البلاد – دمشق
في مشهد يعيد إلى الأذهان النكبة الفلسطينية، تتقدم إسرائيل بخطى محسوبة نحو ترسيخ احتلال طويل الأمد لجنوب سوريا، في استغلال واضح للفراغ الأمني والسياسي بعد انهيار نظام الأسد أواخر العام الماضي. المشهد هناك لا يوحي فقط بتدخل عسكري تقليدي، بل بتغيير جذري في طبيعة السيطرة على الأرض، حيث تبدو تل أبيب عازمة على خلق “فلسطين أخرى” على امتداد الحدود السورية-الإسرائيلية.


زيارة استقصائية حديثة أجراها مراسلو صحيفة “وول ستريت جورنال” إلى المنطقة كشفت ملامح هذا التوسع الإسرائيلي، الذي لم يعد مجرد تدخل عسكري أو ضربات جوية متفرقة، بل أصبح منظومة متكاملة من السيطرة الأمنية والإدارية والاجتماعية. في قرية الحميدية، الواقعة داخل منطقة منزوعة السلاح سابقًا، تُسيطر إسرائيل الآن على كل شيء: من حركة المدنيين إلى الخدمات الطبية، ومن حجم الجنازات إلى توزيع الطعام.
موقع عسكري إسرائيلي حديث البناء يراقب القرية ليل نهار، بينما تُسيّر دوريات شبابية نقاط التفتيش، وتُقيّد الحركة، وتتحكم فيمن يغادر ومن يدخل، حتى في حالات الطوارئ الطبية. في رمضان، لم يتمكن الأهالي من زيارة أقاربهم لتناول الإفطار، وأُجبر شيوخ القرية على طلب إذن من ضباط الارتباط الإسرائيلي لنقل الحالات الحرجة إلى المستشفيات. في جنازات القرية، حُدد عدد المعزّين، واختُزلت أيام الحداد التقليدية إلى يوم واحد، في انتهاك فج للأعراف الاجتماعية والدينية.
في مقابل هذه القيود، عرضت إسرائيل طرودًا غذائية على سكان القرى الفقيرة، في محاولة مكشوفة لكسب ود الأهالي وتحسين صورة جيش الاحتلال. وبينما قبل البعض مضطرًا، رفض كثيرون، إدراكًا منهم أن ما يُمنح اليوم كمساعدة، سيتحول غدًا إلى أداة لإدامة الاحتلال.
منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي، صعدت تل أبيب من تدخلها العسكري. مئات الغارات الإسرائيلية دمّرت ما تبقى من الجيش السوري، فيما توسعت القوات البرية في منطقة الأمم المتحدة المنزوعة السلاح، التي ظلت قائمة لنصف قرن. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو طالب علنًا بنزع سلاح الجنوب السوري، بينما صرّح وزير دفاعه بأن القوات الإسرائيلية باقية هناك “إلى أجل غير مسمى.”
اليوم، بات لإسرائيل وجود فعلي على مساحات ممتدة لمئات الأميال داخل الأراضي السورية، تُديرها عبر مواقع عسكرية متقدمة، وأبراج مراقبة، وممرات ترابية مغلقة. وهي تُعيد بذلك إنتاج نموذج “المناطق العازلة” الذي اعتمدته في غزة ولبنان، وتُطبّقه الآن في سوريا بغطاء أمني لكنه يحمل أهدافًا توسعية صريحة.
وفي تطور خطير، أعلنت المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال الإسرائيلي رسميًا عن تنظيم زيارات إلى مواقع أثرية داخل الجنوب السوري خلال عيد الفصح اليهودي هذا الشهر، وفق ما أورد موقع “كيبا” العبري. هذه الخطوة، التي تتم بحراسة عسكرية مشددة، لا تعكس اهتمامًا بالتراث، بقدر ما تُعلن دخول الجنوب السوري مرحلة جديدة: مرحلة دمج الأراضي المحتلة في الوعي الإسرائيلي، وتحويلها إلى وجهات “سياحية آمنة” كما حدث في القدس والجولان.
بهذا المسار، لا تُوسّع إسرائيل نفوذها فحسب، بل تُعيد رسم خريطة سوريا بسياسة التدرج الهادئ… لتكتب نكبة جديدة في قرى ظلت لسنوات تنزف من الحرب، وتُركت الآن فريسة للاحتلال.

