سودانايل:
2025-04-27@19:51:47 GMT

حرب السودان لم تضع أوزارها بعد

تاريخ النشر: 7th, April 2025 GMT

1

في المقال السابق، وفي محاولتي الإجابة على سؤال ما العمل بعد أن استعادت القوات المسلحة السودانية سيطرتها على المناطق التي احتلتها قوات الدعم السريع وطردها منها، وخاصة عاصمة البلاد وما بها من مواقع ورموز السيادة الوطنية، أشرت إلى أن هذه التطورات العسكرية، لا تعني أن الحرب انتهت ووضعت أوزارها.
فالمؤشر الرئيسي لانتهاء هذه الحرب، أو هذه الجولة من جولات حروب السودان، هو استسلام قوات الدعم السريع وتسليم أسلحتها، وهو ما لم يحدث.

بل إن هذه القوات مازالت موجودة، وعتادها غربا في دارفور وفي كردفان وفي مناطق متاخمة للعاصمة، حيث جاء في الأخبار أنها تواصل عملياتها الانتقامية ضد السكان المدنيين في قرى الجموعية جنوب أمدرمان.
كما أنها لا تزال تحاصر مدينة الفاشر، عاصمة إقليم دارفور، وتهدد بضرب مناطق في ولاية نهر النيل والولاية الشمالية، خاصة بعد سيطرتها على منطقة المالحة الاستراتيجية، والتي تقع عند تقاطع الطرق الذي يربط ما بين شمال السودان وغربه، ويُعد مركزاً رئيسياً للإمداد والتموين استأثرت به قوات الدعم السريع لصالح إمدادها وتموينها عبر الطريق القادم من ليبيا. وإذا أخذنا في الاعتبار أن هذه القوات تعتبر مكونا رئيسيا في تحالف «تأسيس» السياسي العسكري والذي يضم أيضا قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان المتمركزة في جنوب كردفان، والتي ظلت لعدة عقود في نزاعات دامية مع حكومات الخرطوم، كما يضم بعض حركات دارفور المسلحة التي أيضا ظلت في نزاعات دامية مع حكومات الخرطوم منذ العام 2002 وحتى توقيع اتفاق سلام جوبا 2020، وأخذنا في الاعتبار أيضا أن هذا التحالف الجديد أعلن أنه سيشكل حكومة موازية لحكومة بورتسودان في البلاد، لبات واضحا أن حروب الهامش والمركز المشبعة بسفك دماء المواطن السوداني منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي، دارفور وجنوب كردفان نموذجا، إضافة إلى أنها ستستمر أكثر عنفا وشراسة، ستدفع بالبلاد إلى منعطف أشد خطورة ومأساوية ويهدد وحدتها. وهناك ملاحظة لها دلالتها الهامة والمؤثرة في مجرى الصراع في دارفور، وهي أن قوات الدعم السريع كانت تقاتل إلى جانب حكومة الإنقاذ في دارفور، أو أن الإنقاذ أنشأت هذه القوات خصيصا للتصدي للحركات المسلحة في دارفور آنذاك، بينما هي الآن تقاتل من الضفة الأخرى. وإذا كان تحالف الدعم السريع والحكومة آنذاك لم يستطع حسم الحرب في دارفور عسكريا، فليس هناك ما يشير إلى إمكانية حسمها اليوم عسكريا والدعم السريع انتقل من ذاك التحالف إلى الاتجاه المعاكس، بل سيتواصل تجلي أزمة السودان العامة ودوران حلقتها الشريرة حربا في دارفور كما كانت من قبل. وفي كل الأحوال، فإن الانتصارات العسكرية، مهما كانت حاسمة، لن تنهي حرب السودان الراهنة، بل الأمر يتطلب حلا سياسيا تفاوضيا يخاطب مطالب كل الأطراف، ولكن ليس على حساب المصلحة العامة ومطالب الوطن، وفي إطار التصدي للأزمة الوطنية العامة التي تسكن البلاد منذ فجر الاستقلال، وتمتد جذورها عميقا في تربة التهميش واختلالات التنمية غير المتوازنة والتوزيع غير العادل للموارد والمشاركة غير العادلة في السلطة.

