البوابة نيوز:
2025-04-07@13:59:27 GMT

حماس.. وكلمات مكتومة!!

تاريخ النشر: 7th, April 2025 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

مثل كثير من الكتّاب العرب الذين يدافعون عن الأمن القومي العربي بعينٍ واقعية لا عاطفية، لا أرى في ما فعلته حركة "حماس" يوم 7 أكتوبر 2023 انتصارًا أو بطولة، بل هو تقدير استراتيجي خاطئ وأخلاقي مزدوج، دفعت ثمنه غزة أولًا، ثم فلسطين بأكملها، وربما القضية ذاتها.

وما أطرحه هنا هو سؤال أساسي: هل كانت حماس تدرك التبعات؟ هل فكرت في العواقب الإنسانية والسياسية لهذا الفعل الذي تسبّب في معاناة ودمارٍ هائل للشعب الفلسطيني؟.

من الواضح أن ما حدث اعتبره البعض لحظة انتصار سياسي وعسكري على مستوى معين، ولكن هل هذا "الانتصار" على الاحتلال كان سيؤدي إلى حل جذري في المستقبل؟ ومن جهة أخرى، من المهم أن نُشير إلى أن إسرائيل لم تنتصر أيضًا رغم ما قامت به من تدمير واسع في قطاع غزة، حيث لم تتمكن من القضاء على إرادة الشعب الفلسطيني أو القضاء على حماس كما كانت تستهدف، لكن السؤال الذي يظل مطروحا:  هل كُنا في حاجة إلى هذا الثمن الباهظ؟ وهل كان من الممكن تحقيق الأهداف ذاتها بأساليب أخرى تحفظ حياة الأبرياء ولا تزيد من قسوة الواقع؟.

هذه محاولة للإجابة لا تدافع بأي حال من الأحوال عن السياسة الممنهجة التي تتبعها دولة الاحتلال، والتي لطالما كانت مصدرًا للمعاناة والظلم للشعب الفلسطيني، ولا يزال حلمنا جميعًا أن نتخلص منها، فما أقدمه هنا ليس إلا محاولة لتصحيح المسار، ودعوة للوعي الأعمق في التعامل مع القضية الفلسطينية في هذه المرحلة الدقيقة، خاصة في الوقت الذي نشهد فيه مظاهرات في غزة وغيرها من المناطق تطالب بضرورة إبعاد "حماس" عن المشهد الفلسطيني، وفي ظل طرح حركة "فتح" للورقة الأخيرة التي قدمتها إلى القاهرة، فإن التوجه نحو إعادة ترتيب البيت الفلسطيني لا يعني بأي حالٍ من الأحوال قبول سياسات الاحتلال أو التنازل عن الحقوق الوطنية، إنما هي دعوة للتركيز على حماية الشعب الفلسطيني أولًا، ولإعادة النظر في سُبل المواجهة والتمسك بثوابتنا في إطار من الوحدة الوطنية والعمل الجماعي العربي الذي يضمن لنا نصرًا حقيقيًا، بعيدًا عن الانقسام والتناحر الذي طالما أضر بقضيتنا.

في قراءة لما قبل العدوان الإسرائيلي  كان عدد سكان قطاع غزة يقدر بحوالي 2.3 مليون نسمة، من بينهم، كان هناك حوالي 1.10 مليون أنثى، يشكلن 49.3% من إجمالي السكان، كما كان هناك حوالي 1.05 مليون طفل دون سن الثامنة عشرة، يشكلون 47.1% من سكان القطاع، منهم حوالي 340 ألف طفل دون سن الخامسة، وفقًا لجهاز الإحصاء الفلسطيني، هذا الواقع الإنساني الصعب يجب أن يكون أكبر دليل على مدى خطورة اتخاذ قرار الحرب في ظل هذه الظروف، وكيف أن "حماس" لم تدرك عواقب هذا القرار كما يجب.

كيف يمكن لأي طرف أن يذهب إلى الحرب وهو يعلم أن أكثر نصف سكان غزة من النساء والأطفال، وأن هناك مئات الآلاف من الأطفال الأبرياء الذين سيدفعون الثمن الأكبر؟ في وقت كان من الممكن أن يُحسن فيه القرار الاستراتيجي سبل الدفاع الوطني بطرق أكثر من ذلك، اختارت "حماس" أن تفتح أبواب جهنم، دون حسابات دقيقة للنتائج، مما جعلها تتحمل مسؤولية لا تُغتفر في تدمير الحلم الفلسطيني وتدمير ما تبقى من البنية الإنسانية في غزة.

