن الأوان أن يعترف العرب بشجاعة بأن واقعهم الراهن ليس وليد مؤامرة خارجية فقط، أو ناتج من مجرد مصادفات.
وكما أن العامل الخارجي لم يمنع دولا أخرى من تجاوز مشاكلها واستثمارها لمصلحتها، كذلك فإن العقل والمنطق يشيران بأن تكرار ظواهر الإخفاق والفشل تعكس خللا هيكليا داخليا أكثر من المصادفة. قانون المصادفة لم يخلق حسب مزاج العرب وقياسهم. وفي كل الاحوال، مهما كان تأثير العامل الخارجي الذي لا يمكن إنكاره وإن كان من الضروري وضعه في إطاره المناسب والصحيح؛ فإن العامل الداخلي هو المسؤول عن تخلف العرب، وهو الأهم والأقسى لأنه من صُنع العرب أنفسهم، وهو ملتصق بهم التصاق الرمش بالعينين والراحتين بالأصابع.
تقول الأساطير القديمة إن البحَّارة عندما كانوا يواجهون الامواج العنيفة والرياح العاتية اثناء ابحارهم، كانوا يقبلون على صناديق الجثث الموجودة على ظهر السفينة، يفتشونها على أمل أن يعثروا على جثة مخفية في احدى الصناديق التي هي سبب بلائهم وحظهم العاثر وإلقائها في البحر، مُعتقدين أنها سوف تكون نهاية محنتهم وبلائهم. ويبدو أننا إذا حاولنا تكرار التجربة نفسها في السفينة العربية التي عصفت بها الرياح واضطربت بها الأمور، فإن البحث سوف يقودنا إلى اكتشاف جثث عديدة متعفنة متراكمة وليست جثة واحدة. وتراكم وتعفن الجثث أدى الى خراب وفساد في البيئة العربية كلها، وما زالت روائح التعفن تطاردنا، رغم استعمالنا لكل أنواع العطور والبخور.
في عام 1825، قرر محمد علي الكبير، إرسال بعثة من 40 طالبًا مصريًا إلى باريس لتعلم اللغات والعلوم الأوروبية الحديثة ومعهم الشيخ الأزهري رفاعة رافع الطهطاوي، ليكون واعظًا وإمامًا للمصلين من الطلبة المبتعثين. ومن تلك المدينة الباهرة، عاد بكتابه الشهير "تخليص الإبريز في تخليص باريز". الكتاب كان دعوة شبه صريحة إلى شرط تحتاجه الشعوب في يقظتها وهو شجاعة الشك والجسارة على مراجعة المنقول والمحفوظ، الذي عطّل العقل العربي وحبس حركته وفعله. ورجع الطهطاوي من باريس كمُصلح اجتماعي بعد أن ذهب اليها كإمام وواعظ.
مضى على صدور الكتاب أكثر من قرن و80 عامًا. وفي هذه المساحة من الزمن لم تصل شجاعة الشك إلى مشارف الحقيقة، ولعلها اقتربت مرات ثم اختلطت عليها المسالك؛ فالظاهر أن "الإبريز" الذي استخلصه الشيخ رفاعة في تلخيص "باريز" ضاع في الصحاري العربية أو طمي الأنهار أو أمواج الخلجان والبحار المبسوطة على رقعة الخريطة العربية! لقد فشل العرب في اجتياز المراحل الحرجة من تجربة التنوير الفكري والتقدم الاقتصادي والتوازن الاجتماعي والرشد السياسي.
كذلك لم تنجح جلسات "مؤتمر التنوير العربي" التي انعقدت في القاهرة في القرن الثامن عشر والمُنادية بالإصلاح وضرورة هدم الهوة السحيقة التي تبعدنا عن العالم المتقدم، لأن الحكومات لم تدعمها، كما إن قوى الشد الرهيبة في المجتمعات العربية أرغمتها على التراجع، ولكن بعد أن تاهت في دروبها المُتعرِّجة.
