في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وتزايد القلق بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي، شهدت أسعار النفط تقلبات حادة ، وسط مخاوف من تعطل الإمدادات وازدياد القيود التجارية بين القوى الكبرى.

سجّل سعر نفط عُمان الرسمي لتسليم شهر يونيو المقبل انخفاضًا ملحوظًا، حيث بلغ 64.56 دولارًا أمريكيًا للبرميل، متراجعًا بمقدار 5.

96 دولارًا مقارنةً بسعر يوم الجمعة الماضي الذي سجل 70.52 دولارًا أمريكيًا.يأتي هذا الانخفاض ضمن سلسلة تقلبات تشهدها السوق النفطية، متأثرة بعوامل جيوسياسية واقتصادية متعددة إضافة إلى قرار أوبك بلس بزيادة الإنتاج في شهر مايو القادم . وبلغ المعدل الشهري لسعر الخام العُماني لتسليم أبريل الجاري نحو 77.63 دولارًا للبرميل، منخفضا 2.63 دولارًا عن معدل شهر مارس الماضي.

وعلى الصعيد العالمي ، سجلت أسعار النفط تراجعًا حادًا بأكثر من 3% مع بداية التعاملات الآسيوية، مواصلة خسائرها الممتدة من الأسبوع الماضي، وسط تصاعد المخاوف من دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة تباطؤ نتيجة تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 2.1 دولار، أو ما يعادل 3.2%، لتسجّل 63.48 دولارًا للبرميل . كما تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 2.14 دولار أو 3.5% لتصل إلى 59.85 دولارًا للبرميل.

وكان الخامان القياسيان قد شهدا يوم الجمعة الماضي تراجعًا بلغ نحو 7%، ليسجلا أدنى مستوى لهما منذ أكثر من ثلاث سنوات، وذلك عقب إعلان الصين رفع الرسوم الجمركية على سلع أمريكية كرد مباشر على إجراءات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

و كشفت الصين عن نيتها فرض رسوم إضافية بنسبة 34% على واردات أمريكية مختارة، ما عزز من مخاوف المستثمرين بشأن اتساع رقعة الحرب التجارية، وزاد من احتمالات تعرض الاقتصاد العالمي لحالة من الركود في حال استمرار التصعيد بين أكبر اقتصادين في العالم.

السوق النفطية العالمية خلال 2024

كشف المهندس جمال اللوغاني، الأمين العام لمنظمة أوابك، في النشرة الشهرية للمنظمة، أن السوق النفطية العالمية خلال عام 2024 واجهت تحديات معقّدة، أبرزها التوترات الجيوسياسية والركود الاقتصادي العالمي، إلى جانب تغيّرات في أنماط الاستهلاك وتأثيرات مناخية متزايدة.

شهدت المنطقة تصاعدًا في التوترات، خصوصًا في البحر الأحمر، ما أثار قلقًا عالميًا بشأن تعطل إمدادات النفط، وزاد من حساسية السوق تجاه أي تطور أمني. كما لعبت العقوبات الغربية على روسيا دورًا مهمًا في إعادة تشكيل تدفقات التجارة النفطية نحو الأسواق الآسيوية، وسط استهداف متكرر للبنية التحتية للطاقة الروسية بفعل الحرب في أوكرانيا.

وأوضح الأمين العام لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول أنه رغم التحديات، ارتفعت الإمدادات النفطية العالمية بنسبة 0.2% لتصل إلى 102.3 مليون برميل يوميًا، مدفوعة بزيادة إنتاج الدول من خارج أوبك. بالمقابل، تراجعت إمدادات دول أوبك بحوالي 400 ألف برميل يوميًا.

من جهة أخرى، نما الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.5 مليون برميل يوميًا فقط – أقل من نمو 2023 – ليصل إلى 103.8 مليون برميل يوميًا، وذلك بفعل تباطؤ النشاط الاقتصادي في الصين وارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية، إضافة إلى ضعف الصناعة في أوروبا.