توهمت "حماس" وقادتها أن بإمكانها أن تشعل الحرب في المنطقة ثم تنسحب منها كمن يُلقي حجرًا في الماء ويهرب، تخيلت أن دول العالم يمكن أن تخاطر بأمنها واستقرارها وشعوبها من أجل مغامرة اتخذتها جماعة، لا دولة، واعتقدت، بسذاجة أو دهاء أصحاب الأجندات، أن اتخاذ قرار الحرب أمر هين، وأن أي تصعيد يمكن كتمه ببضع كلمات أو خطابات.

لكن، الحقيقة التي تجاهلتها "حماس"، أن الحفاظ على السلام ليس ضعفًا، وتجنّب الحرب ليس جبنًا، وإنما هو أعلى درجات المسؤولية السياسية، خاصة حين تكون أرواح الشعوب وأمنها واستقرارها خاصةً الأطفال والنساء على المحك، لقد اختارت الحركة أن تفتح أبواب الجحيم على غزة، مدفوعة بوهم "النصر السريع"، فكان أن ارتكبت خطأً استراتيجيًا قاتلًا، حين اعتقدت أن بإمكانها كسر أمريكا قبل دولة الاحتلال عبر عملية واحدة، دون إدراك لعواقبها الجيوسياسية والعسكرية والإنسانية، وها نحن نرى غزة اليوم: مدينة مدمّرة، سكانها بين شهداء ومهجرين ومفقودين، والقضية الفلسطينية وقد تدُفع قسرًا إلى قاع الأولويات الدولية.

الخطورة لا تكمن فقط في حجم الضحايا، بل في ما هو أعمق: اغتيال الرواية الفلسطينية الأخلاقية التي دافعت عنها مصر والأردن لعقود، والتي صوّرت الفلسطيني كمظلوم يواجه احتلالًا مدججًا بالسلاح، لا كمسلح يحاول إعادة أرضه بطريقة غير مدروسة أو يجرّ شعبه إلى حرب لا يعرف متى تنتهي، خاصة أنه بعد السابع من أكتوبر لم تُحرر حماس الأرض، بل حرّرت إسرائيل من عزلتها، ومنحتها غطاءً دوليًا لقصف غزة بلا توقف، فهل كان هذا هو الهدف؟ هل كانت النتيجة تستحق هذا الثمن؟ أم أن هناك من وجد في الدم الفلسطيني فرصة لتثبيت نفسه لاعبًا إقليميًا أو استثمارًا داخليًا؟.

في ظل الوضع الراهن، أصبح من الضروري أن تُعيد "حماس" النظر في موقفها وتتحمل مسؤوليتها التاريخية. وليس في صالح الشعب الفلسطيني ولا في صالح القضية الفلسطينية أن تستمر الحركة في قيادة المشهد السياسي بهذه الطريقة، نحن بحاجة إلى إعادة ترتيب أوراق القضية الفلسطينية من جديد، وفق رؤية موحدة تتجاوز التجاذبات الفصائلية والمصالح الضيقة، يجب على "حماس" أن تتنحى قليلا عن المشهد السياسي في هذه الفترة الحرجة، لكي نتمكن من مواجهة الوحشية المفرطة التي يمارسها الكيان الصهيوني، الذي يقاتل بدم بارد، مدعومًا من قوى عالمية تضغط بلا هوادة ضد حقوقنا المشروعة،  إن الوقت قد حان لوضع مصالح الشعب الفلسطيني فوق أي اعتبار آخر، وتحقيق الوحدة الوطنية الحقيقية التي تُمكّننا من مواجهة التحديات الكبرى بحكمة وقوة، بدلًا من أن نكون مجرد أدوات في صراعات جانبية لا تخدم إلا أعداءنا.

لسنا ضد المقاومة، ولسنا من أنصار الاستسلام، لكننا ضد من يُقامر الآن بفلسطين من أجل مشروع سياسي ضيق الأفق، أو وهم انتصار لحظي مدفوع بالدم. القضية الفلسطينية في حاجه ملحة لقيادة ناضجة، تؤمن بالدولة لا بالدويلة، وبالمؤسسات لا بالأنفاق، وبالقرار الجماعي لا بالانفراد المصيري.

ونحن إذ نرفض مغامرات "حماس" وندين قراراتها غير المحسوبة، لا ننكر أن يوم تحقيق أمل الفلسطينيين سيأتي، لكن هذا لا يعني أن نستعجل الزمن أو نستدعي النصر بغير عدته، فذلك اليوم لا يأتي إلا حين يكتمل شرطه: أمة يقظة، موحدة، عادلة، لا بجماعات مشتتة تتحدث باسم الدين وتخالف جوهره، إن ذلك اليوم قادم لا محالة، لكنه لن يُجلب بالاستعراضات، بل بالإعداد الحقيقي، والتخطيط الواعي، والموقف الأخلاقي الذي لا يُفرط في الدم، ولا يُقايض الكرامة بالشعارات.