بدأنا بتناول الأقراص المُهدِّئة وبنهم شديد حتى تحولت العملية إلى عادة مُستشرية؛ لأن الأقراص كانت من ذلك السُمّ الممزوج بالعسل تعطينا نكهة لذيذة بداية، ولكن بعد ذلك ينتهي مفعوله ليبدأ تأثير السم القاتل وينتشر مفعوله الى الجسم كله ليقضي على جهاز المناعة فيه.
كثيرون مِنَّا غير مدركين أنهم ينظرون إلى ظاهرة التأزُّم المُحتقن في العالم العربي بطريقة أحادية ومن زاوية معينة، وبالتالي فإنهم لا يرون من هذه الظاهرة إلّا عنصرًا واحدًا من عناصرها العديدة والمُعقَّدة، ويصلون إلى قناعات ساذجة بأن ما يُشاهدونه هو الظاهرة كلها، بينما الحقيقة أنهم لم يطَّلعوا إلّا على وجه واحد منها، ورصدوا ذلك الجانب الذي وقعت عليه أعينهم، دون أن ينتبهوا أن للظاهرة مكونات وظلالًا أخرى لم تُتح لهم الفرصة أن يروها؛ سواءً لأنها تتجاوز مدى رؤيتهم، أو لأنها حُجبت عنهم، أو لأنهم ببساطة أشاحوا بوجوههم عنها ولم يرغبوا في رؤيتها.
ومع الأسف، فإن أطرافًا عديدة تفقأ عيونها لكي لا ترى الحقيقة، مثلما فعلها ذات يوم "أوديب" حسب الميثولوجية الإغريقية القديمة، لكي لا يرى الحقيقة.
أطباء المجتمع المدركون لطبيعة المشاكل وجذورها، وهم الكتاب والمثقفون والمفكرون، أصبحت كلماتهم مُختطفة أو مُحتقنة أو مُغتصبة، وأي كاتب مدرك، يحاول الوصول إلى نقطة العورة، يرى أن مهمته أصبحت عسيرة جدًا. وليس سبب ذلك هي الحكومات فقط، وإنما المجتمعات بعاداتها المُتصلِّبة تُجهِز على الكاتب قبل الحكومات؛ ذلك لأن الحقائق العلمية لم تتسرب إلى صميم وعي وأجواء مجتمعاتنا، وتصرفاتها مشوبة بكثير من الأوهام التي تؤدي إلى مظاهر فاضحة من الخداع والانخداع، وهي نتيجة للتجارب التاريخية التي كُنَّا خاضعين لها.
المجتمع مثل الفرد، في أية مرحلة، من حياته هو نتاج لخبرات مراحل سابقة من هذه الحياة التي أضفت سمات متميزة على شخصيته.
وداخل وعينا الباطني مساحات كبيرة تتسع لكل القيم القبلية والعشائرية والمذهبية والطائفية والخرافية، وفيها مساحات تتسع لإقامة مضارب الخيام؛ حيث توزع أقداح القهوة وتُتلى أبيات الشعر وتُسرد قصص «التاريخ» في بطولاته وفتوحاته وأمجاده، دون التطرق إلى تأزُّماته ومشاكله ومؤامراته وحروبه وفتنه الداخلية وتعقيداته وأوهامه وترسباته.
