عرافة هافانا مجموعة قصصية ترسم خرائط الوجع والأمل
تاريخ النشر: 7th, April 2025 GMT
صدرت حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب المجموعة القصصية "عرافة هافانا" للكاتبة والصحفية الأردنية غدير أبو سنينة، التي تضم بين دفتيها عوالم إنسانية متشابكة، وشخصيات تواجه مصائرها ببسالة تارة، واستسلام تارة أخرى.
تتنقل أبو سنينة ببراعة بين أمكنة مختلفة، من هافانا الكوبية برائحة قهوتها وعمارتها الاستعمارية العتيقة، إلى نيكاراغوا وهمومها الاجتماعية والسياسية، وصولا إلى فلسطين المحفورة في الذاكرة والوجدان.
تتميز المجموعة بتنوعها الموضوعي والأسلوبي، حيث تتراوح القصص بين الواقعية الاجتماعية التي ترصد معاناة المهمشين والفقراء، وبين القصص التأملية التي تغوص في أعماق النفس البشرية مع نكهة لاتينية مميزة كما في قصة "عرافة هافانا" التي عنونت بها المؤلفة المجموعة.
في قصة "من فعل بك هذا يا خواكين؟"، تتناول الكاتبة قضية العنف والجريمة في كوبا، حيث تدور الأحداث حول رجل يفقد ساقيه في حادث مأساوي، وتتكشف خيوط المؤامرة تدريجيا، لتكشف عن عالم من الفساد والظلم الاجتماعي. تقول أبو سنينة عن هذه القصة: "أردت أن أستكشف كيف يمكن للمجتمع أن يتواطأ على الجريمة، وكيف يمكن للضحية أن تتحول إلى جلاد في لحظة ما".
إعلانأما في قصة "حذاء"، فتتعمق الكاتبة في عالم الوحدة والعزلة، من خلال شخصية رجل يعيش في شقة صغيرة، ويقضي وقته في محاورة نفسه ومخاطبة حذائه القديم. "أردت أن أعبر عن فكرة أن الوحدة ليست بالضرورة شيئا سلبيا، بل يمكن أن تكون فرصة للتأمل والتصالح مع الذات"، تقول أبو سنينة عن هذه القصة.
وفي "نهاية العالم وثلوج بولندا"، تقدم أبو سنينة قصة حب فريدة من نوعها، تجمع بين شاب بولندي وفتاة مكسيكية، في زمن مضطرب مليء بالحروب والكوارث. تستكشف الكاتبة في هذه القصة فكرة أن الحب يمكن أن يكون خلاصا من قسوة العالم، وملاذا آمنا من تقلبات الزمن.
لا تتردد أبو سنينة في قصصها في طرح أسئلة وجودية عميقة، وتناقش قضايا معقدة، ولكنها تفعل ذلك بأسلوب رشيق ومباشر، يجعل القارئ يتفاعل مع شخصياتها ويتعاطف مع معاناتهم.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
ترميم خرائط نادرة يحيي الأمل في الحفاظ على تاريخ ليبيا
يمثل مشروع ترميم خرائط نادرة لمعالم ليبيا يعود بعضها إلى منتصف القرن الـ20 هدفا لمجموعة من الباحثين والأثريين الذين يتطلعون إلى الحفاظ على تاريخ بلدهم والإبقاء على ملامحه الجغرافية.
وفي ظل انقسامات منذ الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011 لا يجد قطاع الآثار اهتماما رسميا كافيا من الحكومات المتعاقبة أو المتنازعة على السلطة في البلد النفطي مما جعل مهمة ترميم نحو 200 خريطة تاريخية أشبه بالإبحار وسط محيط دون أشرعة.
لكن الباحثين في مراقبة آثار بنغازي، وهي هيئة حكومية، نجحوا في ترميم نحو 75 خريطة من أصل 200 تقريبا يعود بعضها لخمسينيات القرن الماضي بأقل الإمكانيات رغم ما تشكله هذه العملية من صعوبة وما تحتاجه من دقة وما تستلزمه من أدوات وتقنيات حديثة.
