دبلوماسية أميركا الاقتصادية بأفريقيا.. جولة مسعد بولس بين التنافس والفرص
تاريخ النشر: 7th, April 2025 GMT
في إطار السعي الأميركي لإعادة تموضعها على الساحة الأفريقية، قام مسعد بولس، مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشؤون أفريقيا، نهاية الأسبوع الماضي، بجولة دبلوماسية شملت 4 دول هي جمهورية الكونغو الديمقراطية، رواندا، كينيا وأوغندا.
تأتي هذه الزيارة في وقت حاسم، حيث تتصاعد المنافسة بين القوى الكبرى على النفوذ في أفريقيا، مما يضع واشنطن في موقف يتطلب إستراتيجيات مبتكرة للحفاظ على تأثيرها في القارة.
ما يميز زيارة بولس هو تركيزها على دمج السياسات الاقتصادية مع الدبلوماسية السياسية.
الإدارة الحالية تحت قيادة ترامب ترى في أفريقيا أحد ميادين التنافس الجيوسياسي، خصوصًا في ظل التوسع المتزايد للنفوذ الصيني والروسي، اللذين يعززان وجودهما العسكري والاقتصادي في القارة.
تنبع هذه الجهود الأميركية لاستعادة التأثير في المنطقة من إدراك واشنطن بأهمية أفريقيا في السياسة العالمية، ليس فقط من منظور الموارد الطبيعية، ولكن أيضًا في سياق التوازن الجيوسياسي الدولي.
إعادة تعريف العلاقات الاقتصاديةأولى محطات الزيارة كانت في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث ناقش بولس مع الرئيس فيليكس تشيسيكيدي فرص الاستثمارات الأميركية في قطاع التعدين، خاصة في معادن الكوبالت والليثيوم.
إعلانهذه المعادن تلعب دورًا محوريًا في الصناعات التكنولوجية والطاقة المتجددة، مما يعكس تحولًا في الإستراتيجية الأميركية التي أصبحت تركز على استثمار الموارد الطبيعية الأفريقية لتعزيز مكانتها في الاقتصاد العالمي.
الجدير بالذكر أن قطاع التعدين في الكونغو الديمقراطية يشكل عنصرًا إستراتيجيًا في العلاقات الدولية، حيث تهيمن الصين على الكثير من واردات هذه المعادن.
التوترات والتعاون المستقبلي
وفي رواندا، ركز بولس نقاشاته على استقرار المنطقة ومحاولة تهدئة التوترات المستمرة في شرق الكونغو.
لكن هناك توترات كبيرة بشأن دور رواندا في النزاع، لا سيما الاتهامات بدعم جماعات متمردة في الكونغو، مما يجعل هذه العلاقات في وضع حساس.
بينما تسعى الإدارة الأميركية لبناء تعاون مع كيغالي، يبقى ملف الاستقرار الأمني في المنطقة حجر عثرة أمام علاقات أوسع.
شراكة مع كينيا وأوغنداكما شملت الزيارة كينيا، التي تعد واحدة من أبرز حلفاء واشنطن في شرق أفريقيا.
تمحورت المحادثات مع الرئيس ويليام روتو حول تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الطاقة والبنية التحتية.
بالنسبة لكينيا، يعتبر تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة خطوة إستراتيجية نحو تعزيز الاستقرار الاقتصادي في المنطقة.
أما في أوغندا، فقد ركزت المحادثات على التعاون الأمني، حيث تسعى واشنطن لدعم الحكومة الأوغندية في محاربة الإرهاب.
في المقابل، تتعالى الأصوات الغربية المنتقدة بشأن حقوق الإنسان في البلاد. ولكن، يبدو أن واشنطن، تحت قيادة ترامب، تعتمد نهجًا براغماتيًا، حيث تضع الاستقرار الإقليمي وتعزيز التعاون الاقتصادي في أولوياتها على حساب الخلافات الحقوقية.
رؤية ترامب في أفريقيا
ما يميز سياسة ترامب في أفريقيا هو تركيزها على "الدبلوماسية الاقتصادية" كأداة رئيسية لتعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة ودول القارة.
إعلانتهدف هذه السياسة إلى تعزيز الروابط عبر الاستثمارات التجارية وتحقيق شراكات تركز على المنفعة المتبادلة.
بينما كانت الإدارات السابقة تبني إستراتيجياتها على المساعدات الإنسانية والتعاون التنموي، يسعى ترامب إلى تغيير هذا النهج ليصبح أكثر تركيزًا على تحقيق أرباح اقتصادية مباشرة.
من هنا، يمكن النظر إلى زيارة بولس كخطوة نحو إعادة تشكيل العلاقات بين واشنطن وأفريقيا.
