كيف تضرر قطاع النقل في السودان خلال الحرب الحالية؟
تاريخ النشر: 7th, April 2025 GMT
الخرطوم- مدينة الجسور المُعلّقة، هكذا كان بعض أهالي الخرطوم يطلقون هذا الاسم على مدينتهم، في حين كانت هذه الجسور أول ما تأثر في الحرب التي اندلعت في 15 أبريل/نيسان عام 2023.
وكان جسر شمبات الرابط بين أم درمان قد تدمر في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ثم جسر جبل أولياء بعد أسبوع من الحادثة الأولى، قبل أن يلحق الضرر بجسر الحلفايا الرابط بين أم درمان والخرطوم بحري في الأول من يوليو/تموز 2024.
وتضرر قطاع النقل جراء الحرب التي قاربت على العامين؛ حيث تدمر عدد من الطرق الرئيسة في العاصمة الخرطوم وود مدني حاضرة ولاية الجزيرة، ومطار الخرطوم الدولي، والميناء البري ود مدني وغيرها من بقية وحدات وزارة النقل السودانية.
ونشرت الوزارة، في ندوة صحفية للحكومة السودانية حول خسائر قطاع النقل وخطط إعادة الإعمار، فيلما قصيرا أوضح الأضرار التي لحقت بقطاع النقل؛ حيث صورت المشاهد محطة وقاعة سكك حديد ود مدني وقد أحالتها الحرب إلى بقايا مدمرة، كما عرض الفيلم حالة الفوضى التي عمت مطار الخرطوم وكيف أحال القتال بعضا من أجزائه إلى ركام.
وتتكون وزارة النقل، حسب مسؤوليها، من شركات ووحدات من بينها السكك الحديدية، وسودان لاين، وشركة النيل للنقل للنهري، وهيئة الموانئ البحرية، والخطوط الجوية السودانية، وكذلك النقل البري، والشركة السودانية للنقل النهري، وشركة وادي النيل للنقل البحري، وأخريات.
إعلانوقال وزير النقل أبو بكر أبو القاسم إن التقديرات الأولية لخسائر قطاع النقل تُقدر بحوالي مليارين و700 مليون دولار جراء الحرب الحالية، وإنهم يعملون الآن على إعادة التقييم للخروج بإجمالي الخسائر التي تعرض لها القطاع في السودان.
وتم تقدير خسائر طيران (تاركو) وحدها بنحو 100 مليون دولار، كما أشار وزير الثقافة والإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية خالد الإعيسر الذي قال إن "مليشيا الدعم السريع دمرت 6 طائرات بوينغ تملكها تاركو، ومبنى مكونا من 3 طوابق خاصا بتموين الطائرات التي تتبع لهذه الشركة".
وأردف أنه تمت "سرقة كل أسطول سيارات شركة تاركو للطيران والتي تقدر بحوالي 80 سيارة، وأن المليشيا قامت بسرقة مخازن طائرات تتبع هذه الشركة بما يصل إلى 15 مليون دولار".
وردا على سؤال الجزيرة نت حول إجمالي خسائر مطار الخرطوم الدولي، وصفها وزير النقل أبو بكر أبو القاسم بـ"المهولة"، وأشار إلى أنها تتمثل في تدمير البنى التحتية للمطار وطائرات تتبع لشركات طيران مختلفة، ومستودعات للوقود.
فيما أوضح مدير شركة "سودانير"، مازن العوض، أن الشركة خسرت كل ممتلكاتها في العاصمة الخرطوم جراء الحرب، وأنهم يملكون الآن طائرة واحدة ولكنهم يخططون لإضافة عدد منها إلى الخطوط الجوية السودانية.
وتتمثل أولوية الحكومة السودانية ووزارة النقل الآن في إعادة اللاجئين السودانيين في الخارج إلى البلاد عن طريق التنسيق بين غرف النقل البري والوزارة لتيسير العودة الطوعية للمواطنين الراغبين في العودة.
وأفادت مصادر خاصة للجزيرة نت بأنه خلال اليومين الماضيين شهدت المعابر المصرية عودة مواطنين سودانيين على متن 20 حافلة، بما يقدر بحوالي ألف لاجئ سوداني.
وأوضح وزير النقل أن الوزارة تعمل الآن على إعادة تأهيل بعض الطرق التي تأثرت بفعل الحرب خلال الفترة الماضية.
إعلانوأكد أن الصندوق الكويتي تكفل بتقديم 700 ألف دينار كويتي ( الدينار يساوي 3.25 دولارات) لغرض دراسة الربط الحديدي بين السودان ومصر عبر سكة الحديد، وتقوم الوزارة حاليا بمحاولة إعادة خط السكة الحديد الذي يمر عبر بورتسودان، وهيا، وكسلا، وسنار بعد أن أُزيل تماما، وأنهم بدؤوا بمحاولة إعادة الخطوط البحرية السودانية (سودان لاين) من جديد.
من جهته، يرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الطاهر إدريس أن جهود وزارة النقل يجب أن تتجه مستقبلا نحو إعادة الإعمار كخطة أولى، "وذلك لما تعرض له قطاع النقل في السودان من تدمير ممنهج كبقية المجالات التي تأثرت بالحرب الحالية، يليها الاهتمام بالخطوط البحرية والجوية، ثم تكتمل عمليات إعادة التأهيل لكل القطاع".
