تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تشهد باكستان تصاعدًا غير مسبوق في وتيرة العنف المسلح، حيث سجّل شهر مارس 2025 أعلى عدد من الهجمات المسلحة في البلاد منذ عام 2014، وفقًا لإحصاءات معهد باكستان لدراسات الصراع والأمن. فقد شهدت البلاد 105 هجمات، ما أسفر عن مقتل 228 شخصًا، بينهم 73 من أفراد الأمن، و67 مدنيًا، و88 مسلحًا.

 

كما نفذت قوات الأمن الباكستانية عمليات مكثفة لمكافحة التمرد، أسفرت عن مقتل 107 أشخاص، بينهم 83 مسلحًا و13 من أفراد الأمن و11 مدنيًا، ليصل إجمالي عدد القتلى خلال الشهر إلى 335 شخصًا. ويعكس هذا الرقم تصاعدًا في العنف لم تشهده البلاد منذ عقد، حيث كان شهر مارس ثاني أكثر الشهور دموية بالنسبة لقوات الأمن الباكستانية خلال العشر سنوات الأخيرة، بعد يناير/كانون الثاني 2023. 

وتتسم خارطة العنف في باكستان بتمركز واضح للهجمات في مناطق تشهد اضطرابات أمنية مزمنة، مثل مقاطعتي بلوشستان وخيبر بختونخوا، إلا أن اللافت في تصاعد العنف خلال مارس هو تسجيل زيادة غير مسبوقة في النشاط المسلح في مقاطعة البنجاب، حيث وقعت سبع هجمات، معظمها منسوبة إلى حركة طالبان باكستان. 

ويعد هذا الرقم الأعلى في المقاطعة خلال العقد الأخير، ما يشير إلى تغير واضح في استراتيجيات الجماعات المسلحة، التي باتت توسع عملياتها خارج نطاقها التقليدي. إن هذا التوسع الجغرافي للعنف يعكس تحولًا في المشهد الأمني داخل باكستان، حيث لم تعد مناطق التوتر مقتصرة على الأطراف الحدودية، بل امتدت إلى مناطق كانت تُعد أكثر استقرارًا نسبيًا. 

لا يمكن فهم التصعيد الحالي في باكستان بمعزل عن العوامل الإقليمية، حيث تتهم الحكومة الباكستانية حركة طالبان الأفغانية بتوفير بيئة حاضنة للجماعات المسلحة التي تشن هجمات داخل أراضيها. ووفقًا لمسؤولين باكستانيين، فإن المسلحين يستغلون الأراضي الأفغانية كقاعدة انطلاق لتنفيذ عملياتهم، لا سيما في المناطق الشمالية الغربية من البلاد. من جانبها، تنفي طالبان هذه الاتهامات، ما يزيد من تعقيد المشهد الأمني في المنطقة.

 هذا التوتر المستمر بين إسلام أباد وكابول يفتح الباب أمام تصعيد أكبر، وربما يؤدي إلى تدخلات إقليمية إضافية، خاصة في ظل الضغوط الدولية المتزايدة على كلا البلدين لضبط الأمن على حدودهما المشتركة. ومع ذلك، فإن غياب التنسيق الأمني الفعّال بين الحكومتين يجعل من الصعب احتواء هذا التهديد المتنامي، ما يزيد من احتمال استمرار العمليات المسلحة خلال الأشهر المقبلة. 

في ظل هذه المعطيات، يواجه الأمن الباكستاني تحديات متزايدة، حيث لم تنجح العمليات العسكرية وحدها في القضاء على الجماعات المسلحة بشكل كامل. فعلى الرغم من تنفيذ حملات أمنية مكثفة خلال السنوات الماضية، لا تزال الجماعات المتشددة قادرة على إعادة تنظيم صفوفها وشن هجمات واسعة النطاق. 

وتطرح هذه التطورات تساؤلات حول جدوى النهج الأمني الحالي، ويدعو إلى التفكير في استراتيجيات بديلة تتجاوز الحلول العسكرية التقليدية، فإلى جانب المواجهات المسلحة، تحتاج الحكومة إلى معالجة الأسباب الجذرية التي تغذي العنف، بما في ذلك الفقر والبطالة والتهميش الاجتماعي، التي توفر بيئة خصبة للتطرف. 