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

تينايل تسلط الضوء على أهمية المقاربة الشمولية في إدارة الثغرات الأمنية والأمن السيبراني خلال جيسيك 2025

أكدت تينابل، الشركة الرائدة في مجال إدارة الثغرات الأمنية، مشاركتها في معرض ومؤتمر الخليج لأمن المعلومات 2025، الذي سيقام في مركز دبي التجاري العالمي بين 6 و8 مايو. ومن خلال جناحها رقم C175 في القاعة 5، تستعرض تينابل منصتها تينابل وان لإدارة الثغرات الأمنية — أول منصة في العالم مدعومة بالذكاء الاصطناعي في هذا المجال.

يذكر أن الإدارة الفعالة للثغرات الأمنية تتطلب رؤية موحدة لكامل مساحة الهجوم، مما يتيح لفرق الأمن السيبراني اكتشاف التهديدات الخطيرة وتحديد نقاط الاختناق في مسارات الهجوم وترتيب نقاط الضعف حسب تأثيرها الحقيقي على المؤسسة. وتعمل منصة “تينابل وان” على توحيد الرؤية الأمنية والتحليلات واتخاذ الإجراءات عبر مساحة الهجوم بالكامل، مما يتيح للمؤسسات الحديثة عزل ومعالجة أهم الثغرات السيبرانية – بدءاً من بنية تقنية المعلومات ومروراً بالبيئات السحابية، وحتى البنية التحتية الحيوية.

وفي هذا الصدد قال ماهر جاد الله، نائب الرئيس لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى تينابل: “شهدت تينابل خلال السنوات السبع الماضية تطوراً استراتيجياً ملموسًا، حيث عملت على توسيع قدراتها بشكل منهجي لتشمل أمن الهوية وأمن السحابة والتقنيات التشغيلية وتحليل مسارات الهجوم وتحليل الثغرات الأمنية. فقد أدى تشتت المنتجات والرؤية إلى معاناة العديد من المؤسسات في التصدي للتهديدات عبر مساحة هجوم واسعة، ولكننا نؤمن بأن بوسعنا كسب الحرب ضد المخاطر السيبرانية من خلال الاستراتيجيات والحلول الأمنية الشاملة. وسنبين خلال فعاليات جيسيك 2025 كيف يمكن للمؤسسات استعادة السيطرة لتقليل المخاطر والقضاء على الثغرات.”


مقالات مشابهة

  • تينايل تسلط الضوء على أهمية المقاربة الشمولية في إدارة الثغرات الأمنية والأمن السيبراني خلال جيسيك 2025
  • ليبيا وبريطانيا.. هل تلوح في الأفق عودة الرحلات الجوية؟
  • السفارة الإيطالية في مسقط تسلط الضوء على "ترميم لوحة العشاء الأخير لليوناردو"
  • ‏وزير الخارجية السوري: العقوبات على سوريا تضعف قدرة البلاد على منع النزاعات
  • تقدم في محادثات غزة.. وتوافق على وقف اطلاق نار طويل الأمد 
  • رويترز: توافق على وقف إطلاق نار طويل الأمد في غزة
  • «إشراقة أمل».. حملة إعلامية تسلط الضوء على المشاريع القومية في عهد الرئيس السيسي
  • محاضرة تسلط الضوء على دور المسرح في بناء الوعي الثقافي
  • استشهاد 6 فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي مقهًى وسط قطاع غزة
  • صدمة في فرنسا بعد مقتل مصلٍّ مسلم تلقى 50 طعنة داخل مسجد جنوب البلاد