في الوقت الذي ينتظر مشروع قانون "تحرير العراق من هيمنة إيران" إقراره في الكونغرس الأمريكي، يطرح البعض تأجيل الانتخابات العراقية، وتشكيل حكومة طوارئ برئاسة رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، وذلك لمواجهة "العاصفة السياسية القادمة".

وتضمن مشروع القانون الأمريكي الذي قدّمه السيناتور الجمهوري، جو ويلسون للكونغرس، بنودا لتقليص نفوذ إيران في العراق، منها ما يهدف إلى حلّ الفصائل المسلحة والحشد الشعبي وتصنيفها "منظمات إرهابية"، فضلا عن محاكمة شخصيات سياسية عراقية كبيرة.



وعقب ذلك، دعا الكاتب العراقي أياد السماوي- المقرب من رئيس الحكومة العراقية-، إلى تأجيل الانتخابات المقررة في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وتشكيل حكومة طوارئ برئاسة محمد شياع السوداني، وذلك لأن العراق في قلب عاصفة هوجاء تتقدم بسرعة.

"تغيير محتمل"
وعن مدى إقرار الكونغرس للقانون الأمريكي، قال الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي، أحمد الشريفي لـ"عربي21"، إن "الولايات المتحدة تمتلك تفويضا من مجلس الأمن والأمم المتحدة منذ عام 2003 في الإشراف على المسار السياسي بالعراق، والدخول كفاعل مباشر فيه إذا تطلب الأمر".

وأوضح الشريفي أن "الكثير من مفاصل الديمقراطية في العراق بدأت تغيب عن المشهد، منها قضية الانتخابات وقناعات الشعب فيها بوصفه مصدر للسلطات، وكذلك آليات التداول السلمي للسلطة، فقد لاحظنا في عام 2022 اقتتالا داخل المنطقة الخضراء معقل صنع القرار السياسي في البلاد، وانسحبت الكتلة الفائزة انتخابيا وتولت الأقلية السياسية الحكم".

وأكد الخبير العراقي، أنه "إذا صوت الكونغرس على مشروع القانون، فسيكون على رئيس الولايات المتحدة تنفيذه، خصوصا أن هناك إجماع من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على تمريره، وهذه مفارقة غريبة أنهما يجتمعان في موقف موحد تجاه ما يجري في العراق".



في المقابل، رأى المتحدث السابق باسم الإطار التنسيقي، عائد الهلالي، أن "هناك حالة من التهويل الكبير جدا عن استخدام قانون لتحرير العراق من الهيمنة الإيرانية، لأن الحكومة العراقية واضحة في هذا الصدد فهي تريد أن تكون لها استقلالية في القرارات السياسية والاقتصادية والأمنية".

وأوضح الهلالي لـ"عربي21" أن "رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، هو أول من استخدم شعار العراق أولا، وأن هدفه الأساسي هو بناء الدولة العراقية، وعلى هذا الأساس مضت هذه الحكومة الحالية منذ تشكيلها في عام 2022".

واستبعد السياسي العراقي أن "يمرر مثل هذا القانون في الكونغرس الأمريكي، بالصيغة التي يتحدث عنها البعض، بأن يتحرر العراق كما حصل في مرحلة احتلاله عام 2003، لأن الدولة العراقية حاليا مستقرة، وحكومة منتخبة وتداول سلمي للسلطة".

ولفت إلى أن "الولايات المتحدة الأمريكية حاليا ليس لديها القدرة على أن تقوم بعملية غزو كما حصل في عام 2003، وتأتي بجيوشها إلى العراق من أجل أن تخرج فصيلا أو مجموعة فصائل لأنها تنتمي أو ترتبط بإيران".

الأمر الآخر، يرى الهلالي، أن "إيران غير مهيمنة على القرار العراقي، رغم أن هناك تأثير لها- وهذا أمر طبيعي جدا- كما هو الحال مع التأثيرات السعودية والقطرية والتركية وحتى الأمريكية، لكنها لم تسلب الدولة العراقية إرادتها وسيادتها".