تسعى الإدارة الأميركية إلى تحقيق نفوذ دائم من خلال القطاع الخاص وتدفق الاستثمارات، بدلا من الاعتماد على المساعدات أو المعونات التقليدية.
أفريقيا ساحة للصراع الدوليبالمجمل، تعكس جولة مسعد بولس سياسة الولايات المتحدة الحالية تجاه أفريقيا، والتي تركز على المصالح الاقتصادية والاستثمارية في مواجهة توسع النفوذ الصيني والروسي.
يتضح أن إدارة ترامب، رغم محاولاتها لاستعادة الهيبة العالمية، تبني إستراتيجيات مرنة تركز على الشراكات الاقتصادية المستدامة، مما يساعد على تجنب الاستنزاف التقليدي للموارد.
ومع تنامي الدور الأفريقي على الساحة الدولية، يبدو أن الولايات المتحدة ساعية لإعادة تحديد موقعها كقوة رئيسية في القارة الأفريقية من خلال أساليب دبلوماسية جديدة ومبنية على النتائج.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة فی أفریقیا مسعد بولس ترکز على
إقرأ أيضاً:
الحركة الوطنية: زيارة ماكرون لمصر نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية وتدعم جهود رفض التهجير
أكد المهندس أسامة الشاهد، رئيس حزب الحركة الوطنية المصرية، أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمصر تُعد نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية المصرية-الفرنسية، مشيرًا إلى أن التحركات الفرنسية تعكس ثقة المجتمع الدولي في البيئة الاستثمارية المصرية، وذلك في ضوء توقيع 10 اتفاقيات حكومية و12 اتفاقية اقتصادية خلال منتدى الأعمال المشترك، شملت مجالات الطاقة المتجددة، النقل، الصحة، والذكاء الاصطناعي، والتي ستسهم في دفع عجلة التنمية المستدامة وفق رؤية مصر 2030 .
ارتفاع حجم الاستثمارات الفرنسيةجاء ذلك في تصريحات له اليوم، مشيرا إلى ارتفاع حجم الاستثمارات الفرنسية في مصر إلى 7.2 مليار دولار، مع توقعات بوصولها إلى 8 مليارات دولار بنهاية 2025، مما يعزز فرص خلق وظائف للشباب المصري، مؤكدا أهمية الشراكة في مجال البنية التحتية، خاصة بعد زيارة ماكرون للمتحف المصري الكبير وجامعة القاهرة، والتي تُبرز دور القطاع الثقافي والتعليمي في جذب الاستثمارات.
تبسيط الإجراءات الحكوميةودعا الشاهد إلى تعظيم الاستفادة من هذه الاتفاقيات عبر تبسيط الإجراءات الحكومية وتذليل العقبات أمام المستثمرين، معربًا عن أمله في أن تُترجم هذه الزيارة إلى مشروعات ملموسة على أرض الواقع، فيما أشاد بالتوافق المصري-الفرنسي تجاه القضية الفلسطينية، والذي تجلى في دعم الخطة العربية لإعادة إعمار غزة، والتي تُعد مصر راعيًا رئيسيًا لها، مع التأكيد على رفض التهجير القسري للفلسطينيين والدعوة إلى وقف إطلاق النار الفوري وإدخال المساعدات الإنسانية، خاصة بعد زيارة ماكرون المنتظرة لمدينة العريش وقربه من معبر رفح، كرسالة دولية لحماية المدنيين وأيضا التأكيد على حل الدولتين كمسار وحيد لتحقيق السلام، وهو الموقف الذي تشاركه مصر وفرنسا في المحافل الدولية .
وحث الشاهد على تكثيف الضغوط الدولية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، معتبرًا أن استقرار المنطقة لن يتحقق دون حل عادل للقضية الفلسطينية، مؤكدا على أهمية تفعيل آليات الرقابة البرلمانية لمتابعة تنفيذ الاتفاقيات الاقتصادية، وضمان شفافية توزيع الاستثمارات على المحافظات ودعم الصناعة المحلية عبر شراكات فرنسية في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، مع الاستفادة من التجربة الفرنسية في التحول الأخضر وتعزيز التعاون الثلاثي (مصر-فرنسا-الأردن) لتحقيق الاستقرار في المنطقة، مع التركيز على دعم الاقتصاد الفلسطيني كجزء من إعادة الإعمار.
وأكد الشاهد على أن زيارة ماكرون تمثل فرصة تاريخية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، معربًا عن ثقته في قدرة القيادة المصرية على توظيف هذه الزيارة لخدمة المصالح الوطنية والإقليمية. كما دعا إلى وحدة الصف العربي لدعم القضية الفلسطينية ومواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.