#مفاهيم_إسلامية: #الصراط_المستقيم
د. #هاشم_غرايبه
لعل أهم مبتغى للمؤمن هو أن يهديه الله لاتباع الصراط المستقيم، لذلك كان الدعاء الوحيد الذي يدعو الله به في كل صلاة يصليها لله، بل في كل ركعة، بل لا تقبل الصلاة أصلا بدونه.
لذا من المهم معرفة ما هو هذا الصراط، والذي باتّباعه يتحقق التقوى – عنوان الصلاح والاستقامة.
بسب الاستغراق في الشكليات التي اعتبرها البعض عنوانا للتدين، والانشغال بالمظاهر الطقوسية عن جوهر الدين ومراداته، فأغلب الناس يعتقدون أنه يتحقق بأداء العبادات، وآخرون يتصورون أنه ذلك الجسر الدقيق كحد السيف الذي يعبره الناس يوم القيامة كالذين يسيرون على الحبل، من ينجح بعبوره يذهب الى الجنة، ومن يسقط يهوي في جهنم.
ولن تجد إلا قليلين يفهمونه حقا، ويعلمون كيفية اتباعه كما أراده الله تعالى، فأين نجد تبيان ذلك في كتاب الله؟.
لقد بينه الله تعالى في سورة الأنعام، والتي حددت عشرة وصايا من اتبعها جميعا فقد حقق شروط التقوى: “قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ” [151-152].
وبما أن الخط المستقيم هو أقصر الخطوط الواصلة بين نقطتين وأقومها، ويتمثل بالخط بين العبد وربه، وهو واحد لا يتعدد مهما بلغ عدد العباد الذين سيسلكونه، لذلك فهو الصراط المستقيم المعني في قوله تعالى “اهدنا الصراط المستقيم”، وهو قطعا ذاته الذي هدى اليه المؤمنين بالرسالات السابقة، لكنه استثنى ما جرى فيها من انحراف عنه من قبل فئتتين هما المغضوب عليهم الذين عصوه فغضب عليهم، والأخرى الضالين الذي أشركوا بالله عندما جعلوا له ولدا فحبط إيمانهم.
لأجل ذلك نبه عباده المؤمنين بأن لا يأخذوا الصراط عن هؤلاء بل يستقوه من القرآن الذي لا يناله التحريف، لذلك بينه بكل وضوح في الآيتين السابقتين، وللتأكيد على أن هذا هو الصراط المستقيم لا غير، أتبعهما بقوله تعالى في الآية 153: “وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”.
هكذا أصبحت معالم هذا الصراط واضحة لا لبس فيها، وهي وصايا الله لعباده المؤمنين، وتتلخص بما يلي:
1 – توحيد الله وعدم الشرك به: “أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا”.
2 – بر الواللدين والإحسان بهما: “وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا”.
3 – عدم اللجوء الى الاجهاض تهربا من مسؤولية الأبوة والأمومة: “وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ”.
4 – تجنب كل ما يؤدي بالمرء الى ممارسة الفاحشة الظاهرة وهي الزنا، أي قطع الطريق لحصولها مثل اختلاء فردين من الجنسين بلا مبرر من عمل ، أو الالتقاء او التراسل غير المنضبط، أو مشاهدة المناظر الإباحية المثيرة للغريزة ..الخ.
كما تشمل تجنب كل الطرق والوسائل المؤدية الى تفتح الباب لإتيان الفواحش المبطنة مثل شهادة الزور، وقذف أعراض الناس، والسرقة واختلاس المال العام ..الخ.
5 – عدم اللجوء الى القتل، مهما كان المبرر، فلا مبرر للقتل إلآ القصاص: وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ”.
6 – صيانة حقوق اليتيم، وعدم الاقتراب من ماله إلا بقصد إنمائه، ودفعه إليه عندما يبلغ سن الرشد: “وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ”.
7 – إيفاء الكيل والميزان في التعاملات التجارية وعدم ابخاس الحقوق: “وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ “.
8 – عدم تكليف الناس فوق طاقتهم: “لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا”.
9 – الصدق في القول والعدل في الحكم: “وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا”.
10 – وآخرها الإيفاء بعهد الله حينما أخذ على ذرية آدم إقرارا بالربوبية له: “وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا”.
هذا هو صراط الله المستقيم.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الصراط المستقيم هاشم غرايبه الصراط المستقیم ل ا ت ق ت ل وا أ و ف وا
إقرأ أيضاً:
أمين الفتوى: النقاب من العادات والحجاب واجب على المرأة شرعا
قال الشيخ هشام ربيع، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، إن الحجاب من الواجبات الشرعية؛ لقوله تعالى: ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [النور: 31].
وذكر أمين الفتوى في منشور له عن حكم النقاب: أمَّا النقاب -والذي هو الغطاء الذي يوضع على وجه المرأة- فهو من قبيل العادات، ولا يُعَد إنكاره إنكارًا لما هو معلوم من الدين بالضرورة؛ لقوله النبي: «لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين» (رواه البخاري).
وتابع: ولو كان الوجه والكف عورة ما حَرُم سترهما حال الإحرام؛ لقول النبي للسيدة أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: «يا أسماء، إنَّ المرأة إذا بلغت الْمَحِيضَ لم تَصْلُحْ أن يُرَى مِنْهَا إلا هذا وهذا» وأشار إلى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ النبي (رواه أبو داود).
وأكدت دار الإفتاء أن النقاب ليس فرضًا ولكن الحجاب فرض مستشهدة بقوله تعالى وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ والزي الشرعي المطلوب من المرأة المسلمة هو أي زي لا يصف ولايشف مفاتنَ جسد المرأة، ويستر الجسم كلًّهُ ما عدا الوجهَ والكفين، ولا مانع كذلك أن تلبس المرأة الملابسَ الملونة بشرط ألا تكون لافتةً للنظرِ أو تثيرُ الفتنة، فإذا تحققت هذه الشروط على أي زيِّ جاز للمرأة المسلمة أن ترتديَه وتخرج به.
ونصت المذاهب الأربعة على أنَّ النقاب ليس واجبًا، وأنه يجوز لها أن تكشفَ وجههَا وكفَّيهَا أخذًا من قول الله تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [النور: 31]، وفسَّر جمهورُ العلماء من الصحابة ومَن بعدهم الزينةَ الظاهرةَ بالوجهِ والكفينِ، قال تعالى: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ [النور: 31].
النقاب في القرآنولم يرد نص من القرآن على وجوب النقاب روى البخاري في "صحيحه" عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ وَلا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ»، هذا الحديث فيه دلالة واضحة أن الوجه والكفين ليس بعورة لأن هناك اتفاق على كشفِهِما في الصلاةِ ووجوب كشفهما في الإحرامِ.
كما أنه من المعروف شرعًا أنه لا يمكن ولايجوز كشفِ العورةِ في الصلاة ووجوب كشفها في الإحرام، إن المرأة إذا سترت وجهها وكفيها فهو جائزٌ، وإن اكتفت بالحجاب الشرعي دون أن تغطي وجهها وكفيها فقد برِئت ذمتُها وأدت ما عليها من أمور دينية وشرعية.