الإعلام والحرب: “الرسالة دي للقائد الأمير حميدتي حفظه الله وصولها ليهو” (2/2)
تاريخ النشر: 7th, April 2025 GMT
لم ينجح إعلامنا في بناء رسالة ملحاحة للعالم في لغاته تحمله على الاقتناع بأن "الدعم السريع" منظمة إرهابية حقاً بينما حقيقة إرهابها هي كل ما في جعبتها.
أثار تعيين إعلاميين في كل من سفارة السودان في القاهرة وأديس أبابا مسألة الإعلام في الحرب من أكأب زواياها وهي فقه الوظيفة لا رسالتها. ومن بين رسائل الإعلام دعوة الفريق ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة تصويب الجهود السياسة والإعلامية ليرى العالم قوات الدعم السريع كما هي في حقيقتها: طاقة إرهابية لا جيشاً في مقابل القوات المسلحة كما طرأ لمجتمع دولي كسير ذابل.
ونواصل حديث الأمس:
من جهة أخرى ليست الحرب القائمة في السودان حرباً لمن أراد الاحتكام إلى قانون الحرب. فقام هذا القانون على افتراض أن الحرب مما يقع بين قوتين عسكريتين، وشدد على المهنية لأنها مدار تقليل فداحة الحرب لا على المدنيين كما ينبغي وحسب، بل حتى على العسكريين أيضاً. فيحكم القانون ضرب حتى الهدف العسكري، ناهيك بالمدني، بضوابط معروفة بالتناسب، فعلى القوة التي انتخبت هدفاً عسكرياً لضربه أن تحسب بدقة قوة النيران الكافية لغرضها لتصيبه بلا تفريط يتعدى الأثر إلى غيره. ويريد القانون بالتناسب أن تصيب هدفك لغرض ساعتك بلا زيادة. وشرط إحسان التناسب هو المهنية. فالقانون يطلبها نصاً بقوله إن على المتحاربين أن يكونوا على قدر كبير من التدريب في الفن العسكري ليحسنوا إدارة عملية ضرب الأهداف بتناسب. وينوه بأن تتمتع الأطراف المتحاربة باستخبارات ذكية تقع على الهدف العسكري بمهنية لا رجماً. بل شدد القانون على هذا التدريب نفسه ليحول دون السرقة والنهب في الحرب، فما وقع النهب والسلب، في قول التقرير، حتى دل ذلك على بؤس في تدريب القوة العسكرية المعنية وضعف قادتها الذين ينتهزون سانحة الفوضى العاقبة للمعارك فتمتد يدهم إلى أشياء من لا حول لهم لردهم.
فلم نرَ هذه المهنية في "الدعم" لنعدهم قوة محاربة ينطبق عليها قانون الحرب، فأول ما ينقصه هو سلسلة القيادة التي تضبط إدارته، ويشاهد السودانيون منذ الحرب فيديوهات فيها بيان كافٍ عن انحلال تلك السلسلة، ولكنهم يصرفونها كـ"هرج جاهلين" بينما هي بينة مرموقة على الطبيعة المليشياوية لـ"الدعم السريع".
فيظهر أي جندي منهم بحديث مباشر للقائد محمد حمدان دقلو يبثه شكواه واحتجاجه، بل وخطته المثلى لإدارة الحرب. فتسمع ممن يريده تغيير وجهة الحرب من الخرطوم إلى ولاية النيل والشمالية، أو من يبث شكواه عن إهمالهم حتى إنهم يعالجون جرحاهم من المعارك على حسابهم. ويشتكي آخر في معركة الخرطوم أن عربات السلاح لم تدخل المعركة لأنها بطرف قادتهم الذين هم بين أزواجهم في دور غيرهم. بل اشتكى أحدهم للقائد حميدتي من سوء توزيع العربات القتالية. فهي في قوله راكزة في الصحراء بكبار القادة يسفيها الرمل بينما كانت الحاجة إليها ماسة في الخرطوم. وكان من رأيه أن تكون في طريقها لاحتلال بورتسودان مقر حكومة الفلول بدلاً من ضلالها عن الحرب في الخلاء، بل زاد قائلاً إن هذه الحرب في "دار صباح" (وهي لغة في الشرق عند أهل الغرب في السودان) داخلتها "ملعوبية" من الفلول الكيزان.
وجاء آخر بفيديو غاضب موجه للقائد دقلو إثر هزيمة قواتهم من الخرطوم. قال إنهم لم يجدوا معهم في ميدان القتال سوى لواءين بالاسم، أما الآخرون فغابوا بسياراتهم والذخائر التي نفدت بين أيديهم ولم يجدوا مدداً. وقال لحميدتي إنه قائم بالأمر كما ينبغي ولو نقصت فالكمال لله، وقال إنهم لم يجدوا من يمدهم بالسلاح أو الذخيرة في حر المعركة، ولم يشوش أحد على مسيرات الجيش التي قرضت الناس، واشتكى غياب السيارات ذات المدافع عن المعركة لأنها بيد قادة فضلوا أن يلازموا بيوتهم الجديدة في حي المنشية الراقي بالخرطوم.