وحسب النشرة الشهرية لـ " أوابك "، ساهم انخفاض التضخم في الاقتصادات الكبرى وتوجه البنوك المركزية نحو تخفيف السياسات النقدية في دعم النمو الاقتصادي. كما لعبت قرارات مجموعة أوبك بلس بتخفيض الإنتاج دورًا حاسمًا في استقرار السوق وسط التقلبات.

وأشارت النشرة إلى أن أسعار النفط الخام شهدت تذبذبًا حادًا خلال 2024. وتراجع متوسط سعر سلة خامات أوبك بنسبة 3.7 % مقارنة بعام 2023 ليبلغ 79.9 دولارًا للبرميل، نتيجة لعوامل عدة أبرزها المخاوف الجيوسياسية وضعف الطلب العالمي.

توقعت أوابك أن تبقى السوق النفطية في 2025 تحت ضغط حالة عدم اليقين، نتيجة احتمالية تباطؤ اقتصادي في الصين، واستمرار التوترات في الشرق الأوسط وشرق أوروبا ،و تصاعد السياسات التجارية الحمائية بقيادة الولايات المتحدة.

تعيش أسعار النفط حالة من الترقب والتقلب، مدفوعة بعوامل سياسية وتجارية متشابكة. ومع استمرار التصعيد، تبقى الأسواق على أعصابها، في انتظار ما ستؤول إليه الأحداث في الشرق الأوسط والعلاقات التجارية بين القوى العظمى.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: دولار ا للبرمیل السوق النفطیة أسعار النفط تصاعد ا

إقرأ أيضاً:

تعريفة ترامب التجارية الجديدة تثير صدمة بين الاقتصاديين.. حسابات ساذجة تهدد الاقتصاد العالمي

نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، تقريرًا، يسلّط الضوء على قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بفرض تعريفات جمركية "متبادلة"، مستندًا إلى طريقة حسابية وصفها خبراء الاقتصاد بـ"الساذجة والمضلّلة".

وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنّ: "الطريقة المستخدمة لحساب الرسوم الجمركية "المتبادلة" التي فرضها ترامب في الأيام الأخيرة، أثارت دهشة بعض أبرز خبراء العالم".

وتابعت: "قد بحث البيت الأبيض في العجز التجاري لكل دولة في سنة 2024، ثم قسّمه على إجمالي قيمة الواردات، وقال ترامب "بلطف" إنه سيخفّض هذا الرقم إلى النصف". 

وأوضح: "على سبيل المثال، لنأخذ أرقام الصين: عجز الميزان التجاري: 291.9 مليار دولار؛ إجمالي واردات السلع: 438.9 مليار دولار؛ بعد قسمة هذه الأرقام = 67 بالمئة؛ ثم خفضها إلى النصف = 34 بالمئة".

"أما بالنسبة للدول التي لا تعاني من عجز كبير، فقد طبّق البيت الأبيض حدًا أدنى بنسبة 10 بالمئة، مما يضمن تطبيق الرسوم الجمركية بغض النظر عن قيمة العجز التجاري" بحسب التقرير نفسه.

ونقلت الصحيفة عن رئيس قسم أبحاث الاقتصاد الكلي العالمي في دويتشه بنك، جيم ريد، قوله إنّ: "طريقة الحساب الغريبة التي خرجت بعد أشهر من العمل خلف الكواليس تثير الشكوك حول وجود خطة تنفيذ استراتيجية معمقة".

وأضاف: "كانت واشنطن تتحدث منذ أسابيع عن عملية سياسية متعمقة لوضع أرقام تستند إلى مزيج من القيود الجمركية وغير الجمركية، بما في ذلك "التلاعب المزعوم بالعملة" والقوانين المحلية واللوائح والضرائب مثل ضريبة القيمة المضافة".


وأبرزت الصحيفة: "قد أثار هذا النهج في حد ذاته دهشة الخبراء الذين قالوا إن إدراج ضريبة القيمة المضافة أمر غير معتاد، لأنها ضريبة مبيعات تُدفع على السلع المنتجة محليًا والواردات الأجنبية على حد سواء".

وبيّنت أنّ: "البيت الأبيض أكد أنه اتبع نهجًا مبسطًا في إصدار هذا الحكم: "يتم حساب التعريفات المتبادلة باعتبارها معدل التعريفة الجمركية اللازم لموازنة العجز التجاري الثنائي بين الولايات المتحدة وكل من شركائها التجاريين".