وقال إدريس للجزيرة نت إن تأهيل قطاع النقل "يلقي بعبء كبير على الحكومة السودانية ويجب أن يمثل الأولوية لأهميته في حياة الناس وفي التنمية بالقطاعات الأخرى".
ويرى أن الحكومة يمكن أن تستفيد من البنك الأفريقي للتنمية والبنك الإسلامي للتنمية وبعض الدول مثل الصين روسيا للإسهام في هذه العملية.
ووفقا لإدريس، يجب أن تركز جهود الحكومة خلال الفترة المقبلة على هذا القطاع، وتحديدا النقل الجوي والبري والبحري، "لأن عملية البناء التي يجب أن تنخرط فيها البلاد لا تأتي أدواتها إلا عن طريقه".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قطاع النقل جراء الحرب وزیر النقل
إقرأ أيضاً:
كاميرون هادسون: هذه الحرب لم تنتهِ بعد والدخول إلى دارفور سيكون خطأً تكتيكيًا واستراتيجيًا للقوات المسلحة السودانية
لا يمكن للقوات المسلحة السودانية السيطرة على دارفور باستخدام الطائرات الحربية والطائرات المسيّرة فقط، سيكون هناك حاجة إلى غزو بري واسع النطاق، وهو أمر لا تمتلكه القوات المسلحة السودانية ولا يمكنها الالتزام به لأن الأولوية يجب أن تكون تأمين الخرطوم والمناطق الشرقية والوسطى المتبقية من السودان، حيث لا تزال هناك جيوب لقوات الدعم
كاميرون هادسون
يشير قصف القوات المسلحة السودانية (SAF) في دارفور إلى ثلاثة أمور بالنسبة لي:
1. القوات المسلحة السودانية لن تتخلى ببساطة عن المنطقة لقوات الدعم السريع (RSF)، بل ستخوض القتال من أجلها وهي مصممة على استعادة السيطرة على كامل السودان.
2. هذه الحرب لم تنتهِ بعد.
3. الدخول إلى دارفور سيكون خطأً تكتيكيًا واستراتيجيًا للقوات المسلحة السودانية.
لا يمكن للقوات المسلحة السودانية السيطرة على دارفور باستخدام الطائرات الحربية والطائرات المسيّرة فقط. سيكون هناك حاجة إلى غزو بري واسع النطاق، وهو أمر لا تمتلكه القوات المسلحة السودانية ولا يمكنها الالتزام به لأن الأولوية يجب أن تكون تأمين الخرطوم والمناطق الشرقية والوسطى المتبقية من السودان، حيث لا تزال هناك جيوب لقوات الدعم السريع. وهذا يتطلب تطهير المناطق شارعًا تلو الآخر، وحيًا تلو الآخر، وهو ما يستغرق وقتًا ويتطلب أعدادًا كبيرة من الجنود. يجب أن يكون التركيز على ذلك لاستقرار البلاد والتخفيف من معاناة المدنيين.
علاوة على ذلك، تمثل دارفور تحديًا كبيرًا للقوات المسلحة السودانية. ستكون خطوط إمدادها ضعيفة، وستمنح قوات الدعم السريع ميزة تكتيكية في المنطقة. وعلى عكس الماضي، لم تعد القوات المسلحة السودانية تمتلك ميليشيا عربية متحالفة معها لمساعدتها في السيطرة على المدن. ونتيجة لذلك، ستلجأ على الأرجح إلى القصف الجوي العنيف، مما سيؤدي إلى وقوع أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين. وأي دعم أو تعاطف تحظى به القوات المسلحة السودانية الآن سيتلاشى إذا بدأت في تكرار ممارساتها خلال حقبة حزب المؤتمر الوطني، عندما استخدمت القوة الجوية لإخضاع المناطق بأكملها.
لا أرى أي فائدة من نقل المعركة إلى دارفور، بل قد يؤدي ذلك في النهاية إلى هزائم جديدة للقوات المسلحة السودانية، مما يسمح لقوات الدعم السريع بإعادة السيطرة على المناطق الشرقية من السودان، وبالتالي إلغاء ستة أشهر من التقدم العسكري الذي حققته القوات المسلحة السودانية.
الوقت الآن مناسب للقوات المسلحة السودانية لتطهير المدن الشرقية من قوات الدعم السريع والتفاوض على تسوية لإنهاء وجودها. لدى القوات المسلحة السودانية فرصة لاتخاذ المسار الأعلى وفرض شروط انتصارها. وإذا لم تفعل ذلك، فسيتم جرها إلى مستنقع دارفور، حيث سترتكب جرائم لا حصر لها في محاولة يائسة لإنقاذ نفسها—دون جدوى.
هذه اللحظة ليست مجرد نقطة تحول في الحرب؛ إنها نقطة اتخاذ قرار حاسمة للقوات المسلحة السودانية. الخيارات التي ستتخذها الآن ستحدد نتائج مختلفة تمامًا. ولسوء الحظ، فإن قراراتها السابقة كانت مدفوعة بالغرور وسوء التقدير الاستراتيجي. آمل، من أجل الشعب السوداني، أن تفكر القوات المسلحة السودانية بحكمة هذه المرة.
نيويورك تايمز