ومن الضروري هنا التأكيد على أن الحل السياسي التفاوضي الذي نعنيه ينبغي ألا يكون مساومة بمبادئ ثورة ديسمبر/كانون الأول العظيمة، أو يأتي مجرد صفقة لشراكة جديدة واقتسام كراسي السلطة، أو مناورة بهدف عودة نظام الإنقاذ في ثوب جديد. فكل هذا يعني استمرار الأزمة واندلاع الحرب ولو توقفت برهة. فأهداف الحل السياسي التفاوضي يجب أن تكون واضحة ومحددة في أ ـ وقف القتال وتحقيق التحول الديمقراطي وكفالة الحريات وحقوق الإنسان، ورفض أي شكل من أشكال الوصاية العسكرية على النشاط السياسي. ب ـ المحاسبة القضائية لكل من ارتكب جرما ضد الوطن والمواطنين، بما في ذلك الانتهاكات وجرائم الفساد. د ـ فتح الطريق لإطلاق حوار سوداني سوداني يبحث الشروع في إعادة بناء الدولة السودانية على أساس مشروع وطني يحارب التهميش ويحقق التنمية المتوازنة ويعيد بناء مؤسسات الدولة السودانية، المدنية والعسكرية، وكل ذلك وفق أسس جديدة تتضمن المواطنة المتساوية وعدالة المشاركة في السلطة وتوزيع الموارد، وبما يحقق إعادة صياغة الهوية السودانية على أساس الاعتراف بالتنوع الثقافي والعرقي وتقنينه، وبما يحقق السلام المستدام ويعيد رتق النسيج الاجتماعي وإصلاح الشروخ والجراحات الغائرة التي خلفتها صراعات وحروب الموارد والسلطة والهوية، وصولا إلى تحقيق إقامة سودان موحد ديمقراطي مستقر بإرادة شعبه الطوعية.
لن يفيد السودان، بل سيضره كثيرا، التصرف وكأن الحرب قد انتهت أو شارفت على الانتهاء بعد استعادة السيطرة على العاصمة. لذلك، وإضافة إلى ما ناقشناه أعلاه، هنالك تدابير عاجلة وضرورية وتتطلب التنفيذ العاجل اليوم ويقع عبء ذلك على قيادة القوات المسلحة باعتبارها السلطة الحاكمة في البلاد. وقبل تنفيذ هذه التدابير، فإن أي حديث عن عملية سياسية أو تكوين حكومة جديدة سيكون مجرد ثرثرة على النيل. وفي مقدمة هذه التدابير:
٭ الإسراع في نشر أفراد الشرطة والأجهزة الأمنية لبسط الأمن واحتكارها إنفاذ القانون، والتصدي لكافة أشكال أخذ القانون باليد. *فتح الممرات الآمنة لضمان انسياب وحماية المساعدات الإنسانية في كل البلاد.
٭ إطلاق مشروع لإصحاح البيئة بمشاركة واسعة من شباب الأحياء ولجان غرف الطوارئ وعضوية الأحزاب السياسية ونشطاء المجتمع المدني.
٭ تهيئة المناخ الملائم لإطلاق أي عملية سياسية أو حوار، عبر تجميد التعديلات الأخيرة في الوثيقة الدستورية، وكفالة الحريات العامة، وإلغاء مذكرات الاعتقال الصادرة من النيابة العامة بحق القيادات السياسية في الخارج.
وللأهمية، أختم بذات خاتمة المقال السابق، محذرا أن تظل القوى السياسية السودانية في وضعية المراقب للأحداث والمنتظر للنتائج، بل يجب أن تبادر، وفورا، للتوافق حول رؤية لكيفية التعامل مع المرحلة الجديدة على ضوء تطوراتها الراهنة، وأن لا تترك الأمر كله للمبادرات الخارجية.