على الصعيد السياسي، يزيد تصاعد العنف من الضغوط على الحكومة الباكستانية، التي تواجه بالفعل تحديات داخلية متعددة، بما في ذلك الأزمة الاقتصادية وغياب الاستقرار السياسي. إن تزايد الهجمات المسلحة يؤثر بشكل مباشر على صورة الحكومة أمام الرأي العام، حيث تتعرض لانتقادات بسبب عدم قدرتها على ضبط الأوضاع الأمنية. ومن المرجح أن يؤدي استمرار العنف إلى مزيد من التوترات السياسية، خاصة إذا استغلت المعارضة هذا التصعيد لمهاجمة سياسات الحكومة الأمنية. كما أن التراجع الأمني قد تكون له تداعيات اقتصادية، حيث يتردد المستثمرون في ضخ أموالهم في بلد يعاني من اضطرابات متكررة، مما يزيد من تفاقم الأزمة المالية التي تمر بها البلاد. 

يبدو أن باكستان أمام اختبار صعب يتطلب إعادة تقييم شاملة لسياساتها الأمنية والإقليمية. فبينما تواصل قوات الأمن عملياتها لمواجهة الجماعات المسلحة، يبقى التساؤل حول مدى قدرة الدولة على احتواء هذه الموجة من العنف ومنع امتدادها إلى مناطق جديدة. إن الأرقام المسجلة في مارس 2025 ليست مجرد إحصاءات، بل تعكس واقعًا معقدًا يستدعي حلولًا جذرية تتجاوز النهج العسكري البحت. وفي ظل التوترات الإقليمية المستمرة، تظل خيارات الحكومة محدودة بين التصعيد الأمني أو البحث عن حلول سياسية ودبلوماسية، وهو تحدٍّ قد يحدد ملامح الاستقرار في باكستان خلال السنوات القادمة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: باكستان الهجمات المسلحة قوات الأمن مكافحة التمرد فی باکستان تصاعد ا

إقرأ أيضاً:

ورشة حول دور المجتمع في السلام والأمن المجتمعي بمحافظة العباسية بجنوب كردفان

نظمت لجنة الاستنفار والمقاومة الشعبية المسلحة بمحافظة العباسية ورشة حول دور المجتمع في السلام والأمن المجتمعي، بمشاركة واسعة من المرأة وقطاعات المجتمع المدني.وتأتي الورشة التي أقيمت بقاعة جامعة شرق كردفان الجمعة، في إطار تعزيز دور المجتمع في تحقيق الأمن والسلام المجتمعي.وأكد الأستاذ الصديق النور، المدير التنفيذي بالمحافظة، أن القوات المسلحة والقوات المساندة تمثل رمز العزة والفخر وهي تحقق النصر في كل المحاور. كما شدد على أهمية إلتحام الشعب حول القيادة، مشيرا إلى أن الأمر أمر وطن وعزة وكرامة.وقال العقيد ركن سيف الدين الحاج، قائد قطاع العباسية، إن الورشة جاءت في الوقت المناسب والمهم، وهي تتحدث عن دور المجتمع في السلام والأمن المجتمعي. كما شدد على أن الأمن مسؤولية الجميع، مشيدا بحضور المرأة التي تمثل كل المجتمع.وأكد الأستاذ خالد مختار حسن جاهزية لجان الاستنفار والمقاومة الشعبية المسلحة لخوض معركة الكرامة والدفاع عن الوطن، مبيناً إن الورشة جاءت لتبصير المجتمع والمرأة بدورهم في تحقيق الأمن والسلام المجتمعي بالمحافظة.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مصرع 9 مسلحين خلال عملية أمنية شمال غربي باكستان
  • غزة.. مقتل 490 طفلاً في هجمات إسرائيلية خلال الـ20 يوماً
  • بـ 7 هجمات.. أوكرانيا تستهدف البنية التحتية للطاقة الروسية
  • “الفاف” تُنصف الأندية التي سددت ديونها في الآجال المُحددة
  • قادة باكستان يشيدون بنجاح قوات الأمن في التصدي لمحاولة تسلل عبر الحدود مع أفغانستان
  • الداخلية: 1370 متهماً و152 مطلوباً في قبضة الأمن خلال مارس
  • ورشة حول دور المجتمع في السلام والأمن المجتمعي بمحافظة العباسية بجنوب كردفان
  • إلى طالبان وجيش تحرير بلوشستان ولواء المجد..باكستان تتهم أفغانستان بتهريب الأسلحة
  • مصرع العشرات في هجمات على 3 قرى ببوركينا فاسو