إلى قادة حماس أقولها من قلبي لكم ومن قلب تقف في حنجرته كلمات مكتومة، من يظن أن النصر يُبنى على أنقاض شعبه، أو على حساب أمن أشقائه في سوريا ولبنان ومصر والأردن، فهو لا يفهم شروط تحقق ما يصبو إليه الفلسطينيون، فذلك اليوم لا أخجل إن قلت بأنه لن تصنعه جماعة خارجة عن الإجماع، بل تصنعه أمة تعرف متى تُحارب ومتى تتماسك، ومتى تُقدّم الحق على الهتاف، والبصيرة على الانفعال، إن الوقت قد حان لكي تعيد "حماس" النظر في خياراتها أمام الوحدة الفلسطينية، وأن تفسح المجال لإعادة ترتيب القضية الفلسطينية من جديد بحكمة، بعيدًا عن الهدم والمغامرة غير المحسوبة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: حماس القضیة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی

إقرأ أيضاً:

الإمارات تنقل التحريض ضد المقاومة الفلسطينية إلى ساحة الأمم المتحدة

الثورة /

عمدت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى نقل التحريض الممنهج الذي تمارسه ضد فصائل المقاومة الفلسطينية إلى ساحة الأمم المتحدة عبر تحريك أدواتها في أوروبا.

إذ حركت أبوظبي أحد مرتزقتها رمضان أبو جزر التابع للقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان من أجل مخاطبة الأمم المتحدة للتحريض ضد حركة “حماس” وفصائل المقاومة في غزة.

ووجه أبو جزر رسالة باسم “مركز بروكسل الدولي للبحوث” الممول من الإمارات، إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش محاولا استغلال تظاهرات متفرقة في قطاع غزة للتحريض على حماس.

وزعم أبو جزر أن سكان غزة “يعانون من وحشية وهجمات الميليشيات المسلحة التابعة لحماس، التي تقمع المواطنين وتمنع أي محاولة للتعبير عن الاستياء أو الرأي السياسي”.

كما تماهي أبو جزر مع التحريض الإسرائيلي بالادعاء بأن فصائل المقاومة تسيطر على معظم المساعدات الإنسانية وتعيق إيصالها إلى المحتاجين من السكان والنازحين في غزة.

وينسجم هذا الموقف من أبو جزر ومن ورائه دحلان والإمارات مع التبرير الإسرائيلي المعلن بشأن نهج التجويع الممارس في غزة ووقف إيصال كافة أنواع المساعدات إلى القطاع المدمر.

وذهب أبو جزر حد دعوة الأمم المتحدة إلى “فتح قنوات تواصل مع النشطاء وممثلي الحراك الشعبي المعارض لحكم حماس والحرب الجارية، على أن تكون منفصلة عن ممثلي الفصائل السياسية الفلسطينية التي لا تشارك في هذا الحراك الشرعي”.

ويشار إلى أن رمضان أبو جزر الذي يقيم في بلجيكا يكرس نفسه بوقا مرتزقا لدول التطبيع العربي لا سيما الإمارات ويتبني الترويج لمخططاتها القائمة على التطبيع والتحالف العلني مع إسرائيل ومعاداة فصائل المقاومة الفلسطينية.

ويعد رمضان أبو حزر الذي يعمل كمنسق ما يسمى حملة الحرية لفلسطين في بروكسل، أحد أبرز رجالات محمد دحلان في أوروبا.

ويتورط أبو جزر في عمليات تجنيد الشباب الفلسطيني في أوروبا للعمل في تيار دحلان، ويسوق نفسه زورا على أنه خبير في القانون الدولي.

وقد دأب أبو جزر على الظهور في وسائل الإعلام الممولة من دولة الإمارات للهجوم على حركة حماس وفصائل المقاومة منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة قبل نحو 18 شهرا والدفاع عن موقف دول التطبيع العربي.

مقالات مشابهة

  • فتح: وقف شلال الد.م الفلسطيني في غزة والضفة الغربية أهم أولوياتنا
  • مصر والقضية الفلسطينية: دعم ثابت ودعوة لوحدة الصف الفلسطيني بعيدًا عن انفراد أى فصيل
  • عبد الرحيم علي: الوحدة الوطنية الفلسطينية هي الحل.. ولا مجال للحرب بالنيابة عن الشعب الفلسطيني
  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
  • الوطني الفلسطيني يدين القرار الإسرائيلي بمنع دخول واحتجاز النائبتين البريطانيتين إلى الأراضي الفلسطينية
  • الإمارات تنقل التحريض ضد المقاومة الفلسطينية إلى ساحة الأمم المتحدة
  • في يوم الطفل الفلسطيني.. حماس تطالب بمحاكمة قادة الجيش الإسرائيلي
  • حماس: لن ننقل "الرهائن" من المناطق التي طلبت إسرائيل إخلائها
  • العراق يدين العدوان الذي شنّته اسرائيل على الأراضي الفلسطينية