وبحسب الهلالي، فإنه "حتى إذا مرر القانون في الكونغرس الأمريكي، فإنه لن يكون بالصيغة الحالية، وإنما ربما يقرّ بصيغة أخرى، منها قطع العلاقات الاقتصادية، أو الضغط على العراق من أجل رسم علاقة جديدة مع إيران، أو حل الفصائل وما شاكل".

"حكومة الطوارئ"
وبخصوص الدعوة لتأجيل الانتخابات وتشكيل حكومة طوارئ، قال الهلالي، إنه "في عام 2014 احتل تنظيم الدولة ثلث مساحة العراق، وأجريت الانتخابات بشكل طبيعي جدا، والآن لا توجد ظروف قاهرة حتى يجري تأجيلها وتكون هناك حكومة طوارئ".

وأضاف: "كل الإجراءات الآن ماضية باتجاه إجراء الانتخابات، وأن الحكومة الحالية بكل مؤسساتها مستنفرة بهذا الصدد، وبناء على ذلك أعتقد أنه لا توجد هناك أي نية لتأجيل العملية الانتخابية".

من جهته، قال الخبير أحمد الشريفي، إن "الحديث عن حكومة طوارئ في العراق، هو رد فعل من الإطار التنسيقي، ورغبة من حكومة محمد شياع السوداني، كونها نتائج الإطار، وأن الأخير يرى أن مسألة التغيير في البلاد ليست من صالحهم".



وأشار إلى أن "الإطار التنسيقي بجميع مكوناته يعانون من عزلة اجتماعية، بمعنى لم يعودوا يمتلكون رصيدا انتخابيا يؤمل لهم مستو من الاطمئنان أنهم إذا خاضوا الانتخابات سيخرجون برصيد جماهيري يؤمل لهم تحقق القناعات سواء كانت شعبيا أو قناعة دولية".

وتابع: "لذلك، تذهب قوى الإطار باتجاه تبني خيار حكومة الطوارئ للرهان على الوقت والرغبة في لملمة شتاتها، ولهذا أعتقد أن هذه الحكومة لن تكتب لها الحياة حتى لو جرى تبنيها كخيار، لأنها لا تمثل الوحدة الوطنية".

تساءل الشريفي، قائلا: "هل حكومة الطوارئ ستمثل قناعات الأطراف الثلاث التي تشكل الجسد الوطني في العراق (السنة، الشيعة، والأكراد)، وحتى في داخل المكون الشيعي، هل ستحتوي التيار الصدري، الذي يرى أن مثل هذه الخيارات لا تصب في مشروعه الإصلاحي والوطني. لذلك لا أعتقد أنها فكرة قابلة للتطبيق".

وأكد الخبير العراقي، أن "السوداني لا يمتلك تفويضا دستوريا حتى يذهب باتجاه حكومة طوارئ، لأنه لابد من العودة للبرلمان في مثل هذه الأمور، لأن النظام العراقي الحالي جهوري- برلماني، فكيف سيحقق إجماعا برلمانيا، والذي لم يحصل لإقرار قوانين بسيطة، لأن إعلان الطوارئ يعني ضمنيا تعطيل الدستور وحل البرلمان".

وخلص الشريفي إلى أن "مسألة التغيير في العراق باتت مطلبا جماهيريا، وأن الشعب بوصفه مصدرا للسلطات عجز في إجراء هذا التغيير، لذلك فإن إصرار القوى السياسية الحالية على التشبث بالسلطة سيدفع الإرادة الدولية باتجاه التدخل وإحداث فعل التغيير إدراكا منها أن المسار السياسي غير صحيح".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية العراق إيران حكومة طوارئ العراق إيران امريكا حكومة طوارئ المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة محمد شیاع السودانی حکومة طوارئ فی العراق العراق من فی عام

إقرأ أيضاً:

عراقجي يؤكد أن طهران مستعدة لحوار غير مباشر مع واشنطن

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن بلاده مستعدة لعقد حوار غير مباشر مع الولايات المتحدة بشأن الملف النووي الإيراني، مؤكدا في الوقت نفسه بأنه لم تعقد أي جولة مفاوضات لحد الآن.