وفي الجانب الثاني، تُقابلنا التقنيات الحديثة وشبكات الإنترنت والذكاء الصناعي والانفتاح الإعلامي الثقافي الحضاري العالمي، وتقوم وسائل الاتصال السريعة- بل والآنية- بعبور الحدود الجغرافية دون قيود ولا شروط، برسائلها ومضامينها، دون وجود قدرة لدينا على هضمها واستيعابها. وكرد فعل لمواجهة ذلك، نحاول التعويض عن عجزنا وإخفاقاتنا بالتشدق بالماضي ومواجهة الواقع المُنهار بالمقولات «الفكرية» القديمة التي تحمل معاني العِزَّة والكرامة، ونقتنعُ بالأجوبة السهلة للأسئلة المعقدة، واجترار ما عهدنا من التغني بالماضي؛ فنحن أمة عظيمة وعلماؤنا وفلاسفتنا علَّمُوا أوروبا والعالم. كل ذلك يجري دون أن ندرك أن التغنِّي أصبح مظهرًا غير صحيّ ولا حضاريّ، وأنه يُصرفنا عن النظر إلى قضايا الحاضر والمستقبل، وبالتالي فإن هذا التغنِّي هو أحد عناصر الأزمة التي نُعانيها.
يرى المفكر السوري هشام صالح في كتابه "الانسداد التاريخي"، أن العرب يُعانون انسدادًا تاريخيًا يمنعهم من الانطلاق بسبب التناقض المُطلق بين ما يعتقدونه ويتمسَّكون به، وبين التطورات العلمية والسياسية والفلسفية التي جاءت بها الأزمنة الحديثة، والتزامهم بحَرفية النصوص الذي يؤدى بالعربي إما إلى إنكار منجزات الحداثة أو إعلان الحرب على العصر الذي نعيشه بكل ملامح التحضر والتقدم به. وهكذا يقع العربي والمسلم في تناقض قاتل لا مخرج منه إلّا بالتأويل المجازي للنصوص والاعتراف بالمشروطية التاريخية له كما فعل المسيحيون في أوروبا بعد عصر التنوير، عندما فرَّقوا بين ما هو عرضي وما هو دائم، ولكن العرب فشلوا في تحقيق المصالحة الكبرى بين الأفكار القديمة والعقل والحداثة.
وما زالت التيارات السلفية التي تنتهج أساليب التلقين الإيديولوجي والهيمنة المطلقة على عقول الأتباع وتطويعهم وتدجينهم هي المسيطرة.
كيف ينظر العالم الخارجي إلينا يا ترى؟ لماذا تتوسَّع الفجوة بين السطح والقاع، وتزداد المساحات بين الشرائح الاجتماعية، وتنقرض الطبقة الوسطى الحافظة للتوازن الاجتماعي؟ كم من العلماء والفلاسفة والمُبدعين الذين أنتجناهم؟ وما الإنجازات التي قدمناها للعالم خلال العقود العشرة الماضية؟ أين هم خِيرة علمائنا الذين أنتجتهم الجامعات الأجنبية؟ وكم من هؤلاء حافظنا عليهم؟ ولماذا فضَّل عدد كبير منهم الرحيل إلى المهجر؛ حيث تشعر الدول المُتقدِّمة، ومن ضمنها الولايات المتحدة الأمريكية بحاجة إلى مزيد من الكفاءات العالمية والمهارات المدربة، وتصدر قوانين خاصة لاستيعابهم وإعطاء الجنسيات لهم؟ لماذا أصبحت البيئة العربية طاردة للكفاءات في الوقت الذي نحن في أمسِّ الحاجة إليها؛ حيث ما زلنا نرزح تحت أعباء التخلف ونمُر بالمراحل الأولى من النمو والتطور؟ لماذا نحن محاصرون بتناقضاتنا، وتتباعد يومًا بعد يوم مساحة الاختلاف بين ما تردده الألسُن وما يجرى على أرض الواقع من تصرفات؟
إذا كانت المقدمات تؤدي إلى النتائج- كما يقول المناطقة- فأي النتائج يمكن أن تُستشف من قراءة المقدمات المطروحة؟ ومنا المقدمات التي أوصلتنا الى هذه النتائج المأساوية؟ لماذا تعاظم الانفصام بين «الوعي» الذي جرى تزييفه باستمرار بالمخدرات «الفكرية» والحبوب المُنوِّمة والأوهام وبين «الواقع» الذي لم يتم اكتشافه بعد؟!
رابط مختصر