نقلا عن القدس العربي  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع فی دارفور

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يعلن مقتل 60 عنصراً من قوات الدعم السريع في الفاشر

نجحت قوات الجيش السوداني  والقوات المساندة من صد هجوم عنيف شنّته عناصر الدعم السريع متسللة باتجاه المحور الجنوبي الغربي لمدينة الفاشر”.

وذكرت  الفرقة السادسة مشاة في الجيش السوداني المنتشرة في الفاشر، اليوم الخميس في بيان لها : “قُتل 60 من عناصر مليشيا الدعم السريع، وأصيب 52 آخرون، وفر باقي المهاجمين، مخلفين وراءهم القتلى والجرحى”.

ونبه البيان إلى أن قوات الدعم السريع قصفت الفاشر مدفعياً على فترات متقطعة، ما أدى إلى استشهاد خمسة مدنيين وإصابة 40 آخرين، بينهم نساء بإصابات بليغة”.

وتأتي هذه التطورات بعد أيام من هجوم لـ”الدعم السريع” على مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور وإعلانها السيطرة عليه بعد اشتباكات مع الجيش السوداني والقوات المساندة له، خلّفت 400 قتيل وعشرات آلاف النازحين حسب الأمم المتحدة. وتواصل قوات الدعم السريع القصف المدفعي على مدينة الفاشر ومخيمات النازحين حولها متسببة في سقوط قتلى وجرحى بصورة شبه يومية.

وتشهد الفاشر منذ 10 مايو الماضي اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، رغم تحذيرات دولية من المعارك في المدينة التي تعد مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس،

 وكانت منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في السودان كليمنتاين نكويتا سلامي على منصة إكس، قد قالت في وقت سابق ، إن مئات الآلاف من المدنيين في شمال دارفور محاصرون بالصراع، مؤكدة أنه لا ينبغي لأحد أن يضطر إلى الاختيار بين الجوع والقصف.

 وأضافت: “نحن بحاجة إلى وقف إطلاق النار الآن لإنقاذ الأرواح، واستعادة الكرامة، ونشر الأمل”.

المعارك تشتد.. الجيش السوداني يوجّه ضربات موجعة للدعم السريعتجدد الاشتباكات بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريعالجيش السوداني يعلن القضاء على 8 أفراد من قوات الدعم السريعالجيش السوداني: نفذنا ضربات جوية ناجحة استهدفت تجمعات الدعم السريعالجيش السوداني يعلن مقتل 12 مدنيا وإصابة 17 في قصف مدفعي للدعم السريع

مقالات مشابهة

  • تصاعد استخدام المسيّرات في الحرب السودانية .. «قوات الدعم السريع» تواصل قصف مواقع مدنية وعسكرية
  • الخارجية السودانية تستدعي القائم بأعمال السفارة الصينية في السودان لاستيضاحه حول كيفية امتلاك الدعم السريع مُسيّرات صينية استراتيجية
  • قتلى وجرحى بقصف نفذته الدعم السريع على الفاشر السودانية
  • تصاعد حدة معارك السودان.. قتلى بهجمات «الدعم السريع» على نهر النيل
  • الدعم السريع تعلن دخول الحرب مرحلة جديدة والبرهان يتوعد بسحقها
  • أكثر من 480 قتيلا في ولاية شمال دارفور السودانية منذ 10 نيسان/ابريل    
  • الخارجية السودانية تبلغ البعثات الدبلوماسية بإجراءات استلام مقارها في الخرطوم
  • الجيش السوداني يعلن مقتل 60 عنصراً من قوات الدعم السريع في الفاشر
  • مقتل عشرات المدنيين في مجزرة للدعم السريع بغرب كردفان
  • 7 أسئلة تشرح الوضع الحالي في مدينة الفاشر السودانية