وقال مراقب آثار بنغازي المكلف عبد الله مفتاح إن أهمية هذه الخرائط "تكمن في كونها مرجعا أساسيا لمن يريد أن يدرس علم الآثار بصفة عامة وتاريخ ليبيا خاصة"، مشيرا إلى أن الخرائط تظهر مباني ومواقع أثرية مهمة صورت جوا بواسطة الأميركيين والبريطانيين إبان فترة الاحتلال الإيطالي وما بعدها.
وقال: "تعد أهم الخرائط لدينا تلك التي تعود إلى فترة السبعينيات، والتي عمل عليها الأميركيون، ولدينا أيضا خرائط من فترة الاحتلال البريطاني تتضمن مخططات لمواقع مبان أثرية، بعضها اختفى أو أزيل واندثر".
إعلانوأضاف: "تكمن أهمية هذه الخرائط في أن تلك المباني لم تعد موجودة على أرض الواقع، لكن بفضل هذه الخرائط أصبح بإمكاننا العودة إليها ومعرفة شكلها وتصميمها، وفي المجمل، جميعها بالغة الأهمية بالفعل".
وظلت ليبيا تحت الاحتلال الإيطالي من عام 1911 حتى عام 1943، لكن بعد الحرب العالمية الثانية قسمت إلى مناطق نفوذ بريطانية وفرنسية حتى نالت استقلالها عام 1951.
وقال رئيس قسم الشؤون الفنية بمراقبة آثار بنغازي منعم محمد منصور: "أقدم خريطة وجدناها هي خريطة مبنى القشلة، ولدينا خرائط لمختلف القواطع بالكامل. عدد الخرائط هنا يزيد عن 200 خريطة، وقد وجدناها للأسف مهملة بطريقة غريبة. الخرائط التي تم ترميمها حتى الآن تتراوح بين 50 و75 خريطة، ولا أستطيع أن أحدد لك العدد بدقة".
وأضاف: "سنقوم بتصوير الخرائط بمجرد الانتهاء من أعمال الترميم بالكامل، إذ سنأخذ الخرائط ونقوم بمسحها ضوئيا (سكانر)".
وأوضح أن الاستفادة من هذا الجهد ستسهم في خدمة البحث العلمي، وستوفر الكثير من الوقت والجهد.
وقال: "سيتمكن أي باحث أو مهندس أو أي شخص يحتاج إلى خريطة لأي موقع من الوصول إليها مباشرة عبر الكمبيوتر، بدلا من الذهاب إلى الخرائط الورقية مما قد يؤدي إلى تمزيقها أو إهمالها أكثر. سنتمكن ببساطة من سحب الخريطة بالكامل من الجهاز".
وأضاف: "بالطبع، بعد الانتهاء من ترميم هذه الخرائط وأرشفتها وتصويرها بالماسح الضوئي (السكانر) وحفظها على أجهزة الكمبيوتر، من المفترض أن يتم وضع النسخ الأصلية في متحف. لكن للأسف الشديد، لا يوجد متحف في بنغازي رغم كونها ثاني أكبر مدينة في ليبيا، وتعد من أهم المواقع الأثرية".
وقال رئيس وحدة الترميم بمراقبة آثار بنغازي محمد عبد الله عمر التير: "واجهتنا صعوبات كبيرة في عملية الترميم هنا، إذ كانت الخرائط مهملة لفترة طويلة في المخازن، مما أدى إلى تلف جزء منها خلال عملية الترميم التي أجريناها بأبسط الإمكانيات".
إعلانوأضاف: "تمكنا من استعادة بعض الخرائط باستخدام أدوات بسيطة مثل الممحاة، لكن للأسف لم نحصل على أي دعم، لا من داخل الدولة ولا من خارجها".
وتابع قائلا: "أهم خريطة قمنا بترميمها تعود إلى فترة الخمسينيات والستينيات، وهي توثق مواقع أثرية رومانية وإغريقية وبعضها بيزنطي، بالإضافة إلى بعض المواقع الإسلامية".