جاء ذلك في تصريح لعراقجي على هامش حضوره، الأحد، اجتماع لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني؛ حيث قدم تقريرا حول آخر المستجدات المتعلقة بوضع السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية، والمفاوضات بين إيران وأمريكا، بحسب وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية "إرنا".

وأضاف عراقجي، معلقا على تصريحات أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي الذي زعم بان رئيس جمهورية بلاده يفضل التوصل إلى اتفاق مع إيران على غرار الاتفاق بين واشنطن وليبيا المبرم في 2023؛ قائلا: "لربما يحدث ذلك في منامهم".



وحول الاجتماع الخاص بين الرئيس الفرنسي مع وزراء بارزين وكبار الخبراء العسكريين والأمنيين، حول الجمهورية الإسلامية الإيرانية، قال عراقجي: "هؤلاء طرحوا تقييماتهم، ومن حق أي دولة أن يكون لها تقييم وتحليل خاص بها، لكن إذا ما أقدمت على أي خطوة بهذا الاتجاه، فنحن نعتبرها شريكا في أي إجراء قد يتخذ على حساب بلادنا؛ مردفا بأنه: "وفقا لما يمكن التوصل إليه هو أن الاجتماع عقد من أجل التقييم والتحليل".

والسبت، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن بلاده مستعدة للحوار مع الولايات المتحدة من موقع الندية وليس تحت التهديد.

وأضاف في كلمة له، خلال فعالية بالعاصمة طهران، أن الحكومة تبذل جهودا لحل المشاكل الاقتصادية التي يواجهها الشعب.

وأشار إلى امتلاك بلاده العديد من الإمكانات وأنه "إذا غيّرنا نظرتنا للمشكلات، سنتمكن من حلها".

وفيما يتعلق بتهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإيران ودعوته إياها إلى التفاوض، قال بزشكيان إن طهران تريد الحوار "من موقع الندية وليس تحت التهديد".

وتابع: "من جهة، يهددون إيران، ومن جهة أخرى يدعون إلى التفاوض. إذا كنتم تريدون التفاوض، فلماذا التهديد؟"

وأضاف أن الولايات المتحدة ومن خلال تهديدات ترامب "لا تسيء فقط إلى إيران، بل إلى العالم بأسره، وهذا السلوك يتناقض مع دعوتهم إلى الحوار".



والأحد الفائت، هدد ترامب بفرض عقوبات إضافية على إيران إذا لم تتوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي.

وفي 12 آذار/ مارس الفائت، سلّم المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش، المرشد الإيراني علي خامنئي رسالة من ترامب، فيما ردت طهران على الرسالة عبر سلطنة عمان.

وفي مقابلة مع شبكة "فوكس بيزنس"، يوم 7 آذار/ مارس الماضي، ذكر ترامب أنه بعث رسالة إلى خامنئي قال فيها: "آمل أن تتفاوضوا لأن دخولنا عسكريا سيكون شيئا مروعا".

مقالات مشابهة

  • طهران: لا صحة لما يتم تداوله عن بدء المفاوضات مع واشنطن
  • عراقجي يؤكد أن طهران مستعدة لحوار غير مباشر مع واشنطن
  • العراق على مفترق: حكومة طوارئ أم انتخابات في موعدها؟
  • طهران تحذر العراق و5 دول: ستكونون في مرمى نيراننا
  • عراقجي: لا جدوى من المفاوضات مباشرة مع واشنطن
  • تأجيل الانتخابات في العراق.. بين حكومة طوارئ والتحديات السياسية
  • تأجيل الانتخابات في العراق.. بين التحديات السياسية وضرورة حكومة طوارئ - عاجل
  • العراق: نوبة صرع تنهي حياة رجل غرقاً في النهر
  • من بين أكثر 5 دول تضررا.. ما جهود الحكومة العراقية لمواجهة الجفاف؟