وتجد في هذه الفيديوهات من يعبر عن قبيلته صريحاً مقابل قبيلة أخرى وبخاصة ما كان بين قبيلة المسيرية (كردفان) والماهرية (دارفور)، فقال أحدهم إنه من الفرقة 40، فرقة الجنرال جلحة، الذي كانت قتلته القوات المسلحة قبل شهرين أو نحوه، وهي فرقة مسيرية خالصة. وبدا أن المتهمين بالاستفراد بالسيارات هم من الماهرية. فقال الدعامي المسيري إن هذه السيارات للدواس ولا سبب لتكون في غير ميدانها الذي راح ضحيته منهم بالنتيجة 52 قتيلاً. وجاء بأسماء قادتهم ممن لقوا حتفهم. وقال إنهم لم ينسحبوا من كوبري المنشية بالخرطوم إلا بعد إطلاق آخر رصاصة بجعبتهم. ولم يتورع من القول إن هزيمتهم ثمرة خيانة. فوراؤها "لعبة" بينما هم أهل قضية.
وفي إشارة إلى استقلالهم كمسيرية في "الدعم السريع" قال إن فرقتهم خسرت سبع عربات في المعركة وهي ملك للفرقة 40 لا لـ"الدعم السريع". وبدا للرجل كأن القتال صار على مثلهم لا غيرهم، وبدا كمن يقول إن شعب المسيرية هو من وقع عليه القتال بينما توارى آخرون، وربما قصد جماعة الماهرية الذين هم من خاصة أهل حميدتي. وتكررت الشكوى من اعتزالهم القتال وتمتعهم بما وقع لهم من حظ منه.
من الصعب بالطبع وصف هذه العلاقة بين الجند الدعامة والقيادة بأنها مما يستأهل به "الدعم السريع" أن يكون قوة عسكرية مما رأينا اشتراطاتها في قانون الحرب. فليس بينهم وبين قيادتهم "ضبط وربط" الذي هو ميسم المهنية. فبدا أن لكل دعامي خطة الحرب غير ما اتفق لقيادته، بل ويطلق الواحد منهم لسانه على الملأ عن "ملعوبية" في الحرب أوردتهم موارد التهلكة. وعلى هذا فالقول إن حرب السودان هي بين قوتين عسكريتين من فضول القول، فبنية "الدعم السريع" خلت من النظامية والمهنية، وبدت كطاقة إرهابية فقط.
مما يسعد أن يستعيد الإعلام موقعين في سفارتين مركزيتين للسودان في القاهرة وأديس أبابا. وليس بشارة أن غلب فقه الوظيفة في تناول هذا التعيين على فقه وظيفة الإعلام لدولة تخوض حرب موت أو حياة في عالم ذابل. ولا من يغالط أن إعلام الحكومة لم ينم تقليداً في المبادأة والطلاقة لأنه ربيب نظم حكم ديكتاتورية طال أمدها. فصار بها بوقاً لحكومة الوقت. واحتاجت حكومة الوقت في يومنا، وفي شرط الحرب، كما لم تحتج حكومة قبلها إلى إعلام بلا ضفاف لإذاعة قضيتها في الحرب برصانة. وسيحتاج إعلامها بهذا إلى الاشتباك مع العالم في منصاته ومعارفه وأعرافه بسرديات مخدومة يخرج به سيفاً لدولة لا بوقاً:
إذا كان بعض الناس سيفاً لدولة ففي الناس بوقات لها وطبول
ibrahima@missouri.edu
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع فی الحرب
إقرأ أيضاً:
في بيان أصدرته: “الدعم السريع” تحذر من مخطط الحركة الإسلامية للإيقاع بـ (الجموعية) في معارك أم درمان
لقد ظللنا نتابع عن كثب مخططات فلول النظام البائد في تسليح المواطنين، وعمليات التحريض المستمرة لدفعهم إلى خطوط المواجهة، والشاهد الأبرز في ذلك جريمة إعدام الكتائب الجهادية لعدد من الشباب الأبرياء بإطلاق النار عليهم بطريقة بشعة داخل مياه النيل، وجرى تداول "فيديو" الواقعة المؤسفة على صفحات كبار ضباط الحركة الإسلامية في الجيش.