ومضت بالقول: "يفترض هذا الحساب أن العجز التجاري المستمر يرجع إلى مزيج من العوامل الجمركية وغير الجمركية التي تحول دون تحقيق التوازن التجاري".

وأشارت: "هناك العديد من المشاكل في هذا النهج، فهو يبالغ في تبسيط أسباب العجز التجاري، الذي يحدث عندما يشتري بلد ما أكثر مما يبيعه للخارج، والولايات المتحدة تعاني من عجز مستمر منذ سبعينيات القرن الماضي".

"عادةً ما يتوازن العجز التجاري مع مرور الوقت حيث أنه يخلق ضغطًا هبوطيًا على عملة الدولة نتيجة لوجود طلب على العملة الأجنبية يفوق الطلب على العملة المحلية" وفقا للتقرير الذي ترجمته "عربي21".

وأكد: "مع ذلك، تمكّنت الولايات المتحدة، التي تتربع على عرش عملة الاحتياطي العالمي، من إدارة عجز تجاري أكبر مما تستطيع الدول الأخرى أن تفعله. ومن الأسباب الأخرى أن السلع الأمريكية باهظة الثمن بالنسبة للمستهلكين في الاقتصادات النامية ما يساعد على تفسير جزء من العجز التجاري الكبير -التعريفات الجديدة- بالنسبة للبلدان الفقيرة".

وحسب المؤرخ الاقتصادي في جامعة كولومبيا، آدم توز، فإنّ: "هناك سياسات "غريبة" تطبق على دول جنوب شرق آسيا، بما في ذلك التعريفة الجمركية الكمبودية بنسبة 49 بالمئة، و48 بالمئة على لاوس، و46 بالمئة على فيتنام".

وأوضح: "هذا ليس لأنهم يمارسون نوعًا من التمييز ضد الصادرات الأمريكية، وإنما لأنهم فقراء نسبيًا، والولايات المتحدة لا تصنع الكثير من السلع التي يهمهم استيرادها".


وحسب توز: "هذه ليست سياسة تجارية جادة أو استراتيجية كبرى، لكن الرئيس يكره العجز التجاري، وقد توصل فريقه من المتملقين إلى صيغة تلبي الغرض، حتى وإن كانت غبية".

وتعدّ ليسوتو، وهي الدولة الفقيرة الصغيرة الواقعة في جنوب أفريقيا، مثالًا غريبًا آخر إذ تواجه تعريفة جمركية بنسبة 50 بالمئة. من بين صادراتها الرئيسية إلى الولايات المتحدة الماس والملابس، ما يُظهر أهمية الروابط العالمية للمعادن النادرة للاقتصاد الأمريكي.

وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أنّ: "استراتيجية "أمريكا أولاً" التي يتبناها ترامب تقلب عقودًا من محاولات الإدارات الأمريكية المتعاقبة ممارسة نفوذ اقتصادي عالمي رأسًا على عقب، مسببة زلزالًا للاقتصاد العالمي".

مقالات مشابهة

  • وسط التوترات التجارية بين «واشنطن وبكين».. كيف أصبحت أسعار «النفط والذهب»؟
  • وسط تصاعد التوترات التجارية… تراجع أسعار النفط بأكثر من 3%
  • من قرارات ترامب إلى أوبك وجلسة السوداني.. شبح الانهيار المالي يخيّم على العراق
  • من قرارات ترامب إلى أوبك وجلسة السوداني.. شبح الانهيار المالي يخيّم على العراق - عاجل
  • أوبك+: التخفيضات الطوعية في إنتاج النفط سندت استقرار السوق
  • “أوبك+” تؤكد على الالتزام بخطط إنتاج النفط وتعويض الضخ الزائد
  • أوبك+: التخفيضات الطوعية في إنتاج النفط أسهمت في دعم استقرار السوق
  • "استغراب" حكومي من قرار أوبك+.. زيادة الإنتاج تبعثر أسواق النفط 
  • تعريفة ترامب التجارية الجديدة تثير صدمة بين الاقتصاديين.. حسابات ساذجة تهدد الاقتصاد العالمي