بسم الله الرحمن الرحيم
قوات الدعم السريع
بيان مهم
6أبريل 2025
لقد ظللنا نتابع عن كثب مخططات فلول النظام البائد في تسليح المواطنين، وعمليات التحريض المستمرة لدفعهم إلى خطوط المواجهة، والشاهد الأبرز في ذلك جريمة إعدام الكتائب الجهادية لعدد من الشباب الأبرياء بإطلاق النار عليهم بطريقة بشعة داخل مياه النيل، وجرى تداول "فيديو" الواقعة المؤسفة على صفحات كبار ضباط الحركة الإسلامية في الجيش.
وخلال العامين الماضيين، تم التواصل مع أهلنا الجموعية عبر "اللجنة السداسية" والتي وقعت اتفاقاً في العام 2023 مع قيادة الدعم السريع بقطاع أمدرمان، وكان اتفاق ناجح، صمد قرابة العامين، وخلاله تمت حماية عشرات القرى والأسواق والأطواف التجارية، وجرى تعاون ممتاز بين الأطراف في المجالات كافة، منها على سبيل المثال، لجنة طوف الجموعية التجاري بقيادة بابكر ود الجبل الصغير، رئيس الغرفة التجارية.
وبموجب هذا الاتفاق نفذت قوات الدعم السريع والإدارة المدنية عدة مشاريع، كـ (التكايا، الكهرباء، المياه، حماية القرى والأحياء)، ولم تدخل قوات الدعم السريع لقرى الجموعية كافة، بل منعت الدخول للقرى إلا بموافقة اللجنة الأهلية للجموعية، وسمح الدعم السريع لأهل هذه القرى بإقامة الارتكازات بواسطة أبناء الجموعية داخل القرى والمداخل الرئيسية.
وفي ظل الأحداث الأخيرة، تم خرق الاتفاق، بدخول عناصر من كتائب البراء الإرهابية للريف الجنوبي، وذبحها العابرين عبر البحر وطريق جبل أولياء إلى أمدرمان، ونشر القناصين على أسطح المنازل وظهور الخطاب العدائي والتحريضي عبر الفيديوهات ودخول مجموعات الكتائب الإرهابية للقرى وتحويلها لأرض معركة.
في سيّاق ذلك، رصدنا خطوات عملية تمثّلت في تسليح المئات من منسوبي قبيلة الجموعية، في استنفار دُعي إليه يوم الجمعة الماضي، الرابع من أبريل الجاري، في ساحة "حوش الخليفة" بمدينة أم درمان، وشهد تسويقاً لأكاذيب مضللة بغرض تحشيد القبائل والمواطنين.
تُحذّر قوات الدعم السريع من مخطط الحركة الإسلامية الإرهابية، بتسليح مواطني الريف الجنوبي لمدينة أم درمان، وتنبّه إلى محاولات الزجّ بأبناء قبيلة الجموعية في أتون حرب الدواعش الإرهابيين، وذلك ضمن مخطط مكشوف لنشر الفوضى وإشعال الفتن الأهلية، وتكرار أحداث قرى ولاية الجزيرة.
ندعو المواطنين، وزعماء القبائل، والإدارات الأهلية في عموم السودان، إلى عدم الانسياق خلف مخططات ميليشيات البرهان وكتائب الإرهابيين، وإفشال مساعيهم الرامية إلى إشعال الفتنة بين مكونات الشعب السوداني، وصولاً إلى حرب أهلية شاملة، لمداراة خيباتهم في الحرب التي أشعلوها غدراً في صبيحة الخامس عشر من أبريل 2023.
تؤكّد قواتنا احترامها الكامل للمكونات المجتمعية في عموم السودان، وتدعو أعيان وزعماء القبائل والإدارات الأهلية إلى تجنيب أبنائهم مزالق حرب الفلول، والانتباه جيداً لمحاولات استغلالهم وتحشيدهم بخطابات عنصرية ومعلومات مضللة.
إن قوات الدعم السريع أحرص على مجتمع وقرى أهلنا الجموعية أكتر من بعض أبناء القبيلة الذين سلموا أنفسهم لنزوات ورغبات الجماعات الإرهابية، وندعو الخُلص والوطنيين من أبناء الجموعية بالتدخل ومنع انزلاق المنطقة لساحة حرب ووضع حد لأمن القرى وحياة سكانها.
ونجدّد التأكيد على التزام قواتنا بعدم التعرض للمواطنين، لكنها في المقابل لن تتردد في التعامل بحسم مع كتائب الإرهابيين والمستنفرين ودعاة الحرب، وستلاحقهم بكل ما أوتيت من قوة لتخليص شعبنا من شرورهم، وإنهاء عهد الظلم والاستبداد، إيذاناً بفتح صفحة جديدة في تاريخ بلادنا، عنوانها: "الحرية، السلام، والعدالة."
الرحمة والمغفرة لشهدائنا الأبرار
الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع